الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي وحقوق الانسان : ليبيا ليست انموذجا

الفيتوري بن يونس

2013 / 1 / 24
حقوق الانسان


لاجدال في ان حقوق الانسان كانت احد ابرزعناوين ثورات ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي ان من باب ان الدول التي قامت فيها هذه الثورات تعد من الابرز انتهاكا لهذه الحقوق او من باب ان الثورة اي ثورة يجب ان يكون لها هدف معلن يكون من الجاذبية بمكان بحيث ينجذب اليه الناس و ينضوون تحت لواءه و اي هدف اكثر جاذبية من حقوق الانسان في بلاد لاتعرف هذه الحقوق الا معنى بلا مبنى
هذا على المستوى النظري ، اما على صعيد الواقع المعاش فلا شك ان هذه الثورات صاحبتها انتهاكات تترواح بين البسيطة كما في الانموذجين التونسي والمصري مقارنة مع ماحدث في الانموذج الليبي من انتهاكات صارخة فاقت ماكان يقوم به النظام الحاكم ابان قيام الثورة وما يرشح عن اقتراب الانموذج السوري منه وهي انتهاكات يبررها البعض بأنها من لوازم الثورات مستشهدين غالبا بما حدث خلال الثورة الفرنسية وهو تبرير بقدر منطقيته للوهلة الاولى بدا لي غير مقبول على الصعيد الشخصي على الاقل من حيث انه عند قيام الثورة الفرنسية لم تكن هذه الحقوق قد تبلورت اصلا و حتى مع افتراض بلورتها فإن انتهاكها في هذه الثورة او تلك ليس مبررا على الاطلاق لتكرار هذه الانتهاك لانه بالطبع لايجوز ارتكاب الخطأ او الخطيئة لمجرد ان من عاش تجربة مماثلة قد انتهكه .
ولانه كما اسلفنا لايمكن على الاطلاق مقارنة الانتهاكات التي حدثت في الثورتين التونسية والمصرية بتلك التي صاحب الثورة الليبية ومازالت تتكرر حتى كتابة هذه السطور فإنه يكون من غير المنصف ان نتخذ من الحالة الليبية انموذجا للحديث عن اوضاع حقوق الانسان في هذه الثورتين الاوليين و ان كنا لانستبعد تكرار المشهد الليبي في سوريا بحذافيره وبشكل قد يكون اكثر مأساوية اذا اراد الغرب لنظام الاسد ان يسقط نظرا للخلاف المذهبي و التعدد الطائفي وحتى القومي في سوريا.
ولكنني رأيت الوقوف عند الانموذج الليبي لاسباب قد يكون من اهمها انني شاهد على هذا الانموذج ومعايش له وبالتالي اكون احد اهل مكة الذين هم بلاشك ادرى بشعابها يرتبط به ان التعرض لهذا الامر من قبل شخص تربطه بهذه الثورة علاقة ما ولوكانت هذه العلاقة مجرد حدوثها في محيطه المكاني يعتبر نوعا من محاكمة الذات وبالتالي ادانة لها عما ارتبكت من اخطاء او خطايا لايدع للاخر مجالا لادعاء تجاهل اهل الثورة سلبياتها غير ناس او متناس خصوصية التجربة الليبية على الاقل في مسار ثورتها السلمية التي لم تستمر كذلك الا لايام بل لساعات لتتحول بعد ذلك الى ثورة مسلحة انقلبت الى حرب اهلية انتهت بهزيمة طرف وانتصار اخر.
وبعيدا عن الخوض في تفاصيل جانبية لاتهم موضوعنا يمكننا القول بكل راحة ضمير ان ما رافق هذه الثورة – رغم تحفظ البعض على هذه التسمية – على مر مراحلها من انتهاكات فظيعة جعل حتى من الداعمين لها بكافة اشكال القوة لايستطيعون غض الطرف كليا عما يفعله ثوارها فأثاروا الامر على استحياء حرصا على سمعتهم اكثر مما هو انتصارا لحقوق الانسان امر لم يأت من الفراغ ففي مجتمع امي في مجال هذه الحقوق التي لم يعشها واقعا ربما يوما من ايامه وخصوصا في الاربعين سنة الاخيرة ناهيك عن عدم وجود ثقافتها اصلا حتى لدى من يتشدقون بها من نخبة هي غالبا تبحث عن مكانة قرب هرم السلطة اكثر من سعىها لتأصيل حقوق الانسان كقيمة ولعل من سوء طالع هذه النخبة انها وجدت نفسها بفعل الظروف تتصدر مشهد الثورة وتتجاهل بل ولن اتجاوز الواقع اذا قلت انها تبارك وكم من مرة خرج علينا شخص كتب تحت اسمه على التلفاز ناشط حقوقى ينافح باستماتة عن تصرف وحشي ارتبكه من اصطلح على تسميتهم بالثوار .
في ظل غياب حقوق الانسان ثقافة وممارسة في ليبيا المجففة المنابع في كل شيء التي تخوض حرب ضد نفسها كان لابد ان ينفذ المنتصر الموتور المسكون بروح الانتقام عدالته الخاصة في من يراه عدوه المهزوم المستسلم الذي كان ذات يوم جلاده السادي حقيقة او وهما ولان الثورة كانت من زاوية اخرى فرصة ثمينة لتصفية حسابات شخصية و احيانا قبلية .
ولان الثورة كانت مسلحة اصبحت بعد اغتيال قائد جيشها دون جيش اذ فقد ما بقي منه زمام الامور وبالتالي يخوضها متطوعون ذوي اسباب مختلفة من اسلاميون يرونها جهادا الى اخوان يسعون من خلالها الى بسط هيمنتهم على الواقع السياسي بعدها وشباب انقياء قاموا من اجل القضاء على نظام القذافي او ذوي اجندات حزبية او مرتزقون انخرطوا فيها طمعا في المغانم ومدنا استغلت دورها في الثورة لتبني لنفسها قوتها الخاصة وكان من الطبيعي في ظل وجود اجندات اجنبية وعدم وجود جيش نظامي ان لايتم وضع خطة لجمع السلام من هؤلاء المقاتلين بعد انتهاء الحرب بل على العكس من ذلك كان السلاح القطري يتدفق على فئة معينة من هؤلاء المقاتلين واعني بهم الاخوان المسلمين .
وكان نتيجة ذلك ان الدولة ممثلة في مجلسها الانتقالي و لاحقا مؤتمرها الوطني و مكتبها التنفيذي الذي تحول الى حكومة مؤقتتة ثم انتقالية وجدت نفسها في غياب جيش يأتمر بأمرها و شرطة تحفظ امنها عاجزة حتى ان حماية اركانها في مواجهة مدن تحولت الى ترسانات اسلحة و تيارات تمنطقت بمدافعها ودباباتها والاف جندها من اللذين قاتلوا منذ البداية والذين انضموا لاحقا امام اغراء المال والسلطة مما قرر واقعا مؤداه ان الدولة لاتملك من السلطة الا اسمها فهذه مدينة تهجر اخرى و تعلن حربا تصفية لثاراتها القديمة فلا تملك الدولة الا ان تباركها وهذه مدينة ترفض تسليم متهم للعدالة و تصر على محاكمته لديها و هذه الميلشيا تعتقل ذلك الشخص وتفعل به ماتشاء من التعذيب الى الموت تحته بل حتى التمثيل بالجثث بتباه ربما لم يحدث حتى في الطقوس الوثنية دون ان تستطيع الحكومة فعل شيء الا التبرير احيانا والسكوت استحسانا اخرى و انتهاء بما يسمى قانون العزل السياسي ومعايير النزاهة والوطنية التي تحرم من عمل مع القذافي من تقلد المناصب العليا بل حتى المتوسطة بسبب هذا الامر وحتى لم يدن بارتكاب جرم .
وبعد وبنظرة متفائلة فإن مستقبل في ليبيا يبدو مثيرا للقلق خاصة على المدى المنظور مالم تستطيع الندلة استعادة دورها وفرض سلطتها ولو بالقوة اذا لزم الامر و حتى حدوث هذه المعجزة فلا تسأل عن حقوق الانسان في ليبيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3