الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول مقالة (( أسباب اضطهاد الشيعة )) للكاتب عبد الخالق حسين

وصفي أحمد

2013 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في البداية لابد لي من توجيه أسمى آيات الاحترام للكاتب عبد الخالق حسين على الجهد المتميز الذي بذله في إخراج هذه المقالة . و لكني وجدت من واجبي أن أشير إلى بعض الملاحظات حول موضوع الظلم المبالغ به الذي تعرض له شيعة العرق منذ العهد الملكي حتى كتابة هذه الصدور .
إن ما تعرض له الشيعة , على يد الدولة العثمانية من ظلم أمر مسلم به , إذ كانت تنظر إليهم على أنهم أتباع غريمتها – الدولة الصفوية في إيران – لكنها كانت , في نفس الوقت , تضطهد رعاياها من أتباع الديانات الأخرى , حتى السماوية منها بحجة أنهم أصحاب كتاب , مما يجعلهم ممنوعين شرعا من تولي المناصب الحساسة .
هذا من الناحية الاجتماعية , أما من الناحية الاقتصادية فأن سكان معظم الولايات العثمانية , من مختلف القوميات و الديانات و الطوائف , كانوا يعانون من أوضاع متردية , لأن أموال الدولة كانت غالبا ما تنفق على الجيش و حروبه الخاسرة في معظم الأحيان , بينما كانت المناصب الحكومية في الولايات تشترى من قبل الولاة الذين تحولوا إلى جباة يقتسمون أموال الضرائب بينهم و بين الخزينة السلطانية .
و عندما قامت الجيوش البريطانية باحتلال العراق , انتهجت سياسة شراء ولاءات شيوخ العشائر , خصوصا في وسط و جنوب العراق , حيث ركزت السود الأعظم من الأراضي الصالحة للزراعة بيد هؤلاء مع تزويدهم بالمال و السلاح كي يقوموا بحماية مصالحها , في حين حرمت أغلبية سكان الريف من امتلاك ولو شبر واحد من هذه الأراضي , بالشكل الذي جعل هذه الأغلبية تعاني من فقر مدقع , و لم تكتف بذلك إنما عملت على تشريع القوانين التي سمحت للإقطاعيين و سراكيلهم لاستغلالهم أبشع استغلال . و لم تتحسن أحوالهم بعد تأسيس ما عرف بالحكم الوطني في عشرينيات القرن الماضي , إن لم نقل أنها ساءت , فمن جهة حملت بريطانيا تكاليف الحرب للخزينة العراقية الخاوية بالأساس ما منع الدولة الوليدة من القيام بأي إصلاحات مهما كانت طفيفة لتحسين أوضاع الجماهير و من ثم جاءت اتفاقيات النفط الجائرة , و ما نتج عنها من حيف شديد في حصة العراق مما زاد في الطين بلة . وكان من الطبيعي أن يضطر هؤلاء المضطهدين إلى أن يهاجروا إلى المدن الكبيرة للحصول على فرص عمل حتى و إن كانت لا تدر عليهم سوى النزر اليسير من الأجور التي لا تسمن و لا تغني عن جوع حتى أنهم اضطروا للسكن في بيوت بائسة كانت أشبه بالزرائب . ولا تختلف الصورة في كردستان العراق من حيث الظلم الذي لف الغالبية العظمى من الجماهير الكردية ما جعلها تحس بالظلم القومي , و نفس الصورة نراها في المحافظات الغربية و إن بدرجة أخف بسبب ضعف سيطرة شيوخ العشائر . فأين كانت المرجعية الدينية من هذا الظلم , لماذا لم ترفع صوتها لنصرة هؤلاء المساكين خصوصا و أن غالبيتهم العظمى هم من مقلديها .
أما في ما يتعلق بحرمان الشيعة من الوظائف العامة سواء في العهد الملكي أو العهود الجمهوري التي تلته , ففيه شيء كبير من التجني على الحقيقة . فالحكم الملكي , و خصوصا في عهد الملك فيصل الأول , جرى التفكير بجذب الشباب الشيعة و دفعهم للانغماس في الوظائف العامة لذلك أسس مدرسة الحقوق لتخريج كوادر عراقية تقوم بهذه المهمة والتي التحق بها أعداد كبيرة من الشباب العراقي و من مختلف المناطق على الرغم من موقف المرجعيات الشيعية المتعاقبة الرافض لمشاركة الشيعة في الحياة العامة و للإطلاع مزيد من المعلومات حول هذا الموضوع عليه الرجوع إلى كتاب عراق بلا قيادة للباحث الإسلامي عادل رؤوف .
و لا يخفى أيضا على المتابعين للشأن العراقي الموقف السلبي لمرجعية السيد محسن الحكيم من ثورة الرابع عشر من تموز 1958 , رغم الانجازات التي قدمتها هذه الثورة للطبقات المسحوقة , و خصوصا الفلاحين منهم من خلال تشريعها لجملة من القوانين التي حققت نوع من العدالة الاجتماعية في الريف العراقي , كما قامت بتحقيق جملة من الإصلاحات التي جعلت الواقع العراقي و في كل محافظات العراق يتطور بشكل سريع من جميع النواحي الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية , وقد كان موقفها المعادي للثورة يعود بالدرجة الأساس إلى تنامي الوعي لدى السواد الأعظم للجماهير ما جعلها تحاول التحرر من سيطرة المؤوسسات الدينية . و قد وصل بها الحال أنها تحالفت مع القوى القومية لإسقاط وزارة عبد الكريم قاسم .
و بعد تمكن القوى القومية بمختلف توجهاتها من إسقاط حكومة عبد الكريم قاسم , دب الخلاف بين نظام 8 شباط و هذه المرجعية التي أخذت توجه الاتهامات للرئيس عبد السلام عارف بأنه طائفي على الرغم من محاولاته العديدة لتحقيق الوحدة الوطنية من خلال مد جسور التواصل مع العديد من رجالات الدين الشيعة البارزين في عهده و من يريد التعرف بصورة أكثر عليه قراءة المصدر المذكور .
و عند الحديث عن بعض المحاولات التي أبداها بعض رجال الدين الشيعة للتواصل مع الحكومات المتعاقبة خصوصا مع الحكم العارفي فإن هؤلاء قد تعرضوا لمحاولات التسقيط من قبل وكلاء المرجعية , رغم نواياهم الحسنة , ذات المصدر . و هنا لابد من التأكيد على أن السيد جعفر أبو التمن لا يمكن تصنيفه ضمن رجال الدين الشيعة كونه رائد الوطنية العراقية .
و من ناحية الظلم الذي نال الشيعة في ظل حكم النظام البعثي , فهذا واقع لا يمكن لأي منصف إنكاره, و لكن لم يكن التنكيل مختصا بهم , فمن يستطيع أن ينكر ما جرى للكرد من أنفلة و لأبناء الرمادي بعد فشل محاولة حسين مظلوم الانقلابية . فالنظام كان يتعامل بذات النفس مع أي معارض لحكمه , و بما أن المعارضة كانت قد تركزت في شمال العراق و جنوبه لذلك فقد كان لها الكأس المعلى من القمع و التنكيل الذي .
و عندما حصل التغيير بعد التاسع من نيسان 2003 ظنت الغالبية من العراقيات و العراقيين أن أحوالهم ستتحسن لاعتقادهم أن إدارة بوش الابن إنما قامت بغزو العراق لتجفيف منابع الإرهاب و أهمها الأنظمة المستبدة و الأوضاع المتردية للجماهير , لكنهم صدموا جميعا , لما حصل لهم من تردي في أوضاعهم على مختلف الصعد لذلك تراهم اليوم يعتصمون في الساحات العامة مطالبين بتحسين أوضاعهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟


.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د




.. مطالبات بايدن بالتراجع ليست الأولى.. 3 رؤساء سابقين اختاروا


.. أوربان يثير قلق الغرب.. الاتحاد الأوروبي في -عُهدة صديق روسي




.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فرنسا لسيناريو غير مسب