الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما تزيد ماء ما يفسد عجين

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2013 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


من الأمور التي تستدعي التوقف عندها، دفاع عبد الإله بنكيران عن قرار وزارة الطاقة الرفع من تسعيرة الكهرباء بالنسبة للوحدات الصناعية، التي لا شك سترفع بدورها من قيمة منتوجاتها، ما سيؤدي إلى إثقال كاهل المستهلكين البسطاء الذين لم يزد دخلهم سنتيما واحدا، بأكثر مما يتحملون، في ظرفية حرجة جعلت المواطن العادي ينظر إلى فاتورة الكهرباء بحنق و غضب و إلى المكتب الوطني للماء و الكهرباء كشيطان رجيم. و لعل الاحتجاجات الدموية التي شهدتها مؤخرا أحياء سيدي يوسف بن علي لا أصدق تعبير عن هذه الحالة، التي لا ندري لما لم يستوعب رئيس الحكومة دلالاتها أو يلتقط إشاراتها التي بعث بها جزء يعبر في حراكه عن الكل المغربي. و بهذه الخطوة التي ينوي تفعيلها، ربما يقطع أخر شعرة تربطه بالبسطاء الذين عقدوا الآمال عليه و منحوه أصواتهم و معها أحلامهم و رغبتهم في حياة أفضل.

صحيح أن لقرار رئيس الحكومة مسوغاته، و لكن المواطن العادي لم يعد ـــ بعد الزيادة في ثمن المحروقات و ما خلفته ـــ مستعدا لتحمل المزيد من تبعات العجز في الميزان التجاري، بينما هنالك بدائل يمكنها توفير دخل مهم للدولة بعيدا عن جيوب العامة التي أضحت مثقوبة من فرط الحاجة، فإرشاد النفقات و الطاقة أو استخلاص الديون المتراكمة على الجماعات المحلية و التخلي عن إقامة مهرجانات تكلف الملايير، أمثلة من شانها إخراجنا من الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، و لا يجوز في جميع الأحوال، أن يدفع المواطن البسيط الشريف ثمن ما اختلسه الفاسدون من مؤسسات الدولة، و يكون الرقعة التي تستر بها الحكومة عجزها في استخلاص حق الشارع الذي جاءت بتفويضه.

على السيد رئيس الحكومة أن يعي جيدا الوضع المزري الذي يعيشه المواطن البسيط، و أن يدرك أن هذا المواطن ضحى كثيرا في سبيل هذه الحكومة التي أقرت قرارات لم تكن في صالحه، لا لشيء سوى ليفهم بنيكران أن الشعب الذي جعله في منصبه متفهم للإكراهات و التركة التي وجدها على مكتبه. و لكن الشارع استنزف طاقته في هذا الاختيار و أصبح مستعدا للتضحية بنفسه في حال استمر الوضع على ما هو عليه، خصوصا و أن مؤسسات الدولة تنفق بلا هوادة في تفاهات لا تمت لدولتنا النامية و المتخبطة في العجز و الفاقة بأي صلة أو وصل، و ليس تبذير هيأة الإيداع المركزي للأوراق المالية لمبلغ 38 مليون سنتيم في الشهر الواحد على الشكولاطة، فقط على الشكولاطة، بينما فئة عريضة من الشارع المغربي لا تضمن ثمن الخبز (الحرفي) و قطرة زيت، سوى مظهر من مظاهر التناقض و (الحكرة) التي لا تنتهي، و التي لم يعد الشارع المغربي راضيا عن استمرارها أو قادرا على استساغتها.

و حين سترتفع الأسعار هذه المرة، ربما يسوء الوضع (و لا نتمنى ذلك) إلى درجة لن تتحمل الحكومة انعكاساتها و لا المغرب وطنا و شعبا تبعاتها، لأن المغربي حين يتهدد في قوته اليومي يصبح عدوانيا و ردات فعله غير محسوبة، ما يجعلنا نطالب رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران، حبا في الوطن، بالتراجع عن قراره بالرفع من تسعيرة الكهرباء بالنسبة للوحدات الصناعية، لأن الأخيرة لن تتأذى ما دام مصير المواطن البسيط رهن مقصلتها و حاجياته اليومية بيدها، و حين يتعلق الأمر بالحفاظ على أرباحها و مكتسباتها فهي مستعدة لكل شيء و أخر همها المصلحة العامة. و الأمل كل الأمل، أن يتذكر بنكيران ملايين البؤساء الذي وضعوا ثقتهم فيه ليلطف من واقعهم و يغيره نحو الأفضل، و ليس ليزيدهم بؤسا و سخطا، و يأخذ بنصيحة القدماء حين قالوا، ما تزيد ماء ما يفسد عجين.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام