الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
دروسا من الازمات... هل نتعظ .... ؟
حسين حامد
2013 / 1 / 20اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
دروسا من الازمات... هل نتعظ .... ؟
أ . د . حسين حامد
من الطبيعي أن مناقشة ومراجعة بعض الظواهر السياسية السلبية في الاداء الحكومي، قد يكون من بين الامور ألتي لا تخلوا من اهمية . وفي محاولة لتعزيز بعض جوانب هذا الأداء من اجل ان يصبح أكثر دقة وربما اكثر قدرة على تمزيق شرنقة أسره والتحرر من موقف الدفاع المستمر عن وجوده، نتعرض في هذا المقال ، لظاهرتين نعتقدهما تسهمان في انتاج بعض المشاكل السياسية التي ربما كان بالامكان تفاديها . وألظاهرة الاولى تتعلق بموقف مسؤولية الحكومة ازاء المطالب المشروعة لشعبنا، وما يكتنف هذا الموقف من غرابة في سلوك الحكومة بعدم الاستجابة لتلك المطالب الا "بعد" خروج التظاهرات الى الشارع !. والظاهرة الاخرى ، وهي باعتقادنا امتدادا للظاهرة الاولى ، فتتعلق بنظرة تقييم شعبنا الى كفاءة وعطاء المستشارين والمساعدين للسيد المالكي رئيس الحكومة ، وسلبية دورهم في مواجهة الاحداث السياسية من خلال الطريقة التي يواجه بها المالكي تلك الاحداث.
فظاهرة اضطرارشعبنا للتظاهر والاحتجاج مطالبا السلطة بتحقيق أهداف حياته وتحسين الخدمات أو اطلاق سراح المعتقلين أو غيرها وهو حق يكفله الدستور، كنا قد تسائلنا في مقالاتنا السابقة عن تعليل تكرارها كظاهرة سلبية ولا يزال يهمنا فهمها لانها من الغرابة بمكان ، أن الحكومة غيرمضطرة الى تبنيها أو تكرارها، لأنها ببساطة لا تلقي حمدا من قبل شعبنا ، بل و تخلق تداعيات امام الحكومة هي في غنى عنها. والمشكلة تتعلق في أن تلبية مطالب شعبنا لا تتم إلا عند اشتداد الازمات السياسية ، وتحديدا، بعد خروج شعبنا مطالبا بحقوقه!. حينئذ فقط، نرى تراجع الحكومة ، واسراعها لاحتواء الازمة وتوفيرالاحتياجات اللازمة للمحتجين!! ولقد تكررت هذه الظاهرة وللاسف في الماضي ، وتتكرر اليوم أيضا في هذه الاحداث القائمة.
والحقيقة، وان كان لا أحد منا ينكر انشغال الحكومة في مواجهة أعباء مسؤولياتها الضخمة والمستمرة ضد اعداء شعبنا في الداخل والخارج ، وعلى عدة جبهات، وكان ذلك الانشغال ربما من بين الاسباب الرئيسية لانصراف الحكومة عن ما يعانيه شعبنا من نقص الخدمات او غيرها، لكن المشكلة في ذلك ، أن ألامر استغلته الكتل السياسية البعثية وببشاعة لاستمرار كيدها وتخريب العملية السياسية وتعطيل الانجاز الحكومي وخلق ألازمات السياسية من خلال التصعيد والتهديدات وافشال مهمة السيد المالكي .
والسؤال هو، ألم يكن بامكان الحكومة، أن تبادر الى تحقيق مطالب تلك الجماهير كجزء من مسؤوليتها ازاء ما يحتاجه شعبنا وبدون الانتظار لحين خروج الاحتجاجات الى الشارع وما يترتب على ذلك من غضب وتداعيات؟ وأليس الاحرى بالحكومة ان تكون مدركة بما يمكن ان يزيد في رضا شعبنا عنها ومن تصاعد شعبيتها والتفاف الجماهير حولها حينما تتحقق مطالب شعبنا وبالشكل المتوقع من حكومة وطنية وجدت من اجل خلق حياة جديدة لشعبها كحكومة المالكي؟ ألا يدرك الجميع ماذا تعنيه الاستجابة الحميمة من قبل حكومة تحرص على توفير احسن السبل من أجل شعبها بعد انتظاره لذلك طويلا؟ وهل من بيننا من لا يرى الفرق الشاسع بين تحقيق الاهداف من خلال المبادرة الطوعية وبين تحقيقها اضطرارا؟ هذا اضافة عما نجده من ارتباك الحكومة عند خروج تلك التظاهرات ، وخسارتها لمبادرة كان يمكن ان تغنيها عن خلق مزيدا من الازمات؟
فلو افتراضنا ان الحكومة كانت مقتنعة بعدالة مطالب المتظاهرين تلك، لكنها لم تبادرلاسباب تم ذكرها أنفا ، ولكن الاحتجاجات اضطرتها للاستجابة، أليس ذلك يعني انها تستحق اللوم على اهمالها المبادرة ، مهما كانت الظروف المحيطة بها قاسية، وتحقيق ما يمكن تحقيقه من تلك المطالب والتي لو لم تكن شديدة الالحاح لما خرج شعبنا للمطالبة بها؟ أما في حالة أن الحكومة لم تكن مقتنعة بتلك المطالب، ولكنها اجبرت على تحقيقها لاسباب ما، كما يحصل الان مع التظاهرات في الانبار، ألا تعترف الحكومة في هذه الحالة ، أنها قد ارغمت ارغاما للنزول لمطالب المحتجين، وتحملت قدرا كبيرا من احراجات وغضب الجماهير. وما يمكن أن يكون معناه أيضا، أن الحكومة كانت وكما يبدوا، قادرة على تحقيق تلك المطالب طواعية ولكنها لم تبادر ولم تفعل؟ وألاهم ، استغلال اضطرارها وتراجعها من قبل ألاعداء وكما نراه يحصل الان وربما مستقبلا أيضا ان لم نكن نستطيع ان نتعظ من أخطائنا؟
أم أن ذلك يعني أن الحكومة غير قادرة على ادراك معاناة شعبنا، الا بعد نزول التظاهرات واعلان معاناتهم ؟ وفي ذلك موقفا يتوقع منه حتما خلق ازمة لا لزوم لها لحكومة يؤمن بها ويقف معها كل الخيرين من شعبنا ؟
في بداية تظاهرات الانبار كانت بعض مطالب المتظاهرين تتسم بالشرعية قبل تدخل عناصر خارجية معروفة باجرامها من بعثيين وارهابيين من اجل اثارة الفتنة والتحريض على الارهاب ومحاولة خلق صدامات بين القوات المسلحة والارهابيين. وكان هدفهم الرئيسي تحويل تلك التظاهرات الى بداية لعصيان مدني يمتد الى انحاء العراق للاطاحة بالنظام الديمقراطي، كما جاء في خطبة المدعوا علي حاتم سليمان رئيس عشيرة الدليم من على المنصة في تظاهرات الانبار. وهكذا تم تحريف اهداف وتوجهات ومطالب التظاهرات عن مسارها الشرعي لتصبح مجرد ذرائع لتصعيد الفوضى وتحدي السلطة وممارسة الاستهتار بمبادئ الدستور والتي يعدها شعبنا خطوطا حمراء. ولكن شعبنا لم تخف عنه ألاهداف الشريرة لتلك التحركات الارهابية – البعثية في تلك التظاهرات. فبعد ان اتضحت أمامه الصورة لمن يتبناها من جهات موصومة بالعمالة والتحالف مع القاعدة وباهداف خارجية لم تعد خافية على أحد، عند ذلك تخلي شعبنا فوراعن تعاطفه مع المتظاهرين. فكانت ردود أفعال الخيرين من شعبنا، خرجوهم بتظاهرات في المحافظات العراقية لادانة الارهابيين ممن يمارسون خداع الشعب و تحريض المحتجين على التمرد والمواجهة مع القوات المسلحة التي تواجدت من اجل حماية المتظاهرين.
والحديث هنا لا يتعلق فقط بتظاهرات الانبار والموصل وصلاح الدين والجهات التي أججت الفتنة ، ولكننا نذكر الجميع أيضا بتلك المظاهرات قبل اكثر من عام ، والتي خرجت في بغداد والمحافظات الجنوبية في مطالب شرعية . ولكن الحكومة أدركت الحكومة "شرعيتها" لاحقا، أي بعد تصاعد الاحتجاجات وتعاطف الكثيرين مع تلك المطالب، مع ان الحكومة ، تدرك جيدا ان الاوضاع في الانبار والموصل وصلاح الدين لا تقل سوءا عنها في البصرة او الناصرية او المثنى او في أي محافظة عراقية باستثناء اقليم كردستان العراق. فلماذا لا تبادر حكومة المالكي، وما الأسباب والموانع التي تحول دون مبادراتها في توفيرالاحتياجات لشعبنا قبل خروجه الى الشوارع محتجا من اجل حقوقه؟
فتظاهرات الانبار، فتحت بابا لمنح التقاعد لالاف البعثيين وكذلك رفع الحجز عن أملاكهم ، وكذلك أملاك أعدادا كبيرة من المواطنين العراقيين من غير المشمولين بقانون المسائلة والعدالة وخصوصا اساتذة الجامعات الذين تركوا العراق وأقاموا في الخارج ، ولكن ، تم شملهم أيضا بوضع الحجز على ممتلكاتهم..لماذا؟؟!!
وهنا بودنا ان نتسائل عن دور السادة المحيطين بالمالكي من مستشارين ومساعدين وجدوى المشورة التي يقدمونها للسيد المالكي ، من بينها مثلا ما تم ذكره حول ما يتعلق بالمبادرات في تحسين اوضاع شعبنا وعدم الانتظار حتى يضطر العراقيون للتظاهر من اجل حقوقهم. أو في ابداء المشورة مع السيد رئيس الوزراء من اجل التمييز بين من هم مشمولين بقانون المسائلة وبين غير المشمولين حتى لا يكون هناك اجحافا لمن يقع عليه الحيف ظلما، والمبادرة في رفع الحجوزات عن هؤلاء غير المشمولين.
كذلك ، كنا قد كتبنا الكثير من المقالات عن وجوب أن تتم المصارحة بين الحكومة وشعبنا من اجل الصالح العام ، وتوضيح أسباب تلك المواقف السلبية في اداء الحكومة ، والتي باعتقادنا واعتقاد الكثيرين ، تعود أسباب الكثير منها الى عدم المبادرة بتقديم النصح والمشورة من قبل المستشارين والمساعدين للسيد رئيس الحكومة ، وتحميلهم مسؤولية عدم اعطاء الصورة الواقعية عن قضايا تهم حياة شعبنا كانت نتائجها من أسباب خلق الازمات السياسية والحنق على الحكومة من خلال التصور ألخاطئ ان المشاكل الكثيرة لرئيس الحكومة لا يجد معها وقتا للاطلاع على كثير من الحقائق فيما يخص اوضاع شعبنا. فالانسان العراقي ينظر للمالكي كرجل الدولة ورئيس الوزراء ، ويحمله وحده سلبية بعض قرارات السلطة التي قد تقف ضد الرزق او العمل او الممتلكات . ولكنها، في جميع الاحوال ، قد تكون كحصيلة لعدم المتابعة المطلوبة والمفترضة من قبل المستشارين لرئيس الوزراء .
وفي الختام، ان حكومة المالكي ، تعلم جيدا، ان معظم مطالب المتظاهرين الاساسية لم تكن سوى ذريعة استغلها البعثيون وعملائهم بأمل ايقاع المكيدة بين القوات العسكرية التي تحمي التظاهرات وبين المتظاهرين لسفك مزيدا من الدماء العراقية . وبما وان مطالبهم قد اتضحت من انها لا تعني سوى فرصة لتفجير الاوضاع واحلال مزيدا من الفوضى، فباعتقادنا، أن على السيد المالكي ، أن يكتفي بتحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين ، ثم بعد أن ينتهي من تحقيق ذلك ، نرى أن عليه التصرف وفق قوانين الدولة مع الارهاب والارهايين من الرؤوس البعثية اوالسفهاء من رؤساء العشائر أمثال المدعوعلي حاتم سليمان رئيس عشيرة الدليم وغيره ،ممن هم أدوات رخيصة لتحقيق اجندات خارجية ، ليكون في ذلك عبرة لمن اعتبر.
فكفى شعبنا "ديمقراطية" يستغلها الاعداء ويدفع ثمنها شعبنا من دماءه.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مسلسل -الأرض-: حرب ضروس بين الكارتالات للاستحواذ على أكبر م
.. واشنطن تستعد لأي عنف محتمل قبل الانتخابات وادعاءات ترامب حول
.. ثورة التحرير الجزائرية: ماكرون يعترف بأن العربي بن مهيدي -قت
.. خطط الساعات الأخيرة.. هذا ما يفعله ترامب للفوز بانتخابات الر
.. ببساطة – هل أصوات الأمريكيين متساوية في الانتخابات؟