الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تداعيات النقاش حول حزب الطبقة العاملة المستقل

وديع السرغيني

2013 / 1 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


من تداعيات النقاش حول حزب الطبقة العاملة المستقل

لكم كان ذهولنا شديدا، ولكم كانت صدمتنا قوية، لما اطلعنا عن فحوى الجزء الثاني من مقال "للنقد الماركسي أصول" لصاحبه "الحبيب التيتي"، ولما تبين بالملموس فراغه من النقد، شأنه شأن الجزء الأول من المقال، حيث المطلوب في النقد والصراع بين رفاق الطريق، المناضلين من أجل الحرية والديمقراطية والاشتراكية، توفر حد أدنى من الموضوعية والتحليل ارتباطا بموضوع النقاش، دون الانزلاق نحو مستنقع السباب، والتجريح، والاحتقار لآراء ومناضلين ذنبهم الوحيد هو الدفاع عن موضوعة ماركسية بامتياز، حزب الطبقة العاملة المستقل، في مقابل موضوعة شعبوية، حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين، التي يدافع عنها حزب "النهج الديمقراطي" والبعض من الورثة والأبناء غير الشرعيين لمنظمة "إلى الأمام".
كنا نخاف ونتخوف، من أن ينعتنا أحد بالتجني، أو المبالغة في بعض الصيغ التي استعملناها بوليميكيا، للرد على بعض التجاوزات غير اللائقة، التي لاحظناها في الجزء الأول من المقال، إلا أن الحبيب وبعد تفضله بهذه التحفة في "النقد الماركسي" لرفاق يختلفون معه، ليس لأنهم قدموا رأيا في موضوعة ماركسية محددة، بل لأنهم تروتسكيون يمثلون تيارات واتجاهات داخل حركة الأممية الرابعة، وهي منهجية غير سليمة لا علاقة لها بالماركسية، في نظرنا.
وبطريقة مفضوحة عمل الحبيب على تصفية الحساب مع بعض التيارات التروتسكية العاملة في المغرب، منتقدا بعض الممارسات والنواقص التي اعتبرها من صميم مميزات الحركة التروتسكية، والحال أن هذه الممارسات والنواقص والعيوب.. تشمل الحركة اليسارية بمجملها، اشتراكيون وشعبويون وفوضويون..، إصلاحيون و ثوريون، لينينيون وتروتسكيون وستالينيون وماويون..الخ، حيث لا نعرف من أين أتى الحبيب بهذه الثقة الزائدة في النفس، حيث وجه لمنتقديه أسئلة استفزازية، خارج موضوع النقاش الذي عمل ما بإمكانه من لف ودوران و مراوغة، من أجل طمسه والتهرب من نقاشه.
لقد كانت أسئلة صادمة، اندهشنا لها كثيرا ولحد الإحباط، لما وصل إليه مستوى القيادات المؤسسة للفصائل والمنظمات التاريخية من حجم "إلى الأمام".. أسئلة من قبيل "هل درس رفاقنا إسهامات ماو تسي تونغ؟".."وريونا حنة يديكم و سنكون لكم من الأتباع".."هل اطلعتم عن أطروحات النهج"..الخ.
إضافة إلى هذا، وعكس ما يدعيه "الحبيب" عن رحابة صدره للنقد الذي توهم أنه يملك أصوله و قواعده، وعن استعداده للنقاش مع مختلف الفرق الماركسية و الثورية في المغرب، التزاما بما فوضه لذلك حزبه.. تعامل تيتي بعجرفة ملفتة، واحتقار بين في حق كل النقاد والمنتقدين، حيث اعتبر النقد مجرد "تصفية الحساب مع النهج"، و "شدان القشابة"، و"معارك الديكة".. وهو ما أكد عن حقيقة مؤسفة ومفزعة، حقيقة المستوى الذي يتمتع به بعض القدماء، الذين تحولوا فجأة إلى منظرين، حيث يعجزون عن تقديم الرأي في موضوعة ماركسية هامة وجوهرية، ألا وهي علاقة الماركسيين بالطبقة العاملة، وكيفية ضمان استقلالها كطبقة، من الناحية الفكرية والسياسية والتنظيمية.. فليس كل مناضل بمُنظر، حيث يجب أن يتمتع القادة الفكريون بخصائص مميزة، ليست فينا ولا في الحبيب، بكل تواضع.
كان الهروب والتهرب هو أحسن الوسائل وأسهلها في متناول تيتي، وكان السب والتهريج والتهكم، هم أسلحته الأمضى لدحض أفكار المخالفين، إذ وبالرغم من تباين الرؤى في هذه الموضوعة المهمة، حيث لا ولم تتناسب رؤية تروتسكي والتروتسكيين بجميع منوعاتهم، مع رؤية لينين البلشفية للحزب والمنظمة الثورية، المختلفة والمتميزة.. إلا أن النهج وكما سبق وقدم تصوره التنظيمي في أكثر من مناسبة، ظل معاندا ورافضا لأي نقد في الموضوع، بالرغم من تجربته المتنوعة على ثلاثة مراحل، مرحلة البناء السبعينية، ومرحلة إعادة البناء الثمانينية، حيث التنظيم السري في المرحلتين، ثم مرحلة التسعينات حيث الشرعية والعلنية وحزب "النهج الدمقراطي".
بالرغم من هذا التنوع، يرفض "القدماء" الكلام عن الفشل، ويخافون البدائل الممكنة وكأنهم أوصياء على الحركة الثورية كلها، إلى أن وصل بهم الأمر، وعلى لسان تيتي نفسه، الذي عبر وبطريقة استئصالية على أن "من لا تاريخ له فلا مستقبل أمامه" بمعنى أصح لا حق له في الوجود.
هكذا، إذن كانت الإجابة عن السؤالين اللينينيين "بما نبدأ؟" و"ما العمل؟" حسب تيتي القارئ والمطلع، صاحب التاريخ العريق! مع العلم أن من اطلع على المؤلفين سيدرك أن لا علاقة لمضمونها وموضوعاتها بشعبوية "النهج"، بل كانت بمثابة تصفية الحساب، من طرف الماركسية البلشفية مع الشعبوية نفسها، إضافة للعفوية والتآمرية والاقتصادوية.. لم تكن أسئلة بالمعنى السطحي للكلمة، بقدر ما كانت إجابة حقيقية عن أمور مستعصية داخل الحركة العمالية والاشتراكية، أمور عدة فكرية، سياسية وتنظيمية، ثورية، حصل فيها التعارض بين لينين وتروتسكي نفسه، وبشكل خاص في التنظيم والتصور للحزب.. عدا هذا، يمكن أن نعتبر كل من قدر "بما نبدأ؟" و"ما العمل؟"، على أنها أسئلة، بأنه قرأ العنوان و الغلاف، وفقط، ولم "يقشع" حسب تعبير تيتي أي شيء عن مضمون المؤلفين، وعن قيمة الموضوعات التي ضمتها دفتي الكتابين.
ملاحظة أخيرة، وهي بمثابة همسة في أذن كل من شارك "النهج" في حروبه ضد البروقراطية النقابية داخل "الإتحاد المغربي للشغل"، حول تصريح تيتي عن منجزات مناضلي النهج "الذين خاضوا الصراع وأداروه بأسلوبهم و خطتهم"! بما هو تبخيس لمجهود مجمل مكونات التيار الديمقراطي النقابي، كتيار يساري متنوع الاتجاهات و المرجعيات !.
فعدا "النهج" الذي حارب البروقراطية داخل "الاتحاد المغربي للشغل" دون أن يحاربها داخل "الكنفدرالية الديمقراطية للشغل" وداخل إطارات وهيئات واتحادات أخرى، فالكل في نظره متقاعس ومنبطح للبروقراطيات، قابع في الركن وينتظر الإشارة من أبطال "النهج" الصناديد، للسير خلفهم ومن تحت عباءتهم، وفق خطتهم المحبكة، والتي لا يشق لها غبار.. عجرفة و تكبر وتعالي لا مثيل له، نمقته ونحتقره ولا نريده أن ينتشر في جسم اليسار المناضل، بما هو تكريس للشتات والتشرذم و الانعزالية.
بعد هذه الملاحظة، ندعو الرفاق في التيار الديمقراطي، سواء المنسحبين أو الذين ما زالوا ينشطون داخل المركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل، لفتح النقاش الجدي والمسؤول والعلني، حول واقع الاتحادات والمنظمات الجماهيرية والشبه الجماهيرية، وحول جميع الحركات الاجتماعية المرتبطة بها لتوضيح الرؤى والمواقف حول ما يجري بداخلها، وحول التدبير الديمقراطي اللازم لتسيير أنشطتها، تطويرا لأحوالها التنظيمية، ولأدائها النضالي الميداني، باستقلال تام عن إرادة "النهج" أو أية جهة أخرى، وبعيدا عن حساباته الضيقة وخططه البروقراطية التي يريد أن يحارب بها البروقراطية المتسلطة داخل الاتحاد المغربي للشغل.
فالملاحظة في محلها، وليست نزقا ولا حذلقة ولا تصفية حساب المرجو الإطلاع على آخر رسالة للمطرودين النقابيين لأمين عام الاتحاد المغربي للشغل، لتقدير فن الإدارة والخطط في الصراع ضد البروقراطية، يمكن اعتبارها بمثابة رد اعتبار لتضحيات العديد من المناضلين الذين فشلوا في عدة مناسبات، في إبراز مقدراتهم الحقيقية، لأنهم ظلوا مشتتين، مدررين، وبالتالي عاجزين عن تنظيم قواهم، وعن تنسيق مواقفهم خدمة لقضايا العمال وعموم الكادحين، وليس نصرة "للنهج" في معاركه وحروبه التي ليست كلها ملزمة لنا كيسار ثوري وماركسي لينيني، من حيث الدعم والمساندة و الانخراط.. لسنا كذلك جند مجند لخوض المعركة ضد "النهج"، فليست هذه مهمتنا، بقدر ما أن الصمت على ما يتخذه من مواقف مضرة بالمشروع الاشتراكي الثوري، لا يلزمنا كذلك، بل نعتبره خيانة في حق القضية الطبقية نفسها.. حيث من الواجب على جميع مكونات الحركة الثورية خوض النقاش تلو النقاش حول جميع القضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية ذات الارتباط بالمشروع الثوري الاشتراكي، والعمل على تأليف حزب عمالي اشتراكي شديد اللحمة، ثابت مبدئيا، دون تحفظ ودون تردد، ودون انعزالية صبيانية، ودون مهاترة انتظارية.

وديع السرغيني 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ