الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية الدولمة ؟

محمد سليم سواري

2013 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


كان ذلك حديثاً شيقاً مع إحدى الصديقات العزيزات وعبر القارات والمحيطات وكان القاسم المشترك لحديثنا عن الغربة والوطن وهموم المساكين في عراق السياسيين ووعاظهم الفاشلين .. وأخذ الحديث جوانب مختلفة حتى كان عن الأكلات ا
العراقية وإصرار العراقيين في المنافي على الإحتفاظ بها كأكلات عراقية معروفة وتراثية .. وهل أن أكلة الدولمة هي أكلة عراقية بإمتياز أم قد دخلت إلى العراق ضمن الأجندات الأجنبية وفي فترة من التأريخ وما أكثرها في عراقنا الديمقراطي .. وقد تكون إدخال الأجندات السياسية الغريبة إلى العراق أكثر خطراً من إدخال الأكلات لأن تخمة الفكر أقسى وأشد ضرراً من تخمة المعدة .
والظاهر أن هذا الحديث قد راقت كثيراً للصديقة وإسترسلت تستعرض قابلياتها وإمكانياتها وإجادتها في تركيب وترتيب الدولمة وطبخها وأكدت بأن الدولمة أكلتها المفضلة وعندما يسمع أهل البيت من الأولاد والبنات بالدولمة في يومهم تغمرهم الفرح حتى يبكرون في العودة إلى البيت لكي لا تفوتهم هذه الأكلة وهي حارة وشعارهم عاشت الدولمة .. أما زوجها المسكين فإنه في أعماقه لا يحب الدولمة ولكنه لا يريد الطيران خارج السرب بل يبدي إعجابه وفرحه بالدولمة ويأكلها بشهية ولكن على مضض وبين كل مضغة وأُخرى يهز رأسه ويدندن دلالة على الرضا وهو في أعماقه يهتف تسقط الدولمة.
وضمن حديثنا أبديت للصديقة بعدم رغبتي في الدولمة وبأنني من الذين يرفعون صوتهم عالياً أمام زوجته بأنني لست من عشاق الدولمة وفي اليوم الذي يكون غدائنا دولمة أعلن حرباً بدون هوادة .. ثم إسترسلت الصديقة في حديثها عن الدولمة لكي تشجعني على الإنسجام مع الدولمة وأكدت بأن هناك دولمة من ورق العنب أو العريش والنوع الثاني من اللهانة والآخر من الخضروات المشكلة من الطماطم والبصل والبازنجان .. وأكدت بأن كل هذه الأنواع الثلاثة لا بد من إضافة الفلفل والبهارات وبعض المطيبات لها لتطيب نكهتها وقالت بأن وضع عصير السماق على الدولمة بأنواعها الثلاثة مسألة لا تحتاج إلى مناقشة وحتمية طبخها على نار هادئ .
وعندما كانت هذه الطباخة الشاطرة تتكلم عن الدولمة .. فكرت في المشهد العراقي بكل جوانبه السياسية والإجتماعية والإقتصادية وكم هو قريب من وصف صديقتي للدولمة .. وتذكرت ثلاثة من أصدقائى الأول منهم كردي يموت في أكلة الدولمة بورق العنب والثاني من جنوب العراق له رغبة شديدة للدولمة بورق اللهانة أما الثالث فمن مدينة الموصل وكم يرغب الدولمة المشكلة من الخضروات .. وأنا كنت أرفض الدولمة بكل أنواعها وأذكر أصدقائي بحكمة إيرانية طريفة عن الدولمة وهي أن أحدهم قال أكيد هناك في الدولمة فخ ولغم وإلا لماذا كل هذا اللف والدوران.. ثم أقتربت أكثر من المشهد لأُخمن بأن السماق كان العامل الأساسي لكل التغيير الذي جرى في الوضع العراقي .. والنار الهادئ ذكرتني بسياسة الدولة الاُولى التي إسعمرت العراق في العشرينات من القرن الماضي.. وأكيد الفلفل والبهارات إذا زادت عن حدها المعقول تجعل من الدولمة غير مرغوبة وهي الأجندات الأقليمية في العراق .. وأنا الذي أرفض الدولمة بكل أنوعها وأعلن ذلك على الملأ .. فأنا أُمثل من يحلق خارج السرب .. ولا أنسى هذا المسكين زوج صديقتي الذي سلم أمره للطباخة وهو يمثل الشريحة الكبيرة من أبناء شعبي المسكين حيث يسلمون أمرهم لكل جلاد ودكتاتور .. والطباخة وأولادها وبناتها يغمرههم الفرح من أكل هذه الدولمة وهم يمثلون المنتفعين والطبقة الجديدة في العراق الديمقراطي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب