الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقصاء حكومة ابن كيران من الحوار الاجتماعي

اسماعين يعقوبي

2013 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لسنوات عديدة والكونفدرالية الديمقراطية للشغل تطالب بحوار ثلاثي يجمع الحكومة والباطرونا والنقابات الأكثر تمثيلية،
لسنوات عديدة والبعض يشتكي من إقصاء النقابات الأقل تمثيلية من الحوار الإجتماعي ، رغم كونها فاعلة في بعض القطاعات أو بعض الجهات، ويعتبر ذلك خرقا للديمقراطية الحقيقية التي تستوجب إشراك جميع المركزيات النقابية،
لسنوات عديدة تطالب المركزيات النقابية بضرورة عقد جولات للحوار أو التفاوض الاجتماعي مع الحكومة والباطرونا حول أجندة وملف مطلبي محدد،

لسنوات عديدة والمركزيات النقابية تنتقد إقدام الحكومة على إعلان إجراءات أحادية الجانب دون استشارة المركزيات النقابية،
...
لكن لأول مرة، في تاريخ العمل النقابي المغربي على الأقل، تشتكي الحكومة من تغييبها من الحوار الاجتماعي،
ولأول مرة يحدث في المغرب ما يلي: وقالت المصادر الحكومية ل"كود" إن رئيس الحكومة "لم يفهم جيدا سياسة السيدة مريم بنصالح التي أعلنت عن ميثاق اجتماعي للتنافسية المستدامة توقعه في المرحلة الراهنة مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية". و أضافت المصادر أن عبد الإله بنكيران يقول لمقربيه في الحكومة، ولاسيما وزراء حزب التقدم والاشتراكية، إن "الحوار الاجتماعي كما هو متعارف عليه في العالم يتم بين الحكومة وأرباب العمل والمنظمات النقابية أي بين الفرقاء الاجتماعيين، و ليس بين رؤساء المقاولات وممثلي العمال".
فالحكومة – يقول بنكيران وفق المصادر الحكومية- يمكن أن "تعمل بدون الاتحاد العام للمقاولات، في حين لايمكن للسيدة مريم بنصالح أن تشتغل من دون الرجوع إلى الحكومة التي هي المسؤولة عن توفير المناخ السليم للسلم الاجتماعي ولاسيما في مرحلة الأزمة الاقتصادية...".
فلماذا يا ترى أقدمت الباطرونا على هذا الفعل دون الحكومة، وهي تعلم _حسب بنكيران_ انها لا يمكن ان تشتغل دون الحكومة؟
هنا يبرز رأيان إلى الوجود،
الأول يشتغل بفكر المؤامرة التي تطرقنا إليها في مقالات سابقة، ويعلق الحدث على أطراف أخرى تستهدف حسبه التجربة الحكومية، وفيها هذا الصدد تكون القراءة الآتية خير معبر عنها: وكشفت المصادر ذاتها ل"كود" أن رئيس الحكومة "مقتنع أن الأمين العام لحزب الاستقلال والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب حميد شباط هو من يوقظ نار الفتنة بين مريم بنصالح والحكومة".
و أوضحت المصادر أن "شباط يحاول أن يضغط على بنكيران بشتى الوسائل والأسلحة المتاحة أمامه. فبعد المذكرة التي يطالب فيها بتعديل حكومي يطيح بخصومه الوزراء لاسيما في هيئته السياسية، يسعى شباط إلى إرباك الحوار الاجتماعي للحصول على مكاسب لصالحه من خلال التحالف مع رؤساء المقاولات الكبرى التي تسيطر على قيادة الاتحاد العام للمقاولات".
أما الثاني، فيرى في الاتفاق التفافا على مطالب الشغيلة، ودفعا للحساب من تحت الطاولة وسياسة بيروقراطية وتخل واضح عن مطالب الشغيلة في التحرر من الامبريالية والرأسمالية...
الرغبة في إسقاط الحكومة ومأزقتها أمر محسوم فيه، والتخلي عن محاربة الاستغلال إلى الدفاع عن تحسين شروط الاستغلال أمر محسوم أيضا وعبرت عنه قيادة المركزيات النقابية دون استثناء، فما الجديد حتى يتم التفاوض بهذا الشكل؟
الجديد اذن يستشف وتعبر عنه مقولة بنكيران التالية: الحكومة يمكن أن "تعمل بدون الاتحاد العام للمقاولات، في حين لايمكن للسيدة مريم بنصالح أن تشتغل من دون الرجوع إلى الحكومة التي هي المسؤولة عن توفير المناخ السليم للسلم الاجتماعي ولاسيما في مرحلة الأزمة الاقتصادية..."،
فإذا كان بإمكان حكومة بنكيران أن تعمل بدون الاتحاد العام للمقاولات، فهذا يعني ان هناك استقالالية ما بين عمل الحكومة وعمل الباطرونا. وهاته الاستقلالية التي تتيح للحكومة العمل دون الباطرونا تتيح أيضا للباطرونا العمل دون الحكومة. فما هي هاته الإمكانية، ولصالح من تعمل في الوقت الراهن؟
دون التسرع في الإجابة عن هاته التساؤلات، لا بد من استحضار بعض البديهيات التي تغيب عن العديدين هاته الأيام بفعل تسارع الأحداث وتداخلها إلى حد كبير، فالتاريخ يعرف، أو بالأحرى يعترف بحكومتين، حكومة رأسمالية تراعي مصالحها، وحكومة شعبية تنبثق عن ثورة شعبية.
الاستثناء المغربي كما يحلو للبعض تسميته، أفرز حكومة رأسمالية شعبية، فهي رأسمالية بخياراتها وتوجهاتها، وشعبية بحكم الاحتكام لصناديق الاقتراع الرأسمالية التبعية بامتياز.
إن هذا الاستثناء المغربي، أو الشكل المتميز لتجدد الرأسمالية المتعفنة بالمغرب في الشروط الحالية، فرض بالضرورة تناقضا لم يعهده التاريخ، والمتمثل في هيمنة شكلية لبرجوازية صغيرة ومتوسطة من داخل التحالف الطبقي المسيطر. هاته الهيمنة الشكلية التي تجعل من الدولة كأداة طبقية دولتين، دولة الهيمنة ودولة السيطرة. فالأولى يترأسها ابن كيران والثانية يترأسها المخزن، والدولتان تمارسان سيطرة على الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين وعموم الشعب المغربي.
وبين دولة الهيمنة (الحكومة الشكلية) ودولة السيطرة (الحكومة الفعلية) تناقض صارخ يجد لبه في الموقع الطبقي لكليهما، حيث دولة الهيمنة تتموقع كمستفيد من فائض الإنتاج دون الانخراط في مسلسل الإنتاج المباشر، بينما دولة السيطرة تدافع عن مصالحها الطبقية بكونها المستغل المباشر للشعب والقوى المنتجة.
إن هذا الوضع، يؤدي إلى احتدام الصراع، وبالأخص حينما يرغب ممثلو الدولة المهيمنة على فرض خياراتهم على ممثلي الدولة المسيطرة وعموم الشعب وقواه الحية.
فحينما أعلنت الحكومة قبل بدء التفاوض الاجتماعي الجماعي أنها لن تحقق أية زيادة في الأجور، بل الأكثر من ذلك تراجعت عن التزامات الحكومة السابقة، وفرضت حصارا على العمل النقابي الاحتجاجي بالاقتطاع من أجور المضربين واعتقال النقابيين والهجوم على الوقفات والمسيرات الاحتجاجية، فهي بذلك فتحت باب المواجهة على مصراعيه مع النقابات،
وحينما ترى دولة السيطرة أن دولة الهيمنة لا تمتلك جوابا للازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المغرب سوى بالإذعان لتوجهها، وعدم المساس بمصالحها،

وباستحضار التناقض الحاصل بين شروط الهيمنة وشروط السيطرة، يصبح بالتالي المغرب مفتوحا على جبهات عدة، ليس اقلها التفاوض بين الباطرونا والمركزيات النقابية، مادامت دولة الهيمنة خادمة طيعة لدولة السيطرة، ولا تمتلك وسائل الإنتاج ولا رؤوس الأموال ولا تمنح اليد العاملة صانعة الثروة والثورة، بل هي فئة تعيش من تعايش وتصادم الطبقتين أي فئة طفيلية انتهازية بكل ما للكلمة من معنى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم