الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاشيء فوق العراق

رحمن خضير عباس

2013 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



كانت دمعة مظهر محمد صالح مضرجة بالحزن والمرارة . تلك الدمعة التي لم يتمكن من حبسها في عينيه المتعبتين . وهو يخرج من اعتقال غير قانوني وغير دستوري . كانت التهمة الموجهة اليه غير مفهومة في فحواها ( الأضرار بالمال العام ..) ولو جعلنا من هذه العبارة مسطرة للأعتقال لغصت المعتقلات بكبار المسؤلين من وزراء ونواب وحاشيتهم وجيوش موظفيهم . كانت دمعته ترثي عراقا كاملا , وتبكي على ضياعه وسقوطه بين براثن الأعداء والأميين والمتعصبين واللاهثين وراء المال والسلطة . لقد بكينا كثيرا لدمعته الساخنة , وكأننا نسترجع واياه ما قاله شاعرنا السياب ( فلتبكين على العراق .. فما لديك سوى الدموع ) . حينما شاهدناه وهو يخرج من معتقله , شعرنا ببؤس ما نحن فيه . حيث ان اعتقاله كان اهانة متعمدة الى كل الكفاءات العراقية المخلصة لوطنها . ومعاملته بهذه الطريقة ماهي الا صفعة لكل الأكاديميين من عراقيي الداخل الذين هُمِشوا , اومن عراقيي الخارج الذين انتشروا في ارض الله الواسعة . من اقتصاديين واطباء وصيادلة وفيزياويين ومهندسين وادباء وشعراء وباحثين وفنانين وصحفيين .. الخ. ولقد شهد لهم العالم في قدراتهم وعبقريتهم , والمعمارية المبدعة ( زها حديد ) مثال على ذالك كما تبوأ الكثير منهم مراكز كبيرة في كل مفاصل الحياة في الشرق وفي الغرب فلو ترك الأطباء العراقييون وظائفهم في انكلترا , لتعرضت لكارثة طبية .
لقد كان مظهر شجاعا في موقفه , فرغم انه يعلم ان القضاء العراقي مسيس و تابع لأمر سلاطين السياسة الجدد , الأ انه تقدم بخطوات ثابتة مسلما نفسه , متحملا اعتقالا لايتميز بالمواصفات العادلة . حيث من المفترض ان يخرج بكفالة بعد يوم او يومين . ولكنهم ابقوه اكثر من شهر في معتقل من معتقلات بغداد غير مكترثين بصحته وسنه ومكانته , ولولا موقف الكثير من العراقيين الشرفاء من صحفيين ومثقفين واكاديميين لبقي مظهر معتقلا الى هذه اللحظة .
كانت كلماته وهو يغادر المعتقل تنمّ عن وعي وحكمة . فقد تذكر الأستاذ فاضل الجمالي . الذي لم يشفع له علمه ووطنيته ان يهان ويعتقل وتوجه اليه اشد الأتهامات بالعمالة والخيانة . وكأن الأستاذ مظهر يريد ان يقول بان اختلال المعايير , وانهيار الأخلاق , وتدني الحاسة الوطنية , يؤدي الى جعل النخب العلمية يتيمة على موائد من تسلقوا السلالم السياسية والأجتماعية .
لقد اعتبر سلوك السلطة إزاءه جزءا من قواميس الحياة وتحركاتها في مدّها وجزرها حينما قال ( هذه هي الحياة ) وقد توج عباراته الرائعة بكلمة لايمكن لنا ان ننساها ( لاشيء فوق العراق ) ونحن نردد معه .. لاشيء فوق العراق .
لقد كان لمظهر الفضل الكبير في إطفاء الديون العراقية في نادي باريس , حيث استطاع ان يقنع الدائنين بان اسقاط ديونهم عن العراق لايساهم في انقاذ العراق فحسب . وانما ستكون الفائدة للعالم ايضا . لأنّ ازدهار العراق وتخلصه من ديونه سيوفر دينامية جديدة للأقتصاد العالمي . كما ان الأستاذ مظهر المهندس الحقيقي لأنقاذ الدينار العراقي وجعل سعره يميل الى الثبات . لقد تعرض مظهر والشبيبي وكل المخلصين من الكفاءات الأقتصادية الى ضغوط كبيرة من قبل مافيات المال والسلطة . ولكنهم صمدوا في موقفهم مما دعا الحكومة الى اخراج مذكرة اعتقال بحق الشبيبي ومظهر بدعوى الأضرار المتعمد بالمال العام .
إنّ العراقيين الشرفاء سيقفون بوجه التيارات التي تريد سرقة الوطن وتدميره . إنّها معركة طويلة غير متكافئة . ولكن النصر سيكون مع المخلصين للوطن , ولايصحُّ الاّ الصحيح .
اوتاوة 24/01/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |