الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام المحاصصة الطائفي سبب كل مصائبنا في العراق، لنحاكمه الآن

شاكر الناصري

2013 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


اعتقد أن سلمية المظاهرات التي انطلقت في الأنبار أو الادعاء إنها سلمية لم تدم طويلا وها هي تترك الساحة للصوت الأعنف، للصوت الذي يثر الحشود ويستفز كل ما بدواخلها من رواسب وعقد وعقائد بغيضة فيها الكثير من الاستعلاء والكراهية. للصوت الذي يثر فيها شهية اللجوء الى السلاح. سليمة المظاهرات التي انطلقت وتحمل مجموعة مطالب ناصرها الكثير من العراقيين بدأت تخلي الساحة لمطالب تفوق قدرة واحتمال المواطن المنكوب بعيشته وأمانه ومصيره المجهول. هذه المطالب تحولت من مطالب حقوقية وإنسانية ملحة إلى مطالب تزيد من خطورة وحساسية الوضع السياسي في العراق وتجعل القوى المؤثرة في التظاهرات تحت طائلة السؤال. لأنها وبكل بساطة جعلتنا نستشعر المخاطر التي تحملها لنا الأيام القادمة.

أصبح إسقاط حكومة نوري المالكي يشكل المطلب الأبرز في المظاهرات ولكنه لن يكون الأهم والأوحد فَكُرَة المطالب تتدحرج وتكبر وتتزايد يوما بعد آخر خصوصا حين ترافقها نغمات التصعيد والكراهية والانتقام من الظالم ولعل شعار ( يا انبار ثوري ثوري خلي المالكي يلحك نوري) الذي سمعناه قبل أيام في مظاهرات الانبار يوعد بالكثير من العنف الذي انطلقت بوادره يوم أمس في الفلوجة وستتواصل تبعاته للايام القادمة وسيفتح ساحة الصراع للكثير من الاحتمالات. أو حين يتم استدعاء خطباء ورجال دين عرف عنهم دعمهم المطلق للإرهاب والتعصب الطائفي كالقرضاوي والعرعور على سبيل المثال لا الحصر أو قراءة رسائلهم التضامنية.

كل يوم يمضي من عمر التظاهرات والاعتصامات يكشف عن استعدادات متزايدة نحو العنف ونحو العسكرة وإلا كيف نفسر ظهور النائب عن القائمة العراقية احمد العلواني وهو يلوح مبتسما بكلاشنكوفه وخلفه راية القاعدة؟ وكيف نفسر الحديث عن تسليح المتظاهرين في الفلوجة وصولة شبابها على سيطرات الجيش في مناطق الفلوجة؟

كلما تزايدت المطالب كلما اندفعت أكثر نحو العنف لأن تزايد المطالب سيقطع الطريق أمام أي حل ممكن خصوصا وان استجابة الحكومة للمطالب تواجه عقبات ولم تستجب للمطالب الأكثر إلحاحا وتخوض صراعا مفتوحا مع القوى التي تقف ضدها. اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء لتلبية مطالب المتظاهرين كشفت عن حجم الإهمال والإصرار على عدم حل المشاكل الهائلة واحتكار بالوظائف العامة في مؤسسات ودوائر الدولة المختلفة وخصوصا في وزارتي الدفاع والداخلية من قبل الحكومة العراقية وحزبها الحاكم وإلا كيف يمكننا أن نفهم قدرة هذه اللجنة التي لم تتشكل إلا من عدة أيام سابقة على حل آلاف المشاكل والمطالب التي جعلت قسما كبيرا من العراقيين يشعرون بالظلم والغبن والتهميش المرير؟

هناك أطراف دعمت المطالب وحشدت الحشود ولكنها اليوم تعلن أن المظاهرات بدأت تنحرف عن مسارها وان ذلك سيهدد بنسف العملية السياسية !!! قوى أخرى دعمت المظاهرات في بدايتها وسعت إلى ركوبها ولكنها هربت نحو (كويتا الباكستانية) ومن ثم حددت مجموعة نقاط او مطالب ومن يخرج عنها او يطالب بغيرها او أكثر منها فإن عليه ان يتحمل مسؤولية ما سيحدث.

بغض النظر عن كل هذا فان المظاهرات التي انطلقت اولا في الانبار ومن ثم توسعت باتجاه مدن أخرى، كانت اللحظة التي نخشاها جميعا ألا وهي انتقال ما يحدث في سوريا إلى العراق. ارتفاع حدة التأجيج وتزايد حدة الهتافات واتخاذها بعدا طائفيا واضحا مصحوبا بتصريحات وخطب نارية تدعو لكل شيء ولكنها لن تدعو للسلم او نبذ العنف. إنها تدعوا لاستعادة الحقوق المستلبة ( السلطة) وإن من استلمها من بعد صدام حسين ليس سوى طائفي صفوي ابراني....الخ لا يجوز الرضوخ لسلطته أو الدفاع عنها.

قوى سياسية عراقية وخارجية تمارس لعبتها المفضلة في العراق في التصعيد والسعي نحو المصالح واللعب على حبال عدة في آن واحد. أطراف سياسية او عشائرية او دينية مستعدة لتنفيذ ما تريده دول أخرى بذريعة حقوق ومصالح السنة في العراق. الإعلام العربي وعبر قنواته الرئيسية لم يتوقف عن تصوير المظاهرات والاعتصامات وتصديرها كثورة سنية باشتراطات الربيع العربي.

ما يحدث في العراق هو نتيجة مباشرة لنظام المحاصصة الذي تم فرضه على العراق من قبل هذه القوى التي تتصارع الآن وتزج بالأبرياء ومطالبهم وحياتهم في لجة صراعاتها. الشعور بالظلم والتهميش مؤلم وقاسي جدا وعدم تلبية مطالب عادلة ومشروعة وإنسانية أمر لا تمارسه إلا الأنظمة الدكتاتورية المستبدة.

النظام السياسي القائم في العراق (نظام المحاصصة الطائفية والقومية) هو نظام يؤسس للدكتاتورية وللاستبداد وللاستئثار بالسلطة ليس من قبل الذي يتسنم السلطة ويجلس على كرسيها فقط ولكن من قبل القوى والأحزاب والمؤسسات الدينية الطائفية التي تجد في هذا النظام حاميا ومتنفسا يحقق لها الكثير من الذي عجزت عن تحقيقه طوال عقود.
ما يحتاجه العراق الآن حركة مطلبية واضحة المعالم وبأهداف واضحة أيضا وإذا كانت مظاهرات الانبار والمدن الأخرى تحمل عدة مطالب عادلة ومشروعة فإن خروج تظاهرات مطلبية في عموم مدن العراق تطالب بإلغاء نظام المحاصصة الطائفية وإعادة صياغة الدستور المهلهل. الدستور الذي شرعن المحاصصة والفساد والاستئثار بالسلطة وإنهاء سطوة القوى السياسية والمؤسسات الدينية والعشائرية المتنفذة والتي تفرض سطوتها ووصايتها على حياة العراقيين، سيكون مصيريا وحاسما في حياة العراق والعراقيين جميعا.

إن علة العراق في نظامه السياسي وفي القوى التي تحمي هذا النظام وتدافع عنه لأنه سر ديمومتها وسر قدرتها على التحكم بمصير وحياة وأمان العراقيين. لنحاكمه الآن وإلا فإن الغد لا يحمل لنا إلا المزيد من التهميش والشعور بالظلم والإذلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نظام المحاصصة
حسين علوان ( 2013 / 1 / 27 - 16:39 )
تحياتي للكاتب
نظام المحاصصةل لا ينتمي للديمقراطية بشيء، بل هو نظام تقسيم مصالح ومطامع بين القوى السياسية تحت مسمى الدفاع عن تلك الطائفة
وهو بحقيقة الأمر يرسخ لتقسيم الشعب الى طوائف وفرق
وبالتالي يزيد الصراع فيما بينها
هي كانتونات كبيرة ذات عنصرية بغيضة

اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن|فيديوهات مرعبة! هل انتقلت البلاد إل


.. مصابون في قصف من مسيّرة إسرائيلية غرب رفح




.. سحب لقاح أسترازينكا من جميع أنحاء العالم.. والشركة تبرر: الأ


.. اللجنة الدولية للصليب الأحمر: اجتياح رفح سيؤدي لنتائج كارثية




.. نائبة جمهورية تسعى للإطاحة برئيس -النواب الأميركي-.. وديمقرا