الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلسلة المنسية

بشارة مرهج

2013 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


                 في زحمة البحث عن قانون جديد للانتخابات يقطع مع قانون الستين – قانون الشرذمة الطائفية – ويعتمد رؤية الطائف في النسبية والدائرة الموسعة،
 وفي ظل المخاوف الناتجة عن استمرار الصراع في سوريا وتولي العواصم الكبرى نعي احتمالات التسوية السياسية التي تنقذ سوريا وتحمي لبنان من الانقسام وتجنب المنطقة المزيد من التدخل الخارجي،
في ظل هذه المعطيات وسواها تشتد الأزمة الاقتصادية في لبنان فيرتفع الدين العام، وتتفاقم مشكلة الكهرباء، وتتراجع نسبة النمو، وتتقلص تحويلات المغتربين، وتزداد نسبة البطالة، فلا تجد الحكومة منهجاً لمواجهة هذه الأزمة سوى شراء الوقت والمماطلة بشأن إرسال سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب.
وفي موقفها هذا تتذرع الحكومة بعدم قدرة الاقتصاد الوطني والمالية العامة على تحمل أعباء هذه السلسلة. وهنا تستثير الحكومة نقمة المعلمين والموظفين ومعهم الطبقات الشعبية والمتوسطة دون أن تحظى برضى رجال الأعمال وجماعات الاحتكار الذين، على معارضتهم للسلسلة، باتوا يتخوفون من استمرار التوتر السياسي، وجمود الأسواق وما يصاحبهما من ارتدادات سلبية على الأعمال والأرباح.
لكن الحكومة التي باتت تعتبر التسويف فناً قائماً بذاته تتجاهل عن عمد النتائج السلبية المترتبة عن موقفها المتمادي الذي ينظر إلى الواقع بعين من زجاج.
وأول هذه النتائج النيل من صدقيتها أمام الرأي العام وظهورها بمظهر العاجز عن اتخاذ القرار أو المرتبك الذي يتخذ القرار ويتردد في تنفيذه.
ولا أسوأ من التردد هنا سوى التذرع بضرورة الانصياع لرأي جهات ومنها حاكمية البنك المركزي التي أفتت برد المشروع من جهة وبادرت من جهة أخرى إلى شحن الأسواق بالسيولة .
ثانياً: إن التسويف وترك الأمور معلقة يؤثران سلباً على الاقتصاد الوطني نفسه ويظهراه بمظهر المترنح الذي ينتظر خطوة ناقصة حتى ينهار، وهذا بطبيعة الحال لا يعزز الثقة باقتصاد مرن خضع لاختبارات قاسية زمن الحرب وما بعدها.
ثالثاً: إن التردد في تحقيق المطالب الشعبية لا سيما بعد التعهد بها يثير القلق والمخاوف لدى الناس كما الأسواق ويفتح الباب، في الوقت نفسه، امام تحركات وتطورات قد تشل المؤسسات وتعرقل عجلة الإنتاج. ولا يجدي هنا أن تتستر الحكومة وراء ردود فعل المتضررين من تأخير تحويل السلسلة. فإذا كانت نبرة هؤلاء قد ارتفعت في اليومين الأخيرين فلأن الألم قد عصر قلوبهم واليأس قد غزا عقولهم بعد الخطوات التراجعية المهينة التي أقدمت عليها الحكومة.
إن المطالبين لا يرغبون بتهديد الحكومة أو إرغامها على تحقيق مطالبهم وإنما يرغبون إلى الحكومة تنفيذ تعهداتها وإرسال مشروع سلسلة الرتب والرواتب إلى مجلس النواب.
وإذا كان من تعديلات يرتئيها المجلس فليكن ذلك تحت الضوء، وتحت قبة البرلمان وليس في الغرف المغلقة أو شوارع العاصمة المتعطشة لكلام سياسي هادئ، وحوار وطني مسؤول، ودورة حياة طبيعية.
إن الحكومة التي أعياها الجواب ولم تقدم لأصحاب المطالب المحقة سوى شيكات بلا رصيد تضع هؤلاء في حرج شديد إذ تطلب منهم الانتظار وقد انتظروا طويلا ً دونما أفق أو بحث جدي في بدائل تغذي الخزينة من المقتدرين والميسورين وليس من الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وذلك في بلاد يعرف القاصي والداني من يصادر مواردها في الشواطئ "المحتلة" والمعابر "المخصخصة" والأسواق "الحرة"، ومن يرفع أسعار الاسمنت والأدوية والمواد الغذائية والمحروقات وخدمات الهاتف والانترنت والطيران إلى مستويات فلكية.
لذلك كله يعتبر المتظاهرون كلام الحكومة تهرباً من المسؤولية ومحاولة لكسب الوقت في ظرف يفرض عليها مصارحة الناس وإعطاءهم حقوقهم، ومواجهة الواقع بتحولاته وممكناته خصوصاً وان هذا النهج يؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي، وتهدئة الأوضاع، وجذب الاستثمارات، وتحريك الأعمال وتنشيط الاقتصاد. هذا مع العلم بأن كل الزيادات المقترحة لن يذهب منها قرش واحد إلى الخارج، كما أرباح الاحتكار، وإنما سيتم إنفاقها في الداخل لحاجة المستفيدين من السلسلة إلى إيفاء الديون وشراء الضروريات وهذا بحد ذاته تطور ايجابي لا يمكن باجماع الخبراء المراقبين. ولا يخفى على أحد هنا إن التهدئة على الجبهة الاجتماعية، فضلاً عن فوائدها الاقتصادية، ستمنح الحكومة فرصة ثمينة لنزع فتيل التوتر السياسي، وصياغة مشروع عصري عادل لقانون الانتخاب، والالتفات لمتاعب الناس، واستنهاض الإدارة، والتصدي للفساد، وكبح جنون الأسعار، ومصادرة الأدوية المغشوشة واللحوم الملغومة والمواد الغذائية مستنفذة الصلاحية.
الناس لا تريد اعتذارات وتبريرات إنما تريد أعمالا وانجازات.
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط