الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرحل .. إرحل .. !! الشعار وتداعياته الخطيرة...

شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)

2013 / 1 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بتسارع دراماتيكي خطير يصل المتظاهرون إلى قناعة قد تبدو متعجلة في هذه المرحلة من مراحل الإحتجاجات إلى شعار إرحل !!.
ونصف الخطوة بالمتعجلة لأن المظاهرات لم تستنفذ بعد كل السبل والطرق المؤدية إلى حلول وسط تحقق مطالب المحتجين وتحافظ في الوقت ذاته على أمن وسلامة الوطن دولة ومجتمعا مع إجراء تغييرات جذرية وحاسمة في مجمل سياسات الدولة بكل سلطاتها الثلاث : التنفيذية والتشريعة والقضائية.
إن شعار إرحل !! الذي رفعته المظاهرات في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا ومؤخرا في سوريا قد يجد تبريره في رفض الحكام الطغاة هناك الإستجابة للمطالب الكثيرة والمشروعة للجماهير الواسعة المظلومة والتي انتفضت أخيرا لتطالب بحقوقها كاملة في الحياة بحرية وكرامة وعزة وفي العمل والمساواة والعدالة الإجتماعية.
والحقيقة إن رفض هؤلاء الطغاة في هذه الأقطار الشقيقة لم يأت فقط تمسكا منهم بالسلطة وتمترسا وراء مصالحهم وتعصبهم بل تأتى أصلا من طبيعة نظام سياسي فردي قام على " عبقرية القائد " الذي أتاحت له الكثير من السياقات المتبعة بل حتى القانونية منها والدساتير بالذات الإستفراد بالسلطة وإلغاء كل صوت آخر غير صوته والإستحواذ على كل الصلاحيات والإمتيازات بل وموارد الدولة الأمر الذي جعل الفساد جزءا فاعلا وأساسيا من مجمل جسد النظام السياسي ولا يمكن أبدا السماح لإجراء أي تغيير من دون رحيل النظام كله ضمن تغييرات ثورية لكنها في الغالب كانت سلمية.
الأمر في العراق يتشابه مع هذه الأنظمة في الكثير من الممارسات لكنه يختلف عنها في الأسس القانونية والدستورية والسياسية. مما يجعلنا ندعي أن رفع شعار إرحل قد يكون متسرعا. فنقاط الشبه تتمثل في الأمور التي حجبت عن أبناء الشعب العراقي على طول مساحات تواجده وعرضها والتي تمثلتها الكثير من الشعارات الصائبة والمشروعة التي رفعها المتظاهرون والتي أيدتها بعض أطراف الحكومة والأحزاب المتنفذة في العملية السياسية وشيوخ عشائر مختلف محافظات العراق ومنها : الإعتقالات الكيفية للأبرياء والبطالة وأزمة السكن والتمييز بين المواطنين وسرقة المال العام والفساد الإداري وتهميش وعزل مكون إجتماعي كبير لأسباب طائفية وطرد أبنائه من أغلب وزارات ومؤسسات الدولة وفرار الآلاف منهم خارج العراق. لكن العراق يختلف في وجود نظام ديمقراطي يقره الدستور ويشكل أرضية صالحة للقاء وطني كبير بين مختلف مكونات وأبناء الشعب العراقي.
إن عدم احترام الدستور وعدم الإلتزام به من قبل القوى المتنفذة في السلطة لا ينفي وجوده. كما أن العلل الكثيرة الكامنة في الدستور لا تلغي إمكانية التمسك بما هو صالح من مواده للعمل بموجبها والعمل في الوقت ذاته من أجل تعديل المواد العليلة منه.
هذه الأسباب تجعلنا ندعي التعجل في رفع شعار " إرحل " في هذه المرحلة من تطور الإحتجاجات. نضيف إلى ما تقدم أن إمكانيات كبيرة لا زالت لم تستغل وتوظف في سبيل حل الأزمة الوطنية الكبرى التي جرتنا إليها الطائفية وتسبب بها الطائفيون وهم يرون بأم عيونهم على مشارف أي خطر ولهيب نار تقف البلاد اليوم بسبب أحقادهم الطائفية المتبادلة والتي لا يبررها سوى ما تبقى في الإنسان من مخلفات مراحل تطوره البدائية.
إن إمكانية الحوار الوطني الحقيقي لا زالت موجودة. لكن في هذه المسألة بالذات لنا وقفة مهمة :-
1- إن حسني مبارك لم يتنازل ليتفاهم مع المحتجين. وقبله زين العابدين بن علي وأكثر منه القذافي وأسوأ منهما علي عبد الله صالح والأسوأ منهم جميعا بشار الأسد. بل عمدوا إلى تشكيل لجان لدراسة مطالب المتظاهرين ومن ثم .... تقديم تقارير بذلك لتدرس من قبل لجان ومن ثم... تقديم توصيات لكن بعد أن تستكمل التقارير ومن ثم.. من ثم.. . وهكذا واصل الحكام التعامل من عل مع الشعب فازداد الأمر تعقيدا ووصلت الأمور إلى كوارث لهم ولبلدانهم. في حالتنا نحن في العراق نرى أن الحوار الوطني الصحيح هو الذي يترأس فيه الوفد الحكومي السيد المالكي شخصيا. وكل الأخوة الذين أشاروا عليه بعدم المشاركة المباشرة في المفاوضات هم إما على خطأ أو قد يكون بعضهم مغرضا وله غايات مقصودة. وفي الطرف المقابل له يكون قادة المظاهرات الميدانيون. ويجري الحوار على أساس تأكيد الثوابت الوطنية المشتركة قبل أي شيء آخر متمثلة برفض الطائفية والمساواة التامة بين المواطنين ودولة المؤسسات والقانون الحقيقية وغيرها من ثوابت لا يختلف عليها الطرفان. ومن ثم يتم الإنتقال إلى نقاط الخلاف الأسهل فالأصعب والأصعب. والتنفيذ الفوري لما يمكن تنفيذه حالا مع الإلتزام بسقوف زمنية محددة لتنفيذ ما يتطلب وقتا أطول. وأرى من الواجب الوطني أيضا أن تجري كل المفاوضات واللقاءات على مرأى ومسمع العالم كله وتحت أضواء وسائل الإعلام كلها.
2- إن اللجان التي شكلتها الحكومة العراقية لا تتمكن من حل الإشكال. فالموضوع هو أزمة وطنية من العيار الثقيل تتطلب رجالا وقدرات من طراز آخر غير الذي اعتمد عليها السيد المالكي في لجانه. يكفي أن نشير إلى الأسباب االتالية كي نتفهم أساس النقص في عمل اللجان المذكورة :-
- إن اللجان هذه هي عديمة الصلاحيات فليس بإمكانها تقديم التزامات كافية في تحقيق مطالب المتظاهرين ولا اتخاذ وتوقيع أي قرار الأمر الذي جعلها لجان توسط فقط بالرغم من أن أحداها هي لجنة وزارية على مستوى عال.
- إن هذه اللجان في أغلب تكوينها الشخصي لم تحظ بالمقبولية اللازمة لنجاح عملها من قبل الطرفين. فيكفي أن نشير إلى أن ما سميت بـ " لجنة الحكماء " لم يعترف المتظاهرون لا بشخوصها ولا بحكمتهم.
- لم تحدد هذه اللجان عملها بسقوف زمنية لإنجاز عملها الأمر الذي أعطى انطباعا أنها جاءت للتسويف وكسب الوقت تغطية لما هو خاف في نوايا الطرف الحكومي.
- لم تكن المظاهرات ممثلة في أية من هذه اللجان مما عكس إنطباعا أنها حكومية وجاءت في الأغلب للدفاع عن الحكومة لا لتنفيذ مطالب المحتجين.
- أن تعدد اللجان سفه وشتت عملها وجعلها تبدو وكأنها متنافسة فيما بينها.
- وألأنكى من كل هذا هم المبعوثون المتطوعون الذين أساءوا لأنفسهم بقدر ما أساءوا للحكومة .
من كل هذا يبقى مقترحنا بتشكيل اللجنة الوطنية للقاء مباشر بين السيد المالكي ونائبيه ووزراء الوزارارت المعنية من جهة وقادة المظاهرات الميدانيين من جهة أخرى قائما ونعتبره ضروريا وحتى مصيريا.

إن شعار إرحل فيه مخاطر كبيرة وتداعيات خطيرة. فهو ينطوي على تحد واضح للحكومة. وليس هنا الإشكال لأن مواجهة الحكومات ورفضها أمر طبيعي في الأعراف الديمقراطية. لكنني أشير إلى ما سيرافقه من إصرار على تنفيذه يجعل من الصعب على المتظاهرين التراجع عنه وسيطالبون بتنفيذه بكل الأثمان مهما كانت. وهذا ما سيعني أن كل الأهداف والمطالب السابقة التي أعلنها المتظاهرون باتت في حكم الماضي ولا عودة إليها ليحل محلها الطلب الحاسم والأخير والمتطرف بكل تأكيد والمتعجل بلا أدنى شك والذي لا عودة عنه كما يبدو.
لكن من المؤكد أن الحكومة سوف لن تستجيب لهذا الطلب. الأمر الذي يعني أن المواجهة قادمة إلا إذا حدثت المعجزة التي ندعو الله أن ينزلها علينا في أقسى لحظات حياتنا كبشر بعد أن أنهكتنا الحروب والحصار والإحتلال والإعتقالات العشوائية والصراعات الطائفية الدموية.
يجب أن نشير هنا إلى الكثير من التصريحات المقلقة التي أطلقها البعض من الشخصيات السياسية المعروفة بصقوريتها وتهديدها باستخدام شتى السبل كي تحافظ على ما تعتبره مكاسبها التاريخية.
وكذلك تقلقنا جدا تصريحات دول الجوار المشيرة للتدخل العلني المحتمل بعد تدخلها غير العلني والمؤكد في شؤوننا الداخلية تحت حجج عديدة منها ولعل أكثرها نشازا هو التعلل بحماية أبناء طائفتها ( سنة أو شيعة) في حين أن الحقيقة تكمن في طموحات سياسية واقتصادية وأمجاد عفى عليها الزمن.
إن شعار إرحل يعني أن الحرب الأهلية قادمة..
وإذا كانت الحروب هي أسوأ أنواع العلاقات بين البشر فإن الحروب الأهلية أكثرها سوءا وتدميرا. ومن بين الحروب الأهلية تكون الحرب الطائفية هي الأكثر همجية وتخريبا وقتلا لأن الناس متداخلون متجاورون يختلط بعضهم ببعض وبهذا يشكلون أهدافا سهلة وقريبة لعتاة الطائفية وكفرتها..
والحرب الطائفية سوف تقسم البلاد حتما..
والحرب الطائفية ستفسح المجال لدول الجوار باحتلال العراق وستضعه تحت وصاية لا البند السابع بل تحت كل البنود..
والحرب الطائفية ستعني تهجير الناس والعوائل و" حوسمة " أملاكهم على طريقة الغنائم التي تشكل وصمة عار في تاريخ البشرية كلها...
وشعار " إرحل " سيعني حرقا لكل الآمال...
لكن يبقى بصيص أمل يداعب أحلامي بأن قدرة قادر ستنبثق من أعماق أبناء شعبنا الأبرار ستدرأ هذا الغول الذي أطل برأسه الهمجي على أرواحنا...
اللهم هذا العراق على المذبح..
أنقذه كما أنقذت إسماعيل في اللحظة الأخيرة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا