الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فراغات القوة العربية وصعود الجوار الاقليمي

محمد سيد رصاص

2013 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


بعد مايقارب من عشر سنوات على سقوط العراق بيد الاحتلال في يوم9نيسان2003،لم يسأل العرب أنفسهم ،بعد،هذا السؤال:"ماذا خسر العرب من سقوط بلاد الرافدين؟".
لم تكن خسارة العرب خسارة لبلد انتقل عملياً إلى الخضوع لهيمنتين:أميركية وايرانية،وإنما فراغاً لقوة عربية أتاح مجالاً لقوة اقليمية لكي تنطلق بعد انكسار"البوابة الشرقية"من أجل السيطرة على ذلك البلد وعبره للتمدد في الاقليم،وهو شيء رأيناه أيضاً مع قورش الفارسي وأبناءه بين عامي 539و525 قبل الميلاد لمااحتلوا العراق والشام ومصر بعد أن أسقطوا بابل.حاول الصفويون ذلك في القرنين السادس والسابع عشر وفشلوا أمام الحائط العثماني.
مع نشوب الأزمة السورية في يوم18آذار2011عادت سوريا ملعباً للآخرين كماكانت في الخمسينيات من القرن العشرين،وفقدت دورها الاقليمي ،الذي بدأ في يوم1حزيران1976مع دخول القوات السورية إلى لبنان،والذي لم يشمل فقط كدور بلاد الأرز وإنما امتد كذلك حتى حدود امتلاك القدرة الاقليمية على الامساك بأوراق فلسطينية وتركية كردية وعراقية كردية وورقة ايرانية أتاحتها العلاقات الوثيقة مع ايران الخميني- الخامنئي منذ عام1979،ثم ورقة تركية منذ عام2004أتت من فتح دمشق بوابتها لكي تكون ممراً لاسطنبول أردوغان نحو الجنوب بعد أن فشلت أنقرة أتاتورك في الدخول إلى النادي الأوروبي إثر طرقها لأبواب الغرب طوال سبعة عقود من الزمن.أنشأت الأزمة السورية فراغاً في القوة أتاحت للأتراك ليس فقط مجالاً للعب أدوار يطمحون في نهايتها لتكرار تركي في دمشق لمافعلته طهران في بغداد وإنما لكي يكونوا أيضاً في وضعية تتيح لهم مجالاً للتحول نحو الامساك بأوراق عديدة في المنطقة،فلسطينية وعراقية وربما لبنانية،مثلما فعلت طهران في فترة مابعد سقوط بلاد الرافدين.
لم تنجح اسطنبول في ذلك حتى الآن،مثلما نجحت طهران،عبر البوابة البغدادية، لمااستطاعت الامتداد إلى صعدة(2004)وبيروت(2005-2008)وغزة(2007)وعدن(2010)وأسمرة(2011)والمنامة(2011).عملياً،أنشأ سقوط بغداد فراغاً في أماكن عديدة من آسية العربية أتاح لطهران الانطلاق اقليمياً،كان حائط صده يأتي من تلاقي دمشق والرياض كماجرى في لبنان بعامي2009و2010قبل أن ينتهي ذلك في الشهر الأول من عام2011مع انفراط (معادلة س – س)ماأدى إلى سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري،أوفي العراق من خلال ثالوث الرياض –دمشق- أنقرة الذي كان رافعة ل"القائمة العراقية"في انتخابات برلمان2010قبل أن تتلاقى دمشق مع طهران لأول مرة في الموضوع العراقي وتفترق مع الرياض وأنقرة من خلال دعمها لتولي المالكي للوزارة العراقية من جديد في تشرين أول2010.عندما تلاقت دمشق والرياض في شباط2007عبر "اتفاقية مكة"للمصالحة بين فتح وحماس قامت طهران بتشجيع الجناح الرافض للمصالحة في حماس على انقلاب14حزيران2007ضد سلطة الرئيس محمود عباس.لم تستطع حماس(مع استمرار جناح رافض لذلك في داخل الحركة) الابتعاد عن طهران إلافي عام2012لمااستندت إلى ثنائي أنقرة- القاهرة في فترة من تلاقي واشنطن مع الحركة الاخوانية بمرحلة مابعد "الربيع العربي".
في الخمسينيات من القرن الماضي،حصل فراغ للقوة في آسية العربية مع غروب شمس لندن وباريس إثر الحرب العالمية الثانية:حاول الغرب الأميركي – الأوروبي ملئه من خلال "مشروع دفاع الشرق الأوسط"(1951)و"حلف بغداد"(1955)و"مشروع أيزنهاور"(1957)،وهي مشاريع كانت تهدف إلى تشكيل امتداد شرق أوسطي لحلف الأطلسي(الناتو)ضد السوفيات في فترة الحرب الباردة،وقد أريد من خلال تلك المشاريع اعطاء أدوار للجوار الاقليمي للعرب،في أنقرة وطهران،للعب دور "الشرطي الاقليمي".أفشل تلاقي القاهرة والرياض المشروعان الأول والثاني،ثم كان تنامي الدور المصري إثر السويس سبباً في فشل المشروع الثالث بالتضافر مع سقوط الأسرة الهاشمية في بغداد بيوم14تموز1958.عملياً،كان التلاقي الأميركي- الاسرائيلي منذ عام1964هادفاً إلى كسر المحاولة المصرية لملء فراغ القوة في آسية العربية،بالتحالف مع موسكو من قبل عبد الناصر،وهو ماتحقق عملياً من خلال حرب 1967التي أنشأت انكفاءاً مصرياً في عهدي الرئيسين السادات ومبارك عن آسية العربية هو غير مسبوق منذ أيام الفراعنة،ولم يكن بالإمكان تعويضه إلاعبر تلاقي الرياض ودمشق في فترة(1975-2005)ثم(2009-2010).
بشكل مماثل لحالة عراق2003وسوريا2011أنشأ السودان المأزوم منذ نشوئه عبر استقلال 1956حالة من فراغ القوة،كانت مصر القوية في عهد عبد الناصر حائطا لصد تبعاته ولملء فراغاته،وهو مااستمر في عهد السادات الذي عوضً انكفاء مصر عن آسية العربية بإفراط في الانشغال بالشؤون السودانية إلى درجة الانخراط المباشر في تفشيل ثلاثة انقلابات ضد النميري بأعوام1971و1975و1976،كماكانت العلاقات المصرية القوية مع إثيوبية بمثابة الخيمة لاتفاقية أديس أبابا حول جنوب السودان في عام1972بين الخرطوم وحركة التمرد الجنوبية.عندما انكفأت مصر بعهد مبارك حتى عن مشاكل جنوبها في حوض النيل كان انفجار المشكلة الجنوبية السودانية من جديد بعام1983ثم أزمة دارفور عام2003مرفوقاً بأدوار أخذتها دول الجوار الافريقي،بتشجيع من واشنطن،في الأزمات السودانية لعبتها دول مثل إثيوبية وأوغندا في الأزمة الجنوبية وتشاد ونيجريا في موضوع دارفور، مع غياب مصري.في الصومال المأزوم منذ عام1991حصل شيء مماثل للسودان ملئت فراغ قوته الدولة الإثيوبية وعندما عجزت جاءت قوات حفظ السلام الافريقية مع غياب عربي.
في معركة اليرموك(6آب636ميلادية)تم تدشين قوة ذاتية اقليمية أتاحت المجال ليس فقط لفتح العراق ومصر،وإنما أيضاً لاسقاط الدولة الساسانية ثم لحصار أسوار القسطنطينية:عندما حصل الفراغ في هذه القوة بعد تسع قرون عاد الجوار الاقليمي للقوة وبحيث كانت معركة جالديران في عام1514بين العثماني سليم الأول والصفوي اسماعيل قتالاً لتقرير من سيحكم المنطقة في الأربعة قرون التالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى