الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استهلك بلا متهلك.....

عبد الغني سهاد

2013 / 1 / 30
كتابات ساخرة



في الخارج احمرت وجنتاي بالبرد ,غزتني البرودة من اناملي عند ما انفلتت مع زوجتي من مايشبه السيارة ...فتقدمنا في المسير نحو تلك السوق الكبرى والممتازة التي فتحت لنا ابوابها دون وجود حراس على جنباتها .غمرت روحنا الفرحة وأجسادنا الدفء لوفرة المكيفات المبثوتة في المكان الفسيح .كنا نسمع همس وكلام خفيت بين الناس ممزوجا بموسيقى هادئة دافئة آتية من زوايا نجهلها. .قالت الزوجة : هذه السوق أعجوبة الدهر وحديث الناس في كل مكان .حتى في حمام النساء في الحي وعلى ابواب حانوت محماد الذي يرد على الناس عند الحديث عنها انها ستعوض الحوانيت المتفرقة .. وأنها ... وانها في نهاية المطاف مجرد مؤامرة غربية صهيونية الطالع وأمريكية الطابع .
لم يكن لكلام الناس ومنهم محماد أذنى اثر او تاثير علينا حيث تشجعنا واخدنا نتردد على السوق لاجل التبضع و الفرجة معا على حضارة الغرب ...نحن المنتميان الى عصر ماقبل الانسان الحجري الاول .
تقدمنا مرارا وتسوقنا لانفسنا ...دون تدخل احد !!serve yourself

تبضعت فيها مع الاسرة ومع الاطفال وبرفقة الزوجة لعدة مرات ...ادور معها في الاروقة الواسعة .لا يضايقنا احد نتناول السلع ونتفحصها جيدا ونطلع على تاريخ صلاحيتها وكل خصائصها . تعرفنا على الاثمنة وشحننا ما نريد في العربة ..اي عربة نريد فكل الاصناف تحت تصرفنا ...حديث العيون المنبهرة المفتوحة مباشرة على السلعة الاجنبية القادمة من وراء بحر الظلمات :البن البرازيلي ...اللحم الكندي ...والحليب الهولندي ...والدقيق الامريكي !من كل زوايا المعمور ستصل اليك البضاعة وماعليك الا ان تتقدم كالفارس المبجل لتملأ عربتك وتحركها نحو الصندوق تم نحو الباب الالي .قبلها ستؤدي الثمن عن طيب خاطر وتاخد بيدك الفاتورة ..على السلع تلك الجميلة ستجد رموزا سوداء وبيضاء تدل عل ثمنا وخصائصها المميزة لها وعليها ايضاء مجالات كهرومغناطيسية ستفضحك ان تماديت واخرجتها الباب دون تسديد الثمن ...
لن تخسر شيئا سواءا تبضعت او تجولت فكما قيل ويقال دائما اللي ما يشري يتنزه !!!!!!!
لن تقاوم الرغبة في عبور كل الاروقة ..ستقف طويلا في رواق مشتقات الحليب ..ورواق اللحوم والاسماك بانواعها الطرية كانها خرجت للتو من الميناء ...ستسير ببطء في رواق الملابس الجاهزة وتقيس بعضها وتعبر مسرعا رواق الكتب والمجلا ت والصحف فهي لن تثير شهيتك في الاستهلاك الا ناذرا ,,,سيدفعك الاطفال الى تجاوزها بسرعة الى رواق قريب غيرها كرواق الحلويات والشكولاطة والمقرفشات اللذيذة والمشروبات الروحية من كل الاصناف والاشكال ... ورويدا رويدا عربتك الالية تمتلء وانت لا زلت تتحرك من رواق لاخر تحفك الموسيقى الهادئة التى وضعت رهن اشارة اعصابك المهترئة ..تتحرك ببطء وثبات نحو صاحبة الصندوق الجميلة ..تنضم الى الصف وتنتظر دورك لافراغ حمولة العربة على البساط الالي المنشور عند حد الالة الحاسبة...
الزوجة بجنبي تنظر الى المتبضعين بفضول مبالغ فيه ...لا اعرف بما كانت تحدث نفسها !
لكن اذكر انها تساءلت يوما او سمعتها تساءل نفسها من اين ياتي الناس بكل هذه النقود !
لم أكن قادرا على إجابتها حينها ربما كنت أريد أن يبقى سؤالها معلقا الى حين الاجابة عليه بنفسها .
وصلني الدور واديت الثمن غاليا والزوجة تقرأ في ملامحي وتقيس ردود افعالي ..تبسمت لها تم غرزت بصري في العربة على قلم وحيد استهواني شكله واحببته ..كان ساقه ابيض ناصع وراسه قرمزي ناصح رقيق القد من نوع اجنبي معروف وضعته بداخل بدلتي ودفعت العربة المملؤة بالبضاعة بينما في الخارج كانت تنتظرنا ما يشبه السيارة ....سيارتنا العائلية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن


.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •




.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر


.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا




.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى