الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ ساترفيلد و مبدأ مونرو

ثائر دوري

2005 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن تصريح السيد ساترفيلد ، نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية و السفير الأمريكي السابق في لبنان ،و الذي يقيم في لبنان و يتحرك و يتصرف كأنما هو صاحب البيت . لم يكن تصريحه عن وجوب عدم تدخل سوريا و إيران و القوى اللبنانية المرتبطة بهما في الشؤون الداخلية اللبنانية أمراً غريباً عن سياسة الولايات المتحدة . فإذا كانت سوريا و إيران دولتين معروفتين و كيانين محددين بدقة و لكل دولة منهما عنوانها الواضح ، كما أن هناك بعض اللبنانيين الذين ينزعجون من تدخلهما في الشؤون اللبنانية ( و هذا حق لهم ) . فمن هي القوة الثالثة التي لا يحق لها أن تتدخل في الشؤون اللبنانية و التي أشار لها السيد ساترفيلد ( القوة اللبنانية المرتبطة بإيران و سوريا )
هو يعني بالتحديد الكتلة البشرية اللبنانية التي تظاهرت في ساحة رياض الصلح ، و التي لها رأي في التطورات الأخيرة لا يروق للولايات المتحدة ، و هذه الكتلة البشرية ، يعترف حتى أشد غلاة المعارضة اللبنانية ، أنها تمثل نصف اللبنانيين على الأقل . فالبلد كما هو واضح منقسم ، و لا يمكن لعاقل من الطرفين أن يدعي أنه يمثل البلد كلها و لهذا تصدر دعوات الحوار من عقلاء البلد . فما بالك بأن يأتي طرف خارجي من المفترض أنه لا يحق له التدخل في الشأن اللبناني ليحدد من هو اللبناني من غير اللبناني .
إن السيد ساترفيلد يقول إن كل من تظاهر في ساحة رياض الصلح لا يحق له التدخل في شؤون البلد . أي أن السيد ساترفيلد نزع صفة المواطنة اللبنانية عن الكتل البشرية الهائلة التي قدرت بمليون متظاهر. و بالتالي صارت من القوى الخارجية ........
إن هذا التصريح الغريب لا يمكن فهمه إلا بالرجوع إلى مبدأ مونرو . لقد صار الأمر من الأسرار الشائعة أن الإدارة الأمريكية و منذ عهد كيسنجر تطبق على المنطقة العربية مبدا مونرو . و مبدأ مونرو في الأصل هو إعلان أطلقه الرئيس الأميركي جيمس مونرو سنة 1823 ، و نص على عدم جواز تدخل أوربا في شؤون القارة الأمريكية ( شمالها و جنوبها ) ، أي أنه اعتبر كل القارة الأمريكية منطقة مغلقة للإدارة الأمريكية تتصرف بها دون أي تدخل من الأوربيين . فأعطى الحق لنفسه بإدارة شؤون القارة ، و نهب ثرواتها ، و إقالة حكوماتها ، و تنصيب من ترغيب على كراسي الحكم ، و افتعال الحروب الأهلية ، و تقسيم الدول إذا لزم الأمر . و في السبعينات من القرن الماضي ، كما ذكرنا ، طبق الأمريكان هذا المبدأ على المنطقة العربية ، فصار لا يحق للقوى الدولية الأخرى أن تتدخل في شؤون المنطقة العربية ، و هذا يشمل السوفييت و الأوربيين و اليابانيين ، لأنها منطقة أمريكية مغلقة . و بالطبع سيكون من نتيجة ذلك انه لا يحق للعرب أن يتدخلوا في إدارة منطقتهم بما يخالف مصالح و رغبات الإدارة الأمريكية ، و إلا كان مصيرهم كمصير أمريكا اللاتينية في القرن الماضي ( قتل ، تشريد ، انقلابات ، تقسيم ، افتعال حروب أهلية ) .
لم نستغرب أن نسمع هذا التصريح من السيد ساترفيلد ، فالولايات المتحدة تتصرف طوال الوقت وفقاً لمبدا مونرو . هم يتصرفون على أن المنطقة ملكهم الشخصي ، فهم الذين يمنحون و هم الذين يحرمون ، و هم الذين يحق لهم أن يقرروا من سيبقى في البيت و من سيتم طرده لينام في العراء . و لا يمكن فهم أي شيء من التصرفات الأمريكية و التصريحات التي تبدو غير منطقية إذا وضعناها في ميزان العلاقات الدولية ، التي تفترض أن التعامل هو علاقات بين دول متساوية و تقف أمام القانون الدولي على قدم المساواة . لكن ما إن نستحضر مبدأ مونرو حتى يصبح الأمر مفهوما .
هذا هو جوهر الديمقراطية الأمريكية المطروح حالياً :
- يحق لكم أن تتصرفوا في شؤون دولكم شرط أن لا تعارضوا رغبات أو مصالح الولايات المتحدة حتى و إن اصطدمت بمصلحتكم الخاصة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-