الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المصرية و تقرير المصير

سمر أبوركبة

2013 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



الثورة تهدف إلى تغيير النظام الاستبدادي إلى نظام ديمقراطي، وشعارها فليرحل الرئيس رمز النظام، وها هي شرعية جديدة تولد على أنقاض شرعيات سابقة كان أبرز خطاياها هو كبت الحريات والاستبداد بالرأي والفساد الشديد، سوف تبني على إنجازات سابقة، وتتخلص من عيوب قاتلة.
هذه ثورة شعبية لا يقودها فصيل سياسي، بل فجرها شباب مصري من كافة الانتماءات الفكرية والسياسية بمن فيهم إسلاميون، وليست من صنع الإخوان المسلمين الذين يشاركون فيها بنسبة معقولة وعملوا على حمايتها من العنف المضاد الذي مارسته أجهزة الحكومة والأمن بتوظيف البلطجية والمسجونين الذين أطلق الأمن سراحهم من السجون ليثيروا الرعب بين المواطنين، وهم مستمرون في الثورة وفي قلبها لكي تحقق أهدافها، وإذا ذهبوا إلى حوار فلأجل انتقال آمن، وسلمي للسلطة إلى الشعب .
وصلت مصر إلى مرحلة الثورة لعدة عوامل خطيرة تفاعلت خلال العقود الثلاثة لحكم مبارك، وشكلت تطورًا خطيرًا لمساوئ ما سبقه من حكام، وأشعل شرارتها آخر انتخابات برلمانية تم تزويرها بالكامل لصالح الحزب الوطني، وأقصت المعارضة جميعًا من أي تمثيل برلماني، فلم يعدلها مجال إلا العمل في الشارع من خلال الثورة بعد أن تم إخراجها من البرلمان والنقابات المهنية، والعمالية والاتحادات الطلابية، والمجالس المحلية، وتضييق الخناق عليها في الجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان وكان للتعتيم الإعلامي قبل الانتخابات أثر كبير في إحساس المصريين بالإهانة البالغة خاصة بعد أن تفاخر رجال الرئيس والرئيس نفسه بنتائج الانتخابات، ولم يعترفوا بحقيقتها.
إن الفساد الذي انتشر في دوائر الحكم العليا إضافة إلى الاستبداد الذي عاني منه المصريون طويلاً، وأنتج في نهاية العقد الأخير لمبارك تزاوجًا محرمًا بين السلطة والثروة، مع التمهيد الواضح لوراثة الحكم بعد مبارك لنجله جمال أدّى إلى مزيد من الإهانة الشديدة للمصريين والإحساس بضرورة التغيير ثم كان الانفجار في 25/1/2011م .
لم تفلح الدولة البوليسية، وجهاز القمع الأمني الرهيب، والاعتقالات المتوالية للنشطاء السياسيين خاصة الإخوان المسلمين الذين تم اعتقال 30.000 من جماعتهم خلال عهد مبارك، فجر يوم جمعة الغضب 29/1 إلى أن حررنا السجناء أنفسهم،و التعذيب البشع في السجون وأقسام الشرطة، ولا الملاحقات المتوالية في منع الثورة..
جاءت الثورة في مناخ إقليمي يشهد انحسارًا واضحًا لما يسمى بعملية السلام التي أصبحت وهمًا من الأوهام بعد أن كان حلمًا للفلسطينيين بسبب الهروب الصهيوني المتكرر من استحقاقات السلام خاصة بعد أن وصلت حكومة يمينية متطرفة متصلبة تتعمد إهانة العرب والفلسطينيين، وتمارس سياسة تمييز عنصري ضد العرب داخل إسرائيل نفسها، وتبتز النظام المصري الذي تحوّل في نهاية المطاف إلى أداة لحماية الكيان الصهيوني، كل ذلك في ظل دعم أمريكي مستمر لنظام مبارك، ومواصلة الضغوط عليه لتقديم المزيد من التنازلات، إلا تلك التنازلات المتعلقة بالمصريين في حقهم لحياة حرة، وعدالة اجتماعية واحترام القضاء وحرية التعبير.

في يوم الخامس والعشرين من يناير من العام الحادي عشر ،تَوافَد الآلاف من شَباب مصر الثُّوَّار الذين رفَضُوا الظُّلم والهَوان على ميدان التحرير مُطالِبين بثلاثة مَطالِب رئيسة وهي: عيش، وحرية، وعدالة اجتماعيَّة، ولكن قُوَى الطُّغيان دائمًا ترى نفسَها أكبر من أنْ تستَجِيب لمطالب الشعب، وتعامَلتْ معهم من منطق المستكبِر المتعالِ على شَعبِه، الذي ظنَّ أنَّه في حمى جيشٍ من الأجهزة الأمنيَّة تعامَل مع الشباب بعُنْجُهيَّة معهودة، وأرسَلَ إليهم جَحافِل الأمن المركزي ظنًّا منه أنها ستَقضِي على هذه التظاهُرة في خِلال خمس دقائق، ووقَف وزير الداخلية في وسط الميدان وأبلَغَ قيادات النِّظام أنَّ الميدان خالٍ، وأنَّه لا أحد من المُتَظاهِرين سيعودُ إليه مرَّة ثانية.

ولكنْ خيَّب الله ظنَّهم، وعادَتْ جحافل الثُّوَّار مرَّةً أخرى في يوم الجمعة العظيم الثامن والعشرين من يناير، ولكنَّها هذه المرَّة تُطالِب بحلٍّ جذري، تُطالِب برحيل نظام حسني مبارك بكامله، التعامُل معه بنفس المنطق، إنَّه منطق فرعون؛ ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ قَلِيلُونَ و وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ [الشعراء: 53 - 56]، هذا هو منطق الطُّغاة في كلِّ عصرٍ وزمان، فكأنهم يَتدارَسون سير بعضهم البعض، ولكنَّهم - للأسف الشديد - يَتدارَسون كلَّ شيءٍ إلا النهاية، يتذكَّرون أساليب الظُّلم والطُّغيان، ولكن لا يتذكَّرون نهاية الطُّغاة الظالمين.
إن حفظ النصوص يفتقر إلى فقه النصوص ولذلك دعا صلى الله عليه وآله وسلم لابن عباس بالفقه في الدين؛ وفي تعبيد الإنسان لله وحده يقول الحق سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25].
إن شباب الأمة اليوم أيقظتهم لَسَعَاتُ الظلم، وأنَّات الجرحى، وضحايا التعسف من المُتجبرين في الأرض، فأخذتهم الغيرة على الأمة أن يطلقوا الصيحات في وجه كل ظالم، ليقولوا له: نحن هنا، ما تزال بنا نبضات من الحرية والكرامة التي لم تخمدها سِيَاطكُم ولا جبروتكم.
ثورة 25 يناير هي ثورة شعبية سلمية انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 الموافق 21 صفر 1432 هـ. يوم 25 يناير الذي أختير ليوافق عيد الشرطة حددته عدة جهات من المعارضة المصرية والمستقليين، من بينهم حركة شباب 6 أبريلوحركة كفاية وشبان الإخوان المسلمين وكذلك مجموعات الشبان عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك والتي من أشهرها مجموعة «كلنا خالد سعيد» و«شبكة رصد». وذلك احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فساداً في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك ،ومنذ عام ونصف قامت حركات المعارضة ببدء توعية أبناء المحافظات ليقوموا بعمل احتجاجات على سوء الأوضاع في مصر وكان أبرزها حركة شباب 6 أبريل وحركة كفاية وبعد حادثة خالد سعيد قام وائل غنيم والناشط السياسي عبد الرحمن منصور بإنشاء صفحة كلنا خالد سعيد على موقع فيس بوك ودعا المصريون إلى التخلص من النظام وسوء معاملة الشرطة للشعب.

أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير/شباط 2011 م، 8 ربيع الأول 1432 هـ, ففي السادسة من مساء الجمعة 11 فبراير/شباط 2011 م أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان قصير عن تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد.
تسمى في الغالب ثورة 25 يناير أوثورة الغضب، وتسمى أحياناً ،ثورة الشباب أو ثورة اللوتس أو الثورة البيضاء. وأطلقت عليها بعض وسائل الإعلام اسم «ثورة الـ18 يوم».
وفي ميدان التحرير نزل الجيش المصري حيث الثُّوَّار، وكان مخطط النظام أنْ تسيلَ الدِّماء، كان يريدُ أنْ يقومَ الناس بالتعدِّي على الجيش أو العكس فيستفز الطرف الآخَر، وتُراق دِماء الشعب بسلاح الجيش، ولكنْ خابَ مَسعاه، وكان ميدان التحرير شاهِدًا على عُمق العلاقة التي تربط الجيش المصري بشعبه، فما أطلَقَ الجيش رصاصةً قطُّ
تدفَّق الآلاف إلى ميدان التحرير، وأعلَنُوا الاعتصامَ المفتوح فيه، وكان كل يوم يمرُّ يشهد فيه ميدان التحرير قُرْبَ انهيار النظام السابق، وفي ميدان التحرير رأينا الملايين من المسلمين يُؤدُّون الصلاة في وقْتها جماعةً، وكان هذا المشهد يَتكرَّر خمسَ مرَّات يوميًّا، وهو المشهد الذي غاظَ أعداء الله، ممَّن جعَلُوا هذا الميدان في السابق ميدانا للتحرُّر من أحكام الشَّرع والدِّين، ولكنْ ها هو يشهَدُ الصلاة في وقتها، وهي الركن الثاني من أركان الدِّين.
في ميدان التحرير كان الدُّعاء والذِّكر، في ميدان التحرير كانت الرغبة الأكيدة على رفْع الظُّلم حتى يتنفَّس الشعب حريَّته، في ميدان التحرير كانت الجموع تَهتِف إنَّ النصر مع الصبر، في ميدان التحرير ، في ميدان التحرير كان الهتاف لحظة إعلان سُقوط النظام (الله أكبر)، ميدان التحرير سجَد المسلمون شُكرًا لله الواحد.
كانت الثورة المصرية مفاجأةً للجميع بمن فيهم المصريون أنفسهم الذين تعودوا الصبر الطويل على حكامهم مهما بلغ طغيانهم مداه.
ثورة مصر هزّت الاستقرار الزائف الذي روّج له الرئيس مبارك، ولم يقم على أسس سلمية، وهددت الأوضاع في المنطقة كلها، وتداعياتها وصلت إلى بلدان أخرى كثيرة.
فحياك الله أيها الشعب العظيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح


.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير




.. النشيد الوطني الفلسطيني مع إقامة أول صف تعليمي منذ بدء الحرب


.. بوتين يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن الحوار مع الغرب ممكن في




.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق