الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جحافل الامن المركزى واليد الحديدية

هشام حتاته

2013 / 1 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


ـ ( سنضرب بيد من حديد على كل من من يمس امن هذا الوطن ) عبارة سمعتها كثيرا فى البيانات الصادرة عن وزاره الداخلية او الديوان الملكى السعودى اثناء عملى فى تلك المملكة .
هذه العبارة كانت تعبيرا عن القبضة الجديدة التى يحكم بها آل سعود مملكتهم ، وامن الوطن هنا المقصود به آل سعود فهم اصحاب وملاك هذه الارض ومن عليها من البشر والتى سميت باسمهم واصبحت بطاقة تعريف المواطن السعودى سواء الشخصية او العائلية يطلق عليها رسميا مايسمى بـ (التبعية السعودية ) بدلا من الاسم المتعارف عليه مثلا ( بطاقة الهوية المصرية او بطاقة الهوية لسورية .... الخ ) .
ولكننا فى مصر لم نعتاد على هذه العبارة طوال تاريخها الحديث الا منذ تولى السيد محمد ابراهيم وزير الداخليه الجديد منصبه فى التعديل الوزارى الاخير، فقلت نقلت لنا وكالة انباء الشرق الاوسط بتاريخ 6/1 الماضى تصريحا له يحمل هذه العبارة (وشدد اللواء إبراهيم في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط على أن الأجهزة الأمنية لن تتهاون مع الخارجين عن القانون.. مؤكدا أنها ستضرب بيد من حديد على كل من يمس أمن الوطن والمواطن ) وبالامس يصرح هشام قنديل رئيس الوزراء ( إن الخروج عن سلمية المظاهرات يوم 25 يناير سيواجه بكل قوة وحزم، والحكومة ستضرب بيد من حديد على أى شخص أو تيار أو فئة تريد الرجوع بمصر مرة أخرى إلى «المربع صفر» ) فنراه بدلا من التأكيد على حماية المتظاهرين يطلق تصريحات اليد الحديدية .
يبدو ان الرعب من تظاهرات الذكرى الثانية للثورة وراء هذه التصريحات ، ولكن ..
ــ هل هناك بوادر لتلك اليد الحديدية فى التعامل مع المتظاهرين حتى لو كانوا سلميين ؟ اقول نعم واحيل القارئ الى ماطالعتنا به وسائل الاعلام امس من قيام الامن المركزى من فض الاعتصام السلمى لحمله الدكتوراه والماجيستير امام منزل رئيس مجلس الوزراء بالقوه والقبض على 12 منهم وتقديمهم الى النيابة فى تجريدة بوليسية تعيدنا الى الزمن الاغبر : (200 جندي و10 سيارات أمن مركزي و5 مصفحات تفض اعتصام حملة الماجيستير أمام منزل قنديل بالدقي )
ــ هل تملك الداخلية هذه اليد الحديدية التى ستضرب بها المتظاهرين وكل من يخرج عن النظام ( فالنظام اصبح الرئيس والرئيس اصبح النظام ..... !!!!) ؟
تضاعفت قوات الامن المركزى خلال السته شهور الماضية ، وتم اخيارهم من غير حملة المؤهلات الى حاملى المؤهلات المتوسطة . فقد وصل عدد مجندى الشرطة فى عهد العادلى الى حوالى المليون مجند نصفهم تقريبا فى قوات الامن المركزى لفض المظاهرات ، والنصف الآخر يطلق عليه ( قوات الامن ) موزعا على ادارات الداخلية المختلفه بين سائقين للسادة الضباط وجنود مراسله لكبارهم وحراسه مرافق وخدمات مختلفة ويلاحظ انهم جميعا من غير حملة المؤهلات ومن غير النابهين منهم وكان يطلق عليهم ( فرز4 - على اساس ان اصحاب المؤهلات العليا فرز واحد والمتوسطه فرز اثنين والغير مؤهلين فرز ثلاثة والاغبياء منهم فرز اربعه ..... !!! ) حتى يتحملوا الاهانات والاعمال الشاقة والحياه الغير آدمية فى معسكرات غير انسانية ويتحملوا الاهانات المستمرة من الضباط واطاعة الاوامر وتنفيذها دون تردد حتى لو ادى الى قتل المتظاهرين . فكيف تضاعف هذا العدد من مجندى الداخلية وكيف تم اختيار قوات الامن المركزى من حملة المؤهلات المتوسطة ؟

** ما ساقوله ليس سرا عسكريا ، فهى معلومات معروفة لمعظم الخاصة وبعض العامة ولكن بالاستنباط والاستدلال والقياس العقلى والتسلسل المنطقى للاحداث نستطيع ان نخرج منها بالنتائج .
فعندما بلغ اولادى سن التجنيد عرفت بموضوع ارجاء التجنيد والذى يعنى ان من يبلغ سن التجنيد بسبب السن او انتهاء الدراسة يتقدم الى منطقة التجنيد ويوقع عليهم الكشف الطبى ويحدد لهم يوما لسماع الارجاءات ، ويتم اختيار مواليد ايام معينه من السنه للتجنيد والباقى يعطى شهادة بارجاء التجنيد لمدة ثلاثة سنوات وعند تجديدها لمرة اخرى يحصل على شهادة الاعفاء من التجنيد الاجبارى . معلومة عامه ولكنها بالنسبه كانت تبحث ان السبب على اساس ان هذا يخالف المبدا الدستورى بالمساواه بين المواطنين .
ظل هذا التساؤل يشغلنى فانا بطبعى ابحث دائما عن الجذور والاسباب ولا اكتفى بما اراه . حتى جلست يوما من احد اقاربى وهو الراحل اللواء عبدالرؤوف حتاته وكان منذ بدايته ضابطا فى الحرس الجمهورى ايام عبدالناصر ثم رئيسا للحراسة الخاصة للرئيس السادات ، وحدث ما اشرت اليه فى مقاله سابقة فى بدايات الثورة بعنوان : سيادة الرئيس : اسالك الرحيلا على الرابط : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=244852
من مشاده بينه وهو برتية عقيد وبين حسنى مبارك عندما كان قائدا لسلاح الطيران برتبه فريق وعلى اثرها انبه الرئيس السادات واعلمه انه ينوى تعيينه نائبا له فكيف بعد هذه المشادة ان يجتمعوا معا فى القصر الجمهورى ، ولكن تقديرا لتفانيه فى عمله واخلاصه له وهو قائد حراسته وللرابطة القوية بين السادات والكثير من افراد عائلتنا وصداقته لعمى اللواء صلاح حتاته منذ بدايات الثورة وحتى وفاته فطلب منه ان يختار اى مكان يذهب اليه فاختار المخابرات ووصل فيها الى رتبة اللواء واصبح من وكلاء الجهاز المرموقين . سألته عن السبب فى تجنيد البعض واعفاء الآخر تحت مسمى ارجاء التجنيد حسب تاريخ الميلاد فقال :
** اتفاقية كامب ديفيد حددت الا يزيد عدد جنود لجيش المصرى على النصف مليون ، ولما كان عدد المستحقين للتجنيد يفوق هذا الرقم بمراحل فقد تم تحويل كل المتقدمين من غير حملة المؤهلات الى وزارة الداخلية كقوات امن وقوات امن مركزى ، اما المؤهلات المتوسطة والعليا وحتى لايزيد عدد الجيش المصرى عن المتفق عليه يتم تجنيد بعضهم وارجاء تجنيد الاخر ثم اعفائه بعد ذلك حتى ان اثنين من اولادى ومعظم زملائهم من حملة المؤهلات العليا حصلوا على هذا الارجاء ثم الاعفاء النهائى حتى ان الابن العائل لوالده بعد الستين تم تخفيضه الى الخمسين .
وسألته الا يخل ذلك بمبدا تكافؤ الفرص فاجاب : لهذا تمت صياغة عبارة ( ارجاء التجنيد ) فهم فعلا مجندين ولكن مرجأ تجنيدهم ، فهم اسما يعتبروا مجندين ولكن خارج الوحدات . اما موضوع كيف يتم اختيارهم حسب تاريخ الميلاد فقد شرحه لى وانه يتم بضوابط صارمه لايتدخل فيها الهوى والاغراض ولكنه لايهم القارئ الآن .

فى الفترة الاخيرة ومن خلال المعايشه مع الاصدقاء والمعارف عرفت انه يتم تجنيد معظم حملة المؤهلات المتوسطه فى قوات الامن المركزى بالاضافه الى تجنيد الغير مؤهلين كالسابق فى قوات الامن ، ولذا اصبحت الحاجة اكثر الى حملة المؤهلات العليا للتجنيد فى الجيش ، وبذلك تقلص عدد الحاصلين على ارجاء التجنيد او انعدم تقريبا .
كان ايضا فى السابق يتم اعفاء الابن الاكبر من التجنيد اذا جاوز والده الستين ولم يكن له ابناء غيره ، انخفض هذا السن الى الخمسين . ولكن ومن حوالى عشرة ايام عندما ذهب احدهم ليحصل على الاعفاء المؤقت لان والده جاوز الخمسين اخبروه بالعودة الى سن الستين من شهرين تقريبا واطلعوه على المنشور .
تعليقا على هذا قال لى احد الضباط من الرتب المتوسطه فى الجيش المصرى عندما تحدثنا فى هذا الموضوع ان مصر تستعد للحرب بدليل تجنيد جميع المتقدمين الآن ، والعودة الى سن الستين .
قلت له لو تمت زيادة عدد افراد الجيش المصرى عن المتفق عليه لرأينا اسرائيل تلطم الخدود وتقيم الدنيا ولاتقعدها وهذا لم يحدث ، فالعدد المتفق عليه مازال ساريا . ولكن ماحدث ان الغير مؤهلين كم استيعابهم بالكامل كالسابق فى قوات امن الداخلية ، اما الجديد فى الامر فهو تجنيد معظم اصحاب المؤهلات المتوسطه فى قوات الامن المركزى ومن الطبيعى ساعتها ان يقوم الجيش باستعياب القله الباقية منهم بالاضافة الى حملة المؤهلات العليا دون الاخلال بالعدد المتفق عليه ، وبناء عليه فقد تم زيادة عدد قوات الامن المركزى اى اكثر من الضعف ليصبح عددهم لايقل عن المليون (علاوة على النصف مليون من قوات الامن الغير مؤهلين ) واختيارهم هذه المرة من ذوى المؤهلات المتوسطة لكى يكونوا اقدر على الفهم والادراك من الغير مؤهلين ويكون لديهم القدرة على استعاب الموقف فى التعامل مع المتظاهرين ورأيناهم اخيرا بزى مختلف فيه الكثير من التحضر ووجوه نضره تختلف عماسبق لانهم على الاقل من ذوى المؤهلات المتوسطه مما يجبر الضباط على التعامل معهم بطريقة تختلف عن السابق مع الغير مؤهلين .
لقد اثببت تجربة انهيار قوات الامن المركزى مع قوات الشرطة فى اليوم الثالث للثورة ان الغير مؤهلين من هؤلاء الجنود والذين كانوا يعاملون معاملة لاتليق حتى بالحيوانات من السادة الضباط بمجرد ان رأوا سادتهم يتراجعون كانوا اول الهاربين .

اذن قوات الامن المركزى تمت مضاعفتهم على الاقل واصبحوا اكثر قدره على الحركة والتعامل مع الموقف ، ليس مهما كم يكلف ذلك خزينة الدولة المرهقة ماديا والتى تلهث وراء صندوق النقد من اجل خمسة مليارات والتى اعتقد ان مضاعفه عدد قوات الامن المركزى تلتهم اكثر من هذا القرض ، ولكن المهم ان الحكومة اصبحت لديها القدرة على ان تضرب بيد من حديد على كل الخارجين عن طاعة ولى الامر باعتبارهم مارقين عن النظام ، فمرسى هو مصر ومصر هى مرسى .

هل علمنا الآن لماذا هذه الثقة فى اطلاق تصريحات الضرب بيد من حديد والتشبه بالنظام السعودى المستبد والذى كتبت مرار وتكرارا انه الصورة الذهنية فى عقول كل الجماعات الاسلامية واولها جماعة الاخوان المسلمين .

والى ان نلتقى الجمعة القادم مع الذكرى الثانية للثورة لنرى كيف سيتعامل النظام مع المتظاهرين ، ولنرى هل ستعيد اليد الحديدية الجن الذى خرج من القمقم ، ام انه وكما ذكرنا فى المقالة السابقة ( ماعادت مصر رجالها لم غلب ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كالعادة ... الكذب والتراجع
هشام حتاته ( 2013 / 1 / 22 - 13:37 )
بعد ان اثارت عبارة ( الضرب بيد من حديد ) كل المثقفين والجمعيات الحقوقية فى
مصر نرى - كعادتهم دائما- رئيس الوزاراء يتراجع عنها وينفى مانقلته الصحف وذلك على تدوينته على تويتر حسب التالى :
( كتب قنديل في تدوينة له عبر حسابه الخاص على -تويتر-، -لم أصرح بالضرب
بيد من حديد في تظاهرات 25 يناير كما نقلت بعض الصحف، وأعطيت وزارة
الداخلية الأوامر بالتعامل السلمي مع المتظاهرين السلميين-.)
ولى الشرف ان اكون ممن نوهوا عن مدلول هذه العبارة واستنكرها فى هذا
المقال مما دعاه ال التراجع عنها . وان كانت حجافل الامن الركزى تضاعفت فعلا كما ذكرنا فى المقال ونية البطش مبيته ولكن الى حين .


.


2 - كما انا توقعت
على سالم ( 2013 / 1 / 22 - 23:29 )
الاستاذ هشام ,كما تذكر فى الماضى نقاشى معك حول وضع الجيش وبالذات الان فى هذا الوقت الفاصل ,يبدو ان الجيش حسم موقفه وقرر ان ياخذ صف العياط وعصابته ضد الشعب الذبيح المنهك ,اشم رائحه عفنه من الاتفاقات السريه والصفقات القذره والتى كان يبرع فيها جنرالات الجيش المصرى الخونه اللصوص ولايتورعوا ابدا عن اخذ قرار الاعدام لاابناء الشعب ,ماضيهم الاسود يؤكد هذا ,يبدو اننا سوف نرى حمامات دم وكوارث وقتلى قريبا ,الاخوان المجرمون سوف يكونوا مع الجيش والشرطه يد واحده فى اباده الشعب وربما بتوجهات امريكيه ,انا لااعتقد ان كل قوات الجيش على هذه الدرجه من الاجرام والخيانه ولكن القيادات العليا تم ضمهم الى فصيل الاخوان السياسى ,هذه دلاله على ان الفيروس الاسلامى لايزال متجذر فى النفوس ولايبدو من السهل اننا اقتربنا فى اقتلاعه ,للاسف لايزال الكثير من التفاعلات والفورانات والغليان والثورات والمذابح مع فصيل قال الله وقال الرسول ,لم يحن الوقت بعد لااقتلاع الفيروس الاسلامى من الجذور ,لايزال المجرمون يتحكمون فى مصائر الشعب المنكوب


3 - عزيزى على سالم
هشام حتاته ( 2013 / 1 / 24 - 10:41 )
تحياتى اخى العزيز .
على فكرة المقالة لاتتحدث عن القوات المسلحة ، ولكنها تتحدث عن قوات الامن المركزى التابعين لوزارة الداخلية ، وكل دور القوات السلحه فى هذه العملية هى انهاء اجراءات تجنيدهم ثم تحويلهم الى وزارة الداخلية ليقضوا بها مده خدمتهم وبدلا من منح البعض ارجاءا للتجنيد تطلب الداخلية من الجيش تجنيدهم كلهم وارسالهم اليها .
اما عن موضوع القوات المسلحة فالى الان موقف الفريق السيسى متوازن فقد
تصدى بقوه وحزم للمرشد عندما قال ان جنود مصر طيعين ويحتاجون الى قيادة
رشيده ، ثم عندما الغى تملك غير المصريين لاى اراضى على الحدود مع اسرائيل
ثم عندما صرح بأن قناة السويس امن قومى مصرى ردا على تاجيرها لقطر
عموما لايهمنا القادة الكبار بقدر مايهمنا صغار الضباط فى الداخلية والجيش واعرف ان الكثير منهم غير راضى عن حكم الاخوان
غدا 25 يناير ... وان غدا لناظره قريب .خالص التحية

اخر الافلام

.. اليمين المتطرف في فرنسا يعتزم منع مزدوجي الجنسية من شغل مناص


.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح




.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال


.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي




.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين