الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البلاك بلوك لغز المرحلة

رشا أرنست
(Rasha Ernest)

2013 / 1 / 30
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية




وعادت الأيام الثورية وعاد معها رجاء قيامة الثورة من جديد في مصر. انتفاضة أخرى من انتفاضات المصريين التي تـُحدث العالم عن قوة وقدرة هذا الشعب صاحب أقدم الحضارات، ومدى فطنته التي تزداد يوم بعد يوم في رفض عبودية الأنظمة المستبدة المتوالية دون رحمة عليه. أقولها بكل يقين ثورتنا مستمرة، ثورة تدب في قلب كل مصر أمل النجاة من براثن قوى ظلامية تناهض النور والحرية وكرامة الإنسان.
وفي ظل هذه الأيام الثورية المتتالية والتي تلألأ ضياءها مع ذكرى ثورة 25 يناير لتتجدد مثل النسر شبابها بدماء اطهر شباب في مصر، وتتوالى الأحداث في بورسعيد بعد صدور الحكم السياسي بإعدام 21 متهم في مذبحة إستاد بورسعيد ليكشف الستار عن إحدى مؤامرات الطرف الثالث المعلوم في تهديد الأمن العام وإرعاب المصريين بانهيار الدولة، وكأن كتب علينا ندفع من الدم واللحم والنفس أيضا ثمنا لما هو هبات مجانية خلقنا عليها جميعا. وكعادة نظام مصر المستبد والذي لم يتغير بل زاده صبغة دينية لا أكثر نقع تحت طائلة سياسته الغوغائية التي لا تعبر إلا على سوء إدارة شديد وكأنه يدير مكتب سمسار وليس دولة بحجم مصر.
وكالعادة، واعذروني لأنني اكرر هذه الكلمة كثيراً، فكأن لا أحد يتعلم شيء وكأن التاريخ يُعيد نفسه، ولكن لا نظلم التاريخ فهو سجل لأفعالنا ولا لوّم عليه. إنما غباء النظام هو مَن يُعيد نفسه ليُكرر كل شيء من جديد كأنه شريط سينمائي، والأكثر سوءا من إعادته هو ظنه بأن الشعب مستمتع بتكرار مشاهدته. أظن لذلك البعض أطلق على ثورة مصر، الثورة المستمتعة، فها نحن لا نكف عن طرح الصور والكوميكس والتعليقات الفكاهية عن غباء وكذب هذا النظام الذي لا يختلف عن سابقه في محاولة خداع الشعب واعتباره شعب لا يعي شيئا ويسهل خداعه.

وينزل ملعب الميدان في موجته الثالثة من ثورة مصر فريق جديد يطلق على نفسه بلاك بلوك، هذا الفريق الذي تحوم حوله شبهات كثيرة، أصله وتأسيسه وسياسته ومن أين تكتيكاته التي يظن البعض أنها تشجع على العنف. بحث البعض عن أصل اسم هذه المجموعة "بلاك بلوك" ونشروا أنها تكونت في ألمانيا وأنها تلجأ إلى العنف في اغلب الوقت إلا أن في مصر ظهرت بشكل مفاجئ مثلما يقولون، في يوم وليلة طلعولنا منين؟!... يرتدون الأسود ويخفون وجوههم أيضاً، لا يكشفون عن هويتهم حتى حين استضافة قناة التحرير مجموعة منهم للتحدث لم يُظهروا هوياتهم رغم إصرار القناة، وبكل جرأة اخبروهم لن نظهر هوياتنا ولا نريد البرنامج، فما كان من البرنامج إلا الموافقة ربما لرغبة في فك رموز هذه المجموعة الغريبة وربما لأنها فرصة الظهور الأولى لهم والتحدث للقناة فضائية وهو بالطبع انفراد. وحقيقة لا أرى غرابة في ملابسهم فهي ليست المرة الأولى التي نرى فيها شباب يستعرضون قواتهم بملابس سوداء، تذكروا معي شباب الجماعة المحظورة في عز جبروت مبارك وهي تقدم عرض عسكري في الجامعة. ولا أرى غرابة في الاسم فهو مصطلح مركب من التكونولوجيا التي نرددها يوميا، ولا أجد غرابة في أنهم يهددون رغم أنه بالفعل حتى الآن لم نشاهد منهم تصرف واحد خارج عن المألوف، بالعكس فقد علمنا أنهم قاموا بحماية المتحف المصري في 25 يناير الماضي ولم يتعرضوا لأي متظاهر كما أنهم لا يحملون أسلحة أو ذخيرة. فتهديدهم بعدم السلمية يمكن تفسيره بانه يأس من الوضع الحالي وردا على التهديد المستمر من جماعة الإخوان بأننا سنحرق مصر. ولكن ما يُدهشني حقاً لماذا اصدر المستشار طلعت عبدالله النائب العام، أمر بضبط وإحضار جميع عناصر مجموعة البلاك بلوك ومن ينضم إليها من عناصر أو يشاركها بأي صوره كانت بما في ذلك من يرتدون الزى الذي يرتديه عناصر تلك المجموعة؟!! ألم يكن من الأولى أن يأمر بضبط وإحضار كل مهدد لحرق البلد في الشهر الماضي حين ارهبوا القضاة ومنعوهم من دخول المحكمة الدستوريا العليا وكانت فضيحة مدوية للرئاسة والنظام في مصر. ألم يكن من الأولى أن يأمر بضبط وإحضار من ارهبوا الإعلاميين وذبحوا العجول المسمنة وكفروا غيرهم أمام مدينة الإنتاج الإعلامي؟ ألم يكن من الأولى أن يأمر بضبط شيوخ الفضائيات الذين يهدرون الدماء ويُكفرون البشر يوميا على قنواتهم؟ .. يا سيادة النائب العام ألم يكن بالأولى أن تحقن الغضب من بدايته وتنفذ كلمتك بالاستقالة أمام الرأي العام؟! ألم يكن الأهم أن تصدر قرارا بتحريك قضية حل جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والتي ترعى في ارض مصر خرابا؟!!
إذا كانت مجموعة شباب البلاك بلوك تهدد الأمن العام فنحن لن نقف معها، ولكن قبل أن تشغلوا الرأي العام بهم ظنا منكم أنكم تحبطون ثورتنا من جديد ابحثوا عن التهديد الحقيقي لأمن مصر. أوقفوا التهديد الحقيقي للقضاء ولمؤسسات الدولة ومنها إيقافك أنت شخصيا وإيقاف الإعلان الديكتاتوري كاملا الذي بموجبه سيادتك في هذا المنصب. ولكن لا عليك سيدي النائب العام فكل هذا لم يعد من أولويات ثورتنا الآن، فالنظام كاملا سقط مع سقوط ضحايا الاتحادية في ديسمبر 2012 وتأكد سقوطه مع دماء بورسعيد في يناير 2013 التي انقلبت لبورحزين يأبى أن يعيش تحت مظلة نظام فقد شرعيته بقتل أبناء مصر الشرفاء.
البلاك بلوك أو الوايت بلوك أو أي مجموعة جديدة غامضة الهوية لا تعنينا بقدر ما يعنينا الوطن، بقدر ما تهمنا الثورة ومبادئها عيش، حرية، كرامة إنسانية. لا يشغلنا كثيرا غموض البلاك بلوك، ربما هم شباب يُحب مصر على طريقته الخاصة، ربما تكون إحدى الأعيب النظام، أو جماعته المحظورة لفتنة جديدة، ربما تكون لا شيء يذكر على الإطلاق حين يسقطون أقنعتهم السوداء. الأهم هو الثورة التي تحمل آمال وآلام هذا الشعب الصابر الذي تحمل الكثير وكسر حاجز الخوف، وله حُلم في هذا الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي