الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خط احمر

حيدرعاشور

2013 / 1 / 22
الادب والفن


قصة قصيرة
خط احمر
حيدرعاشور
تولد في المكان سر عجيب يثير التفكر ويأخذ بالقلوب والعقول ،ويدس اللحظات الحاضرة في عالم أخر وزمان أخر يكون فيه الإنسان مختلفا ومميزا يجعلك تكتشف تنافر واقعك ،وإشارة الى ارتباك كبير من الارتياب ... ولا أدهش،ولا أعجب من ذلك الموقف الرهيب الذي هيج الصراع الداخلي الذي هيمن على الروح والنفس،والفاصل بينهما هو هذا الانعطاف الأخلاقي عن الرذائل والقبائح التي لم نعد نرى أناسا تتصدى لهذه الظواهر الاجتماعية من رياء ونفاق وانعدام ذمة ،ونلاحظ بنفس الوقت أبطالا يصارعون أنفسهم ويحاولون استرجاع الماضي ويكشفون عن الخطايا التي ارتكبوها خوفا من القصاص ...
لا أرى القضية كما يراها بسطاء العقول من حولي وهم يهلهلون بسلامة الإنسان وفناء كل شيء ... قد يكون الإفصاح والإظهار لأمر ما ضرورة فان الكتمان والإسرار لأمر أخر ضرورة أيضا ... لذا أصبح المكان مقدسا بل مزارا فهو محمي بأسماء جليلة وأهله رموزا بشرية تجوب في فنائه كملائكة ناطقة ،تنفذ أوامر السماء بطاعتها العمياء ... بقي السر معي لم احدث أحدا به لسنوات وانا جليس الغرفة التي عشت بها آخرتي المحتومة وظهرت من جديد للحياة بشكل أخر وشخصية مغايرة تماما ،وهذا الحدث أجج في حنايا روحي حبا كنت اجهله ودأبت روحي تبحث عن عشقها في بطون الكتب ،واسطر الدعوات ،وشفاه المرتجلين بالكلام فكان بكائي ممزوجا بالدم وانا أتفاعل وجدانيا مع الحدث الشبيه بالمعجزة الإلهية وظل ينمو ويترعرع في ظلال الاحزان الانسانية النبيلة والمشاعر الوجدانية الصافية ليلهب نفسي وقلبي وعقلي فيتحولان الى ثورة من الوعي ضد كل انحراف عشته ... وأي انحراف بل انحرافات لم أع فعلها المضاد بل كنت مستهترا بكل القيم حين كنت ابحث عن اي طريق لجني الأموال بعد ان مارست السرقة في الدور والطرقات لم يسلم مني احدا، جيراني و أصدقائي ومعارفي ،كان أبي السيف الجارح لي دائما فلم استقم وكنت لا ابقي عليه مال ، اما ان اسرقه او يدفعه لمن اعتدي عليهم .. كنت اتربص الفرص للسرقة ... ولا انسى تلك الظهيرة الساكنة في بيتنا الكل نيام على هواء تلك المروحة التي تخفف من حرارة الجو ... أصدقائي ينتظرونني خارجا وانا أتنقل من غرفة الى أخرى بحثا عن أي مبلغ من المال حتى التحق بهم، فلم أجد غايتي ،فوقعت عيني على صندوق صغير ودون تفكير فككته وأخذت ما فيه من مال فرحا وخرجت مع زمرتي منتصرا ليومي ،وذهبنا نحتسي حتى فقدنا عقولنا ورجعت دون ان أمارس طقس أخر من الرذائل اليومية ... دون وعي قادتني قدماي الى تلك الغرفة ونمت بهدوء لا اكترث لشيء أبدا ،وفتحت عيني وانا وسط ضوضاء كبيرة وتكبيرات وكل شيء حولي اسود ودخان كثيف ذو رائحة تخنق متنفسها وقعت عيني على ذلك الصندوق المهشم وقرأت بخط واضح وبالون الأبيض الناصع (صندوق الحسين ) ونظرت الى جسدي المحمول من الناس لم يصبه أيضا أذى رغم أن الحريق أكل كل شيء إلا الصندوق وأنا فبدأ بيني وبينه خط مشترك في قضية روحية عقائدية وبرهان على إعطائي فرصة للتفكر والرجوع عن الرذيلة وبداية للحزن وتأنيب الضمير،والخوف من الله لمنحي فرصة الحياة ،وهي الحالة النفسية التي تعتري مثلي من البشر والتي قوامها الشعور بالحسرة والضيق ولا تكون الا لما حدث فعلا سواء انقطع هذا الحدث وبات من الذكريات الماضي أم استمر في الحاضر من الزمن ... ولا ادري كيف يحزن شخص مثلي يمتلك من القسوة ماتكفي ان يموت كافر وهو بعيدا كل البعد عن معرفة الجنة والنار وفي ساحة الدار أناس في وجوههم اكتئاب وفي عيونهم دموع وانا يخيم علي الخوف والحزن ، ولكن الحقيقة ان الحزن الذي ينتابني وقتها متولد عن حتمية قضية خاصة وشحت حياتي بوشاح الحزن وحكمت عليها من رحم واقعية الحادثة التي عشتها... وهي حقيقة تهم الجميع وتمس الكثير أن (الحسين ) إماما وأن مظلوميته قضية تلوح بظلالها في كل مكان وتخضع دائما الى محكمة العدل الإلهية التي لا تخطئ ،والتي رسمت على ملامحي صور الحيرة والذهول نتيجة تعدي الخط الأحمر على أملاك (الإمام) وكأن أمواله نقطة التحول التي منعت النار من أن تمس جسدي فكنت ممن وضع في امتحان بلا فشل أو فشل بدون امتحان ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب