الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتيجة حرمان

طارق المنيظر

2013 / 1 / 24
الادب والفن


"يا من قالت عني... شكرا لك وعفوا لي منك، يا بلورة، يا..."
هكذا همس الشاب البائس المسكين وحده. كان ينتظرها في المحطة الطرقية وهي عائدة من قريتها بعد أن قضت العطلة إلى المدينة التي تدرس فيها وإياه، كانت الساعة تشير إلى الخامسة مساء، اقترب مغيب الشمس. ماذا بعد؟ لا شيء سوى الكآبة التي تكسي وجه الاثنين.
المسكين شده الحنين، حتى كادت الدموع تغطي وجنتيه، اقترب عندها بخطواته المتثاقلة بسبب الانكسار العاطفي الذي انتابه حتى كاد يمزق نفسه. فعلا قد اشتاق إليها بلهفة وجنون! هي الأخرى افتقدته إلى الدرجة التي لم تستطيع أسرتها ملأ فراغها العاطفي وتعويضها إياه خلال أيام العطلة القصيرة التي قضتها في المنزل القاحل. ارتمت الفتاة بين ذراعي الشاب والتصق بعضعما ببعض "التصاق القط بالحصير". يا له من حنان! يا له من حب! نعم كل شيء ممكن في عالم الفراغ، في حياة الحزن والقحط وسوء الحظ.
ينحدرا الاثنان من بيئة قاحلة، حيث التعبير عن الأحاسيس والمشاعر يعد ضربا من الخيال والطابوهات التي لا تناقش، كل ما يقترب من هذا القاموس، من قاموس الهوى يعد "حشومة" و "عيب". هكذا ينظرون أناس مثل هذه القرية إلى مفهوم الحب، انه مفهوم يمثل الخط الأحمر في هذه الصحراء الجرداء، ومن تجاوز هذا الخط أو اقترب منه، فقد ارتكب الجريمة الشنعاء التي لا تغتفر. لذلك لم يجد الاثنان شبه فرصة للتعبير عما يختلج داخلهما إلا بعد حصولهما على شهادة الباكالوريا وانتقالهما إلى مدينة... لإتمام دراستهما الجامعية. فهذه الشهادة كانت تمثل بالنسبة لهما معا خلاصا من رقابة القمع العاطفي والتقشف في المشاعر الذي عايشهما منذ نعومة أظافرهما.
هناك بهذه المدينة، واجها الاثنان عالما آخر، مختلف تماما عن عالمهما، عالم الانفتاح والحرية المطلقة. هكذا، وجدا ضالتهما في هذه المدينة اللعينة، حيث سيعيش الاثنان مفارقات كبيرة بين عالمهما الصغير والمتحفظ وعالم المدينة، الحر والمنفتح، حيث "كل شيء ممكن".
أصبح لا يفترقان البتة، يضربان المواعيد، يخرجان معا، يرتديا الملاهي الليلية معا، فقد اجتازا كل الخطوط الحمراء وضاعفا اجتيازهما لها، إلى درجة الثورة على كل قيمة أو عادة أو تقاليد كانت تقف أمام حريتهما وتكبت عاطفتهما.
إنها نتيجة الحرمان والكبت العاطفي الذي عاناه الاثنين فعبارة "أحبك" لم يسمعاها تدور قط حتى بين والديهما ذوي الطبيعة الجافة، هكذا تربيا في بيئة قاحلة وجافة، خالية من العاطفة ومشاعر الحب والهوى، حتى بين الزوجين... تكاد تجد بعض الأزواج إذا سامحهم الله، لا يرضون مناداة زيجاتهن بأسمائهن، و لا حتى مناقشتهم في العاطفة، لا يعرفون العاطفة حتى في الفراش، المرأة بالنسبة للرجل كانت تمثل آلة للطهي المنزلي وتجفيف ملابسه المتسخة، لكن المشكل أنه يحتاج إلى تجفيف دماغي حذق، فالمرأة بالنسبة له ليست إلا وسيلة إنتاج الأطفال.
بعد هذا التغير الراديكالي الذي طرأ للمحبين القادمين من عالم جاف وقاحل، وبعد هذه الثورة الشرسة على القيم والتقاليد، والانسلاخ الكلي من الهوية البدوية، كانت النتيجة أن حملت الفتاة من الشاب، وبات الأمر مستعصيا. فالشاب غير آهل للزواج والشابة لا ملاذ لها غيره! أي دراما!و أي تراجيديا! بات يتخبطا فيها الاثنان، كانت النتيجة أبعد من الخطورة التي تتصورون.
ترك الشاب الفتاة نكر كل مسؤولية حملته إياها، قرر ال.... وخنقت الفتاة نفسها!

طارق المنيظر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس


.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام




.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد