الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الرد على تركي الربيعو وإشارته إلى ماركس

باسل سليم

2005 / 3 / 25
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يتضمن مقال تركي علي الربيعو المنشور في صحيفة (الغد) والمعنون بـ " حق التضحية بالآخر " العبارة التالية " وهذا هو منطق الإبادة الذي حكم حتى تقارير كبار المثقفين الغربيين وأولهم كارل ماركس، الذي دعا في رسالة شهيرة إلى تدمير الهند وإعادة بنائها على غرار الغرب "، وقد جاءت العبارة في سياق استعراض الكاتب لكتاب عن ابادة الهنود الحمر من قبل الاميركيين وكيف ان النظرة الاستعمارية الغربية بمجملها كانت رؤية ناقصة للآخر ومبررة لاستعباده وابادته.

ومن الطبيعي أن تستوقف عبارة مثل العبارة التي اوردها الكاتب انتباه شخص يدّعي الماركسية مثلي وأنا على اطلاع لا بأس به على الادبيات التي كتبها ماركس عن النزعة الاستعمارية الغربية سواء في الهند أو في غيرها من الدول المستعمرة.
ومع تأكيدي لاحترامي الكبير للكاتب وحقه في ابداء الرأي إلا أن الرأي الذي قدمه عن ماركس رأي مغلوط ومناف للمنطق العام الذي كتب فيه ماركس.
فمن المعروف أن كتابات ماركس تعد الاولى من الكتابات التي نبهت الى الطبيعة الوحشية التي تكتنف الاستعمار، وهي من الكتابات التي حللت هذه الطبيعة الاستعمارية المتوحشة. وبالتالي يصبح الادراك العام لما قاله ماركس وفهم منهجه قائدا لاستنتاج بسيط وهو اما ان الكاتب قد قرأ خطأ ما عزاه الى ماركس، أو أن الكاتب نقل حرفيا ما قرأه في كتاب منير العكش دون تدقيق ولا تمحيص.
ومع عدم قدرتي على الاطلاع على كتاب الاستاذ العكش إلا ان المصادر الماركسية المتاحة لي تعينني على الرد على ذلك التضمين لعبارة تنتقص من منهج ماركس وتتقول عليه ما لم يقله .
ولنقدم بعض الاقتباسات من كتاب ماركس الاهم " رأس المال " الجزء الاول في احد الفصول الفرعية التي يتحدث فيها عن منشأ الرأسمال الصناعي ، وماركس يورد في كتابه هذا الكثير من الاقتباسات للتدليل على بشاعة الرأسمالة واستخدامها لكل طريقة ممكنة للقضاء على الشعوب المستعمرة وتحويلها الى أجراء وعبيد .
يقول ماركس " ان اكتشاف مناجم الذهب والفضة في أمريكا، واقتلاع سكانها الأصليين من مواطنهم واستعبادهم ودفنهم أحياء في المناجم، وبدايات غزو ونهب الهند الشرقية، وتحويل إفريقيا إلى ساحة محمية لصيد ذوي البشرة السوداء، ان ذلك كله يميز فجر عهد الإنتاج الرأسمالي. ان هذه العمليات الرغيدة هي العناصر الرئيسية للتراكم الأولي. ثم جاءت في أعقابها، الحرب التجارية التي خاضتها الأمم الأوروبية جاعلة الكرة الأرضية ساحتها" والاستدلال الذي قدمه ماركس والنتيجة التي خلص اليها تتماشى مع ما ذهب اليه كاتب المقال في عرض مقالته من التدليل على بشاعة الرأسمالة وهو عندما يتحدث عن العمليات الرغيدة يتحدث بصورة استهزائية معروفة في كتاباته. ثم يضيف في مكان آخر متحدثا عن الهند خصوصا واعذروني على الاقتباس الطويل فهو مهم " لقد حصلت شركة الهند الشرقية الإنكليزية، كما هو معروف، إلى جانب السلطة السياسية لحكم الهند الشرقية، على الاحتكار المطلق لتجارة الشاي، إضافة إلى احتكار التجارة مع الصين عموماً، واحتكار نقل البضائع من أوروبا واليها. ولكن الملاحة قرب سواحل الهند وبين الجزر، وكذلك التجارة داخل الهند، كانتا احتكاراً مقصوراً على كبار موظفي الشركة. وكان احتكار الملح والأفيون والتامول وغير ذلك من السلع مصدر ثراء لا ينضب. وكان الموظفون ذاتهم يقررون الأسعار، وينهبون الهنود التعساء على هواهم. وكان الحاكم العام يشارك في هذه التجارة الخاصة. وكان المقربون إليه يحظون بالعقود وفق شروط تتيح لهم، خيراً من السيمائيين، ان يصنعوا الذهب من العدم. وكانت ثروات طائلة تنبت كالفطر في نهار واحد، بينما يمضي التراكم الأولي قدماً دون تسليف شلن واحد." ويضيف في مكان آخر كاشفا حقيقة الرأسمالية الانجليزية في الهند " وكانت معاملة السكان الأصليين، بالطبع، افظع ما يكون في المستعمرات الزراعية المكرسة لتجارة التصدير فقط، مثل الهند الغربية، وكذلك في البلد ان الغنية والمكتظة بالسكان، مثل المكسيك والهند الشرقية، التي وقعت في براثن النهب. غير ان الطابع المسيحي للتراكم الأولي تجلى حتى في المستعمرات بالمعنى الدقيق للكلمة. ان بيوريتانيي نيوانكلند، أطهار البروتستانتية الرزينة هؤلاء، قرروا في Assembly (جمعيتهم التشريعية) عام 1703، تقديم مكافأة مقدارها 40 جنيهاً عن سلخ فروة رأس كل هندي احمر، وعن كل أسير من الهنود الحمر، وفي عام 1720 ارتفعت مكافأة فروة الرأس المسلوخة إلى 100 جنيه" .

إن الاقتباسات المقدمة هنا هي غيض من فيض ما قدمه ماركس في مناهضة النزعة الاستعمارية وتحليل اليات عملها واحكام سيطرتها على الشعوب ، وهو تحليل جاء متسقا مع تفكيك ماركس لمنظومة من الاضطهاد البرجوازي التي رضخت تحتها جماهير الفلاحين والعمال في اوروبا .

وإن كان البعض يدعي أن منهج ماركس عانى من نزعة مركزية أوروبية في بعض جوانبه ،فالماركسية نفسها كمنهج شمولي تتضمن أيضا ادراك حدودها وقدرتها على فهم الاخر ، إلا انه نقص في الفهم في منهج ماركس إن وجد لم يتجل في أي مرحلة من المراحل في الدعوة الى استعباد الشعوب او الى هدم الهند واعادة بنائها على غرار غرب كان ماركس أول حاملي معاول هدمه وتقويض افقه التسلطي، سواء داخليا ممثلا في السيطرة على العمال أو خارجيا ممثلا في الاستعمار واخضاع الشعوب الاخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العلاقات السوفييتية العربية


.. اعتداءات وحشــــ ية على المتظاهرين.. الغرب يناقض نفسه ويواجه




.. العقلانية والتاريخ في خطاب الياس مرقص - د. محمد الشياب.


.. بمشاركة آلاف المتظاهرين.. مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في صنعاء




.. تركيا تعلن مقتل 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني شمال العرا