الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرحموا ما تبقى من سمعة العراق يرحمكم الله

صادق إطيمش

2013 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إرحموا ما تبقى من سمعة العراق يرحمكم الله
كانت إعتصامات القضاة العراقيين في السابع والعشرين من الشهر الجاري ردة فعل عكست ما ظل ينتظره الكثيرون من العراقيين الذين سمعوا مختلف الإتهامات التي وجهها البعض للقضاء العراقي دون ان تحرك المؤسسة العراقية القضائية ساكناً للرد على هذه الإتهامات او لتوضيح ماهيتها ودوافعها بالنسبة للمواطن العراقي الذي ظل اليوم حائراً بين عراك الديكة الطائفية والقومية والعشائرية والمناطقية التي تداخلت فيها مجدداً او واصلت تدخلها قوى التخلف الرجعي السعودي القطري الإيراني البعثي لتنال من أمن العراق ووحدة شعبه . لقد افلحت سياسة الإسلام السياسي ومن تحالف معها لنهب ثروات العراق وابتزاز اهله في إيصال واقع العراق وسمعته بين دول العالم إلى الحضيض الذي لم يسبقنا إليه سوى دولتين من بين دول العالم . وبذلك اصبح تصنيف العراق الرسمي اليوم والذي تؤيده المنظمات الدولية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ضمن التصنيف الذي إحتلته الدول التي باتت سمعتها الدولية مشوهة في جميع المجالات التي تعمل بها حكوماتها او الفئات الحاكمة فيها والتي اعطت القناعة الكاملة للمجموعة الدولية بانها دول لا يُرجى منها شيئاً . وظلت سمعة العراق بين الأمم تراوح في هذا المجال متأرجحة بين محاولات القوى الديمقراطية العراقية التي لا زالت تحاول إصلاح ما افسده لصوص الحكم وبين إصرار هؤلاء اللصوص على الإستمرار اكثر وأكثر على نهب كل ما يقع بين ايديهم . وفي خضم الصراع الذي تبلور بين اللصوص انفسهم على تقسيم الغنائم ، أصبحت المؤسسة القضائية العراقية في موقع يريد كل من الأطراف جذبها إليه وكل يريد الوصل بها والإستقواء من خلالها على الخصوم بحيث اصبح الدستور العراقي والقوانين العراقية وكأنها مقولات يرددها كل مَن هب ودب ممن وجدوا في مقاعدهم النيابية او مناصبهم الوزارية او قيادتهم للمؤسسات العامة في الدولة العراقية مبرراً لهم ليصبحوا حملة علم القضاء يفسرون ما يشاؤون ويؤولون ما يشتهون حتى ربطوا كل ذلك بالفقه الديني الذي خولهم تشويه القضاء العراقي ومؤسساته المختلفة وتطاولوا عليها عاكسين كل ما يحملونه من سيئات في حالة عدم إستجابة المؤسسة القضائية لتفسيراتهم وتأويلاتهم وطروحاتهم التي يحسبونها ضمن علم القضاء وما هي في الحقيقة إلا هرطقات مهوسين .
وهكذا تبادلت القوى المتصارعة على سلطة النهب والسلب والإبتزاز في العراق مواقع الهجوم والدفاع مستعينة بكل القوى الداخلية والإقليمية والعالمية التي تريد الشر بهذا الوطن وأهله وكل منها يصرخ باللجوء إلى الدستور وكل منها يلعن الطائفية وكل منها لا يريد تقسيم العراق وكل منها يرفض المحاصصة وكل منها يريد تنفيذ ما تطالب به الجماهير البائسة المحرومة من العمل والخدمات بكل اشكالها . وفي خضم هذا كله يظل المرء متساءلاً عمن يصدقه في هذا البحر الهادر من الأكاذيب التي يطلقها لصوص السلطة الحاكمة واعضاء برلمان الشعب العتيد . وفي خضم هذا كله ايضاً يظل المواطن العراقي حائراً امام سكوت المؤسسة القضائية العراقية على النيل منها اولاً وعلى سماحها باستهتار المستهترين ليوغلوا في إستهتارهم ضد هذه المؤسسة التي لا زالت تمثل الوجه الوحيد الذي يمكن للمواطن العراقي ان يضعه في الموقع النظيف الذي يستحقه بين الوجوه القذرة التي عجت بها الساحة السياسية العراقية . المؤسسة القضائية العراقية هي الأمل الذي يعول عليه المواطن العراقي اليوم لوضع مسيرة عجلة الوطن على مسارها الصحيح حتى وإن بدى تحقيق هذا الأمل صعباً بالنسبة للقضاء العراقي ، إلا ان الرهان على سمعته وتاريخه الحافل بالنزاهة والإستقلالية حتى وإن حاول البعض تشويهها في حقب تاريخية مختلفة من تاريخ العراق ، إلا ان المؤشر العام لمسيرة القضاء العراقي ظل حتى اليوم مؤشراً يبشر بوجود بارقة امل في مؤسسة عراقية لما تزل جديرة بهذا الأمل . ولكن كيف يمكن للقضاء العراقي ان يحقق هذا الأمل والضواري تنهش به اينما إستطاعت ؟ مَن الذي سيمهد الطريق من السلطتين التنفيذية والتشريعية امام المؤسسة القضائية العراقية لتحافظ على مسيرتها المستقلة والمسؤولون في هاتين السلطتين التشريعية والتنفيذية يتعاملون مع بعضهم البعض إستناداً إلى مبدأ هذا لك وهذا لي وإن سكتَّ أسكت ؟ وفي حالة كهذه فإن أقوى جهاز قضاء في العالم سيبقى عاجزاً عن تنفيذ مهماته التي سوف لن تلق الدعم من قبل الهيئات المسؤولة عن تنفيذ الأحكام مثلاً او عن تشريع القوانين المهمة التي يحتاجها الشعب والوطن والتي يستطيع القضاء بموجبها النهوض بعمله وتحقيق إستقلاليته وبالتالي وضع البلد على مسار الدولة المدنية الحديثة .
ما نرجوه ونطالب به هو الترفع بالقضاء العراقي عن مزايدات السياسيين ومهاترات الطائفيين وعراك لصوص السلطة والكف عن جره إلى سوح نزاعاتهم حيث تحاول كل جهة جعله منحازاً إليها او واقفاً ضدها او مشككين بمسيرة هذا القضاء متجاوزين كل القيم في توزيع التهم والأقاويل التي يجب ان تأخذ طريقها القانوني إن كان هناك ما يبررها فعلاً ، لا لإثارتها بين الحين والحين وحسب تقلبات الجو السياسي .
ايها الناس إرحموا القضاء العراقي الذي ظل يحمل سمعة العراق وحيداً اليوم بعد أن لطخت احزاب الإسلام السياسي والإنحياز القومي المتطرف والعودة إلى الحكم العشائري والإستهتار بالحكم القضائي سمعة هذا البلد بكل المواصفات التي يخجل كل عراقي مؤمن بعراقيته ان يراها ملتصقة بوطنه .
الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة


.. كأس أوروبا.. ما حظوظ المنتخبات الأربعة في الدور نصف النهائي؟




.. مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية يعقد في القاهرة


.. في ظل الحرب.. سيدة تحوّل منزلها في الجنوب اللبناني إلى مصنع




.. ما أبرز ما أوردته الصحافة الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية على