الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعاً عن الأسد دفاعاً عن طوطم

هدى سليم المحيثاوي

2013 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الأسد أو نحرق البلد؛ الشعار الذي يردده كل من يدعم نظام بشار الأسد ويرفض أي تغيُر في سوريا مشروطاً بتنحي الأسد . وإن ماتت روح هذا النظام بنظر أغلبية السوريين يسعى هؤلاء الذين ينطوون تحت اسم الموالين لتلبيسه روحاً جديدة حتى بعد أن تفسخ الجسد . حيث يصرح هؤلاء أنَ لا أحد غير الأسد حتى ولو فوق كتلة من الخراب, المهم أن يبقى الملك حتى ولو أُحرِقَت الغابة . ولا شك أنهم يثيرون بهذا الدفاع الكثير من الغرابة والتساؤل والتكهن بالمستقبل فيما بعد رحيل هذا النظام "عاجلاً أم آجلاً . خاصة بعد مانشهده من تفننٍ بأنواع وصيغ الدفاع ليس آخرها تشكيل كتيبةٍ نسائيةٍ للشبيحة ترفع نفس الشعار. فإذا بحثنا في مبررات هذه الفئة للدفاع القوي واللامتراجع عن هذا النظام فإننا سنجد السبيل إلى نفي هذه الفئة على الأقل من تحت اسم الموالين ورؤيتهم على أنهم حاملو راية مكافحةِ الإرهاب كما جاء في كل الخطابات السياسية منها والغنائية . أما ونحن نشاهد الشعب السوري مبللاً بدمائه يطلب حق الحياة دون أن يلقَ استجابة , فذلك يجعلنا ننظر إلى هذا المشهد بعينٍ من الدهشة والتساؤل,هل نحن أمام قبيلةٍ طوطمية تقدس طوطمها إن كان أليفاً أو مفترساً ؟ فالقبائل الطوطمية التي سكنت استراليا منذ البدء واندثرت ولم يبق من أثرها شئ كما تحدث فرويد في كتابه" الطوطم والتابو", عمدت إلى عبادة طوطمٍ دون أن يتمتع هذا الطوطم بأي رمز أو معنى ذي قيمة لهذه القبيلة وأحياناً كان ينتقل بالوراثة . إنَ الموالين نجدهم وكأنهم ينتجون شكلا جديداً من هذا البناء بعد أن سلموا بقدسية الزعيم وجعلوا من أنفسهم الساجدين لقوته وجبروته ومنعوا أي اقتراب من هذا الطوطم الذي هو نفسه الزعيم .حتى صدق بشار نفسه هذه الصورة ورفض التخلي عنها رغم ما أنتجته من خراب للشعب والبلاد .فالباحث الأمريكي ديفيد" ليش" يقول في كتابه (أسد دمشق الجديد ): أنا شخصيا شهدت بشار أكثر ارتياحاً للسلطة حيث بدأ مع مرور الأعوام يصدق دعاية المتملقين والدعاية المحيطة به بأن رفاهية البلد مرتبطة برفاهيته .وكذلك أكد أيمن عبد النور ؛المستشار السابق للرئيس وصديقه المقرب آنذاك" إن بشار بعد عامٍ ونصف من الحكم بدأ يعتقد أنه الرجل الذي اختاره الله لحكم سوريا وخاصة بعد أن انهى "ربيع دمشق " أصبح منذ ذلك الحين يعيش في شرنقة أن الناس تعبده" .
ولئن خلقت القبائل الطوطمية العديد من المحرمات التي تنظم حياتها وتحدد علاقاتها ,لم تقل الطوطمية الجديدة شأناً عندما قلبت المحرمات الموجودة لديها أساساً لتتلائم مع الوضع الراهن وجعل الأسد إلى الأبد . فالقتل كان يُدان بفلسطين رغم أنه ليس بالسلاح الكيمياوي ,التبرعات تُجمع لأطفال غزة ,البيوت تُفتح لاستقبال اللاجئين ,الأمم المتحدة نشأت لترسيخ السلام ,الدول العربية تنادي بالوحدة ,روسيا والصين من أكثر الدول الداعمة لتحرر الشعوب والنضال ضد الإمبريالية ,اسرائيل تعترف بأن الأسد هو العدو الأول لها !!!
نجد أن قلب هذه المحرمات من جميع الأطراف جرأةً تجاوزت جرأة نيتشه في العصر الحديث عندما نادى بقلب القيم . وكأن الثورة السورية كشفت عن أزمة الأخلاق التي يعيشها إسلامنا ,عروبتنا وكذلك إنسانيتنا على وجه العموم .حيث أننا نواجه شخصية قيدت نفسها بالكثير من الصرامة اتجاه العديد من المحرمات تجعلنا أمام شخصية عصابية تفرض المحرمات دون مبرر وإن كانت غريبة ومُدهشة بالنسبة لنا ولا تستند لأي مبررات فإنها طبيعية ومُبَررة بالنسبة إلى أصحابها. وهذه الشخصية تجعلنا نذهب للوقوف أمام ازدواجية في المشاعر نشات أساساً من الطبيعة المقدسة التي صبغوا بها بشار . فمن المعروف أن كل قوة مقدسة لابد أنها تحمل وجهان من المشاعر : حيث تقوم الأولى على مشاعر التبجيل والاحترام والخضوع لكل ماتنادي به هذه القوة لينبثق عنه شعور الحذر, القلق والخوف من هذه القوة نفسها .ربما يتوضح هذا الشعور بشكل علني بعد السقوط الكامل لهذا النظام ليبقوا متأرجحين بين مشاعر الخسارة ومشاعر التقديس والتحريم التي منعتهم من الانخراط بالثورة. فإلى أين يمكن أن تؤدي هذه المحظورات بأصحابها وأين يمكن أن تُوصِل العصابية مرضاها ؟؟وإذا كانت جميع الأطراف تدعو لانتقال سلمي للسلطة ! فهل سنحظى بانتقال سلمي للإنسان ! مع وجود هذه الشخصيات وعدم قدرتها على التعامل مع الأطراف التي قامت بالثورة وحطمت على مرآى منها كل القداسة التي أحاطوا بها الأسد ؟ وإن كنا بصدد التحرر من نظام طوطمي فهل نحن بصدد بناء نظام جمهوري بعد أن أدخلها من كان قائما على أنها جمهورية في زمن الجمهوريات الطوطمية ؟! أم اننا سنتحرر من عبادة الأسد لننصب طوطما جديدا مع محرمات جديدة . كل ذلك سيكون وقفاً على قدرة الانسان السوري على الامتناع عن صبغ الرئيس بصفات القدرة والقوة الفائقة وجعله إنسانا عاديا يَحكُم ويُحاكَم ويُحكِم الشعب من علله القديمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يطلب من سكان أحياء إضافية شرق رفح إخلاءها ر


.. في سابقة إسرائيلية.. رسالة تحذير من رئيس الأركان لنتنياهو| #




.. مجلس الأمة الكويتي.. لماذا حلّه أمير البلاد وماذا تعني هذه ا


.. قيس سعيد يا?مر بمحاسبة من غطى العلم التونسي بخرقة من القماش




.. وصف بالأقوى منذ عقدين.. الشفق القطبي يزين سماء عدة دول أوروب