الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى رهاناً على الانتخابات واليسار الاسرائيلي

عليان عليان

2013 / 1 / 25
القضية الفلسطينية



جاءت نتائج الانتخابات الاسرائيلية ، والاصطفافات التي تبلورت لحظة إعلان النتائج ، لتشكل لطمةً لرهان البعض ، في الساحة الفلسطينية وللجامعة العربية على معسكر ما يسمى " بأحزاب اليسار " والوسط الصهيونية ، بحيث بات بوسع نتنياهو ، أن يستمر ، في سياسة تكثيف الاستيطان ، والحرب والعدوان ، والمضي قدما ، في تهويد القدس والتنكر لقرارات الشرعية الدولية .
صحيح أنه حصل تساوي ، بين مقاعد اليمين واليسار ، بواقع 60 نائباً لكل معسكر ، لكن هذا التساوي ، لا يعكس وحدة الاطراف في كل معسكر حيال القضايا الداخلية ، وإن كان يعكس القواسم مشتركة بين المعسكرين حيال المفاوضات ، مع الجانب الفلسطيني ، بمعنى ان الخلاف بين اليمين واليسار الصهيوني ، حيال الموقف من الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة ، يتمثل في الفرق في درجة التطرف وليس اكثر .
لقد تمنت القيادة الفلسطينية ، أن تشكل أحزاب ما يسمى باليسار والوسط الصهيونية ، بالاضافة للقوائم العربيىة" 12 " نائباً كتلة مانعة ، تحول دون تشكيل نتنياهو للحكومة القادمة الذي حصل مع ليبرمان في إطار تكتل " ليكود بيتنا " على (31 ) نائباً ، بتراجع مقداره 11 نائباً ، عن انتخابات الكنبست السابقة ، لكن حزب (هناك مستقبل ..يش عتيد ) الوسطي " 19 نائباً " بزعامة يائير ليبيد ، خذل المراهنين عليه ، في أن يكون خشبة الخلاص ، لمعسكر ما يسمى باليسار الصهيوني .
وبالتالي لم يعد بمقدور (حزب العمل ) ، بزعامة شيلي يحموفيتش " 15 نائباً " ، ( وميريتس ) " 6 نواب " (وحزب الحركة ) بزعامة تسيفي ليفتي " 6 نواب " (وحزب كاديما ) " نائبان " أن تشكل مع القوائم العربية " 12 نائباً " الحكومة القادمة.
ليبيد الوسطي ، وجه ضربة لاطراف ما يسمى باليسار والوسط " حزب العمل + ميريتس ، كاديما + حزب الحركة + القوائم العربية ، حين أعلن أنه ليس معنياً ، بتشكيل جبهة في مواجهة نتنياهو ، وانه مستعد للمشاركة في حكومة برئاسته ، طالما أنه يستجيب نسبياً ، لمطالبه في قضايا إدارة الدولة ، وتغيير في وسائل الحكم وفي القضايا الاقتصادية ، المتعلقة بالميزانية ، والبطالة ، وكلفة السكن وغيرها.
ومن ثم فإن ليبيد ، سهل مهمة نتنياهو ، في عدم الخضوع لاحزاب الحريديم ، المتطرفة جداً " شاس ، البيت اليهودي ، يهدوت هتوراه " التي في حال ضمها ، وفق برنامجها ، ستزيد من عزلة (إسرائيل ) الدولية أكثر مما هي معزولة ، وبالتالي فقد بات مؤكداً ، أن تحالف نتنياهو ليبرمان ليبيد هو الذي سيشكل الحكومة بأغلبية معقولة .
فالليكود في ضوء هذه الخارطة التحالفية ، سيظل على ذات مواقفه في تكثيف الاستيطان ، وتهويد القدس ، والرفض عملياً لقيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 ، ورفض حق العودة .. ألخ وليبرمان سيظل على ذات الموقف ، مع نتنياهو بنكهة أكثر تطرفاً .
أما ليبيد فيشاطر نتنياهو في كل مواقفه السابقة ، ويشاطره في ذات الموقف ، الخاص بالبناء الاستيطاني ، في منطقة (E1 ) شرق القدس لفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها ، ولعزل القدس بشكل كامل ، عن محيطها العربي ، لكنه يمايز نفسه شكلاً في سياق تكتيكي ، وليس أكثر ، بالحديث عن حل الدولتين .
ما يجب التأكيد عليه ، هنا أن تراجع " الليكود بيتنا " ، ليس مرده جنوح الرأي العام الاسرائيلي ، نحو الوسط واليسار ، وليس لأن جمهور اليمين أراد معاقبته ، على موقفه من المفاوضات مع الفلسطينين ، بل مرده يعود إلى عدة عوامل أبرزها :
أولا : فشله الذريع ، في العدوان على قطاع غزة ، وانتصار المقاومة التكتيكي في حرب الأيام الثمانية في تشرين ثاني من العام الماضي.
ثانياً : فشله الاقتصادي ، الذي تمثل في عجز الموازنة ، ومقداره (10) مليار دولار ، وانعكاس هذا العجز ، عبر إجراءات اقتصادية قاسية شملت تقليص الإنفاق على الخدمات العامة ، وزيادة في قيمة الضرائب المباشرة وغير المباشرة ، وغلاء كبير في الأسعار ، وإقالة آلاف الموظفين من القطاع العام ، وتأجيل مشاريع البنية التحتية وغيرها من الإجراءات التي تثقل كاهل الإسرائيليين .
لكن هنالك عوامل أخرى ، صبت بطريقة غير مباشرة ، في خانة تراجع " الليكود بيتنا " لصالح ما يسمى بمعسكر اليسار ، تتمثل فيما يلي :
أولاً: ارتفاع نسبة التصويت في الوسط العربي في متاطق 1948 مقارنةً بالانتخابات السابقة ، لصالح القوائم العربية ، حيث وصلت إلى نحو في المئة ( 53,5 ) في المئة ، ناهيك أن كماً لا بأس به ، من الأصوات العربية ، صب لصالح ، ما تسمى بالأحزاب اليسارية الصهيونية. .
ثانياً : العامل الدولي ، الذي كان له تأثيره على الناخب الإسرائيلي بشكل عام ، وعلى الكتلة المترددة العائمة ، المحايدة الواقفة ، بين معسكر اليمين وما يسمى بمعسكر اليسار والوسط ، بشكل خاص ، حيث صوتت هذه الكتلة ، في جزء كبير منها ، لصالح المعسكر الثاني .
وقد تمثل هذا العامل ، بشكل رئيسي ، في تحذير حليفين رئيسيين ( لإسرائيل ) وهما الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، ووزير خارجية بريطانيا وليام هيج ، عشية الانتخابات الإسرائيلية ، من أن سياسات نتنياهو ، في مجال المفاوضات والاستيطان ، وإفشاله حل الدولتين ستزيد من عزلة اسرائيل الدولية ، وتجر عليها عواقب كارثية .
ثالثاً : اكتواء هذه الكتلة العائمة ، شأنها شأن بقية أطراف ( المجتمع الاسرائيلي ) بنار سياسات نتنياهو الاقتصادية ، واستخدامه الفزاعة الايرانية ، لتمرير مشاريع مكلفة ، كشف النقاب عن بعضها كشراء غواصات لا لزوم له بقيمة 500 مليون يورو- حسب مواقف قائد سلاح البحرية الإسرائلي ، وجهاز الأمن الإسرائيلي - ، في حين لم يكشف النقاب عن البعض الآخر ، حيث يرى قطاع واسع من الإسرائيليين ، أن هذه المشاريع ، لصالح مجده الشخصي ، على حساب الأوضاع الاقتصادية الصعبة للإسرائليين.
رابعاً : شعور هذه الكتلة العائمة ، أن حرب نتنياهو ، على غزة أحدثت نتائج سلبية ، على أمن الكيان الصهيوني ، وفقدان الاستقرار فيه وأنها عكست ضعفاً ، في القدرات التخطيطية ، وفي قراءة قدرات المقاومة الفلسطينية ، وعدم إيلاء المجتمع الدولي ، الأهمية المطلوبة ، ما أوقع ( إسرائيل ) في عزلة خانقة .
ما يهمنا ، ونحن نتابع نتائج الانتخابات ، وتداعياتها ، أن نشير إلى أن مسألة اليمين واليسار نسبية ، وشكلية ، بالنسبة للموقف من الموضوع الفلسطيني ، بحيث يمكننا الجزم ، أن كل الاحزاب الصهيونية على اختلاف تلاوينها ، " عدوة " للشعب الفلسطيني ، ولتطلعاته وثوابته الوطنية وأن الفرق بينها ، هو في درجة الغلو والتطرف ، وفي طريق إدارة الصراع فالبعض يستخدم الوضوح الكامل ، في رفض ، حقوقنا الوطنية والتاريخية والبعض الآخر ، يستخدم أسلوب القفاز الناعم ، وهو أكثر خطورة لأنه يحقق اختراقات هائلة ، لجهة دفع الجانب الفلسطيني ، الاستمرار في نهج المفاوضات ، دون أي تثمير لها.
كفى رهانا ، على لعبة اليمين واليسار ، في الكيان الصهيوني ، كفى رهاناً على الانتخابات الاسرائيلية ، التي لم تخرج يوماً ، عن التنكر للثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني ، وعن التنكر ، لكل قرارات الشرعية الدولية وللقانون الدولي ، واتفاقات جنيف.
كفى رهاناً على لعبة اليمين واليسار ، فاليمين واليسار المزعوم تجمعهما قواسم وثوابت مشتركة ، هي : القدس بشطريها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني / ضم الكتل الاستيطانية الكبرى للكيان الصهيوني / بقاء قوات الاحتلال والمستوطنات في منطقة الاغوار ، واستثمارها اقتصاديا لمصلحة (اسرائيل ) / رفض العودة إلى حدود 1967 وخطوط الهدنة لعام 1949/ الرفض المطلق لحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وأخيراً وفي ضوء ما تقدم ، يترتب على القيادة الفلسطينية ، أن تغادر خيار الرهان ، على تغيير قواعد اللعبة السياسية ، في الكيان الصهيوني ولو نسبياً ، لصالح القضية الفلسطينية ، وأن تجري مراجعة شاملة لنهج المفاوضات البائس ، باتجاه مغادرته نهائيا ، في إطار استراتيجية تعتمد الوحدة الوطنية ، وخيار المقاومة بكافة أشكالها ، كخيار رئيسي ووحيد لدحر الاحتلال ، وبحيث يكون العمل السياسي ، والدبلوماسي ، في إطار تثمير المقاومة ، وليس على حسابها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #