الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشتهيك يا موت

هيام مصطفى قبلان

2013 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أشتهيك يا موت : ليست مقالا ، ولا خطابا ، بل هي ( قصة قصيرة) قد تحمل تأثيرا وتصل بأبعادها الى أكبر عدد من القراء رجالا ونساء ، صوت المرأة المقهور وانتهاز الفرص للرجل حتى في أحلك اللحظات ، حتى في زمن الحرب والدمار والسؤال الذي يطرح نفسه كم من النساء يشتكين ويعلو صوتهنّ وكم منهن يلذن بالصمت باسم العار والفضيحة والخوف ،، أردت أن أتخطى اللياقة في هذه القصة علّها تؤثّر على عدد فئة من مجتمعنا :



أشتهيك يا موت ....!

عدّت قطرات النّدى المتساقطة على حواف الوجع ، أغلقت أسارير القلب ، تفقّدت أصابعها ،،وجهها ،،شفتيها ،، شعرها ليليّ الملامح ،، خاصرتها التي لعقت نزف الشوارع ،، ساعة الحائط اللاهثة بأنّة تلو الأخرى تتعالى مع نعيق غراب تطلّ عينه من بين شقوق الجدران المتهاوية بالقرب من البناية ، لامست عنقها الملتوي ،، شعرت بوخز ألم بين فخذيها ، زحفت الى الحمام لتزيل قاذورات لعابه اللّزج فوق حقلها المصفرّ .
لم تنتحب ولم تجعر كذبيحة العيد على عتبة البيت ،، وقفت عارية كما البدء ، حافية كما النّهر حين يفقد خريره ، فقاعات الصابون تتناثر على الحيطان ، وبرغوة طفوليّة يصرخ الجريح في أحشائها ، ترمي ببقايا من قطع القماش الملوثة بدم بتوليتها الى سلّة المهملات .
" ليلة البارحة كانت صاعقة ، لهاثه الذي اختلط بصوت الرياح في الخارج خنق صوتي على فراش لذّته ، الأحمق بستينه الأعرج وقضيبه المتقوّس ورائحة عرقه الذكوريّ ، شفتاه تنهشان جسدي كوحش مفترس ،ها هو الآن يتمطّى على سريره يغطّ بنومه الخبيث ، لن أكون الطفلة التي رماها القدر في غرفته المرتدية بريق القصور ، تتزاحم فوق جدرانها صور لنساء خطف أبصارهنّ وغادرن محمّلات بالذهب والماس ".
خرخرة صوته من الغرفة المجاورة تعيدها الى صمت الشوارع ، الدّمى المعروضة في واجهات الحوانيت في قريتها الصغيرة ، دويّ المدافع وأزيز الطائرات ، فتاة تركض بوجه الريح وتختبئ بين الأنقاض وأكوام من اللّحم تحملق بجسدها المتكوّر الراجف ، ترتطم بجسد آخر ، تحسّه ، يتصاعد شهيقه ، تفكّ أزرار خوفها ، تلفّ ثوبها حول جرحه النّازف ، يمدّ يده مستنجدا ، دمه المتدفّق من فمه وأذنيه ، زفراته ،، يحاول الزحف بما تبقّى لديه من قوة ، الطلقات تزداد والسّماء يحقنها الدّخان ، لم تعد تراه ، انتعلت الهرب وعلا في الجو نشيج وأنين الجرحى في كل مكان ، لم تشعر برجليها المتسمّرتين أمام وجه عرفته وتعرفه ، صاحب مزرعة القرية ، عملت لديه بقطف الخضار ، تلقّفها ، شدّها من يدها المرتجفة " تعالي معي ، مزرعتي بأمان " .
بيتها الذي سكنته بمفردها منذ رحيل والديها هوى بقصف الغارة اللعينة على بيوت القرية ، ها هي هنا تضمّد جرحا بجرح .
هدأت الغارة ستعاود لعبة الهرب ثانية " يا الهي ،، يجب أن أهرب قبل انقطاعه عن الشخير ، أين أذهب ،، فقدت كلّ شيئ ، لن أمنحه فرصة أخرى ليجعل مني خادمته المطيعة في قصر حريمه " .
تطاولت يدها الى فاكورة الباب ، تلفتت خشية أن يراها ،، محاولة أخيرة " الباب مقفل" .
كلصّة خائفة تلاحقها الكلاب ، تعثّرت بالأريكة ، نهرت التراجع ، عثرت على المفتاح بجانب سريره ، وبثوبها المبتلّ بالدّمع ، بجسدها الذي عزلته عنها ، بقواها العقلية ، بجنون الأنثى ، تتأبّط قدميها وتناشد زوايا المزرعة الخاوية الاّ من أنفاسها المتهدّجة، وأشجار كالأشباح تفترسها بعيونها ، الزهور تحتضر ، رجله العرجاء تلاحقها ، تصطادها عكازه ، بينها وبين بوابة المزرعة خطوتان ، تحاول الانفلات ....
تدوي صرخة في الفراااااغ " ما أرحمك ...يا مووووت ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا