الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هذا زمن الصمت ؟

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2005 / 3 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


- في اطار الحركة لأستطلاع مواقف وآراء عدد من المثقفين بانعقاد الجلسة الاولى للجمعية الوطنية العراقية ، إستلمت رداً من أحد الفنانين ، والذي نعتز به ، يبلغني فيه ( بقراره عدم التحدث في الموضوعات السياسية في هذه الفترة الملتبسة ) . وللوهلة الاولى ، وبصراحة ، فاجئني هذا الموقف بل صدمني ، وجلست أهرش رأسي وأفكر محاولاً العثور على هذا الالتباس بين اشلاء اللحم المتناثرة في شوارع ومدن العراق ، وأعيد النظر والتمعن في الوضع العراقي الراهن ، السياسي والثقافي ، فلعل وعسى أجد مع الرؤوس الملقاة في السواقي وعلى قارعة الطريق ، أو فوق جثث اساتذة الجامعة الذين اغتيلوا في وضح النهار ، اشارة أو قصاصة ورق تشير الى هذا اللبس . أعدت قراءة العبارة أكثر من مرة ، فربما لم أفهم معنى هذه الملتبسة ! بحثت عنها فوجدت انها تعني إختلط وإشتبه وأشكل ، اي ان الامور في هذه الفترة غير واضحة ومختلطة وفيها إشكال . إزدادت حيرتي أكثر بعد ان لم أعثر على هذا الاختلاط ، خاصة وانه ممنوع هذه الايام ، في عرف بعض الفقهاء والمفسرين ! ثم قفزت الاسئلة أمامي دفعة واحدة ياالهي ! مالعمل ومن سينير الطريق ويكشف الخيط الابيض من الاسود لرجل الشارع ، المواطن العادي والبسيط ؟ واذا اختار الفنان المبدع ، ضمير الأمة ، الصمت في هذه (الفترة الملتبسة) ، فماذا سيفعل ؟ وما هو مبرر وجوده ومتى سيتحدث اذن وماهي الحاجة اليه بعد زوال الالتباس ؟!
- وحقيقة لم أجد مبررا لهذا السكوت ، رغم ان لكل منا الحق في اتخاذ الموقف الذي يؤمن به ، مادام لا يستخدم العنف أو يحرض على استخدامه . ولكن كيف يمكن لفنان مرهف الحس والمشاعر ان لا يرى هذا اللحم المتناثر الذي تسترخصه وحوش همجية ، وان كان لأناس من الواق واق وليسوا ابناء وطنه وجمهوره ومادة كل ابداعاته ؟ هل فعلا تعقد الموقف الى هذا الحد وفقدنا البوصلة فلا نستطيع ان نرى ان صنما يعبد وطاغية جزار قد سقط ؟ كيف يمكن لهذه اللحظة ، ومعها مشهد ابو تحسين وهو يهوي بنعاله على صورة الدكتاتور ، ان تمر ولا تثير انفعالات البعض من مثقفينا ؟ أما ان يكون هذا السقوط تم على يد قوى أجنبية فهذا لا يعني ان الأمور ملتبسة ، بل هو دليل ضعف وعجز وفشل المنظومة السياسية والثقافية العراقية ، وهذا ما يستوجب التوقف عنده ، وإعادة النظر والمراجعة لمعرفة جذور هذه ( الفترة الملتبسة ) وليس الصمت .
- علينا ان نتمعن في اللحظة الراهنة جيدا ، ونستغل الفرصة لنتخلص من بقايا الاستبداد والقوى الظلامية التي تريد ان تشدنا الى الوراء ، ومن عوامل ضعفنا التي لا تزال مؤثرة وفاعلة في الساحة الى اليوم ، ومنها تغليب المصالح الشخصية والفئوية الضيقة ، التي تعرقل وتؤخر ، كما الارهاب ، من حركتنا في استرداد حرية واستقلال بلدنا الذي يرزح تحت الاحتلال ، واعادة بناء ماخربته السياسات الطائشة للطغيان . وأن نؤسس لحالة ثقافية تؤمن بحرية الابداع والمبدعين الى اقصى مدى ، لا قيود فيها لغير القيم والمعايير الفنية الجمالية والانسانية في الابداع . وعلى هذا الطريق ، قد يتملكنا الاحساس بالخيبة وترافقنا مرارة اليأس من القدرة على التغيير ومغادرة وحل الاستبداد ، ونحن نعيش هذا الاداء السياسي والثقافي المرتبك ، حين نواجه بموقف شاعر يكرع النبيذ في حانات اوربا ، يشتم الناس ويمجد الارهابيين ، وان يرعى وزير ثقافتنا مهرجان للغناء العراقي المغترب في عمان وليس بغداد ، وان يدعو من غنوا للطاغية ، دون اعتذار ، ليحددوا مسار الابداع العراقي ومدياته ! ويمكن لخيبتنا ان تزداد لو ساد خيار الصمت هذا ، في ( الزمن الملتبس ) .
- ولكي لا تلتبس الامور علينا ، نحن أيضا ، فنحمد الله ان بيننا بقية من ملح الارض وعبقها الطيب ، التي تخفف شيئا من افرازات الخيبة لمواقف الآخرين . مبدعون من مختلف الاتجاهات والاختصاصات نقدم لهم التحية ، ومنهم الفنانة عفيفة لعيبي ، التي تفضلت وبعثت لي صورة للافتة رفعها المتظاهرون بشجاعة في البصرة الفيحاء احتجاجاً على جريمة حدثت هناك ، وتحذيراًً لما يمكن أن يحدث في بلاد الحضارات ، بلاد الرافدين . وفي الواقع لم تكن لافتة بل صرخة في ضمير كل عراقي ، تختزل عقود المعاناة والشعارات .....
العراق ينخاف عليه
لأن أهله سكتوا !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا