الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب ليس عن منأى مما يجري في مالي

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


اعتبارا للبعد الجغرافي وغياب حدود مشتركة بين مالي وبلادنا قد يعتقد البعض أن المغرب غير معني بما يجري ويدور بمالي. لكن اعتبارا للتغييرات الطارئة على استراتيجية تنظيم القاعدة منذ مدة، ولبروزِ الجماعاتِ المتطرفة بجنوب الصحراء، ولاختراقِ عناصر من تنظيم القاعدة في بلادِ المغرب الإسلامي للبوليساريُو، وانعكاسات التطورات التي تعيشها المنطقة على ملف الصحراء، فإن المغرب ليس عن منأى مما يجري في مالي.


المغرب معني

لقد تأكد أن بلادنا ليست ببعيدة عما يجري الآن في مالي بخصوص الصراع المحتدم بين الإسلاميين والائتلاف العسكري الدولي .
إن الجماعات الإرهابية ظلت تستهدف الشباب المغاربة. وهذا ما أكدته عمليات تفكيك عدة خلايا إرهابية مؤخرا وإلقاء القبض على أعضائها بالدار البيضاء والعيون والناظور وكرسيف وقلعة السراغنة والريف والشمال. ومن النوازل قضية التخطيط لإرسال أزيد من 20 شابا مغربيا للانضمام إلى القاعدة وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا. كما تفكيك خلية تابعة لـ "أنصار الشريعة" بالرباط ومدن أخرى بتهمة التخطيط لهجمات ضد المؤسسات الحكومية والمواقع السياحية. ويشتبه أن هذه الخلية سعت بقوة للاستعانة من الدعم اللوجستي من حلفائها من القاعدة في شمال مالي.
كما قامت المصالح الأمنية بتفكيك خلية إرهابية أخرى كان أعضاؤها التسعة يعتزمون القيام بأعمال إرهابية ضد السلطات العمومية ويخططون لتأسيس معسكر تدريبي في جبال الريف، بعد أن عزموا على تمويل نشاطهم الإرهابي بالسطو على المحلات التجارية.
ويشير أكثر من تقرير إلى أن بعض المتطوعين المغاربة تلقوا تدريبا بمعسكرات التدريب المكثف في ليبيا أواخر2011 قبل إرسالهم إلى مالي مجهزين بتشكيلة عريضة من الأسلحة المنهوبة من مخازن نظام القذافي.
وحسب خبراء الاستراتيجية، إن الموقع الجيو-إستراتيجي لبلادنا يرى فيه تنظيم القاعدة خلفية مثالية لتنفيذ خططها في المغرب الكبير وأوروبا.
فالمغرب أضحى يواجه تهديد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لأنه يبدو أنها بمعية حلفائها، تسعى إلى زعزعة استقرار المغرب. وهذا أمر أضحى يتطلب تكثيف التعاون الإقليمي واحتواء توسع الأنشطة الإرهابية في الساحل ومحاربة الإرهاب وتهريب الأسلحة.
إن ثقل القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وبالتحديد في شمال مالي بات أقوى وأخطر من بقية فروع القاعدة في مختلف مناطق العالم ،لأن حجم العتاد العسكري والجاهزية العسكرية والقدرة على المناورة وامتلاك قوة مشاة يجعلها قادرة على مواجهة أي هجوم عسكري ضدها.

القاعدة اهتمت بشمال إفريقيا منذ مدة

منذ مدة اهتمام تنظيم القاعدة الكبير بتعزيز العلاقات مع الدوائر المتطرفة البعيدة جغرافيا، وقد تأكد هذا المنحى من خلال عملية تجنيد الجهاديين المغاربة، مما يظهر أن أزمة مالي قد لا تخلو من تهديدات على المغرب. هذا، رغم أنه ليست لبلادنا حدود مشتركة مع مالي، باعتبار الاهتمام البارز لحركة التوحيد والجهاد المنبثقة عن القاعدة من توجيه اهتمامها للمغرب قصد تجنيد مقاتلين جدد.
وقد قامت المصالح الأمنية بتفكيك أكثر من خلية ة تسعى إلى تجنيد شباب مغاربة يعتنقون الأفكار الجهادية من أجل إرسالهم إلى معسكرات القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وغيرها. وتزامن هذا التحول مع سعي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيمات إرهابية إقليمية أخرى كثفت من أنشطتها الرامية إلى تقويض استقرار المغرب، في إطار استراتيجية تحويل مركز النشاط والتحرك الإرهابي بجنوب الصحراء وشمال إفريقيا. وفي هذا السياق أقرّت وزارة الداخلية أن القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وحليفتها حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا أصبحت أكثر جاذبية اليوم للشباب المغربي المشبع بفكر القاعدة .
و يُعتقد بقوة أن تنظيم القاعدة يسعى من وراء تلك الخلايا لتدرب وتجنيد مقاتلين للانضمام إلى الصراع في مالي. وقد أكد أكثر من تقرير إخباري أنه يمكن العثور على مختلف الجنسيات داخل صفوف المجموعات الجهادية بتمبكتو. هذا منذ أن أضحى شمال مالي والساحل ملجأ مثاليا لكل السلفيين من مختلف الجنسيات حيث يمكنهم خوض "الجهاد". إنه حاليا بؤرة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وأنصار الدين.
فبفضل سهولة المرور ونقص مراقبة الحدود بين البلدان المجاورة جنوب الصحراء، نجح تنظيم القاعدة مع مرور الوقت في تأسيس نواة قوية في الساحل من الجهاديين الشباب. كما أن هناك أفواج من السلفيين الجهاديين من مختلف الجنسيات أضحت تصول وتجول في جنوب الصحراء كما يحلو لها وتخطف الأجانب وتطلب الفديات مقترفة بذلك الجرائم العابرة للحدود.
ومهما يكن، فإن هذه الشبكات تعتبر مشكلة بالنسبة للمغرب لأن قادتها قريبون، سيما وأن قياديي القاعدة رسخوا مكانتهم عبر منطقة الساحل الإفريقي.
إذا كانت إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الساحل موطنا لجماعات إرهابية ذات صلة بشبكة القاعدة منذ مدة، فإن الجديد هو أن الهجمات بات ينفذها شباب لم تطأ أقدامهم التراب الأفغاني ولم تر أعينهم أبدا معسكرا تدريبيا إرهابيا. علما أن تنظيم القاعدة أبدى اهتمامه بهذه الفئات عندما ضاق الخناق عليه في مواقعه الأصلية. وقد سبق لأيمن الظواهري أن وجه أتباعه لاستهداف المغرب، ودعا الجزائريين للإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحثّ الثوار الليبيين على اعتماد الشريعة الإسلامية.
يبدو أن نفس السيناريو الذي عايشه العالم في أفغانستان قبيل سقوط طالبان وفي بغداد قبل سقوط نظام صدام، بدأت تتكشف معالمه بشمال المالي. ففي أفغانستان توافد "المجاهدون" من مختلف الجنسيات وفي العراق توافد القوميون العرب. ومالي شهدت هي الأخرى توافد الشباب الساخط من البلدان التي تعاني الفقر والتهميش والحروب.
لقد حول تنظيم القاعدة اهتمامه من جنوب-غرب آسيا إلى منطقة المغرب العربي، مستغلا الفوضى العارمة التي اجتاحت المنطقة والتحول الفوضوي في أغلب الأحيان. والآن أضحى يشكل خطرا كبيرا على أبواب دول شمال إفريقيا. وقد أجمع المحللون أن تنظيم القاعدة انتعش بشكل كبير في شمال إفريقيا جرّاء ملايين اليورو التي جناها من الفديات مقابل إطلاق سراح الرهائن. وما زاد من قوة القاعدة في المغرب الإسلامي مطلع خروج الجيش المالي من "غاوة" و"كيدال" و"تمبكتو" على يد الإسلاميين المتشددين ما خلق ملاذا آمنا للمقاتلين في جنوب الصحراء.


تحالف الإرهابيين والمهربين في الصحراء الإفريقية زاد الخطر

لقد تأكد بجلاء الآن أن التحالف بين الإرهاب والتهريب تمكن من زعزعة استقرار المنطقة، سيما مع بقاء غرب إفريقيا نقطة عبور لمهربي المخدرات بين أمريكا الجنوبية وأوروبا، تنامت احتمالات عدم الاستقرار، هذا ما كشفت عنه أحداث شمال مالي. علما أن المخدرات ظلت تستخدم لتمويل عمليات القاعدة بالمغرب الإسلامي.
وقد سبق لقوات الأمن أن قانت بتفكيك شبكة مغربية لتهريب المخدرات لها صلة بــ "كارتلات" المخدرات الكولومبية والقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، حيث أن هذه الأخيرة قدمت الدعم اللوجستي والنقل لعشرات مهربي المخدرات في العصابة. كما أقرّت التقارير الصحفية أن الجهاديين في منطقة شمال إفريقيا يعتبرون أن الاتجار بالمخدرات حرام، ولكن لا شيء يمنع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من الاستفادة من المسارات الإفريقية الجديدة للكوكايين لتنويع تمويلها.
يذكر أن العلاقة السرية بين القاعدة والمخدرات خرجت للأضواء للمرة الأولى في نوفمبر 2009 مع العثور على طائرة بوينغ 727 محترقة في منطقة نائية شمال شرق مالي. وكانت الطائرة تحمل الكوكايين وبضائع أخرى محظورة من فنزويلا. وآنذاك قيل أن حوالي 60 طن من الكوكايين تُهرّب عبر غرب إفريقيا كل سنة .
وهناك أحداث أخرى كشفت العلاقة بين القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وتهريب المخدرات ، إذ في 2010، اعترض الجيش الموريتاني شحنة من المخدرات يحرسها مسلحون سلفيون. وأفادت تقارير أن المهربين الموريتانيين والماليين والجزائرين كانوا يهربون 9.5 طن من الحشيش والأسلحة والذخيرة لدى اعتقالهم في "لمزراب" قرب الحدود المالية.
إن أموال التهريب سمحت للجماعات الإرهابية بتكثيف حضورها بالمنطقة وتحسين قدراتها العسكرية وتوسيع أنشطتها.


المغرب العربي سبيل لضمان الاستقرار

هناك إجماع أن المغرب العربي هو السبيل الأجدى لضمان الاستقرار المنطقة، .لهذا أصبح إيجاد حل للصراع بين المغرب والجزائر أمرًا ملحًا. وفي الإطار دأبت المملكة المغربية على تجديد دعوتها إلى الجزائر للتعاون في بناء المغرب الكبير الذي جديد من شأنه أن يشكل محركا فعليا للوحدة العربية باعتبارها خلفية لترسيخ ضمان الاستقرار والأمن في منطقة الساحل. ولعل أقصر السبل لتعبيد الطريق لبلوغ هذا المرمى العمل على تحقيق نظام مغاربي جديد. إنه أحسن السيناريوهات وأجداها لحماية الشباب المغاربي ووضع حد لتسلل القاعدة للنسيج الاجتماعي للمنطقة ككل.
هذا هو السبيل لحسم الخلافات العالقة بين البلدين وجلب الاستقرار وتطويق الخطر الذي بات يهدد ربوع المغرب الكبير ومنطقة الساحل والصحراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع شهيد سقط برصاص الاحتلال الإسرائيلي في بيت فوريك بالضفة


.. رغم سيطرة الاحتلال على المنطقة.. القسام تنجح في تنفيذ كمين ض




.. موكب دراجات نارية بمسيرة لدعم غزة في النرويج


.. نازحون في غزة يستغيثون: -تحملنا فوق طاقتنا وكل يوم ناكل رمل-




.. وزارة الصحة السعودية تؤكد للعربية عدم تسجيل أي أمراض معدية ب