الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع الثورات.. ربيع جنسى

امال قرامي

2013 / 1 / 27
العلاقات الجنسية والاسرية


لا غرو أنّ من بين «محاسن» الثورة التونسيّة تحرير قطاع التبادل التجاريّ. فبعد أن كانت عديد المواد الاستهلاكيّة ممنوعة صارت السوق التونسيّة تعجّ بسلع وافدة من بلدان صديقة لعلّ أهمّها تركيا. ولئن تباينت مواقف التونسيين تجاه هذه السلع الوافدة فإنّ إجماع الرجال حاصل بشأن الفياجرا (Viagra) التى كانت محظورة فصارت اليوم من بين السلع الأكثر رواجا، بل إنّ كلّ المدّخرات التى وفّرتها الصيدليّة المركزيّة قد استهلكت فى غضون بعض الأشهر وفى زمن قياسيّ وغير متوقّع. فما السرّ وراء ذلك؟ هل يفسّر هذا الإقبال بانتشار ظاهرة الزواج العرفيّ السرّيّ إذ تثبت الإحصائيات وجود أكثر من 700 زيجة، (بنسبة 80 بالمائة فى صفوف الطلبة السلفيين بالجامعات التونسيّة) فى ظلّ حكومة مؤقتة لا تجرّم هذه الخروقات رغم إعلانها التمسّك بمجلّة الأحوال الشخصيّة؟ هل يفسّر هذا الإقبال على استهلاك «الفياجرا» فى ضوء سياسات «التمكين» فيغدو التمكين الجنسيّ خطوة أولى فى انتظار تفعيل العمل بتعدّد الزوجات؟

•••



ولئن وجدنا مبرّرات لبعض المستهلكين كالفضول، أو السقوط فى شراك الإشهار، أو الرغبة فى تقوية «الباه» فى زمن شاع فيه الشعور بالإحباط والإحساس بالضعف على جميع المستويات بما فيها مستوى الأداء الجنسيّ فإنّ إقبال فئة من الرجال المُنتسبين إلى الحركات الإسلامية ملفت للنظر، خاصّة إذا نزّلنا التهافت على الصيدليات فى إطار سياق المظاهرات التى يُنظّمها حزب أنصار الشريعة، وحزب التحرير وفئة من النهضاويين للمطالبة بتطبيق «شرع الله» والعدول عن مجلّة الأحوال الشخصية. ويتّضح أنّ المطالبة بتعدّد الزوجات فى نظر هذه الفئات، صارت مطلبا شعبيّا...فالشعب يُريد مثنى وثلاث، وفئة منه تحلم «بما ملكت الأيمان».



ويبدو أنّ مسار الثورة قد فتح شهيّة فئة من الرجال فأطلقوا العنان لهُوامَاتهم (Fantasm) يظهر ذلك جليّا من خلال التعاليق على الفيس بوك، ومقاطع من الفيديو المنشورة على اليوتيوب، والصور المتداولة فى الفضاء الافتراضى، وأيضا من خلال تصريحات عدد من «الدعاة» وفئة من زعماء الأحزاب الدينيّة: يحلمون بعودة مؤسسة الحريم.. بنساء منتقّبات «عفيفات»، «طاهرات» يُفضلن «البَيتُوتَة» على الاختلاط بالرجال، ومُزاحمتهم فى الطريق وأماكن العمل، والنقل.. يحلمون بنساء تابعات، خاضعات يُؤدين طقوس الطاعة صباحا مساء.. يحلمون بإعادة بناء علاقة المرأة بجسدها.. من المصالحة إلى التأثيم، يحلمون بإرساء قوانين المؤسسة البطريكية وممارسة التسلّط الذكورى، يحنون إلى زمن «سى السيد» حيث الرجال فى المركز والنساء فى الهامش، يُروّجون لأيديولوجيا التفوّق الذكورى، ويَصُغون خطابات من شأنها أن تؤسس لصناعة الرجال.



•••



وممّا لاشكّ فيه أنّ وراء البحث عن تقوية «الباه» عبر الفياجرا تصوّرا لنمط العلاقات الرجال بالنساء، وتصوّرا للجسد الأنثويّ على أنّه مكمن القوّة واللّذة ومركز العار والعيب، ولكن هناك أيضا أزمة رجولة اسدل عليها الستار طيلة سنوات الاستبداد وها هى الثورة تفضح المستور، فإذا بعبارات من قبيل: إنّنا رجال، تونس مصنع الرجال.. لابدّ من استرجاع قيم الرجولة، الصقور، الصناديد... تُتداول فى الشارع وفى البيوت وفى وسائل النقل وفى الفضاء الفيسبوكى، ولعلّ شباب النهضة وبعض التيارات السلفية من أكثر الناس استعمالا لمثل هذه العبارات.



ونحن نستعدّ للاحتفال بذكرى ثورة 14 جانفى.. ثورة طالبت بالكرامة والحريات والعدالة الاجتماعية والمساواة ونهلت من معين ثقافة حقوق الإنسان الكونيّة لا يسعنا إلاّ القول هنيئا لفئة من رجال تونس بإرخاء اللحاء وحمل السيوف وتناول الفياجرا واستلهام ما ترسّخ فى المتخيّل الجمعى من صور حول الأنوثة والذكورة، علّهم بذلك يكتبون تاريخ الفحولة فى ثوبها الجديد.. فحولة معلمنة قوامها حبّات معلّبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أريزونا تصوت على تعديل في دستور الولاية بشأن الإجهاض


.. -سنقاوم مهما كان الثمن-




.. الرجال أم النساء، من سيلعب الدور الأكبر في تحديد نتائج الانت


.. إعادة هيكلة العصرانية الديمقراطية... محور ندوة حوارية في الر




.. الناشطة ومنسقة المشروع جميلة حسون