الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياة جديدة من رواية طين بلادي رواية لم تنشر بعد

يوسف ابو شريف

2013 / 1 / 20
الادب والفن


عندما يغفو سيد الفصول في مدينتي السيبيريّة يستغل الفصول الأقزام فرصة غيابه, فيهرعون إلى أداء فرائضهم قبل أن يصحوّ العملاق قصير النوم مرّة أخرى ويدفنهم تحت جليده اللامهاود .
ويخطف تسارع حركة الفصول منِّي المتعة في تتبّع مرورهم, أو حتى تمييز أحدهم عن الآخر.لأن عجلتهم غالباً ما تكسر الحدود الفاصلة بين أحدهم وجاره القريب . مما يشعرني بالكثير من الحيرة حين أفكر بترتيب تاريخ حياتيّ السيبيريّة حسب مرور الفصول فيها.
أمّا في هذا العام فلقد شعرت بأن الربيع قد أبطأ خطاه, وكأنه تعمَّد في بطئه الاستهتار باستعجالي لإنقضائه, بعد أن علم بانتظاري للصيف الذي سيطفىء حرُّه حرّاً مضاعفا يشوي أحشائي ألهبه شوق لقادمة غالية ستمكث جارتي إلى الأبد بعد قدومه .
أرغِمت على متابعة حركة الربيع الوئيدة, ومشاهد التغيير التي يجلبها للمدينة حين يحل ضيفا متوتر المقاصد متعجل الرحيل على الأرض وعناصرها, فيتململ الثلج من على أسطح المنازل ويتحوّل إلى مخاريط جليديّة ماسيّة تتدلى برؤوسها المدببة إلى الأسفل أشبه بتلك التي في الكهوف الأثرية, ثم تنزف تلك المخاريط مياهها قطرة قطرة في رحلة ذوبان تبشّر الصغرى منها بنهاية مشابهة لمن هي أكبر .
والأرض صقلتها الحرارة الخجولة التي تطلّ أحياناً من قرص شمس مسالم, فجعلتها كأرض الهوكي الجليدي ,يتمايل الناس فوقها محاولين الحفاظ على توازن أجسادهم حذر الإنزلاق كالراقصين على الجليد. وكثرٌ هم المتساقطون هنا وهناك , غير مسرورين من دعابة الثلج في أيام وداعه الأخيرة قبل أن يتحوَّل إلى برك طينية تملأ شوارع المدينة .
و مهمَّة الربيع الأولى التي يأتي إلى هذه الأرض ليشغل معظم وقته في تأديتها, هي تحرير البحيرة العظمى من قناعها الجليدي الثخين. فالربيع وجد أصلاً في هذه الأرض ليقوم بتلك المهمة الضخمة الخالدة . أمّا تفتيح الأزهار وتخضير المروج فيؤجَّله الفصل السريع قليلاً إلى أن ينتهي من سلخ جلد البحيرة المتجمدة ليرسله قطعاً كبيرة كالقوارب, يتناقص حجمها وهي تسير في مجرى النهر المنساب من فم البحيرة, لتختفي في رحلتها إلى مكان أجهله.
ويلوِّن الربيع بقدومه خواطر الناس بالألوان الزاهية كما يلوِّن الأرض, وكأن الدماء التي في عروقهم جليد يذاب مع ما يذاب في هذا الفصل الرائع من أشياء, فيبتهجون وتبتهج معهم ألبستهم التي يفرج عنها من سجن أطالت المكوث فيه, ويسلخون عنهم الفراء الداكن الثخين, ليحل محله ما هو أزهى لونا وأخف حملاً. فيتساووا بذلك مع جميع سكان البرية من حولهم بحيواناتها ونباتاتها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد ابو شريف
ابونضال ( 2013 / 1 / 20 - 15:53 )
صور رائعة جدا . ووصف احسنت في صياغته الادبية.ننتظر بفارغ الصبر نشر روايتك


2 - وما زلنا ننتظر
عصام ( 2013 / 1 / 20 - 17:15 )
كالعادة يا ابا شريف تأسرني كلاماتك واببحر في الوصفوالتخيل وانا اقرأ لك
ونحن ننتظر الروايه بفارغ الصبر ... ونريد كذلك الشعر الذي سمعناه


3 - طين بلادي
ابوعمرو ( 2013 / 1 / 20 - 19:33 )
ما اخبار الرواية استاذ اباشريف ؟ حسب ماعلمت مؤخرا انها بمرحلة الطباعة اتمنى لك التوفيق

واعجبني التصميم التجريبي للغلاف هل اعتمدته ؟



4 - تحياتي يا شباب
يوسف ابو شريف ( 2013 / 1 / 20 - 19:48 )
شكرا يا شباب
رواية طين بلادي مكتوبة في 20 فصل.....تحاول معالجة مسألة الجذور من زاوية ادعي بأنها جديدة......مازلت اتفاوض مع دور نشر إحداها المانية وآمل في أن يوفثني الله في أول رواية لي أما ديوان الشعر فسأحاول نشره صوتيا لاني افضل ان ينشر الشعر الشعبي مسموعا ق


5 - رائع
Tariq ( 2014 / 1 / 26 - 10:47 )
رائع و جميل....صدقا لبعض الوقت ساورني الشك أنني أقرأ صفحه من صفحات الدون الهادئ...ماشاءالله.... تابع يا صديقي.. و الله الموفق.....


6 - عزيزي طارق
يوسف ابو شريف ( 2014 / 1 / 27 - 13:52 )
اين نحن من شولوخوف ....ذلك المتواطئ مع سحر الكلام ليسيطر على الباب قرائه .........أحييك واأحيي الأرض الباردة التي تخبئ حرارتها في جوف أحب الغريب قبل القريب ....طمني يا عزيزي عن الأوريتسكفا ..... والجتفيورتيا سوفيتسكايا .....وهل مازال ثلج مدينتنا حنونا على أهلها القادمين من الصحراء كما عهدته ؟؟؟؟م

اخر الافلام

.. احلم | لقاء مع دينا هشام خبيبرة تجميل وخدع سينمائية | الخميس


.. مهرجان كان - هالة القوصي عن فيلم -شرق 12- المشارك في فعالية




.. غالية شاكر تكشف أسرار مسيرتها الفنية في بودكاست أخبار الآن!


.. الفنانة السودانية مفاز بشرى تغني بصوتها العذب في صباح العربي




.. الفنانة السودانية مفاز بشرى تكشف لمذيعة صباح العربية عن معنى