الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في شأن الثورة ودور المثقف

صادق جلال العظم

2013 / 1 / 25
مقابلات و حوارات


حوار في العمق مع صادق جلال العظم: في شأن الثورة ودور المثقف


الدكتور صادق جلال العظيم (مواليد دمشق، 1934) واحد من أهم المثقفين السوريين في القرن العشرين والسنوات المنقضية من هذا القرن. غطت مروحة اهتمامه قضايا متنوعة، تمتد من نقد الفكر الديني إلى الشؤون السياسية العربية بعد هزيمة حزيران 1967، إلى حرية الفكر (ذهنية التحريم، وما بعد ذهنية التحريم) إلى الحب العذري، إلى قضايا العلمانية والديمقراطية والعولمة… وتميز دوماً بأسلوب واضح، وباستمرارية أساسية لتوجهاته الفكرية من وراء تغير المناخات الإيديولوجية وبعض أدوات التفكير. تميز الدكتور العظم منذ بداية هذا القرن بانخراطه في الحياة العامة وقضايا الحريات والديمقراطية. كان عضواً مؤسساً لـ«لجان إحياء المجتمع المدني» ومساهماً نشطاً في نقاشات «ربيع دمشق» وأجوائها. ومنذ بداية الثورة أخذ موقفاً مؤيداً لها بوضوح، مع احتفاظه بمسافة للنقد والتقييم. لقد قرن الرجل القول بالعمل، مع بقائه مثقفاً، أولاً وأساساً.

تتشرف «مجموعة الجمهورية» أنها أجرت هذا الحوار المطول بالدكتور العظم، وقد أجري عبر البريد الإلكتروني.

إضاءات:

الثورة السورية هي تصفية حسابات لسورية مع نفسها ودفع فواتير متأخرة عن ما سبق لنا من تقاعس وتخاذل وصمت وجبن سوري.

الانتفاضة الشعبية السورية تسعى لاستعادة الجمهورية عبر الإطاحة بنظام وراثي قديم مفروض ومهترئ بأجهزته كلها، وإحلال نظام حكم جديد ومغاير محله.

نعم، أخشى الإسلام السياسي بعد سقوط النظام وقبله.

في ثقافتنا ومجتمعاتنا ما يكفي من العناصر السلطوية والتسلطية والسلبطجية والأبوية والأبوية المحدثة والثأرية، بما يجعل إعادة إنتاج نظام الاستبداد مجدداً، بصورة أو أخرى، احتمالاً وارداً ومخيفاً.

يقوم معذبو الأرض السورية بثورة على حكم وحزب وطغمة عسكرية– مالية أمنية متسلطة وعلى قيادة وزعامة "وطنية" أبديتها من أبدية الآلهة.

إذا أوصلتنا الثورة، بصورة ما، إلى صناديق الاقتراع، سأعتبر أن حقي قد وصلني كمواطن.

أهم ما يمكن للمثقفين أن يفعلوه بداية، هو التخلص من شيء اسمه وزارة الثقافة، ومن شيء آخر اسمه وزارة الإعلام.

من ميزات العلمانية والديمقراطية أيضاً أنهما توفران أرضية محايدة لتلتقي عليها المذاهب والعقائد الدينية المتنافرة والاقصائية بطبيعتها، وبحيث تتمكن من التعامل مع الفضاء العام والشأن الوطني والساحة السياسية الجامعة.

• على عكس كثير من اليساريين والماركسيين في سوريا والعالم، يبدو موقف صادق جلال العظم واضحاً لا لبس في انحيازه إلى الثورة السورية. أين تكمن جذور الغموض والتشتت اليساري تجاه الثورة؟ وماذا يمكن أن تكون عواقب ذلك على مستقبل اليسار في سوريا؟

بسبب طبيعة هذا السؤال، أسمح لنفسي أن أبدأ بالكلام قليلاً عن نفسي. كثيراً ما سُئلت ما إذا كانت الانتفاضة الشعبية في سوريا على نظام الاستبداد وحكمه وفساده قد فاجأتني أم لم تفاجئني؟ جوابي هو نعم ولا في وقت واحد. نعم، فوجئت بتوقيت اندلاع الانتفاضة مع تخوف كبير في البداية من احتمالات قمعها بسرعة بسبب مما أعرفه عن صلابة المنظومة الأمنية السورية وشراستها القمعية وتغلغلها في مسامات الجسم السوري وتحكمها اليومي بجميع حركاته وسكناته تقريباً. شكّل هذا الواقع عندي (وعند غيري) نوعاً من عقدة النقص الراسخة بالعجز أمام النظام العسكري الأمني الكلي وسطوته، كما أدى إلى استبعاد أية فكرة أو حتى احتمال لقول لا (فردية أو جماعية) كبيرة له. داريت عقدة النقص في داخلي بالتكيف اليومي البطيء مع هذا الواقع الأمني- الاستبدادي المرير والضاغط دوماً، كما داريتها بالاستبطان الجيد لقواعد وأصول التعامل معه بكل ما تتطلبه من نفاق وتظاهر بالتصديق والقبول والتكتم والتقية والتلاعب بالكلمات والتحايل في مواجهة القوة العارية. لولا ذلك لما تمكنت من الاستمرار في حياتي العادية والقيام بالأعمال الروتينية والمهام اليومية، أو من المحافظة على صحتي النفسية والعقلية.

كيف لي إذن أن لا أنحاز لهذه الثورة الشعبية العارمة ضد هذا النوع من الاستبداد والظلم والقهر بغض النظر عن طبيعة القناعات التي أحملها إن كانت يسارية أو ماركسية أو وسطية، أو حتى يمينية؟ مع ذلك، أعتقد أن المنهج الماركسي في البحث والتحليل والتفسير هو الذي يعطينا القدرة الأفضل والأرقى على فهم قيام الثورة وتحديد أسبابها الأعمق والبحث في خلفياتها التاريخية والاجتماعية وإلى جانبها والدفاع عنها.

كلّا، لم أتفاجأ بالثورة على نظام الاستبداد – كما تفاجأ هو– بسبب من بعض التجارب والملاحظات الدالة والمستمدة من المعايشة والتفاعل الحي مع الحياة اليومية في سوريا وبخاصة في دمشق، وهي دلالات وملاحظات وتجارب أثبت النظام عجزه عن التقاطها أو حتى الاقتراب من معناها ومغزاها، لأن طبائع الاستبداد لا تسمح بذلك على ما يبدو. أعود لأقول بأني لم أتفاجأ بالثورة لأنه انتابني (كما انتاب غيري) إحساس مبهم بالتوجس والقلق والخوف على سوريا عموماً بعد القضاء على «ربيع دمشق»، حيث بدت لي سوريا عالقة على حافة هوة سحيقة ما، وأن السقوط آت لا ريب فيه. كانت الحياة في دمشق، على سبيل المثال، تبدو هادئة وعادية ورتيبة على السطح، مع ذلك كنت ألمس وأتأكد أن حمماً بركانية كانت تتفاعل تحت السطح بقليل والجميع يحاول التعامي عنها، قدر الامكان، على أمل أن تبقى تحت السطح لأطول مدة ممكنة ولا تطفو بسرعة على وجه الحياة في البلد. لما قامت الثورة، انفضّ هذا التناقض بين مظهر سطح الحياة الهادئ والطبيعي بزيفه وافتعاله، من ناحية أولى، وبين البركان الحقيقي الذي كان يعتمل تحت السطح، من ناحية ثانية، وكان لا بد لي أن أنحاز إلى الحقيقي والأعمق وأقف إلى جانبه وأترك لغيري مهمة تبرير السطح المزوّر والدفاع عن المزيف والوقوف إلى جانب التافه. استمعت إلى ناس عاديين جداً وبسطاء جداً يعبرون عن الاحساس بهذا التناقض بأقوال عاميّة عفوية مثل : «بدها كبريتة لتولّع»، «بدها شرارة لتهب»، «بدها ولعة لتشتعل»، «بدها فتيشة لتنفجر».

أما في الأوساط الثقافية فقد كان لكل واحد من المثقفين أسلوبه وتشبيهاته واستعاراته الخاصة لقول الحقيقة ذاتها. في مقابلة مع مجلة «نيوز ويك» الأمريكية سنة 2007، عبّر علي فرزات عن الوضع بقوله «إما الاصلاح أو الطوفان"، كان تشبيهي المفضّل في تلك الفترة هو أن سوريا الآن مثل طنجرة بخار ترتفع حرارتها بسرعة ويرتفع ضغطها ساعة بعد ساعة، علماً بأنه جرى تعطيل صمامات الأمان كلها. أما أحمد برقاوي فقد كان يقول في مجالسه الخاصة «إن الشرخ في سوريا قد وقع وقضي الأمر». وكان هناك من يموه على نفسه بالقول «الجميع يعرف حقيقة الوضع في البلد وما يجري فيه، ولكن ماشي الحال..». البعض الآخر توصل إلى قناعة "بأنه لم يبق من النظام سوى وظيفته كصمام أمان أخير حتى لا يقتتل السوريون فيما بينهم"، مع ذلك فوجئ النظام أكثر من غيره باندلاع الانتفاضة والثورة.

أنا أدرك أيضاً أن الثورة السورية هي تصفية حسابات لسورية مع نفسها ودفع فواتير متأخرة عن ما سبق لنا من تقاعس وتخاذل وصمت وجبن سوري في لحظات مثل لحظة حصار مدينة حماة سنة 1982، وتدميرها والفتك بأهلها، ولم تحرك سوريا ساكناً يومها على الرغم من أننا جميعاً كنا نعرف تماماً ما الذي كان يحدث في حماة في ذلك الوقت. كما تقبّلت سوريا لفترة طويلة جرائم حكامها في القتل والتعذيب وارتكاب المذابح والحبس التعسفي والاختفاء القسري وعشرات آلاف المفقودين بهدوء، وكأنّ ذلك كله ممارسة عادية ومسألة طبيعية.

ثم جاءت لحظة توريث السلطة والحكم الجمهوري في سوريا سنة 2000، وبلعت سوريا الإهانة بهدوء ورصانة لا تحسد نفسها عليها في هذه الأيام، وتبذل الدماء الآن لمحو آثارها. وفي اللحظة التي حاول فيها «ربيع دمشق» إشعال شمعة عند نهاية النفق المظلم، تم القضاء عليه وعلى شمعته بشراسة مشهودة، ومرة ثانية سكتت سوريا وتقبلت قمع ربيع دمشقها بروتينية عجيبة. أعود لأقول، بثورتها اليوم تبذل سوريا هذا الكم الهائل من الدماء تكفيرا عن خطاياها هذه كلها ومحواً لعارها، ولذا أنا معها.

أما بالنسبة للشقّ الثاني من السؤال المتعلق بغموض والتباس موقف اليسار من الثورة، فاقول: أولاً، معروف أنّ اليسار كان يجمع ملتزمين ونشطاء وأنصار وكوادر ومؤيدين من الخلفيات والانتماءات الدينية والطائفية والمذهبية والجهوية والأثنية والعشائرية كلها باتجاه مستقبل يتجاوز الانتماءات والولاءات الأولية شبه الطبيعية هذه، باتجاه حالة مدنية وعصرية أرقى. بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار اليسار وتشتته في كل مكان تقريباً (بخاصة الأحزاب الشيوعية بتعددها وتنوعها)، ارتدّ الكثير من هؤلاء اليساريين إلى ولاءاتهم الأولى والأولية والأكثر بدائية، وبخاصة الطائفية والمذهبية والدينية منها، وأخذوا يحددون مواقفهم من الثورة استناداً إلى الولاءات والالتزامات التي عادوا إليها واحتموا بها وليس استناداً إلى يساريتهم المكتسبة والضائعة لاحقاً.

ثانياً، بعد انتهاء الحرب الباردة أيضاً على النحو الذي انتهت عليه، انقسم اليسار إلى كتلة كبيرة تبنت ما يمكن تسميته «ببرنامج المجتمع المدني» والدفاع عنه، وهو البرنامج الذي يؤكد مسائل مثل: احترام شرعة حقوق الإنسان (حتى لو قولاً وبالحد الأدنى فعلاً)، أولوية فكرة المواطنة وممارساتها بالاضافة إلى الحقوق المدنية والحريات العامة، المساواة أمام القانون، فصل السلطات، علمانية الدولة وأجهزتها، القضاء المستقل، الديمقراطية وتداول السلطة والحكم فعلياً، وليس تداولهما بين الآباء والأبناء والأحفاد والأقرباء كما هو حاصل في سوريا اليوم. بعبارة أخرى، الكتلة الأكبر من اليسار تراجعت إلى خط الدفاع الثاني المتمثل «ببرنامج المجتمع المدني» والدفاع عنه في وجه الاستبداد العسكري- الأمني– العائلي القائم من جهة أولى، والظلامية الدينية القروسطية الزاحفة من جهة ثانية. أعتقد أن هذه الكتلة من اليسار على العموم متعاطفة مع الثورة في سوريا، وبالتأكيد ليس لها موقف عدائي منها أو حاد ضدها، علماً بأن لهذه الكتلة دور كبير في صناعة الربيع العربي عموماً. كما أن معظم اليساريين المؤيدين للثورة ينتمون إليها بصورة أو أخرى.

أما الكلتة الأصغر من اليسار فقد تعصّبت لمواقفها السابقة، وكأن شيئاً لم يكن مع انتهاء الحرب الباردة وأخذت تميل مع الوقت إلى المواقف وأساليب العمل ذات الطابع الطالباني–الجهادي أو الطائفي المذهبي المنغلق على نفسه، أو حتى على الإرهاب «البن لاديني» بعنفه الأعمى نكاية بالغرب والرأسمالية العالمية (التي انضمت روسيا والصين إلى عالميتها) والامبريالية. هذه الكتلة من اليسار، عربياً وعالمياً، هي الآن الأكثر عدائية للثورة السورية والأقرب إلى دعم نظام الاستبداد العسكري والأمني والعائلي فيها بحجج كثيرة ليس أقلها تآمر الكون بأسره، فيما يبدو، على هذا النظام المحب للسلام والاستقرار وإن كانت سلامته واستقراره هما من قبيل سلام القبور واستقرارها. يطرب هذا النوع من اليسار بإشغال نفسه «بلعبة الأمم» و«بالتحليلات الجيوسياسية» الكبرى وبحكايات تصادم مصالح الدول العظمى ومشاريعها في الهيمنة في منطقتنا، ولا يريد أن يرى الثورة في سوريا إلاّ من خلال «طربه» هذا، مهملاً كل ما يمت بصلة إلى سوريا والسوريين الأحياء الثائرين اليوم، ومتغاضياً عن الأسباب التي دفعت شعبها إلى الثورة سلمياً وثم إلى حمل السلاح في وجه الطغيان «الوطني» الذي يتحالف معه هذا النوع من اليسار ويتعصّب له. بعبارة أخرى، لا مانع لدى هذا اليسار من التضحية بسوريا إن كان في ذلك انتصاراً موعوداً للجهة الدولية و«الجيوسياسية» التي يريد لها النصر العالمي في «لعبة الأمم»، أي أن الهم الأول عنده ليس سوريا وشعبها الثائر لاستعادة جمهوريته وحريته وكرامته، بل لعبة الأمم على مستوى الكون كله والطرف الذي يراد له الفوز فيها.

• كيف يقف مؤلف "نقد الفكر الديني" إلى جانب ثورة كانت الجوامع مراكز انطلاق مظاهراتها، ويعرض مكونها العسكري اليوم وجها إسلامياً ظاهراً؟ ألا يخشى من الإسلام السياسي بعد سقوط نظام الأسد؟

مؤلف كتاب «نقد الفكر الديني» كان قد وقف مع ثورة الشعب الإيراني على الحكم الشاهنشاهي واستبداده وفساده وأجهزة مخابراته الشهيرة بشراستها هي الأخرى (السافاك) على الرغم من أن الدور القيادي لرجال الدين وآيات الله كان جلياً فيها منذ البداية، وعلى ما أذكر فإن اليسار في تلك الأيام كان برمته تقريباً مؤيداً لثورة الشعب الإيراني وداعماً لها ومهلّلاً لخطابها، على الرغم من خروج المظاهرات يومها من المساجد والحوزات والجنازات. الأمر المهم هنا هو الوقوف مع ثورة الشعب على الطغيان والعسف بغض النظر عن طبيعة الأماكن والمراكز التي ينطلق منها الحراك الشعبي الثوري أو يتجمع عندها.

مؤلف كتاب «نقد الفكر الديني» وقف كذلك مع لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية وغيرها من مناطق العالم، لأن لاهوت التحرير دعم الحراكات الشعبية التحررية في تلك البلدان ضد أشكال مثل طاغية مرزول على شاكلة سوموزا في نيكاراغوا وانقلابي مجرم مثل بينوشيه (Pinochet) في التشيلي، وحكم الجنرالات الدموي في الأرجنتين. بعد هذا كله، هل يمكن لمؤلف الكتاب المذكور أن يتقاعس أو يتخاذل في مسألة الوقوف مع ثورة الشعب السوري على حكم تفوق في طغيانه وقتله وتدميره على سوموزا وبينوشيه وجنرالات الأرجنتين وشاه إيران مجموعين كلهم معاً. التناقض هنا ليس عندي، بل عند الذين انتصروا في يوم ما لثورة الشعب الإيراني ولـ لاهوت التحرير وكنائسه ولحركات التحرر الوطني في كل مكان تقريباً ولكنهم يرفضون الانتصار لثورة الشعب السوري بذريعة أن مظاهراتها واحتجاجاتها تخرج من الجامع وليس من دار الأوبرا أو المسرح الوطني على حد تبرير أدونيس.

نعم، أخشى الإسلام السياسي بعد سقوط النظام وقبله. أخشاه لأسباب أبعد من الوجه الإسلامي الزائد الذي أخذت تظهر به الثورة السورية أمام نفسها وأمام العالم كله. أخشى ذلك لأنه في ثقافتنا ومجتمعاتنا ما يكفي من العناصر السلطوية والتسلطية والسلبطجية والأبوية والأبوية المحدثة والثأرية، بما يجعل إعادة إنتاج نظام الاستبداد مجدداً، بصورة أو أخرى، احتمالاً وارداً ومخيفاً مما يتطلب الحذر الشديد واليقظة التامة. في أحوالنا الراهنة لا يجوز الاستسهال باحتمالات نشوء استبداد عسكري ما، مثلاً، مغلفاً هذه المرة بالعقيدة الدينية والأحكام الشرعية والتعصب المذهبي. لذا أحاول أن أتابع جيداً ما يجري في مصر اليوم، إذ عندما أعطى الرئيس المنتخب هناك محمد مرسي نفسه، فجأة، سلطات وحصانات استبدادية من نوع «لا يسأل عما يفعل وهم يسألون» (وهذا هو تعريف الطاغية)، هبّ نصف المجتمع المصري تقريباً، هبة شعبية عارمة لمنع الرئيس من السير في طريق إعادة إنتاج الاستبداد في مصر حتى لو كان ذلك لفترة معلومة على حد زعمه، وحتى لو كان خطابه خطاباً إسلامياً وشرعياً، حتى مشايخ الأزهر وقفوا إلى جانب الهبة الشعبية كما صوتت القاهرة بـ «لا» مدوية على دستور مرسي المسلوق سلقاً من جانب الإسلاميين (كما يقول المصريون). ولا أعتقد أن سوريا ستكون أقل من مصر في هذا الشأن أو أقل حرصاً على حماية نفسها من عودة الاستبداد بأي صفة كانت. طبعاً، تبقى خيارات المستقبل وأشكاله التاريخية القادمة مفتوحة، ولا توجد ضمانات مسبقة لأحد خاصة عندما نكون أمام أحداث تاريخية كبرى مثل الثورات ونتائجها القريبة والبعيدة.

توقعاتي بالنسبة لهذه المسألة تتلخص في أنه بعد رحيل النظام، وعودة أهل حماة إلى حماه، وأهل حمص إلى حمصهم، وأهل حوارن إلى ما تبقى من بيوتهم، وبعد تجاوز مرحلة قلقة محتملة من الفوضى والانتقامات الثأرية وتصفية الحسابات بين عدد من الأفراد والمجموعات، سيسود مجدداً في البلاد والمجتمع مزاج التدين الشعبي السوري البسيط والسمح والذي عرفت به سوريا المعاصرة، وعرف به شعب سوريا منذ عهد الملك فيصل.

من ناحية ثانية، عندما تبدأ عملية إعادة الإعمار والبناء، أعتقد أن رأس المال السوري والبرجوازية السورية عموماً ستتقدمان بقوة لقيادة مسيرة الإعمار والبناء هذه والاستثمار فيها والهيمنة عليها. وسترى سوريا على الأرجح بروز شخصيات ورجالات وقيادات جديدة طالعة من هذه الأوساط بحكم استمرار العملية وتصاعدها. لذا، أعتقد أن الإسلام الذي سوف يطفو على السطح سيكون إسلام "البزنس" وإسلام رجال الأعمال وأصحاب المشاريع والشرائح التجارية، وهو غير الاسلام السياسي الذي نتخوف منه بسبب تصلبه وتشدده في أتون المعركة الجارية. في مثل هذا المناخ المتوقع سيجري استيعاب تيارات الاسلام السياسي الأكثر تعنتاً وتخفيفها في بحر الاسلام الشعبي التقليدي ونموذج الاسلام التجاري–البزنس السوري المعتاد. أي أن سوريا غير مرشحة لسيادة ذلك النوع من الاسلام الذي يمنع التعليم ويحرق المدارس ويغلق الجامعات ويعطّل المعاهد ويحرم المرأة من التعليم والعمل المنتج. إذا أوصلنا الثورة إلى صناديق الاقتراع بأمان نسبي، لا أعتقد أن أياً من تيارات الاسلام السياسي في سوريا سيتمكن من اكتساح نتائج الانتخابات على الطريقة المصرية أو التونسية.

• هل من صراع طبقي كامن في الثورة السورية؟ وكيف يتلاقى أو يتصادم مع البعد الطائفي الأكثر حضوراً في الخطاب الإعلامي والثقافي المعني بالثورة؟

نعم، للثورة في سوريا بعدها الطبقي الصراعي دون الاستهتار ببعدها الديني–المذهبي الصراعي أيضاً، لكن علينا ألاّ نأخذ المسألة الطبقية هنا بمعناها الماركسي–الأوروبي الكلاسيكي، حيث تتواجه بروليتاريا صناعية وطبقة عاملة عموماً من جهة، مع طبقة برجوازية مالكة لوسائل الانتاج ومحتكرة لفضل القيمة، من جهة ثانية. الأقرب إلى واقعنا هو صراع طبقي كما شخصه وبيّنه فرانز فانون في كتابه الأشهر «معذبو الأرض» ومن المفيد العودة إليه اليوم في أية محاولة لتشخيص الثورة السورية وفهم طبيعتها، بخاصة أن فانون كان رائداً حقاً في وصف آليات ومراحل تحول قوى سياسية وأحزاب وتنظيمات بدأت كأحزاب وحركات تحرر وطني في مجتمعات عالم ثالثية مقهورة، إلى طغم حاكمة انفصلت تماماً عن بداياتها وقواعدها الشعبية الأولى وعن البرامج التحررية التي تبنتها بداية وعن الأغراض التي جاءت من أجلها لتقوم بقمع جماهير بلادها الشعبية من معذبي أرضها وتدوس على رقابهم، ثم تتجه بالضرورة إلى تمجيد القائد الأوحد الذي يخرج من صفوفها إلى رفع شخصه فوق مستوى البشر والأرض والوطن، وصولاً إلى درجة التأليه، وحتى تجاوز حدودها. هذا كله دفاعاً عن احتكار الثروة والسلطة معاً مع ما يرافقهما من امتيازات ومغانم ومصالح طبقية وفئوية ضيقة على حساب البقية الباقية من البلاد وأهل البلاد وشعب البلاد. فالصراع الطبقي موجود في الثورة السورية بهذا المعنى، حيث يقوم معذبو الأرض السورية بثورة على حكم وحزب وطغمة عسكرية– مالية أمنية متسلطة وعلى قيادة وزعامة «وطنية» أبديتها من أبدية الآلهة. المفارقة الملفتة هنا هي أن عمال وفلاحي وحرفيي وطلبة وصغار كسبة سوريا (والجيش الحر منهم وفيهم) هم الذين يشكلون القاعدة الطبقية للثورة على حزب كان يقدم نفسه في يوم من الأيام على أنه حزب العمال والفلاحين وعلى قيادة «وطنية» كانت تدعي أنها بالفعل منهم وفيهم وجاءت أصلاً لتخلصهم من مظالم إقطاعية وبورجوازية واستعمارية سابقة. هذه الكتلة من معذبي الأرض السورية لا تتحرك بوعي طبقي-مصلحي واضح وحيد، بل تتحرك أيضاً بفعل انتماءاتها الدينية وعواطفها الطائفية وولاءاتها المذهبية، وبنوازع الثأر والانتقام لكرامتها المهدورة وحرياتها المسلوبة، وواقع القهر الشديد الذي عاشته وتعيشه، بالإضافة إلى تهميشها الدائم وخيباتها المتراكمة والمستمرة.

• ما هي رؤيتكم لآليات الانتقال الديمقراطي في سورية؟

لا أعتقد أن سورياً واحداً اليوم يملك رؤية واضحة حقاً أو تصور متماسك لكيفية الانتقال الديمقراطي وألياته في بلده بعد رحيل النظام الأسدي. إذا أوصلتنا الثورة، بصورة ما، إلى صناديق الاقتراع، سأعتبر أن حقي قد وصلني كمواطن. من الطبيعي، كذلك، أن يتطلع شعب سوريا الثائر إلى يُسر الديمقراطية بعد عُسر الاستبداد والطغيان والقهر والحرمان. تفرض الديمقراطية نفسها هنا كخيار بديل لأسباب كثيرة على رأسها طاقتها الاستيعابية لعناصر الموزاييك السوري الغني الذي هو شعب سوريا بتنوعه وتلاوينه. يعني هذا أن الديمقراطية في سوريا ستحتوي على مقدار معين من «المحاصصة» التي لا مفر منها في الظرف الحالي، إلى أن نصل إلى ديمقراطية المواطن الحر بعيداً عن الاعتبارات الأخرى كلياً، أما الآليات الفعلية للانتقال إلى الحالة الديمقراطية، فلا يمكن الجزم أو حتى التنبؤ بها لأنها تعتمد على صيرورة الثورة ومسارها الذي مازال مفتوحاً على المفاجآت والاحتمالات كلها. الواقعية تدعوني إلى أن لا أتوسع في خيالي وتوقعاتي حول هذا الموضوع، بل النظر إلى الواقع كما جرى ويجري حولي، أي في بلدان مثل مصر وتونس وليبيا ولبنان والعراق حيث وصلت تلك المجتمعات إلى حالة ديمقراطية ما قلقة ومضطربة عبر مرحلة انتقالية كان فيها الكثير من العنف والقلاقل والغموض والالتباس، على أثر أحداث جسام زلزلت مجتمعاتها وأطاحت بأنظمة حكمها. وقياساً على هذا الواقع المُشاهد، أتوقع شيئاً شبيهاً لسوريا، ربما أكثر فوضوية واضطراباً وعنفاً من النماذج الأخرى لأسباب تخص الثورة السورية وتخص الوحشية الفائقة التي لجأ إليها النظام في محاولة قمعها وإيقافها.

• كيف تقيم تفاعل المثقفين السوريين مع الثورة؟ وماذا يحتمل في تقديرك أن تكون مواقع المثقفين وأدوارهم في سورية الجديدة؟

أقيمه تقييماً إيجابياً على العموم. أريد أن أذكّر هنا أنه قبل اندلاع الثورة بزمان بعيد، كان مثقفو سوريا (وما زالوا) من مالئي الدنيا وشاغلي الناس، وانطباعي هو أن أعداداً لا تحصى منهم تقف اليوم مع الثورة وتعبر عنها، كل على طريقته، وتعمل ما في وسعها على مساعدتها على الاستمرار والانتصار.

أما الحفنة الصغيرة من المثقفين والفنانين السوريين الذين ناصبوا الثورة العداء أو وقفوا ضدها بحياء أو بنوع من الحياد الإيجابي أحياناً والحياد السلبي في أحيان أخرى، فهم معروفون ومعدودون جيداً ولا يشكلون إلاّ قلة قليلة، ولا ينطبق عليهم، بالتأكيد، القول العربي الشهير «إن الكرام قليل»، في الوقت الذي تمر عليهم الثورة مرور الكرام.

يعيدني السؤال عن علاقة المثقف بالثورة إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث احتدم الجدل والخلاف والنقاش والفعل ورد الفعل داخل الثورة الفلسطينية نفسها حول هذه المسألة بالذات، وأسهم في ذلك كله وشارك عدد لا بأس به من مثقفي العالم العربي من كل مكان تقريباً. أثناء احتدام هذا الجدل، كنت أعمل في مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير في بيروت وكنت عضواً مؤسساً لمجلة «شؤون فلسطينية» وعضواً في هيئة تحريرها. لذا تسنى لي أن أتابع عن كثب الضجة الكبيرة المثارة وقتها حول علاقة المثقف بالثورة. أما الرموز الملخّصة للشرر المتطاير وقتها فكانت: نموذج المثقف العامل في أجهزة منظمة التحرير، مثل مركز الأبحاث ومركز التخطيط وفي صحافة المنظمة وإعلامها، وحتى في مؤسسة الدراسات الفلسطينية المستقلة عن منظمة التحرير، يقابله نموذج الفدائي أو المقاتل في الخطوط الأمامية للثورة. أما الرمز الثاني فكان «الكلمة» في مقابل «الرصاصة»، وهل تفعل الكلمة فعل الرصاصة! وما صلة الرصاصة بالكلمة وأصحابها وما إلى ذلك من كلام سخيف. في التحليل الأخير، ظل هذا الخصام الثقافي عقيماً ولم يسفر عن نتيجة مفيدة لأحد، ووصلتُ إلى قناعة بأن السؤال بالأساس غلط بغلط، وبأن المشكلة الأولية زائفة ولا طائل منها، لأن المضمر في السؤال الأساسي هو افتراض شائع بأنه لا بد أن تكون للمثقف علاقة استثنائية بالثورة هي غير علاقة الطبيب أو الصيدلي أو المحامي أو الموظف أو الانسان العادي في الشارع، مثلاً. في نظري، يُحمّل هذا الافتراض الثقافة والمثقف أكثر بكثير مما يحتملانه من الأدوار والأعباء، فالمثقفون لا يصنعون الثورات أو يقودونها، قد يمهدون لها ويحرضون عليها ويصوغون بياناتها وبرامجها وينشرون دعايتها ويكتبون أدبها وينشدون شعرها وينتجون تحليلاتها ويموتون في سبيلها…، كما حدث مع غسان كنفاني وكمال ناصر ولوركا، وغيرهم كثير. لا أريد للثورة في سوريا أن تقع في مطب إعادة إنتاج هذا النوع من الخلاف والجدال والخصام، كما في كلام ظهر عن «الخنادق» و«الفنادق»، الذي أثبت عقمه عبر مسيرة الثورة الفلسطينية.

بالنسبة لسوريا الجديدة، فإن أهم ما يمكن للمثقفين أن يفعلوه بداية، هو التخلص من شيء اسمه وزارة الثقافة، ومن شيء آخر اسمه وزارة الإعلام، ثم تشكيل هيئاتهم الثقافية ومنتدياتهم الأدبية وحلقاتهم الفكرية واتحاداتهم المهنية المستقلة ذاتياً كلها وإدارتها جميعاً بغير تبعية لأحد أو هيمنة لطرف. بعد ذلك، هناك ما هو متعارف عليه من قيم الدفاع عن حرية الفكر والضمير والتعبير والإعلام وتداول المعلومات التي يجب الحرص عليها بشدة والتي عانينا معاناة فظيعة بسبب سلبها واحتكارها وغيابها. بعدها، على المثقفين أن يجودوا بأفضل ما عندهم ولديهم ويقدموه للناس في كل مكان، حتى يبقى المثقف في سوريا الجديدة مالئاً للدنيا وشاغلاً للناس. وبالفعل، ملأ المثقفون السوريون الدنيا وشغلوا الناس أثناء «ربيع دمشق» على قصره. فعلى الرغم من عقود سورية– بعثية– مخابراتية طويلة من الرقابة والحظر والمنع والمصادرة للمطبوعات والكتب والمجلات وتمزيق الصحف والجرائد وطمس كلمات في المعاجم والقواميس وسيطرة وسائل إعلام وثقافة رسمية واحدة موحدة في سوريا ذلك الزمان، أثبت المثقفون، عبر ما أنتجوه من كتابات ووثائق وتحليلات وتعليقات وانتقادات ومقالات، في فترة «ربيع دمشق»، أنهم أبناء الحاضر بكل معنى الكلمة أسلوباً ومعنى ومحتوى، وأنهم لم يتأخروا لحظة واحدة عن عصرهم وزمنهم وعالمهم الأوسع بتطوراته ومتغيراته كلها. كما أثبتوا أن هذه السنوات الطويلة من سياسة الرقابة والمنع لم تؤثر فيهم بشيء أو تمنع عنهم شيئاً له علاقة بثقافة العالم وفكره وفلسفاته وسياساته وأخباره الأخرى. وليتبين، في التحليل الأخير، أن السنوات المشؤومة إياها ذهبت هدراً وسدى وكأنها لم تكن بالنسبة لسلطات الرقابة الحاكمة.

ولأكون واقعياً، أقول أنه إذا تحقق 25-30 بالمئة فقط من هذا كله في سوريا الجديدة، تكون سوريا، عندئذ، قد حققت تقدماً هائلاً وقفزة كبيرة إلى الأمام. ملاحظة جانبية: عندما نتكلم عن الفعل الثقافي وفاعلية الثقافة، لا بد من أن نأخذ الأمر على الموجة الطويلة، وليس بمناسبة حدث ما بعينه حتى لو كان ثورة عارمة، لأن الفعل الثقافي تراكمي اجتماعياً وبطيء تاريخياً، ولا تظهر نتائجه النوعية إلاّ متأخرة. عندما تابعت ما كان يجري في ميدان التحرير في القاهرة وفي الميادين العربية الأخرى الشبيهة به، ودققت في الشعارات المرفوعة والمطالب المطروحة والأهداف المطلوبة والأشواق الفائضة، وسمعت كلمات وعبارات صادرة عن هذه الجموع الشابة مثل: الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والدستور والتسامح الديني والمجتمع المدني وحقوق الانسان، فكرت فوراً بالفعل الثقافي التراكمي الذي فعلته سلسلة طويلة من المثقفين والأدباء والمفكرين وأساتذة الجامعات تمتد، لربما، من أحمد أمين إلى عبد الله العروي ومحمد عابد الجابري، مروراً بـ طه حسين وفؤاد زكريا وزكريا ابراهيم ولويس عوض وزكي نجيب محمود ونصر حامد أبو زيد، وفي سوريا تحديداً بـ جميل صليبا وأنطون مقدسي وأديب اللجمي وعادل العوا وياسين الحافظ والطيب تيزيني، إلى آخر اللائحة الطويلة جداً.

• كمثقف علماني، يساري التوجه، يرفض علمانيون ويساريون تسمية ما يجري في سوريا على أنه ثورة على عكس ما تذهب إليه. على ماذا يستندون في رأيهم هذا في تقديركم؟ وهل هي فعلاً ثورة؟

في مناقشة هذا الموضوع أبدأ بالمعايير المحلية. في سنة 1952، نفّذ الضباط الأحرار في مصر انقلاباً عسكرياً أطاح بالحكم الملكي هناك، وسميّ الانقلاب «ثورة 23 يوليو». في سنة 1958، نفّذ ضباط في الجيش العراقي انقلاباً عسكرياً بقيادة الجنرال عبد الكريم قاسم، أطاح بالحكم الملكي هناك أيضاً، وأصبح اسم الانقلاب «ثورة 14 تموز». وتوالت الانقلابات العسكرية في العراق: انقلاب عسكري في 8 شباط 1963 تحول إلى «ثورة 14 رمضان»، انقلاب إضافي سنة 1968 أصبح «ثورة 17 تموز». وفي سنة 1963، نفذّت مجموعة الضباط الريفيين في سوريا انقلاباً عسكرياً استولوا فيه على السلطة المدنية في البلاد وقتها، وأخذ انقلابهم اسم «ثورة 8 آذار» وظهر شيء جديد عربياً اسمه مجلس قيادة الثورة. بعد هزيمة الجيوش العربية أمام اسرائيل في حرب «الأيام الستة» في حزيران 1967، صعدت المقاومة الفلسطينية المسلحة (الكفاح المسلح) لمقارعة الاحتلال الاسرائيلي الجديد، وسميّ ذلك كله «بالثورة الفلسطينية»، وشعارها «إنها لثورة حتى النصر». وفي سنة 1978-1979، قامت هبة شعبية هائلة في إيران أطاحت بحكم الشاه– بقيادة رجال الدين الشيعة- وسميت الحركة كلها «بالثورة الاسلامية في إيران». فإذا جرى العرف العربي، لأكثر من نصف قرن، على تسمية هذه الانقلابات العسكرية كلها، ومعها الكفاح الفلسطيني المسلح والهبة الشعبية الايرانية بالثورات، فلماذا يبخلون على ما يجترحه الشعب السوري من ملحمة بطولية اليوم في مقارعة الاستبداد والطغيان بلقب «ثورة»؟ علماً بأن معظم هؤلاء البخلاء كانوا قد جاروا التيار العام في وصف الأحداث المذكورة «بالثورات». الآن، إلى ماذا يستند هؤلاء البخلاء في بخلهم هذا؟ تقديري أن معظمهم يحمل بيده مسطرة خاصة يقيس بها مجريات التاريخ والأحداث المصيرية الجسام، ثم يطلق على كل واحدة منها الأوصاف والتسميات والتصنيفات التي تمليها عليه مسطرته الصغيرة المتحجرة. ينطبق هذا على القوميين بالنسبة لانقلاب عبد الناصر في مصر، مثلاً، وعلى اليسار والكثير من الشيوعيين بالنسبة لانقلاب عبد الكريم قاسم في العراق، وعلى الإسلاميين بالنسبة لثورة آية الله الخميني في إيران، وعلى قدامى الشيوعيين الذين يفتقدون في الثورة السورية الحزب الطليعي والقائد الكاريزماتيكي الملهم والنظرية الثورية الجاهزة، إلى آخر عناصر المسطرة مسبقة الصنع. أضف إلى ذلك ما كنت قد ذكرته سابقاً من أثر انحلال الأطر والجوامع السياسية والثقافية السابقة، وما رافق ذلك من عودة الكثيرين من هؤلاء البخلاء إلى عصبياتهم الطائفية والمذهبية والجهوية والإثنية الأولى، وإلى ولاءاتها الأكثر بدائية، مما ضاعف عدد المساطر الذاتية الجديدة التي تقاس بها ثورة الشعب السوري وتصنف على أساسها.

مع ذلك، إذا أراد بعض هؤلاء البخلاء وصل النظريات الثورية الجاهزة بالثورة في سوريا، فهذا موجود أيضاً، فالثورة السورية مارست بعفوية وتلقائية النظرية الثورية القائلة «بالبؤر الثورية» أو «الفوكو» (Foco) كما شرحها المنظر الفرنسي الشاب يومها ريجيس دوبريه في كتابه ذائع الصيت وقتها «ثورة في الثورة». كما تمارس الثورة عفوياً، وبلا الكثير من التنظير، ما كان قد تم التنظير له مطولاً في مرحلة سابقة، حول اتباع حروب التحرير الشعبية تكتيكات تُشتت القوة العسكرية المتفوقة بقوتها النارية وتبعثرها في كل مكان ممكن، مما يؤدي إلى شللها وإلى تحييد تفوقها الناري والعددي والعتادي. تمارس الثورة السورية كذلك وبشكل عفوي وحتى دون أن تدري، على الأرجح، النظرية الثورية الصينية–الماوية القديمة (والتي قيل الكثير فيها عربياً وبخاصة من جانب بعض هؤلاء البخلاء) القائلة بتقدم الأرياف الثائرة إلى محاصرة المدن وإسقاطها الواحدة بعد الأخرى، باعتبارها الحصون الأخيرة للسلطة التي يطالب الشعب بإزاحتها. تعيش التنسيقيات هي أيضاً في البحر الشعبي السوري الواسع «كما يعيش السمك في الماء» على حد تعبير شهير قدمته النظرية الثورية الصينية للعالم.

أعتقد أن ما يجري في سوريا الآن هو، أولاً، انتفاضة شعبية عارمة بالمعنى الكلاسيكي للانتفاضة كما ابتدعها الشعب الفلسطيني، وثم اضطر إلى عسكرتها، أي انتفاضة على طغيان عسكري تحولت قوات جيشه الضاربة إلى جيش احتلال كامل الأوصاف، يدّمر الحجر والبلد ويقتل البشر دون حساب. وهو، ثانياً، ثورة بمعنى أن الانتفاضة الشعبية السورية تسعى لاستعادة الجمهورية عبر الإطاحة بنظام وراثي قديم مفروض ومهترئ بأجهزته كلها، وإحلال نظام حكم جديد ومغاير محله. ألا يكفي هذا كله للاعتراف بأن في سوريا ثورة حقيقية اليوم؟.

• بين أن يكون أفعى تختنق إن لم تغير جلدها، أو حرباء متلونة لا تكف عن تغيير مظهرها بحسب تغيرات الظروف من حولها (على ما ورد في سجال لك مع أدونيس)، كيف ترى أن يتفاعل المثقف مع واقع متغير؟ وبصورة عامة، لماذا يبدو أن المثقفين في مجالنا من العالم مُتغيرون أكثر مما هم مغيرون؟

بعيداً عن الاستعارات والتشبيهات بالأفاعي والحرباءات التي بدأها أدونيس، أقول: لا يوجد جواب جامع مانع وشافي على هذا النوع من الأسئلة في عالمنا العربي، لا سيّما بغياب أية معطيات موثوقة أو معلومات ميدانية أو عمليات سبر للرأي العام عموماً ولدى المثقفين تحديداً. لذلك لا بد لي من الاستناد في كلامي إلى الحدس والعموميات والانطباعات لا أكثر. فالاختلاف في توجهات المثقفين، كأفراد وكمجموعات، والتنوع في أمزجتهم وطبيعة اهتماماتهم، لا تسمح بأجوبة شافية ودقيقة في هذه المسألة.

بالنسبة لي شخصياً، مطلوب من المثقف أن يأخذ دوماً المستجدات التي يأتي بها الواقع المتغّير في الاعتبار، واستيعابها بصورة أو أخرى، بعقلية نقدية منفتحة، أي نقدية بالنسبة للواقع المتغير نفسه ولاتجاهات تغيره، من ناحية أولى، بالنسبة لذات المثقف نفسه، وللمقولات والمسلمات والافتراضات التي يحملها أصلاً ويقارب بها الواقع المتغير، من ناحية ثانية. أفترض أن المثقف الجاد والمثابر يمتحن جهازه الثقافي والمعرفي والفكري بما يحمله من التزامات ومسؤوليات على الواقع المتحرك كما أنه يعيد النظر في جهازه المعرفي والثقافي هذا على ضوء تجربته مع الواقع ومتغيراته ومستجداته. كما أنه يستخدم جهازه في نقد الواقع حين يرى لزوماً لذلك. أصلاً، الثقافة الحية حقاً لا تتوقف عن نقد وإعادة نقد نفسها وعن إعادة النظر في افتراضاتها الأولية وفي منطلقاتها الأساسية، وإلاّ لما تمكنت من تجاوز حاضرها وصنع مستقبلها. أعرف أن هذا كلام في العموميات، وإذا أردت التحديد أذكر، مثلاً، أن مثقفاً وشاعراً كبيراً مثل محمد الماغوط انتهى إلى حالة من اليأس العميق والتشاؤم الذي لا يرحم والسوداوية المفجعة في مواجهة الواقع العربي المتغير وتعامله معه. فضّل أدونيس الإنكار والتهرّب والتبرير في تعامله مع الواقع المتغير الذي اسمه الربيع العربي وبخاصة الثورة الشعبية في سوريا. كان أدونيس قد رفع شعار «مواقف من أجل التغيير والحرية والإبداع» في مجلته المعروفة «مواقف»، لكن عندما بدأ التغيير الجدي في سوريا واقتربت الحرية من سوريا، تراجع أدونيس أكثر من خطوتين إلى الوراء، بدل الاستيعاب النقدي الجاد لمستجدات الواقع العربي المتغير، وبدل إعادة النظر النقدية في مسلّمات جهازه الثقافي والمعرفي على ضوء الواقع العربي والسوري المتحرك والجديد. تفترض الشعارات إياها أن مثقفاً مثل أدونيس سيكون في طليعة المنحازين للتغيير والحرية في سوريا، مثلاً، والدفاع عنهما، ولكنه فضّل النأي بنفسه عن هذا كله ورمى بشعاره في مزبلة التاريخ.

من جهة أخرى، نحن نعرف أن الواقع المتغير يتغيّر أحياناً ببطء شديد، مما يؤدي إلى الإحباط والقنوط، وفي أحيان أخرى يتغير بصورة فجائية زلزالية وكوارثية تؤدي إلى الذهول والضياع لدى المثقف وغير المثقف على حد سواء. ولا توجد طريقة حتى الآن لتحديد مسبق لطبيعة تعامل أي مثقف أو مجموعة من المثقفين مع هذا النوع من التغير الفجائي الزلزالي الذي اسمه الثورة في سوريا اليوم وكيفية تعامل المثقفين السوريين وغير السوريين معه. مثال آخر، شكل كل من هزيمة العرب أمام اسرائيل في حرب 1967، وانهيار الاتحاد السوفيتي والفكرة الشيوعية بأكملها معه، تغيّراً تاريخياً من النوع الفجائي الزلزالي الكوارثي في الواقع القائم. وليس هنا المكان المناسب لمحاولة رصد تعامل المثقفين العرب، مثلاً، مع هذين المتغيرين، فهناك من استوعب المستجدات وفهم المغزى، وهناك من نقد الواقع والذات في الوقت نفسه، وهناك من رفض وكابر، وهناك من أنكر وبرّر، وهناك من يئس وترك، وهناك من طار عقله كما بيّن ممدوح عدوان في كراسه الجميل «دفاعاً عن الجنون»، وهناك من … وهناك من … السؤال صعب ومتغيرات الحياة العربية بخاصة، تجعل الإجابة عنه أكثر صعوبة من السؤال نفسه.

• بنيت العلمانية العربية في أحد جوانبها على فكرة قصور المجتمعات العربية وأنها غير مؤهلة للديمقراطية، وربما هذا هو مؤدى فكرة التنوير الذي نادت به نخب علمانية، والذي يقع على عاتقه مهمة تحضير هذه المجتمعات. د. صادق هل ترى الثورات العربية نقضاً لهذه الفكرة؟ هل حان الوقت للتكلم عن علمانية بمضامين جديدة إذاً؟

في الأساس لا توجد شعوب أو مجتمعات مؤهلة للديمقراطية بطبيعتها وبصورة مسبقة أكثر من شعوب ومجتمعات أخرى. حيثما نظرنا شرقاً أو غرباً، في عالمنا المعاصر، نجد أن الديمقراطية عادة مكتسبة، كما أن العلمانية حالة مكتسبة أيضاً وليس بهذه السهولة على الإطلاق، فالموانع كانت دوماً كبيرة والعقبات كثيرة داخلياً وخارجياً عند الجميع. كما أني لا أعتقد أن النخب التنويرية العلمانية العربية كان هدفها أصلاً مجرد تحضير وإعداد مجتمعاتها لتصبح مؤهلة لتقبل الديمقراطية. كان هدفها وطموحها ومطلبها هو نهضة شاملة من مفرداتها الديمقراطية والعلمانية. الإحساس الواقعي جداً بالقصور العميق والعجز المزمن كان عامّاً وطاماً لكل مجتمعات وثقافات الكرة الأرضية منذ الطفرة التي طرأت على أوروبا الغربية عبر الثورة العلمية في القرن السابع عشر، ومن ثم الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، وما ترتب عليهما من نتائج وتحولات تاريخية عظمى. بسبب من واقع هذا القصور العميق والعجز المستمر والانكشاف الكامل، دخلت مصطلحات الاصلاح والتجديد والتحديث والتنوير والمعاصرة والنهضة مجال التداول والأخذ والرد والفعل ورد الفعل ليس عندنا فقط، بل عند الحضارات والثقافات والشعوب التاريخية الحية الأخرى أيضاً. عند البحث في التنوير والنهضة عندنا، نحن نعود دوماً إلى جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، لكن قليلاً من التدقيق سيبين أنه كان هناك ما يشبه الأفغاني ومحمد عبده وما يمثلانه في إيران وروسيا والهند والصين واليابان، وفي إفريقيا أيضاً. لذلك أرى أن مسألة التنوير أكبر بكثير من مجموعات من النخب المثقفة والعلمانية التي تحاول تأهيل شعوبها لتقبل الديمقراطية عبر التوعية بضرورة العلمانية والعلمنة لتجاوز مشاكل القصور والعجز القائمين. ولا أعتقد أن ثورات الربيع العربي الراهنة قادرة على نقض فكرة التنوير بمعناها التاريخي الأوسع، هذا لو أرادت، فهي أيضاً تقول بالإصلاح والديمقراطية والتجديد والحرية والكرامة والنهضة والدستور وما إليه. وتريد، إن استطاعت، الاستجابة إلى رغبة دفينة عميقة وشبه جارفة في فاعليتها لدى هذه الشعوب كلها لتجاوز القصور المقيم في مجتمعاتها والتغلب على العجز الذي تشعر به دوماً في أعماقها. تبقى شروط واحتمالات النجاح أو الاخفاق في ذلك كله، مسألة أخرى.

أخيراً، أهم ما في العلمانية والديمقراطية هو طاقتهما الاستيعابية، بخاصة في المجتمعات المتعددة والمتنوعة، الإثنيات والأعراق والأديان والمذاهب والملل والنحل واللغات واللهجات… الخ. بالإضافة إلى مقدرة هذه الطاقة الاستيعابية على توفير مناخ جيد وإيجابي لاستتباب السلم الأهلي، ليس قهراً وبالقوة العارية، وعلى توفير آليات مجرّبة جيداً (لدى الكثير من البلدان والشعوب والمجتمعات والثقافات الراهنة) لتداول السلطة سلمياً على أوسع نطاق في المجتمع. أضف إلى ذلك أن من ميزات العلمانية والديمقراطية أيضاً أنهما توفران أرضية محايدة لتلتقي عليها المذاهب والعقائد الدينية المتنافرة والاقصائية بطبيعتها، وبحيث تتمكن من التعامل مع الفضاء العام والشأن الوطني والساحة السياسية الجامعة استناداً إلى قواسم مشتركة عظمى وتوافقات طوعية حرة يستحيل على أي من هذه المذاهب والعقائد توفيره بنفسه أو لوحده. وأنا أخاف من عبارات مثل «علمانية بمضامين جديدة» و«ديمقراطية متلائمة مع قيمنا وتراثنا»، وما إلى ذلك من تحايل على العلمانية والديمقراطية، برعت فيه أنظمة الاستبداد في كل مكان من أجل تجميل استبدادها وتأبيده.

بالنسبة لمسألة حاجتنا إلى علمانية بمضامين جديدة، فالمضمون الجديد الذي أسمع به الآن يتلخص ،على ما يبدو، بإحلال فكرة «مدنية الدولة» في بلدان مثل العراق وسوريا ومصر، محل علمانيتها الناقصة أصلاً. في التحليل الأخير، هذه ليست سوى عبارة مهذبة للكلام عن العلمانية في الدول المذكورة. هذا في الشكل، أما في المضمون: معروف أن أحد مضامين العلمانية يمنع منعاً باتاً، على سبيل المثال، أن يكون المواطن المسيحي العراقي أو السوري أو المصري ذمياً. هل توجد أية مضامين جديدة يمكن إدخالها على العلمانية كما نعرفها، بحيث تعالج مضمونها الأول المانع هذا بشكل آخر أو مختلف، أو بحيث تؤكده أو ربما تلغيه وتحل محله؟ إذا أردنا المواطنة والمساواة حقاً، فلا بد من العلمانية بمضامينها المعروفة، وإن جاءت تحت أسماء أخرى.

كذلك تعني العلمانية في عراق اليوم، إبعاد الشرع الإسلامي بصيغته الشيعية الراهنة (ولاية الفقيه) والشرع الإسلامي بصيغته السنية الحالية (الحاكمية)، إبعادهما عن السلطة وعن الدولة وأجهزتها وعدم السماح لأي منهما بالسيطرة على الحياة العامة للبلد ومرافقها، تجنباً لحرب أهلية مرجحة، ومنعاً لحرب طائفية مجربة.

أسأل الآن: هل هناك مضامين جديدة يمكن إدخالها على معنى العلمانية في العراق اليوم، قادرة على معالجة هذه المشكلة بصورة مختلفة أو على إخراج البلد من المأزق الخطير الذي يهدده؟ بعبارة أخرى، إذا أردنا للعراق الحفاظ على نفسه وعلى سلمه الاجتماعي والأهلي، لا بد من العلمانية بالمعنى المذكور أعلاه مهما كانت التسميات والمصطلحات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الموقف من الثورة هو الفيصل بين الحقيقي والمزيف
حميد خنجي ( 2013 / 1 / 24 - 14:58 )
التقدير الكبير على هذا الموقف النبيل
كنتَ دائما مثقفا تقدميا حقيقيا
تحياتي


2 - لاتكابر و لاتعاند
عتريس المدح ( 2013 / 1 / 24 - 15:00 )
التكفيريون والاخوان المسلمون ، لا يجلبون حرية
السعودية وقطر أنظمة فاسدة تقمع شعوبها وتسرق حقوقهم، فلا يمكن أن يجلبوا خيرا للشعوب
ما بالك لم تعد تعمل فكرك النقدي


3 - الثورة السوريه من أنبل الثورات
سوري فهمان ( 2013 / 1 / 24 - 17:52 )
نعم استاذنا الكبير

الثورة السوريه من أنبل الثورات ومهما فعل قتلة النظام لحرفها عن هدفها فلن يفلحو . الثمن باهظ ولكن الانتصار أكيد

تحياتي


4 - السيد عتريس يدافع بلا خجل عن جزار الشام
حميد خنجي ( 2013 / 1 / 24 - 17:59 )
ما أجمل الرأي السليم والسديد للكاتب العربي الكبير، حول االثورة في بلده
والذي لخصه في الجملة الآتية أدناه

هي ثورة ضد التبرير والقبول الكاذب لواحد من أكثرالانظمة الشمولية تفسخا وعنفا

يا ريت السيد عتريس وأمثاله يستطيعون إدراك المعاني والوقائع، عند تبريرهم وقبولهم الكاذب لأحد أكثر الأنظمة قمعا، فسادا وتفسخا! لكن هيهات لمن يقيس ويقيّم الأمور بالمعكوس وبالعاطفة المنحازة.. تلك العاطفة الكاذبة التي تجعلهم يدافعون عن جزّار الشام

والغريب أن السيد عتريس يدعو في مقالاته (هبطت إلينا من السماء فجأة!)، للنقاش الموضوعي الجاد

لا احد يدافع عن الاظمة الخليجية البنرولية. ولكن ألا يعلمون أن المواطن السعودي أوالقطري يعيش في ظرفٍ افضل وأكثر حرية من المجتمع السوري بمراحل



5 - صادق
فؤاد النمري ( 2013 / 1 / 24 - 19:44 )
صادق هو ابن الشعب المفكر الصادق وليس سمساراً يبيع ضميره باسم التقدم
سيسقط الآخرون ويبقى صادق صادقاً مع شعبه


6 - معك
فواز فرحان ( 2013 / 1 / 24 - 20:19 )

أضم صوتي الى صوتك وأقول مع ثورة الشعب السوري ضد الجلاد القابع في مخبئهِ ..
مع أحرار سوريا من أجل الحرية ..


7 - هذا عهدنا بك دوماً
جريس الهامس ( 2013 / 1 / 24 - 21:57 )
نعم مع شعبنا البطل وثورته الرائدة أيها الصادق الحبيب حتى النص ألأكيد حماك الله - لك محبتنا ##


8 - هذه شفافية الانسان
سيلوس العراقي ( 2013 / 1 / 24 - 21:59 )
السيد صادق المحترم
انك لا تحتاج شهادة في وطنيتك من أي كان، فانت وطني، لكن اليوم بكلمات قليلة وبليغة كشفت بشفافية عالية عن انسانيتك، المنحازة لارادة الشعب من دون أي أدلجة ، أدام الله نفسك في هذه الدنيا لتكحل عينيك برؤية سوريا حرة متحررة من الطاغية وحكمه الدموي


9 - ثورة رجعية يخرج رائحة العفن منها
أكرم رشاد هواش ( 2013 / 1 / 24 - 23:21 )
ما يحصل في سوريا ليست بثورة ، الاحتجاجات التي بدات في درعا وباقي المدن السورية كانت بداية تبشر بعمل ايجابي لتغيير النظام البعثي المستبد وكانت تبشر بنهاية الدكتاتورية في سورية. ولكن وللأسف الشديد ما يسمى بالثورة السورية أخذت اتجاهاً منحرف ورجعي إذ أصبحت ما يسمى بالثورة السورية الى ذيل ملوث بقاذورات آل ثاني وآل سعود وأموال البترودولار الخليجي، وزاد على الطين بله أردوغان التركي العثماني الذي له طموحات كبيرة في سوريا لم ينكشف عنها منذ خروج الاتراك من بلادنا منذ الحرب العالمية الاولى، واليوم تحت معمعان ما يسمى بالثورة ينهبون مصانع بكاملها ويعيدون بنائها في تركيا، الأدهى من كل هذا المنظمات الاسلامية السلفية مثل جبهة النصرة وغيرها من منظمات والظواهري التي اشتهرت بجرائمها الدينية الاسلامية ببتر الأيادي وقطع الرؤوس لمن اشتبه بهم بأنهم يعملون لنظام الاسد، ولا ننسى اقتحام بيوت الشرفاء البريئين واغتصاب بناتهم تلبية لمطلب العريفي الوهابي السعودي بمجامعة المناكحة لساعة واحدة حتى يتسنى للآخرين بالمناكحة. هذه المنظمات الاسلامية تتلقى مساعداتها المالية والعسكرية من دول الخليج وأمريكا والناتو.


10 - إلى عتريس المدح وأكرم هواش
فؤاد النمري ( 2013 / 1 / 25 - 06:58 )
أطمئن المدح وهواش إلى أن انتفاضة الشعب السوري في وجه أفظع قوى قمعية أسدية من تصدير البورجوازية الوضيعة الروسية المجرمة التي قوضت الاتحاد السوفياتي مثل هذه الانتفاضة غير المسبوقة في البسالة والتضحية لن تستطيع أية قوى أخرى أن تحرفها عن مسارها نحو تحررها من حكم العصابات
ستون ألف شهيد لن تتجاوزهم أية قوى مهما تسلحت بمختلف الأسلحة سواء بالدين أم بالأسلحة الكيماوية

قطر والسعودية لم تزودا الثوار بالأسلحة المضادة للدروع والطائرات ولا حتى بالأموال الكافية لتغطية حتى نفقات الجيش الحر


11 - حميد خنجي وفؤاد النمري- لايمكن للغربال أن يحجب الش
عتريس المدح ( 2013 / 1 / 25 - 09:22 )
السيد حميد خنجي المحترم
عليك أن تقرأ جيدا وتفهم بعمق قبل أن تطلق اتهاماتك بدون حساب، يمكنك الرجوع الى مقالتي( سوريا الى أين؟ في الحوار المتمدن لتدرك حقيقة ما أقول-ومضمون كلامي واضح صريح بأن الاسلاميين والتكفيريين حرفوا الثورة الفعلية الجماهيرية وسرقوها ودمروا سوريا لمصلحة الغرب الامبريالي والصهيوني ، ويمكنك أن تدرك أن الرجعية والامبريالية لا يمكن أن تدعم ثورة تقدمية بل تساعد ثورة مضادة، وتعليقي هنا لايخرج عن هذا المسار، لذلك عليك بالتعمق في الفهم قبل الاتهام، أما من أين سقطت عليكم فاني أتساءل منذ متى كانت الحوار المتمدن أو اليسارية حكرا عليك أو على أحد هذا منبر حر ديموقراطي يساري، أما ان كانت مقالاتي لا تعجبك ولا تعجب الشلة الصهيونية فهذا شأنكم علقوا على ذلك واكتبوا عكس ذلك لكن لا تحوروا ولا تزوروا ولا تتهموا
الاستاذ النمري المحترم
أختلف كثيرا معك بخصوص مواقفك النقدية من تاريخ الحركة الشيوعية حول خروتشوف بالذات ، لكنني أعتقد بأنك تحاول الاجتهاد وفي هذا ما يساعد على انارة الدرب وكلامك حول قطر والسعودية ليس ملزما فالحقائق دامغة والمعلومات الصحيحة تمتليء بها الصحف العالمية


12 - حميد خنجي -
عتريس المدح ( 2013 / 1 / 25 - 10:09 )
لايمكن للغربال أن يحجب الشمس
تقال بطريقة غير علمية بين مواطني الخليج وباقي الشعوب
اذن عليك أن تري أحياء الرياض العشوائية والعشش، عليك أن ترى الحرية التي تتغنى بها في المناطق الشرقية والجنوبية للسعودية، عليك أن ترى وضع المرأة هناك، ام اذا كنت تقصد المواطنين في باقي الخليج مثل قطر وغيرها فأعلم بأنه لولا هذه الرشوة التي تقدمها حكومات الخليج الى جزء من شعوبها لما كانوا يعيشون بالمستوى الذي كان يعيشه على الاقل المواطن السوري العادي قبل أن يسرق طيفور والاخوان وثوار جبهة النصرة الانتفاضة الشعبية الحقيقية
هل يمكن لك أن تجيبني عن تقدمية امارة اسلامية في حلب، هل يكمن أن تجيبني عن حرية امرأة في زواج المناكحة لمدة ساعة، هل يمكن أن تفند لي سرقة معامل حلب وبيعها في تركيا ، اين هي انسانية الثورة وهي تعلم أطفالا ذبح أعدائهم بالسواطير، يبدو
أنك من متابعي الجزيرة والعربية فقط، تحقق يا عزيزي من كل معلومة قبل أن تفتري على غيرك


13 - من المسؤول غيره
فادي يوسف الجبلي ( 2013 / 1 / 25 - 11:23 )
الى كل من يوصف بشار الاسد وكأنه يقارع التكفيريين
اقول
ان بشار ونظامه هو المسؤول الاول والاخيرعن رمي سورية في احضان التكفيريين


14 - زواج المناكحة لا يمنعنا من تأييد الثورة السورية
سيلوس العراقي ( 2013 / 1 / 25 - 13:27 )
تحية
دعنا من دول الخليج وضعها جانباً ، فالموضوع هو حول ثورة شعب ضد الطغيان والدكتاتورية والاستبداد ، ولا يمكن أن لا نقف بجانب الشعب المضطهد في بلاده وتحت يدي السفاح وحلفاءه الأقذر منه من حزب اللات والنظام اللا انساني الخبيث المتوحش الايراني ونظام المافيا البوتينية الذين يقومون بذبح الشعب السوري ، بحجة زواج المناكحة لمدة ساعة أو نصف ساعة !!!! أو غيره من الاسباب الواهية، ليس هناك من سبب وجيه يدعونا أن لا نقف مع الشعب السوري المظلوم والمدمّى، علينا أن نضع أمام اعيننا المناظر البشعة للجرائم التي تقترفها حكومة الاسد وجيشه اللاوطني ونحكّم ضميرنا الانساني بعيداً عن أي ايديولوجية نحملها ، مع احترامي للاختلاف في الرؤية


15 - ليس بمقدور الثوار الادارة كدولة
فادي يوسف الجبلي ( 2013 / 1 / 25 - 15:02 )
لو يعلم مدعي العلمانية الزائفة فضيحتهم في الشأن السوري لغطوا وجوههم خجلاً
ولأنهم من مؤيدي الانظمة الاستبدادية وفي المقدمة الاسد
فلم يجدوا طعنا في ثورة عراة الصدور السوريون غير العزف على الاسطوانة المشروخة ... دعم شيوخ الخليج للثورة
مع ان هذا هراء
من كان يرى في السنة الاولى للثورة شعارات اسلامية
صدعوا رؤوسنا بزواج المناكحة والمكافحة والمااعرف شو
وطفل الحضانة يدرك بأنه لا يمكن لأي مجموعة ثورية في العالم ان تدير المناطق التي تحت سيطرتها كالدولة .
هؤلاء هم اهم سبب من اسباب اطالة سفك الدم السوري


16 - إلى عتريس المدح
فؤاد النمري ( 2013 / 1 / 25 - 18:43 )
سؤالي لك ...
هل ألغى خروشتشوف دولة دكتاتورية البروليتاريا ؟
وهل هو اركسي من يلغي دولة دكتاتورية البروليتاريا؟

الجواب الصحيح على هذا السؤال فقط يقرر فيما كنت حضرتك ماركسياً أم غير ماركسي !!!


17 - السيد فؤاد النمري
عتريس المدح ( 2013 / 1 / 25 - 19:09 )
خروتشوف ومعه الحزب الشيوعي حطم عبادة الفرد وأعاد الحزب دوره رغم تفرده في أخر أيام حكمه مما أزاحه عن قيادة الحزب والدولة، للرجل جوانب ايجابية كثيرة منها خطط التنمية ودفع التعليم الى الامام وعلى الصعيد الخارجي لعب الاتحاد السوفياتي في عهده دورا مهما ومميزا في تعزيز دور حركات التحرر الوطني ودعم استقلال الكثير من الدول، ولم يلغي الرجل ديكاتورية البروليتاريا لانه لم يحكم لوحده فهناك مؤسسات حزبية كانت تحاسبه وهي التي ازاحته حين انتهج نهج القيادة الفردية، أبقي لديك شيء لتحكم على ماركسيتي ،فهل نجحت في الامتحان، ومتى ستمنحني صك ماركسيتي


18 - سؤال آخر
فؤاد النمري ( 2013 / 1 / 25 - 20:42 )
أنت لم تجب على السؤال الأول لئلا يفتضح أمر ارتدادك وراء خروشتشوف على الماركسية
أنصحك يا مدح أن تفتح عينيك جيداً لئلا تخسر نفسك
السؤال الثاني
كيف للمكتب السياسي في 6 مارس وللجنة المركزية في سبتمبر 1953 أن يلغوا جميع مقررات المؤتمر التاسع عشر للحزب ؟

أنا لا أنطلق من معتقدات كما تبني أنت سياساتك بل من وقائع
سؤال ثالث ...
المكتب السياسي سحب ثقته من خروشتشوف في أواسط يونيو 1957 وكان عليه أن يخلي مراكزه كما كان مالنكوف قد أخلى في سبتمبر 53 لكنه بدلاً عن ذلك قام بانقلاب عسكري وطرد جميع البلاشفة من المكتب السياسي وكانوا أكثر من نصف عدد الأعضاء 6 من 11
عبادة الفرد لم يمارسها أحد قبل خروشتشوف

وأخيراً
هل قرأت مذكرات خروشتشوف حيث يعترف في آخر فقره في الكتاب أن السلطة لم تكن بيده بل بيد كبار القادة العسكريين
هؤلاء القادة ما زالوا يمسكون بكل السلطة ويقاومون الاشتراكية عن طريق التسلح
تتحدث عن خطط تنمية لكن الحقائق تقول أن أية تنمية لم تتحقق منذ العام 53 حين ألغت اللجنة المركزية الخطة الخمسية المقررة في المؤتمر العام وهو ليس من صلاحيتها
افتح عينيك يا عتريس وكن ماركسياً على الدوام


19 - قليل من الجدل قد يبقي القليل من الماركسية
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2013 / 1 / 25 - 20:45 )
من غرائب هدا الزمن المتكلس والظلامي أن يتلون المرء ليس تبعا لكل وضع بل تبعا لكل مقال...من يرى أن ممارسة السياسة أ ي سياسة هي غير دات جدوى أو مضمون بعد انهيار الرأسمالية في فكره ، ومن يقف علانية خلف الأنظمة الملكية الغارقة في الرجعية دون أن يحمر له وجه خجلا..هو نفسه من يستطيع بكل بساطة أن ينصب نفسه ثوريا تحت الطلب فقط عند الحديث عن سوريا...يصبح الموقف السياسي عند أصحابنا مماثل للموقف من مباراة رياضية التعصب لفريق ضد فريق دون شروط أو تحليل..هدا الموقف المبتدل على مستوى التحليل النظري والرجعي على المستوى السياسي هو دليل إفلاس...عند الحديث عن الوضع السوري لا داعي لتحديد مفهوم للثورة ولا مضمون هده الثورة ولا شروطها أو برنامجها ولا القوى المتصارعة فيها؟ فالمنطق التبريري ليس بحاجة لكل هدا الضجيج والغرور والنرجسية الداتية تفقد صاحبها كل قدرة على النظر في الواقع بغناه وتعقد تناقضاته..نعم كل حر في ها العالم لا يمكن أن يصطف مع نظام مجرم وديكتاتوري رجعي كالنظام السوري أو الأردني أو أو لكن هدا الموقف لا يبرر أن يجعل هدا العبد المتوهم للحرية أن يكون بوقا للرجعية أكانت خليجية او غيرها ...ليس


20 - حكومة وطنية مكونة من النظام والمعارضة
أكرم رشاد هواش ( 2013 / 1 / 25 - 20:47 )
لقد حان الأوان كي تبدأ المناقشات والحوارات بين النظام السوري البعثي وبين المعارضة في الداخل والخارج للخروج من الأزمة القاتلة التي تواجه سورية ووقف سفك الدماء من قبل الطرفين، والمحاولة لأقامة حكومة وطنية مؤقتة تجمع كل الأطراف المتصارعة حتى تقود وتُأمن انتخابات نزيهة تساهم وتشرف عليها الامم المتحدة وشخصيات عالمية لها خبرة بالمسرى الانتخابي ولضمان انتخاب برلمان ديموقراطي هدفه الاول بناء سلطة قضائية مستقلة عن الدولة. واقامة وزارة من البرلمان المنتخب. وكحل وسط يجب أن يسمح لحزب البعث لكي يعين أعضاءه للانتخابات كأي حزب أو منظمة أخرى في هذه الانتخابات. أما بشار الأسد فيجب عليه أن يبقى رئيساً يأخذ المقعد الخلفي ولا سلطه له.


21 - قليل من الجدل قد يبقي القليل من الماركسية تتمة
رفيق عبد الكريم الخطابي ( 2013 / 1 / 25 - 21:01 )
ليس مبررا لمن يدعي الانتماء لحركة الشعوب ومطامحها والمتبني لقضاياها أن يصطف خلف المتأسلمين بدعوى العداء لحكم العصابة..لقد علمنا التاريخ ان الشعوب والثوار في مقدمة صفوفها لا تعدم وسيلة لمواجهة أعدائها كل أعدائها مهما تلونوا..وأن هناك مساحات كبيرة للفعل والمناورة دون أن نكون حطب نار في محرقة النظام أو العصابات المتأسلمة العميلة....الاصطفاف لمصلحة شعب سوريا العظيم هو اصطفاف ضد النظام المجرم وضد عصابات الظلام المتأسلمة ...هو نضال مستقل عن هدين المتصارعين ضد مصلحة شعب سوريا...اما التطبيل لهدا الطرف أوداك فهو خيانة للمبادئ وهو انتهازية مقيتة..هدا بالنسبة لمن لايزال يتحدث عن ديكتاتورية البروليتاريا ..أما عن الكاتب الدي نحترمه ونعتبرأنفسنا أحد تلامدته، فليسمح لنا بالاختلاف معه في موضوع سياسي كهدا وكان من الممكن ان نخوض معه هدا الاختلاف على أسس ما تعلمناه من كتاباته السابقة والتي لم يعوزها الجدل المادي بخلاف هده المقالة..لكن الكاتب حدد لنفسه هدفا ومبتغى لا نجد فيه اي علاقة بالفكر الثوري وهدا حقه .لكني لا اعتقد ان شعب سوريا وتضحيات المناضلين على امتداد تاريخهم سيقنعهم تنظيم انتخابات

اخر الافلام

.. طلاب إسرائيليون يهاجمون داعمين لفلسطين بالألعاب النارية في ج


.. -قرار بايدن- يغضب إسرائيل.. مفاوضات الرهائن في خطر




.. هل الميناء العائم للمساعدات الإنسانية سيسكت جوع سكان غزة؟


.. اتحاد القبائل العربية في سيناء برئاسة العرجاني يثير جدلاً في




.. مراسل الجزيرة: استشهاد ثمانية فلسطينيين نصفهم أطفال في قصف ع