الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ڨالسُ الرّحيلْ (اللقاء الأخيرْ)
محمد البوعيادي
2013 / 1 / 23الادب والفن

وَالتقيْنَا يا أَمِيرهْ...
وقفَ القطارُ لحظتَيْنِ في محطَّتِنَا الأَخِيرهْ
بكتْ مَكْناسُ* صَمْتَهَا المَهِيبْ
وأنْشَدَ الليلُ زَمْهَرِيرهْ
ابتَسَمْتِ..ونزفتُ يا لَعُوبْ
نحَرْتُ غَيمَةً وَجَلَسْتُ أُطْعِم قَلْبِي
تَحْتَ سِنْدِيَانَةٍ مِنْ وَجَعْ...
كَمْ جُعتُ وَ أنَا أطَارِد - فِي صَحْراءِ موْتِنَا- السّرابْ
أقشّر لوزَ الخِيَانةِ المُرِّ وَأَبْصُقهُ..
كيمَا يظَل طعْمُ الشفاهِ آخرَ عِطرٍ في فمِي
وَ كَي يظلّ ارتعَاشُكِ فِي برْدِ الصَّباحِ
على بابِ المَحَطّةِ ... رَقْصاً فِي دَمِي
لتصطكّ الرِّكابْ..
قلْتُ مُنْكَسِراً:
هَاتِ ذاكرة للنّسيانِ.. كَيْ نَمُوتَ عَلَى مهلٍ
إنّي خِفْتُ المَوَاجِعَ تجْرَحُكِ ألفَ عَامٍ
وأبقى مُبْحراً فِي جرْحٍ بلا ضفافٍ
خفتُ عليكِ من وجعِ الذّهابْ
تُبْحِرِينَ معي، نضيعُ، فَيَسْتَحيلُ الإِيابْ
لَمْ تَقْرئِي عينيَ على ضوء الصَّومعاتِ وهي تصرُخ:
حيّ على الحَنِينِ، حيّ على النّسيانْ
لا إلَهَ إلاّ الغِيَابْ...
دَعِي مَا يَقُولُ فَمِي، فشِفاهِي تُنَاصِرُكْ
و يَدِي تكذبُ، حينَ تَكُونُ تَعَوَّدَتْ أن تُخَاصِرَكْ
أنا الذّبيحُ و الحبُّ أبِي..فَما المَعْنَى ؟
وما الحقيقةُ وما الصّوابْ؟
نحَرْتُ غَيْمَةَ وَأَطْعَمْتُ غُصّتِي مِنْ مائِها
كَيْمَا يَتَنَامَى الجُرْحُ فِي شِغَافِ الكَلِمَاتْ
اهربي "كاترينْ"...سَتَصِيرِينَ شَمْعَةً
في رأسِكِ الأجْوفِ فتيلٌ، تهمِينَ كلّما احترقنا.. فننتَهِي
و يقفل المَدَى أبوابَهُ...حانَ الغُرُوبْ..
نحرتُ يدِي ..و سَقيتُ غيمةٌ و أَمرتُها:
إليهَا حيثُ تكونُ سِيرِي وَ أمْطِرِي ..
عَاهِرَتِي تُحِبُّ المَطَرْ
و رَمْيَ الكلِمَاتِ عَلَى صَهوَةِ القَمرْ..
لِمَاذَا إذاً هَذَا الرَّصيفُ يبتلُّ بِالدِّمَاءْ
وَالنَّدَى عَلَى أَعْطَافِ أوْقاتِنا عَادَ مَرْتُوقَ الرِّدَاءْ؟
و لِمَا يكْنَهُ العطْشَى حتفَهُمُ
و يسيرونَ طَوْعَى إلى السّرابْ؟
اصْمُتِي... كي لاَ يَثْقُبَ نشازُكِ رِئَتِي مَرَّتينْ
نحَرتُ يدِي..كبِدِي..بِمُديةِ الأَيّامِ وقلتُ:
أكرَهُ المحطّات الباردة آنَ الفجرِ
حينَ يُدْفِئُ الكوبُ يديك و تبكِينَ لازَوَرْداً
والمدينة غرْقى في نسجِ الضّبابْ
انْسِ أوهَامَنَــا الرّائعهْ
وَ هاتِ ذاكرةَ للنِّسْيانِ...و قُبلَتَينْ
المحَطّةُ لن تحضُننا - يَا حَبِيبَتِي - مرّتينْ...
و الحبُّ لا يتذكّرُ الأشواطَ الضّائعهْ..
الحبُّ كالرحيلْ، عميقُ ومرُّ النّواةْ
مرٌّ كالقهوة، عذبٌ كالرّضابْ
طويلٌ كالعذابْ...
قصيرٌ كالحياةْ...
نحرتُ أَشْوَاقِي وتحجّر الدّمُ في مُقْلَتِي
و رأيتُكِ تَمْسَحِينَ دمعكِ يا التِي
انطوى الليلُ فِي عُتْمَةِ قلْبِهَا المسْجُوعِ لُؤْمــاً
وأرْخَتْ سُمّهَا في عِرْقِ المحبّةِ من غيرِ نَابْ
قُرْبانـاً لما تبَقَّى نحرتُ حُبّنَــا
كي لا يَأتْيَ فجْرٌ ونكرهَ بَعْضَنَا
و نغرقَ في وحْلِ العتابْ
الثالثةُ صباحاً...
أَذْكُرُكِ في حُزْنِكِ المُصْطَنعْ
وجْهُكِ الصَّغِيرُ المَلْفُوحُ برداً
زَفيرُكِ..صدْرُكُ يَهْتَزُّ وَيَرْتَفِعْ
كُنْتُ أْمْسِكُ خيطاً مِنْ هُلامْ
المقْهى على بُعْدِ خُطْوَتَيْنْ
و قلبِي على صهوةِ الرّيحِ بلا لجامْ
سَألْنا حارس المبنى: المقهَى أينْ؟
و الشوارعُ فارغة أذكُرها، كُنّا اثْنَيْنْ
ولكن شعرتُ بدفءِ الزّحامْ
وفِي المَقْهَى وَحيدَينْ
جَلَسْنَا نَلُوكُ الكَلامْ
جلَسْنَا نُوزِّعُ أَحلاَمَنا على حبّاتِ النّدَى
وَ دُونَ أنْ نَعْلَمَ قَطَعْنَا تَذْكِرَتَينِ لِلْهُرُوبْ
تَذْكِرَتِي رَميتُها في سلّةِ المُهْمَلاتْ
و أَخَذْتُ قبْلَتَينِ في حَديقَةِ الذّكْرَياتْ
ثمُّ رَحَلتُ مُثْخَناً بالنُّدُوبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مكناس: مدينة في وسط المغرب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيلم المشروع X يحتل المركز الثالث ضمن قائمة الأفلام الأكثر ت

.. أمير كرارة وهنا الزاهد ومصطفى غريب يحتفلون بالعرض الخاص لفيل

.. عزاء المخرج سامح عبد العزيز من مسجد الشرطة بالتجمع الخامس ال

.. تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كليات ومعاهد تقبل طلاب ا

.. أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية.. وفرحة كبيرة للط
