الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا الثورة:(5): منطلقات في التطبيق والعمل الميداني

رياض خليل

2013 / 1 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



سوريا الثورة : (5)
منطلقات في التطبيق والعمل الثوري الميداني


إسقاط النظام والقوى السياسية والعسكرية المدافعة عنه :
بالمعنى هذا ، فإن إسقاط النظام .. أي نظام .. لايمكن أن يتم وينجز إلا عبر إسقاط سلطته . وتلك هي الخطوة الأولى الأساسية على طريق إسقاط النظام الشامل في أي بلد ، وهو ماقد يستغرق سنوات ...
إسقاط القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية الفاعلة والقائدة :
ولايمكن إسقاط تلك السلطة إلا بالنيل من قوتها وقدرتها الإكراهية العنفية المسلحة ، ولايمكن إسقاط قوة السلطة المسلحة ومؤسساتها إلا بإسقاط الأشخاص القابضين على دفتها والممسكين بقوتها العسكرية والشرطية والأمنية ، وهم المسؤولون الرئيسيون عن تسيير مؤسسات السلطة وإدارتها وقيادتها وتوجيهها ، والساهرين على الحفاظ عليها كقوة فاعلة في خدمة النظام القائم . هؤلاء هم الرؤساء والمدراء العامين وغير العامين ، و الوزراء والمحافظين ، وقادة المؤسسات والقطعات والوحدات العسكرية والأمنية وماينضوي منها تحت مسمى : القوات المسلحة من هجانة وجمارك ..الخ ، هؤلاء لهم ، أو لقسم منهم ، مصالح أساسية وحيوية في بقاء السلطة بيدهم وتحت تصرفهم ، باعتبارها وسيلتهم لفرض أنفسهم ووجهات نظرهم وإرادتهم وأهدافهم على المجتمع من حولهم ، وباعتبارها وسيلتهم للسيطرة والهيمنة والنفوذ والسيطرة على مقدرات الحياة الاجتماعية ، وعلى التحكم في المال العام وثروات الوطن العامة بما يخدم مصالحهم السلطوية الفئوية الضيقة والمرتبطة بشرائح وفئات هم ( مالكو السلطة ) من يحددونها ويرسمون أطرها ودوائرها في سائر المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية والأمنية . إنهم أشبه بتشكيلة بشرية اجتماعية تمسك بالقوة من كل جوانبها ، وتحتكرها ، وتحتكر مجالات الانتفاع بها كما تشاء وترغب .
القوى المأمورة .. المنفذة .. الخاضعة :
وهي غالبا من الموظفين والعاملين في الدولة ، والآلة البيروقراطية الشاملة ، التي تتحرك وفقا لإرادة ورغبة السلطة الحاكمة وتوجهاتها المحددة .
هؤلاء هم من الموظفين العامين والعاملين في الدولة والحكومة ، ومنفذين مطيعين للأوامر والتعليمات ، وخاضعين لاحول لهم ولاقوة ، وقد تكيفوا مع النظام ومؤسساته وآلياته ، لدرجة أنهم أصبحوا أشبه بآلات بيروقراطية مدمنة ، متمسكة بالشكليات والحرفيات ، وماتوفره لهم من فرص للفساد والرشوة والإثراء غير المشروع ، وبعيدا عن الأخلاقيات وروح القانون ، والأهداف الإنسانية والوطنية ، ولمثل هذا السياق المرضي شواذه واستثناءاته التي لاتقدم ولاتؤخر في شيء ، ولاتستطيع تغيير المسار العام والمشهد العام للحياة الوظيفية السائدة في مرحلة ما من نظام ما .
مجالات وميادين التغيير الرئيسية :
تطهير السلطة وإعادة هيكلتها وتوجيهها وتصحيح مناهجها ومساراتها ووظيفتها الأساسية في خدمة المجتمع والوطن .
الفئات والشرائح التي يطالها التطهير والعزل :
وحينما يحدث التغيير .. فإنه لايطال هؤلاء في كليتهم ، بل يطال المراتب والمستويات العليا من المسؤولين عن الإدارة والقيادة داخل السلطة ، وبالتحديد من هم مع النظام القديم الديكتاتوري ، وخصوصا من عملوا واشتركوا فيما ارتكبه من خروقات قانونية ، وفيما فعلوه من أعمال جرمية يعاقب عليها القانون الوطني والقانون الدولي .
أول مايجب أن يحدث هو تنظيف السلطة من الرؤوس التي تشرف عليها وتديرها وتتحكم بنشاطاتها وسير أعمالها . وإحلال كفاءات جديدة بدلا منها ، ومن داخلها أو خارجها ، وتلك نقطة البداية لحرف سكة السلطة عن مسارها السابق ، وتحديد الوجهة والسكة الجديدة للسلطة وفقا للأهداف المختلفة ، والمحددة من قبل قوى التغيير التي تكون قد حققت السيطرة على مؤسسات السلطة الرسمية السيادية في الدولة ، وشرعت في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية نحو نظام جديد مختلف كليا وجذريا عن النظام الذي كان قائما ومسيطرا ، إن من حيث الشكل أو من حيث المضمون والتوجه والهوية .
بناء السلطة الثورية المسبق :
إن تحقيق تلك المهمة الرئيسية من مهام المرحلة الانتقالية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية ، يحتاج إلى إعداد وتهيئة وتحضير مسبق وتدريجي وتراكمي خلال وفي سياق الثورة . بمعنى أنه لابد من بناء مشروع السلطة الثورية البديلة فعليا على أرض الواقع ، وفي إطار الممكن ، لتكون جاهزة لتسلم السلطة كاملة ، لحظة سقوط النظام وسلطته بشكل فجائي .. لحظوي .. سريع . وبذلك تتفادى السلطة الثورية الموجودة والقائمة جزئيا على الأرض .. تتفادى الوقوع فيما يسمى : حدوث فراغ في السلطة ، يترتب عليه انهيار الدولة/النظام/السلطة ، والدخول في الفوضى واللاأمن واللااستقرار الاجتماعي .

السلطة الثورية الراهنة :
السلطة الثورية الراهنية لاتزال مشروع سلطة ناقص . حيث لم تتمكن قوى الثورة والمعارضة السورية حتى الآن من فرض سيطرتها وسلطتها كاملة على المناطق التي حررتها . ومازالت تلك المناطق المحررة ، ناقصة التحرر ، مادامت تشاركها السيطرة والسلطة قوى الحكم الديكتاتوري بأشكال متنوعة ومتعددة ، أقلها بقاء تلك المناطق المحررة تحت تهديد وخطر النيران والقصف البري والجوي من قبل النظام الديكتاتوري الحاكم ، الذي مايزال يجابه الثوار في كل أرجاء سوريا ، ويفرض نفسه في المعركة بقوة غاشمة ومدمرة على كل شيء في الجغرافيا السورية . ومادام الأمر كذلك ، فلا يمكن الحديث عن سلطة لقوى الثورة والمعارضة بالمعنى الكامل والناجز للكلمة . وتلك مهمة ثورية لم تنجز بعد ، وتحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد العسكري قبل السياسي .
العامل العسكري والسياسي
وعلى قوى الثورة والمعارضة ألا تعول كثيرا على السياسي ، بل على العسكري ، لأن هذا الأخير هو المحدد للسياسي ، عبر تغيرات موازين القوى المتصارعة على أرض الواقع . وهذا ينطبق على المستوى الوطني الداخلي ، كما على المستوى الخارجي الدولي .
تجذير الثورة :
إن الثورة التي ولدت واندلعت من الداخل السوري ، ولاتزال كذلك ، لايمكنها المراهنة على غير المزيد من التجذر في الأرض السورية والمجتمع السوري ، لتنمو شجرتها وتخضر وتزهر وتثمر وتؤتي أكلها . في داخل سوريا وليس في خارجها وحسب تبني الثورة مقومات سلطتها العامة والشاملة والقوية والناسخة لسلطة النظام الديكتاتوري الحالي . وعلى النسخة الثورية أن تمحو النسخة الديكتاتورية من التاريخ السوري وإلى الأبد . في سوريا وحسب على الثورة أن تنتصر وتبتكر الحلول لهزيمة النظام الحالي ، وتحرير الوطن والشعب من الديكتاتورية .
الاعتماد على العوامل الذاتية الموضوعية السورية هو الأساس والمنطلق في العمل الثوري:
إن التعويل على التعاطف الدولي – على الرغم من قيمته وأهميته – لا ولن يغير شيئا في مسار الصراع ، وموازين القوى ونتائج الصراع الجاري في سوريا ، وخاصة من الناحية السياسية ، والعبرة بمن يحكم فعليا ، ويفرض سلطته بقوة السلاح ، وغيره من أدوات الصراع كافة . ومن هنا لايمكن للمجتمع الدولي أن يتعامل مع مشروع السلطة الثورية على أنها سلطة فعلية قائمة بقوة السلاح والأمر الواقع على كامل أو على جزء من الجغرافيا السورية . وليس بوسع المجتمع الدولي – المنقسم أصلا على نفسه بحدة – أن يفعل شيئا أو يقدم الكثير لقوى الثورة والمعارضة كي تتحول من مشروع سلطة بديلة إلى سلطة قائمة وشاملة وكاملة ووحيدة لسوريا الديمقراطية . وأي دعم مهما بلغ مستواه الكمي والنوعي لن يكون بديلا عن العمل والجهد الثوري الذاتي ، العسكري والسياسي في الصراع الدائر في سوريا . والاعتماد على الذات الثورية هو عماد الحل والنصر والتحرر الكامل من الديكتاتورية الجاثمة على صدور السوريين منذ أكثر من أربعة عقود ماضيات . فالعوامل الذاتية والموضوعية الثورية السورية هي القاعدة والأساس المتين الذي يجب أن تبنى عليه مهام الثورة في مراحلها كافة ، أما ما سوى ذلك فهو عوامل مساعدة متفاوتة التأثير في مجرى التغيير المنشود .

العوامل المساعدة :
العوامل المساعدة هي جزء من العوامل الرئيسية ، ومن الممكن أن يكون جزءا ترجيحا إن أحسن استخدامها واستثمارها وتوظيفها لصالح الثورة وأهدافها العادلة .
إن التأييد الدولي والخارجي عموما – في الحالة السورية – ماكان ولن يكون إلا من العوامل المساعدة ، سياسيا وعسكريا وماليا ، ومن سوء حظ الثورة السورية أنها لم تلق الاجماع الدولي على مشروعيتها وأحقيتها وعدالتها . ومن حسن حظ النظام أنه احتفظ ومايزال بدعم كتلة دولية ذات وزن كبير في الحياة الدولية من النواحي كافة ، سيما امتلاكها ل" حق الفيتو" : الاعتراض على أي قرار من مجلس الأمن ، وأهم تلك الدول : روسيا والصين ، وكان دعمهما مع الدعم الإيراني غير محدود للنظام الحاكم في سوريا ، ماأمن له القدرة على الاستمرار والبقاء والمواجهة الشرسة لقوى الثورة والمعارضة التي تعسكرت رغما عنها ، بسبب غياب أية خيارات سلمية – تفاوضية حوارية سياسية حول محاور الخلاف الأساسية ، وحول القضية الأساس ، وهي ضرورة الانتقال السلمي من النظام الديكتاتوري إلى النظام الديمقراطي .
خيار الثورة :
وضمن هذا الواقع ، لن يكون أمام الثورة من خيار سوى الانتصار عسكريا ، وصولا إلى تأمين الجغرافية السورية من سيطرة النظام القديم الديكتاتوري . وتلك مهمة ماتزال بعيدة المنال ، ولكنها المدخل نحو الاعتراف الكامل بالثورة وسلطتها الفعلية وطنيا ودوليا ، ومثل هذا الانتصار هو وحده القادر على تحديد المواقف الدولية منطلقا وتوجها وإطرا ، والتأثير عليها بالاتجاه الذي يخدم إرادة الثورة ، ويأخذ بعين الاعتبار وجودها الفعلي في الواقع السوري ، كوجود وحيد وبديل للنظام المهزوم .

تأمين المناطق المحررة عسكريا
على قوى الثورة والمعارضة المسلحة إذن أن تنجز مهمتها الأساس على أرض الواقع السوري ، على الأقل بنسبة كبيرة يعتد بها ، وهي تأمين المناطق المحررة عسكريا ، والقدرة على حمايتها من نيران النظام الحاكم ، والنجاح في بسط سيطرتها وسلطتها فيها طبقا للقواعد والمبادئ والبرامج المطروحة علنا على الملأ ، أي إقامة وتفعيل إدارة مدنية تعنى بشؤون السكان في المناطق المحررة ، وتلك المهمة لاتقل أهمية عن العمل العسكري ، من أجل تحقيق النجاح الكامل للثورة في المناطق المحررة .
وحدة العمل الثوري : العسكري والمدني
ومن المهام الجسام للثورة ، ضرورة العمل من أجل تأمين وحدة العمل الثوري مابين الجناح العسكري ، والجناح المدني السياسي ، وداخل كل جناح على حدة . وتحقيق هذا العمل يضفي على الثورة المزيد من القوة والمنعة والتأثير في مجرى الصراع ، ويسرع وتيرته باتجاه الحسم والنصر .
نحو السلطة الثورية الكاملة :
اعتمادا على وحدة العمل الثوري : العسكري والسياسي ، واعتمادات على الذات الثورية السورية أولا وأساسا ، ثم وبالدرجة الثانية على العون والدعم العربي والإسلامي والدولي ، بأوجهه كافة ، يمكن حشد المزيد من القوة ، وبالتالي يمكن تحقيق المزيد من التقدم العسكري الثوري ، لبلوغ المستوى المطلوب تحقيقه ، والذي لابد منه ، من أجل رجحان ميزان القوى لصالح قوى الثورة والمعارضة ، وبدء عملية الحسم ، بالتوازي مع مأسسة الحياة الثورية المدنية في المناطق السورية المحررة من حكم النظام وقواته المسلحة . ولابد لتحقيق تلك النتائج من : تطهير المناطق المحررة من بؤر ومرتكزات وجيوب النظام العسكرية والأمنية في المناطق المحررة تماما ، وبعضها مما يعتبر من المؤسسات السيادية ، كالمطارات المدنية الدولية والداخلية والعسكرية ، كما لابد من نزع سيطرة النظام وكف يده عن المؤسسات السيادية المدنية ، ومنها الجامعات والمؤسسات التعليمية والمستشفيات ومخافر الشرطة والإدارات المختلفة التي تعنى بتسيير شؤون الحياة اليومية للمواطنين . كما لابد من تأمين الطرق والمواصلات ، وحرمان النظام من الانتفاع بها ، أو استغلالها في حملته العسكرية الأمنية ضد المواطنين السوريين . كل تلك الأعمال هي ضرورية وأساسية ، لاستكمال بناء سلطة الثورة العسكرية والمدنية في المناطق المحررة من الوطن السوري ، والانطلاق منها لإنجاز المهمة الرئيس : إسقاط رأس السلطة القابعة في العاصمة دمشق . والخلاص النهائي من السلطة الديكتاتورية في أرجاء الوطن السوري كاملا . وبعد ذلك فقط يمكن الحديث عن حل سياسي بعيدا عن حكم الأسد وعصاباته ، وبعيدا عن المواقف السياسية الدولية الضبابية والغامضة والمشبوهة ، ومن أبرزها المواقف الروسية الصينية المتطابقة مع النهج الأسدي ، والداعمة له بشكل مطلق وغير أخلاقي بالمطلق .
والمواقف الخارجية تحددها المواقف الداخلية ، وليس العكس ، على الرغم من تبادل التأثير فيما بينهما . والمواقف الخارجية لاتهتم كثيرا بالضعفاء ممن لاوزن ولاتأثير لهم على الساحة الوطنية الداخلية ، إنها تهتم بالقوى القادرة على التأثير والفعل والتغيير ، داخليا وإقليميا ودوليا . ومن هنا كان لزاما على قوى الثورة والمعارضة أن تعي ذلك ، وأن تكف عن الوقوف موقف الاستعطاف ، وتعول على القوى الذاتية ، وهي متوفرة في كل خلايا وبنى المجتمع السوري : المدني والعسكري ، وتملك الثورة الكثير من القوى المناصرة لها داخل المؤسسات الخاضعة لسيطرة النظام حتى الآن ، وهي قوى احتياطية رافدة لقوى الثورة والمعارضة ، ولها دور ووظيفة تؤديها راهنا ولاحقا في العمل الثوري الجاري .
إن تنامي وتراكم الانتصارات الثورية السورية ، لابد وأن يصل إلى نقطة التحول الكيفي النوعي ، الذي يضمن الرجحان الواضح لميزان القوى العسكرية والسياسية الثورية في مواجهة النظام الأسدي الغاشم والوحشي ، وحينما تصل الثورة إلى تلك النقطة من التحول النوعي ، تكون قد أنجزت القسم الأكبر والأهم من بناء وجودها الشرعي : سياسيا وعسكريا وقانونيا : وطنيا ودوليا ، ما سيفرض تغيرات جذرية على مواقف الدول والمجتمع الدولي والمنظمة الدولية ، تغيرات تصب في صالح الثورة وليس في صالح النظام المهزوم . وبذلك تقترب الثورة من استكمال مقومات السلطة الشرعية الكاملة والوحيدة على الأرض السورية والمجتمع السوري الذي سيكون المصدر الوحيد المنتج للسلطة ديمقراطيا .
وحين يتحقق ذلك .. يمكن الحديث الجدي عن حكومة ثورية قوية متجذرة في الداخل السوري سياسيا واجتماعيا وسياسيا وعسكريا . ولامعنى لأي حديث عن حكومة في الخارج ، أو في الهواء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب


.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط




.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟