الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا رفعت أمريكا صوتها يسمعونها

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 3 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


هل ينبغي التخفيف من غلواء الذين يقولون ان الولايات المتحدة جاءت بجيشها الى الشرق الأوسط من أجل ازاحة من لا يعجبها من الحكام في البلدان العربية والاسلامية, بداية من العراق, بحجة أن حربها في هذا البلد لم تكن شعبية , وأنها ستلاقي عناء أكبر فأكبر إذا ما قررت القيام بعمليات مماثلة في ايران أو سوريا مثلا ؟ أم الرجوع الى موقف "الريالبوليتيك"-السياسة الواقعية – الذي يقول ان الساحة الدولية ليست سوى ترجمة أمينة لعلاقات القوة بين الأمم, وأن هذه الأخيرة تفعل كل ما في قدرتها من أجل ادامة الأوضاع التي تستفيد منها و محاربة الأوضاع التي ترى فيها ضررا, دون أن تلقي بالا للشعبية أو للحقوق , حيث أن الاحتجاجات الشعبية يمكن طمسها من خلال حملة اعلامية جيدة تلتقفها وتحتويها وتحولها عن مسارها ان أمكن أو تواجهها, وأما الحقوق فيمكن دائما الالتفاف حولها وايجاد الثغرات لتمرير ما يبدو مناسبا من قرارات , لا سيما وأن ماتتمتع به الدول العظمى حاملة الفيتو في مجلس الأمن الدولي , يكفيها في هذا المجال؟
يبدو لي أن الأحداث هي التي ستتكفل بالاجابة عن هذين السؤالين , ولكن طرحهما مهم, لا سيما وأنه يمكن أن نرى في الانسحاب السوري من لبنان مظهرا لم نشر اليه الى حد الآن , وهو المتعلق بمدى الاستجابة التي تبديها بعض الدول العربية للضغوط الغربية, بطريقة تجعلها تقلب سياستها رأسا على عقب بين يوم وليلة. صحيح, أن الأحداث تفجرت على اثر اغتيال رفيق الحريري رحمه الله, واتخذت هذه الفاجعة مبررا لتوجيه الاتهام الى سوريا من طرف قوى المعارضة اللبنانية ومطالبتها بالانسحاب من البلد. ولا خلاف حول الدور الرئيسي للقوى الاجتماعية الداخلية الذي لا يعوضه أحد ولا شيء آخر في اجراء التغييرات في أي مكان . ولكننا نريد أن نشير الى مظهر آخر مما حدث ويحدث. فالسياسة التي تمارسها بعض الدول العربية في الداخل أو في الخارج لها صدى في أمكنة أخرى بعيدة, ولها ردود أفعال كذلك, من ذلك أنه قبل أن يناقش مجلس الأمن الدولي قضية الوجود السوري في لبنان, كانت لجنة العلاقات الخارجية لمجلس النواب الأمريكي أصدرت قانون محاسبة سوريا وقانون استعادة السيادة اللبنانية في 2003.
وبالنظر الآن الى الوراء, يبدو واضحا أن القوانين الأمريكية هي التي كان لها تأثير على قضية كان يفترض أنها "عربية محضة" . وليس المقصود فقط ما يقال عن العلاقات "الخاصة والمميزة" بين سوريا ولبنان, وإنما التذكير بأنه اذا كان العرب هم الذين جاؤوا بالقوات السورية الى لبنان لمساعدة الأهالي على الخروج من محنتهم, فإن القوانين الأمريكية (والضغوط الفرنسية طبعا), هي التي كان لها أكبر التأثير في دفع النظام السوري الى اعلان الانسحاب بشكل سريع.
هذا الوضع مسيء للعرب على الأقل لأنه يعطي فكرة أنه كلما عانى الناس من الضغط في الداخل التفتوا الى الخارج لانقاذهم, لأنه لا توجد لديهم وسائل أخرى لمقاومة "الاحتلال الداخلي". وفي حين يذكرنا هذا الوضع بما حدث في العراق أيضا, فإنه حامل لمؤشرات تدهور كبير فيما يخص شرعية أنظمة لا تختص أهاليها بالاستشارة, وقد أصبحت تستجيب فقط للتهديد الخارجي. وهذه ايضا من نتائج ازاحة صدام , فأمريكا لا تحتاج الآن الى القيام بحروب أخرى. يكفي أن تحتفظ ببعض القوات على مقربة من المناطق المعنية, وترفع صوتها... ولكم أن تتصوروا البقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.4 مليار دولار تكلفة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة


.. تصاعد الانقسامات السياسية.. حرب غزة لم تنجح في توحيد الصف ال




.. طفلان يختبئان داخل تنورة والدتهما من البرد في غزة


.. كتائب القسام تعلن أن مقاتليها قطعوا إمداد قوات الاحتلال شرق




.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه