الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
استقطاب حول الإسلام .. أم باسمه؟
فادي عرودكي
2013 / 1 / 23مواضيع وابحاث سياسية
لطالما كان الاستقطاب السياسي في الساحة العربية – إن وُجِد – قائمًا على تقسيمها إلى موالٍ لنظام الحكم ذي الطابع الاستبداديّ القمعيّ، ومعارض لهذا النظام ترتكز معارضته على المطالبة بالحريات المدنية والعدالة الإجتماعية. على الأقل، هكذا كانت الحال في دول الربيع العربي – خاصة في مصر وسورية – حيث لم يكن هناك معنى حقيقيٌّ لأي تقسيم أيديولوجيّ أو سياسي في ظلّ قبضة الأنظمة الأمنية التي لم تميّز في قمعها بين مختلف التيارات السياسية والفكرية.
هذه المعطيات تغيّرت بعد أن عمّت الثورات الشارع العربي، وتخلّصت الشعوب من أنظمتها الديكتاتورية – أو تكاد – ما فتح المجال أمام هامش أكبر من الحرية والتعبير عن مختلف الأفكار والتوجّهات. لم يعد الاستقطاب حول الحرية والديمقراطية اللتان كانتا عنوان هذه الثورات، والركيزتان اللتان يتفّق حولهما الجميع، على الأقل ظاهريا. سمح ذلك بنشوء حالة جديدة من الاستقطاب في الفضاء السياسي العربي الأكثر اتسّاعا الآن، حيث توحي عناوين الأخبار أن هذا الاستقطاب يتمحور حول الموقف من الإسلام، أو بشكل أدقّ، أسلمة الدولة.
ومن حقّ المتابع أن يصل إلى هذه النتيجة خاصة عندما يشاهد أن الانقسام السياسي يضع التيارات الإسلامية في صفّ واحد في مواجهة التيارات ذات الطابع العلماني أو الليبرالي أو اليساري. ولكن .. هل ما يتبدّى هو صورة دقيقة لحقيقة الانقسام الدائر؟ أم أن هذا لا يعدو عن كونه غطاء لخلاف سياسي بحت مثله كمثل كل الخلافات السياسية التي تجري في العالم؟
يمكن الإجابة عن هذا التساؤل بتقصي جوهر الخلاف الحاصل دون الاكتفاء بالتصريحات والخطب والمزايدات. ففي الحالة المصرية على سبيل المثال، لدينا فريق سياسيّ براغماتيّ إلى أبعد الحدود – قد تكون بعض التيارات اليسارية أو القومية في مصر أكثر مبدئيّة منه – يُعْتَبَر الأكثر تنظيمًا على الأرض لأسباب تاريخية واجتماعية، ويتبنّى أيديولوجية شعارها أن الإسلام هو الحلّ. هذا الفريق يهمّه الوصول إلى السلطة والمحافظة عليها بأي ثمن، وهو حقّ مشروع لأيّ تيار سياسيّ. ما هو غير المشروع تصوير الخلافات السياسية على أنها مؤامرة للنيل من الإسلام رغم أن جوهر الانقسام هو صراع على السلطة وصلاحيات الرئيس. بكل بساطة، نحن في صدد تيار سياسي يحاول تمرير دستور وقوانين تسمح لهم بالحكم دون إزعاج بغطاء دينيّ وخطاب إسلاميّ يُشبه خطابات المقاومة والممانعة التي كان باسمها يُحْتَكَر الحكم أيضا وما هي إلا شعارات.
أما في المثال السوري، فنرى نفس التيار السياسي ساعيًا لتحقيق نفس الأغراض ولكن بشكل أكثر فظاظة وانتهازية. وكما في الحالة المصرية التي يُخالُ فيها للمتابع بأن الصراع بين الإسلاميّ و"اللاإسلامي"، فإن الحالة السورية مصابة بعالّة مزدوجة، واحدة كنظيرتها المصرية، والثانية داء الطائفية حيث لا يُكْتَفى باحتكار تمثيل الإسلام، بل يُزاد عليه احتكارُ تمثيل الطائفة السنية. وعلى هذا باسم "الانتماء السني" يُعَمَّق الاستقطاب الأهلي لكسب المزيد من الجماهيرية الشعبوية المبنية على الغريزة العصبية بهدف الوصول إلى السُلْطة دونما أن يكون هناك برنامج فعليّ يمثّل الإسلام حقيقة.
إن الاستقطاب الدائر في الساحة العربية ما هو إلا صراع على السُلْطة بغرض الحصول على أفضل الظروف المناسبة للحكم، ويُدار باسم الدين لأنه أقصر الطرق لشحن عواطف العامة والبسطاء بشكل يشبه الأسلوب الذي يتّبعه الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة لكسب تأييد الأميركيين بناءً على مزيج من الشعارات الدينية المتطرّفة وبُغْض من لا ينتمي للعرق الأبيض والدين المسيحي. عزاؤنا أن الإسلام السياسي لا يمثّله تيار وحيد، وفيه من التنوّع ما في غيره .. وليس عبد المنعم أبو الفتوح إلا برهانًا على أن الاستقطاب هو حول السُلْطة وليس حول الإسلام.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. جرحى بهجوم استهدف حافلة قرب أريحا بالضفة الغربية
.. لحظة إطلاق النار على حافلة إسرائيلية في بلدة #العوجا #سوشال_
.. كاميرا سكاي نيوز عربية ترافق حاملة الطائرات الأميركية -آيزنه
.. لمناقشة تقليص الحرب.. وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي سي
.. جبهة لبنان تشتعل.. تبادل القصف العنيف بين إسرائيل وحزب الله