الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآثار الاقتصادية السلبية لاغتيال الحريري

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 3 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أي بلدين في العالم كله متجاورين بالطريقة القائمة من التجاور بين لبنان وسوريا سيتحمل الجارين خسارات هائلة على أكثر من صعيد في حال حدوث خلاف يمنع التواصل بين شعبي البلدين،يُضاف له علاقات المصاهرة النوعية، فالقرابات بين هذين البلدين تصل حد كبير جدا يمكِّن من القول أن مامن عائلة في سورية إلاّ ونصفها الآخر في لبنان.
تتميز العلاقات السورية اللبنانية تاريخيا بشبكة معقدة من العلاقات، ومنها التبادلية السلعية من منتج البلدين المحلي، التي تشكل سوقا تبادلية لتصريف هذا المنتج زراعي كان أم صناعي، يُضاف له المستورد التجاري اللبناني حسب نظام الاقتصاد الحر فيه ، وتتميز أيضا بوفرة اليد العاملة السورية الرخيصة والتي على كاهلها تقوم العديد من المؤسسات الزراعية والصناعية والتجارية اللبنانية، كون هذه اليد العاملة لاتُشكل عبئا على لبنان مقارنة مع يد عاملة غريبة سقفها الاقامة والجنسية، بينما السورية بحكم القرب تُريح اللبناني من هذه التبعات والأعباء وتوفر عليه دخلا من أجور العمال السوريين نتيجة للأجر الرخيص.
بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ونتيجة للتهمة التي وُجّهت لسوريا، عانى العمال السوريين من ضغوط وصلت حد القتل في بعض الأحيان وبعض المناطق،دخل في صلبها حالات ثأرية غير مرتبطة بالاغتيال ما دفع بالهجرة من لبنان عائدين إلى ديارهم خوفا من مستقبل غير آمن بالنسبة لهم لكن السؤال:ماتأثير خروج العمال السوريين على مواضع في الاقتصادين اللبناني والسوري؟ فحين نعرف أن مئة ألف مقيم لبناني في سوريا بغاية العمل التجاري والصناعي وخاصة الألبسة السورية ذات الشهرة الواسعة، ومثلهم في لبنان من سوريا ونعرف عدد الوافدين اليومي بالاتجاهين بغاية التبضع من السوقين وحركة آليات النقل الحاملة عمالا ومتبضعين، نُدرك حجم خسارة الموضعين وهي كبيرة جدا.
توقف الحركة البشرية على طرفي الحدود أدى إلى جمود الحالة التجارية في الجهتين، ففي شتورا أقرب البلدات اللبنانية للحدود السورية باتجاه المصنع - دمشق، خلت السوق من المتسوقين وتوقفت المحال التجارية عن الحركة، وقد اعتادت هذه البلدة مع البلدات المجاورة لها حتى منطقة بعلبك على المتسوق السوري، وأصبحت حركة السير الآلي نادرة جدا مقارنة بما كانت عليه هذه المنطقة من نشاط تجاري مشهود له سابقا، ولاتختلف عليه الأمور في المناطق الأخرى القريبة من الحدود باتجاه حمص وطرطوس والعريضة السورية أي المنطقة القريبة من تلكلخ.
بما يتعلق بالزراعة فقد هجر العمال السوريون المزارع التي كانت قائمة على سواعدهم، فلا جني محاصيل ولاتحسين أو إعداد أرض لموسم قادم،وقد سمعت من عامل زراعي سوري يتحدث بألم على ماستكون عليه حال المزرعة التي تركها مع عائلته بتصويره ذلك بالكارثة، إذ أن لبنان يفتقر للعامل الزراعي الخبير المتوفر لدى العمالة السورية.
بما يتعلق بالبناء لايختلف كثيرا، إذ أن للعمال السوريين دورا كبيرا في إنجاز وإحياء هذا القطاع، وعند رحيلهم توقف هذا القطاع،ما سيجعل المستثمرون يدفعون كلفا مضاعفة في حال حلّ العامل اللبناني مكانه رغم صعوبة ذلك، إذ أن العامل اللبناني محمي من الدولة بالتأمين والأجر المرتفع قياسا بالعامل السوري، وعدد ساعات العمل المحدودة والقليلة قياسا بعدد ساعات العمل غير المحدودة للعامل السوري.
بخصوص قطاع السياحة فقد لحقه ضررا كغيره من القطاعات، فالسياح من البلدين وهذا يتعلق بأغنياء البلدين الذين توقفوا عن الزيارات السياحية التي حققت خسارة ليست بالقليلة لهذا القطاع بما يتعلق بالفنادق والمطاعم وغيرها من الهيئات السياحية التابعة لها.
في حال استمرت عليه القطيعة الناتجة عن توجس العمال السوريين بسبب الاعتداءات على بعضهم، أتوقع خسارات أكبر بكثير وربما انهيار بعض المؤسسات الاقتصادية اللبنانية، وفي الجانب السوري سيكون هناك ازدياد في أعداد العاطلين عن العمل، والذي يُشكل عبئا اجتماعيا كبيرا وهذا ماكان يجد حلّه في العمل المتوفر لدى الجانب اللبناني،والأخطر من ذلك كله أن تُشكل القطيعة ثقافة ووعي جديد يعيد الذاكرة للوراء يمنع من عودة العمال السوريين لإنقاذ سوق العمالة وبالتالي يقع كل من سوريا ولبنان في مطب مزدوج.
مصلحة البلدين تقضي إقامة علاقة متوازنة تحقق للطرفين حلاًّ لمشكلتيهما المتمثلة بحل مشكلة البطالة التي ستنتج عن هذه القطيعة لسوريا،وعودة المؤسسات اللبنانية والسورية المتبادلة للحياة من جديد،والاستمرار علىنهج الحريري لبنانيا باستمرار البناء العمراني والزراعي والصناعي والتجاري وهذا لايتحقق إلا إذا عادت العمالة السورية لإنجاح ذلك لأن شروط تحقيق هذا النجاح توفره هذه العمالة فقط واللبنانيون يعرفون أكثر منا عن هذه المسأله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال