الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق : أزمة فرد أم أزمة حكم ؟

علي اينوما إيليش

2013 / 1 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تبدو الأزمة التي نمر بها اليوم نتيجة من نتائج عجز السلطة القائمة واعتمادها على مبدأ المحاصصة الطائفية والاثنية، هذا المبدأ الذي لم ينجح في معالجة جل المشاكل التي باتت سمة واضحة من سمات المشهد السياسي العراقي، ويوما بعد يوم تتسع وتتعمق هذه المشاكل لتتحول إلى أزمة نظام حكم. أما الأسباب التي أدت إلى ذلك، فانها تتلخص بغياب "الرؤى والاستراتيجيات القريبة والبعيدة، والخلل الكبير في تطبيق مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب، وما يترتب على ذلك من استبعاد للعناصر الكفوءة والمخلصة والوطنية، فضلا عن تفشي الفساد والبيروقراطية والترهل في أجهزة الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الإدارية"، كذلك "غياب إرادة العمل المشترك، وتقلص فضاءات التعاون والعمل الجماعي، وتنامي مظاهر الفردية، وتداخل الصلاحيات"، وخلال ذلك هناك بالتأكيد "تقزيم الديمقراطية والتعامل الانتقائي مع الدستور".

أزمة فرد أم أزمة حكم؟

بعد أن فشل مشروع سحب الثقة من رئيس الوزراء، جاءت تظاهرات المنطقة الغربية لتطالب "برحيل" المالكي، فضلا عن الشعارات "جذاب نوري المالكي، العميل، الإيراني". كذلك التظاهرات المؤيدة لرئيس الوزراء التي رفعت شعارا تصفه بـ"مختار العصر". ما سر هذا التركيز في شخص المالكي لا المؤسسة؟

في مقالة نشرها د. فالح عبد الجبار بعد أزمة سحب الثقة من رئيس الوزراء، تحت عنوان (المالكي والآخرون)، يوضح الباحث عبد الجبار سر التركيز في الشخص لا المؤسسة، يقول "في عقول الزعماء والقادة، الجدد والقدامى، كما في مخيلة العموم، تتمحور المشكلة في أشخاص، في شخص المالكي، مثلما تمحورت قبله في شخص إبراهيم الجعفري. ما الذي يمكن أن يتغير إن حل سين أو صاد محل عين أو كاف. ما سر هذا التركيز على الشخص لا المؤسسة؟ الجواب جد بسيط، ومقلق في آن، فهو اعتبار الدولة مجسدة في فرد، وهو نوع من التماهي خبرناه في الماضي مع المثقفين العرب ناهيك عن العامة يوم كان الاعتراض على الرئيس المخلوع صدام حسين، يعد اعتراضا، بل اعتداء على الدولة العراقية ذاتها"، "لا الدولة العراقية ستفنى برحيل المالكي، ولا اختلال نظامها سيزول بمجيء غيره. معضلة الدولة هي غياب المؤسسات، وغياب الضوابط والقيود التي تلجم أي نفور، أيا كان سببه. فالديمقراطية لا تقوم بوجود زعيم ليبرالي، بل تقوم رغما عن رئيس مستبد" ويمضي جبار قائلا "الحمية المتقدة لإخراج المالكي، والحمية الأكبر عند مريديه، لإبقائه، تفتقر، على جهتي التصارع، إلى أي دليل ينبئ بوجود وعي بالاختلال المؤسساتي".

الــ"نحن" ضد نهج المالكي، وننتقد مواقفه وتصرفاته مع شركائه، وتعامله القائم على الاستحواذ والإقصاء، إلى هنا نتفق تماما. لكن يجب أن نعترف بأن شركاءه لو كانوا في مكان المالكي لفعلوا ما يفعله المالكي الآن وأكثر. بديل المالكي هم مالكيون أيضا في الثقافة السياسية والنهج الذي تعلموه في الخمسينيات والستينيات. أقصد الثقافة الإيديولوجية التي كانت سائدة. أي أنهم نتاج ماض أيديولوجي لا يعترف بالآخر ولا يؤمن باللون المختلف، قادة وحكام تربوا على أولوية "الحزب، العقيدة، الفكر" لا على "الوطن والمواطنة"، قادة وحكام مثل هؤلاء نستطيع أن نسميهم "بالطراز القديم" وهم عائق أمام مفاهيم جديدة "الدولة المدنية، الديمقراطية، الحداثة، الحقوق، الحرية، العدالة الاجتماعية، المساواة"، وان كانت هذه المفاهيم تأخذ المكان الأوسع في بيانات "الطراز القديم" فهي غطاء نفعي وبرغماتي هدفه الوصول إلى المكاسب والمغانم والكعكة. "هو" و"هم" ليس لديهم التزام ديني أو مذهبي بل مواقف انتهازية لا أكثر للحصول على شعبية ليكونوا قادرين على الوصول إلى السلطة. جميع فريق "الطراز القديم" يعمل ويعيش في مستوى من "الفكر السياسي" البائس الذي لا يتلاءم مع المرحلة. الجميع يسير على الصراط المستقيم، صراط التطاحن والتنافس (سرا) للخلاص من بعضهم بعضا والانفراد بالسلطة.

من ينتقد المالكي "على عيني وراسي" ولكن من الخطأ أن نجسد الدولة في فرد، والتركيز في الشخص لا المؤسسة. الكثير من منتقدي "دولة القانون" يستثنون (العراقية، التيار الصدري، التحالف الكردستاني). أي استثناءات هذه؟ والقائمة العراقية لديها نائب لرئيس الوزراء ورئاسة البرلمان و4 وزراء، والتيار الصدري لديه 5 وزراء، والكردستاني لديه رئاسة الجمهورية و5 وزراء. ما معناه هو أن الجميع يشبه الجميع، المالكي يصف المتظاهرين بالفقاعات وهم يصفونه "بالكاذب" وجماهير المالكي يقولون عنه انه "مختار العصر"، وجماهير المعسكر الثاني يطبلون للقائمة العراقية. الأزمة هي أزمة حكم، أزمة نظام طائفي، أزمة عقل سياسي يعمل على مبدأ "لو ألعب لو أخرب الملعب"، نحن لسنا بحاجة إلى بديل عن المالكي، ولسنا أيضا بحاجة للمالكي. نحن بحاجة إلى سلطة لا تعتمد قاعدة المحاصصة الطائفية في معالجة المشاكل والأزمات، ولإيجاد رؤى واستراتيجيات، وإلى شخصيات "تكنوقراط" ومحاربة الفساد والبيروقراطية والترهل في أجهزة الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الإدارية. نحن بحاجة إلى الإيمان بالعمل المشترك، واتساع فضاءات العمل الجماعي، ومحاربة المظاهر الفردية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أونروا: فرار نحو 360 ألف شخص من رفح وليس هناك أمان دون وقف ل


.. نيويورك تايمز: ملفات حماس السرية تظهر كيف كانت تتجسس على الف




.. سوليفان: لا نعتقد أن ما يحدث في غزة إبادة جماعية وينبغي على


.. كيف يرى الإسرائيليون حرب غزة؟




.. فلسطينيون عالقون في العريش يبحثون عن فرص عمل