الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصصة نتاج للتكنلوجيا وليس نتاج للعقل البشري

محمود هادي الجواري

2013 / 1 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


المحاصصة نتاج للتكنولوجيا وليست نتاج للعقل البشري ..
بقلم الكاتب والمحلل السياسي
محمود هادي الجواري ..
هناك الكثير ممن يعتقد أن العراق ، هو البلد الوحيد في العالم الذي يعاني من الفساد المالي والإداري ، المحاصصة العرقية والطائفية والخ من المعرقلات لمسيرة الإنسان نحو التقدم .. فهناك دول كثيرة هي الأخرى و التي مازالت تعاني من تلك المفردات بالرغم من أنها استطاعت من اجتياز مراحل هامة ومتحققة في الانجاز وعلى الأصعدة المهمة ومنها على سبيل المثال الدول المتقدمة التي سبقتنا في التطور العلمي والتكنولوجي وكذلك في القطاعات الأخرى كالاقتصادية والاجتماعية مثلا .. ولكن نشاهد أنها قدر ما استطاعت من تحقيقه هي ما زالت باقية في معاناة متفاقمة تبعا للتقدم العلمي والتكنولوجي الذي تحققه وبشكله المضطرد ، ولنأخذ على سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية التي ضربت أروع الأمثلة في الرقي والحرية والمساواة ورفاهية الإنسان ، اليوم تشهد أمريكا وتعيش اكبر أخفاقة في تاريخها متمثلة بالتدهور الاقتصادي الملحوظ والذي بدى يشكل خطرا داهما حقيقيا على وحدة وتلاحم الولايات المتحدة والذي انعكس بدوره على الأوضاع المجتمعية وبدا في تسجيل مؤشرات خطيرة على مستوى الرفاهية المعهودة للإنسان الأمريكي الذي كان يعيش الزهو و الخيلاء بين أمم الأرض المختلفة ،ولعل ما يجرنا إلى انتقاء أمريكا على سبيل الدراسة هو سؤال مثير للأهمية كي أضع القارئ الكريم أمام مقارنة واقعية لا نريد منها أن تجرنا إلى أساليب اللبس غير المنصف هجاءا أو مديحا وان لا يكون الافتراض فيها هو المعيار ولكي لا يكون أيضا هذا الموضوع قابل للجدل بين التابعين أو المناوئين ولذا انطلق من سؤال هام في حياة الأمم و في جميع إرجاء المعمورة واسأل هل انتصرت التكنولوجيا على عقل الإنسان الأمريكي الصانع للتكنولوجيا وكذلك الإنسان الأخر المتلقي لها وغير المشارك في صنعها ؟؟؟وهل أصبحت إمكانية البحث عن الحلول عقيمة أمام تراكمات التكنولوجيا الانلوكية أو الرقمية وهل أنها شكلت عقبة إمام العقل البشري كي يأخذ دوره ومكانته البارزة في تصحيح ما استطاعت التكنولوجيا من جر الإنسان سريعا إلى المطبات المختلفة كناتج لتحولاتها السريعة ؟؟ ليست الولايات المتحدة لوحدها مبتلاة بمواجهة تلك النتائج لوحدها اليوم ،، وإنما تبعتها دول تنافست معها وبشدة في الانطلاق بعيدا في عالم الخيالات العلمية والبرامج الافتراضية لاختراق عالم الحقيقة أو ما إلى الو رائيات كما يعتقدون ويقتنعون بأنهم سائرون في الطريق الصحيح إلى تحقيق غايات إنسانية تهدف إلى إسعاد البشرية .. ليس هناك ادني شك أن التكنولوجيا قادرة على تحقيق القفزات النوعية السريعة من إعطاء الحلول الموضوعة سلفا ولكنها في ذات الوقت أنها غير قادرة على الخلق في وضع الحلول من ذاتها وبذاتها وبشكل تلقائي ..نقول أن التكنولوجيا كانت هي الأخرى احد أنواع الأسلحة الحديئة في تحدي جموع من البشر الذين قطعهم الإسفين الأعوج في جذع البشرية وهو الجزء الكبير الذي يتلقى سلبيات التطور التكنولوجي ومن دون المرور به ،استخداما ملموسا وأصبح يعاني من الآثار البيئية السلبية التي تحدثها التكنولوجيا وأثارها المخيفة على مستقبل البشرية ،،، ولكونها اختيرت لكي تكون كالسلاح الإستراتيجي من حيث السرية والكتمان ،، إذن لابد لصناع التكنولوجيا أن يكونوا في غاية من التحفظ على نقلها بين العوالم ولأسباب لا تخلو من الهيمنة على مصائر وإرادات الشعوب التي أخذت تتشكل وعلى أساس الرقي ، فهي أفرزت تقسيم العالم على أساس ما يمتلك من التكنولوجيا ،، حيث ظهرت المسميات العالم الأول ، والعالم الثاني ، والعالم الثالث ،، فكما لصناعة السلاح السرية التامة في الخشية من وقوعها بيد الأعداء فان التكنولوجيا لها السرية القصوى لأنها تدخل في صناعة السلاح المدمر والشامل وكما أنها تشكل موردا اقتصاديا هائلا وخاصة أن العالم اليوم يشهد تحولات سريعة ومخيفة تسحق وبسرعة مهولة ملايين من البشر وفي غضون دقائق معدودات إذا ما أسيئ استخدامها ،، ولعل ما يفيدنا من توصيفاتنا للتكنولوجيا ومن ثم الآثار والانعكاسات على مسيرة الإنسانية هو البحث المستفيض والمجدي لسريانها إلى الدول التي لا زالت لا تستطيع إدارة مجتمعاتها وجعلها منضبطة من خلال بث البرامج التوعوية وبالطرق التقليدية فان دخول التكنولوجيا إليها وبشكل مفاجئ سيفقدها الكثير من مبادئها الإنسانية التي اعتادت على ممارستها وخاصة ما يتعلق ب اختلال المنظومة القيمية التي تحمل في صدورها وعقولها وتؤدي بطبيعة الحال إلى التنصل من المبادئ الأخلاقية ،، ولسبب بسيط جدا ،، إلا وهو بروز العوامل المادية وخلق قاعدة للتعامل بين الإفراد على أسس معرفية جديدة لا تنتمي إلى الأصل الذي جبل عليه وبشكل فطري . وبمعنى أن العلاقات الاجتماعية الموروثة ستكون عرضة للاختفاء ونلاحظ ذلك جليا في المجتمعات الغربية التي جعلت من الإنسان إن يكون شبيها إلى حد ما بالروبوت فهو لم يعد بمقدوره سماع صوت الإنسان من فم أخيه الإنسان ، بل أخذت الوسائل الحديثة تسمعه صوت أخيه الإنسان عبر الآلات والأجهزة ومنها أجهزة الاتصال ، وكما أن القسوة التي تفرضها التكنولوجيا أصبحت الأسرة تتخلى عن أبناءها بعد بلوغهم سن الثامنة عشرة وبذلك أسهمت التكنولوجيا في تشتيت أبناء الأسرة الواحدة ولأسباب ما تفرضه التكنولوجيا من الارتفاع الحاد والمضطرد في الأسعار فلم يعد بمقدور الأسرة رعاية أبناءها وإنما تصبح شاكرة للدولة التي تتحمل نفقات الأبناء عند بلوغهم سن الرشد والتخلص من تباعاتهم الاقتصادية المكلفة ...فهل نحن سنسير على نهجهم إذا أمكنا من امتلاك التكنولوجيا ؟؟وهل نحن قادرون على الاحتفاظ بمنظوماتنا القيمية إذا امتلكنا هذا الطارئ الجديد على مجتمعنا ؟؟كي لا أوقع القارئ العزيز في متاهات أو يكون الالتباس في المفاهيم امرأ واردا ،، فأنني اشدد على أن التكنولوجيا هي إحدى النتاجات العلمية ، وكما نعلم أن العلم هو ليس بالمسيء إلى البشرية وإنما هو النور الكاشف في ظلمة ما نعيش ومبددا له ،، إذن العلم هو بحد ذاته غاية إنسانية،، ولكن الخشية تكمن في مستخدمي أدوات ونتاجات العلم وتسخيرها إلى ما يتناقض مع الوجود الإنساني والحفاظ عليه من الأيادي التي لها غاياتها التدميرية ،، فالخير موجود مع نشأة الخليقة والشر موجود كذلك ،،وما هو مخيف لنا إننا وللأسف الشديد لا نمتلك المضادات أو الموانع في استخدام التكنولوجيا التي تفيد الإنسان من الأخرى التي توقع الضرر فيه ،، أي إننا لا زلنا لا نمتلك الوسائل الرقابية الكفيلة في السيطرة على أي من مفردات التكنولوجيا التي تصل ألينا وخاصة أنها ليس من صنع أيدينا ،، وبمعنى أدق إننا لا نزال ننظر إلى التكنولوجيا الداخلة ألينا وبعيون المنبهر،فهي تسحرنا وتجعلنا لاهثين وراء جديدها ، ولعل أول دخول لها كان في مطلع القرن الجديد حيث كان بادئة زوال الحظر المفروض من قبل طاغية العراق على المواد وخاصة التكنولوجية وأهمها أجهزة الاتصال واستخدام وسائل الإعلام وبكل أنواعه عبر الأقمار الاصطناعية فماذا حدث كناتج لهذا التحول الجديد في حياة الشعب العراقي ؟؟كما نوهنا فيما سبق عن الاستخدام الخاطئ والسيئ للتكنولوجيا أسهم وبشكل فاعل في تقتيل الآلاف من أبناء الشعب العراقي وعبر استخدام الهاتف النقال في متابعة العلماء والسياسيين وتنقلاتهم بين المدن وفي داخل مدنهم كذلك ،، ولم تكن للدولة من الوسائل في الكشف عن الجناة وكما أسلفت لافتقارها إلى الأجهزة الرقابية التي تضع المعايير للاستخدامات السيئة من قبل المغرضين والمجرمين ،،وكما لانتشار الوسائل الطباعة الحديثة لها ذات الآثار السلبية على حياة الإنسان ،، فقد أسهمت الوسائل الطباعية الحديثة في تزوير ألاف الوثائق الجامعية وأصبح التزوير ركنا مهما في تسهيل إغراض المجرمين واللصوص في السيطرة على مرافق الدولة وعبر الوسائل تلك، وبطبيعة الحال أدى ذلك إلى تبؤ المجرمين المناصب الحساسة في الدولة والهيمنة على الدوائر الحكومية المختلفة وحتى في المقامات العليا والسيادية منها ،، ناهيك عن دخول غير مشروع لآلاف المركبات المسروقة من دول العالم ودول الجوار وجلبها إلى العراق كان له إبعاد في تغيير بيئة العراق النقية وتحويلها إلى بيئة مأزومة ،، ناهيك عن الزحام المروري الذي خلق التذمر بين المواطنين ،، وصعوبة التنقل بين المدن العراقية التي هي الأخرى شهدت تلوثا بيئيا لا يحمد عقباه ..ولعل الخطير في إساءة استخدام التكنولوجيا والتي أسهمت وبشكل فاعل في تأجيج وايقاض الفتن العرقية والطائفية ،، هو الاستخدام غير المدروس لوسائل الإعلام وخاصة الفضائيات التي امتلكت الوسائل التكنولوجية في بث الإخبار الكاذبة والتلفيق والترويج إلى الحرب الأهلية وعبر ما امتلكت من الوسائل الحديثة التي لا تمتلك الدولة مثيلة لها أو إحكام السيطرة عليها ،، نستشف مما أوردنا أن التكنولوجيا الغير المسيطر عليها من قبل الدولة لها القدرة على تغيير سايكلوجية وديموغراقية الشعب وهذا ما حدث فعلا ،،وما التهجير الطائفي والعرقي ما هو إلا الاستخدام السيئ للتكنولوجيا التي أصبحت وبالا على شعب يدفع كل يوم إثمانا باهضة ودائما الإنسان المتلقي لنتائج تلك التكنولوجيا الطارئة يكون هو الضحية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث