الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اين يكمن الخلل

حميد غني جعفر

2013 / 1 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مكمن الخلل في كل ما يعانيه شعبنا وبلادنا من المحن والرزايا ، هو في العقول القاصرة لهؤلاء ساسة الصدفة الذين لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم ، ولا يفكرون إلا بمصالحهم الذاتية الأنانية في اقتسام المغانم والمناصب مع سعيهم الحثيث في افتعال واختلاق المزيد من الأزمات – للحفاظ على مناصبهم وامتيازاتهم – فكانت أزمات متلاحقة ومتجددة – بلغت حد الاستعصاء – بين هؤلاء المتصارعين الذين لا تتوقف مطامعهم وجشعهم عند حد ، وكان لهذه الأزمات المتلاحقة المتجددة انعكاساتها السلبية – بطبيعة الحال - على واقع حياة المجتمع – اليومية – وفي كل الميادين والتي تحدثنا عنها في العديد من المقالات السابقة – وليس من حاجة للعودة إلى تفاصيلها – والتي من أبرزها وأكثرها خطورة – اليوم - على شعبنا وبلادنا ، هو تفكيك النسيج الاجتماعي – الموحد المتماسك لشعبنا عبر تاريخه العريق – وإقحامه بالهويات الفرعية الثانوية وتغليبها على الهوية الوطنية الحقيقية الأصيلة ، بغية إضعافه وتفتيت وحدته ... ليخلو لهم الجو في التحكم برقاب هذا الشعب وبمصائر البلاد خدمة لمصالح أجندات خارجية – إقليمية وأجنبية مدفوعة الثمن – وبهذا المعنى فإنهم قد باعوا الوطن بأبخس الأثمان .
والواقع فإن هذه العقول القاصرة ليس لوحدها مكمن هذا الخلل – مع أنها تتحمل مسئوليته بالدرجة الأولى – فهناك خلل آخر لا يقل أهمية عنه ألا وهو المجتمع ذاته الذي دفع بهم إلى هذه المواقع – عن غير وعي – بدوافع طائفية وقومية وعشائرية ، وليس وفق المقاسات المعتبرة – الكفاءة والنزاهة والإخلاص والتاريخ - فكانت الحصيلة هي ضياع الهوية الوطنية الحقيقية وتمزيق وحدة الشعب وتشتيت إرادته .
وكما أوضحنا في مقالتنا السابقة – السوفان – عن هذه العقول القاصرة ، أنها ترفض أية حلول سليمة وجذرية للخروج بالبلاد من أزمتها ، فالحلول الصحيحة والسليمة موجودة وطرحت منذ عامين من القوى الوطنية المخلصة والحريصة على مستقبل الشعب والبلاد ، لكنهم يرفضونها – لأنها لا تتفق ومصالحهم أو مصالح الأجندات الخارجية التي يرتبطون بها – هذا من جهة ومن الجهة الأخرى يمارسون سياسة الإقصاء والتهميش لدور القوى الوطنية الديمقراطية – وعن قصد - لكنهم وعندما تشتد الصراعات و يضيق الخناق بهم ، يتنادون بها ويهدد كل منهم الآخر بالذهاب إليها ، وليس ذالك إلا بهدف امتصاص نقمة الشارع العراقي وتخدير يقظته ... وبالتالي يجري التهرب والتملص منها .
إنهم يتقبلون الدور الاستشاري – المزعوم – لمبعوثي الأمم المتحدة على أنه لمساعدة العراقيين مع أن هذا الدور هو إحدى القنوات التي تدخل منها أمريكا للتدخل بالشأن العراقي – على أنه مبعوث أممي من الأمم المتحدة وهي منظمة دولية محايدة !! ودورها استشاري وبأن هؤلاء المبعوثين أصدقاء للعراقيين ، مع أن شعبنا غني ويزخر بالطاقات والكفاءات والعقول الجبارة وفي مختلف الميادين – سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ومختلف العلوم الأخرى – وهي قادرة – بكل تأكيد – على حل كل الأزمات مهما استعصى حلها فهم أهل الدار وأهل الدار أدرى من الأجنبي بطبيعة وواقع شعبهم وبلادهم بما يمتلكونه من تجربة ثرة وتاريخ عريق وإدراك عميق ، من حيث القيم الاجتماعية والأخلاقية ومن حيث العادات والتقاليد ومن حيث وحدته وتلاحمه وتاريخه في النضال المشترك على مرّ العصور ومن حيث مصالحه واحتياجاته ومتطلبات عيشه ودون الحاجة لاستشارت من الأجنبي ، لكن هؤلاء الساسة وبهدف الإقصاء والتهميش لدور القوى الوطنية الديمقراطية – الحية والأصيلة – فهم يتجاهلون ما طرحته هذه القوى الديمقراطية المخلصة – ومنذ عامين – من حلول جذرية وسليمة للخروج بالبلاد من أزمتها والتي تأكدت صحتها وصوابها وليس من خيار سواها – حتى هذه اللحظة – أما انتخابات مبكرة أو عقد مؤتمر وطني لكل القوى الوطنية ، وهذا ما ذكرناه في مقالة سابقة – خياران لا ثالث لهما – وفكرة الانتخابات المبكرة طرحت منذ عامين ومن القوى الديمقراطية اليسارية لأنها كانت على يقين تام – منذ تشكيل الحكومة – بأنها فاشلة لأنها قامت على المحاصصة الطائفية ولن تتقدم خطوة واحدة باتجاه خدمة مصالح الشعب العراقي ، وهذا ما تأكد اليوم بوضوح ، بدعوة رئيس الوزراء – بعد أن ضاق عليه الخناق – بالذهاب إلى انتخابات مبكرة ، وقبل عام أيضا – من هذا التاريخ - طرحت القوى الديمقراطية وتحديدا الحزب الشيوعي العراقي فكرة عقد مؤتمر وطني شامل لكل القوى الوطنية وقد تبنى هذه الدعوة – كما هو معروف – السيد رئيس الجمهورية وبذل جهدا حثيثا لتقريب وجهات النظر بين هؤلاء المتصارعين تمهيدا لعقد المؤتمر إلا أنه لم تثمر كل جهوده حتى الآن شيئا ، وسوف لن ولم تثمر شيئا ، وهذا ما ذكرناه في مقالة سابقة ، من أن هذين الخيارين هما ليست في صالح المتصارعين فهم يخشون على مناصبهم وامتيازاتهم ويحتمون بالأجنبي والمليشيات المسلحة . ولقد اتخذ هؤلاء من المرجعية الدينية ستارا لإخفاء مطامعهم ونواياهم وجعلوا من المرجعية أيضا عكازا يتوكئون عليها للحفاظ على كراسيهم ومناصبهم من خلال تضليل الشعب والبسطاء من الناس على من أتباع أهل البيت وملتزمون بالمرجعية والإيحاء للناس وكأن الصراع – اليوم – هو ديني وطائفي ، ومن هنا كان التخندق والاحتقان الطائفي والاحتراب الدامي بين أبناء الوطن الواحد ، وهذا بالضبط ما سعت وتسعى إليه أمريكا وبريطانيا ... فكان نجاحا لهما إلى حد كبير ، ومع كل الاحترام والتقدير والإجلال لمرجعيتنا الرشيدة التي التزمت جانب الشعب بعد أن تأكد لها مطامع ونوايا هؤلاء وقفت ضدهم ووجهت لهم النقد الشديد على سياساتهم وممارساتهم ورفضت كل توجهاتهم ورفضت استقبال أي مسئول منهم ، ولم يبقى معهم في كل سياساتهم وتوجهاتهم الطائفية إلا السيد أوباما والسيد كوبلر هم الأصدقاء الذين يساعدونهم على حل الأزمات المتلاحقة ... فهنيئا لهم بهذه الصداقة .
وأخيرا ليس أمام شعبنا – بعد هذا الوضوح – إلا الوقوف صفا واحدا متماسكا – ونبذ التعصب الطائفي أو التعصب القومي – بالعودة في استشراف تاريخه العريق ومواقفه الوطنية المشهودة ووحدة إرادته التي حقق فيها أروع الانتصارات التي أسقط فيها حكومات طاغية خصوصا وأن هذا اليوم من تأريخ شعبنا المجيد هو ذكرى وثبة كانون الخالدة عام 1948 فبوحدته وإرادته وكل قواه الوطنية وبتضحياته الغالية استطاع إسقاط حكومة صالح جبر ومعاهدة بورتسموث مع بريطانيا ، وبوحدته ووحدت قواه الوطنية أيضا انتصرت ثورة 14 تموز 1958 وهذه محطات مضيئة ينبغي استخلاص العبر والدروس ولتكن حافزا قويا للوحدة والتلاحم لكل الوطنيين الشرفاء الذين تعز عليهم قضية شعبهم ووطنهم ، فبوحدة الإرادة والموقف الوطني الغيور يمكن دحر التعصب الطائفي أو القومي ... والانطلاق نحو إصلاح العملية السياسية ومحاربة الإرهاب و الفساد والمفسدين – وهما وجهان لعملة واحدة – ومن أجل تحقيق الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية والعيش الكريم لكل الشعب بكل أطيافه ومكوناته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!