الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمان العراقي الجديد ومسوغات التاجيل المتكرر

حميد الهاشمي
مختص بعلم الاجتماع

(Hamied Hashimi)

2005 / 3 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مازال السؤال يتكرر حول تأخر تشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي ستحل محل الحكومة الانتقالية ولتناط بها مسؤولية ادارة البلاد وقتيا ايضا، حتى يتم اعداد دستور دائم للبلاد ويصوت عليه في استفتاء شعبي. ويجرى وفقه تشكيل اول حكومة وفق اول دستور يستفتى عليه الشعب بصورة تامة تقريبا وبوعي تام ايضا.

ولكون هذا البرلمان الحالي المنتخب قد ولد من رحم معاناة وتحد كبير، بل لنقل معركة الشعب العراقي الذي تحدى التهديد وانتخب، ضد قوى الارهاب والظلام التي اعلنت الحرب عليه وعلى التغيير والاهداف التي ينشدها وهو اصدق تصوير لحال العراق الآن. ولهذه الاسباب وللمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق هذا البرلمان فاننا نجد التأخير ان لم نقل التعثر في عقد جلسات هذا البرلمان وتشكيل هيكلته، وتحقيق بعض من المهام التي ينتظر ان ينهض بها ومنها تشكيل الحكومة المشار اليها اسباب تستحق التأمل.
ولعل الباحث المتمعن في هذا التأخير يستطيع ان يشخص بعض ما هو مكشوف او غامض من اسبابه ومسوغاته ومنها:
1 - تجاذبات الداخل والخارج ويتمثل في ممارسة الضغط من قبل البعض او "الفيتو" من قبل البعض الآخر، من الدول الفاعلة في التحالف التي تمتلك قوات عسكرية على الارض العراقية او من دول الجوار، او محاولة كل طرف او كتلة نيابية استمالة او استرضاء اطراف اخرى خارجية وداخلية بما فيها البعثيين ودول الجوار وربما حتى الارهابيين.
2- ان المرحلة الحالية حرجة جدا بالنسبة للعراق، وتتطلب مواقف قوية وواضحة ومساومات عنيدة، لانها تمثل بناء اسس تقوم عليها منزلات ومكانات الكتل السياسية والاقليات بل صورة وهوية عراق المستقبل ,وعليه فان المفاوضين، كتلا وافرادا يحاولون "الصراع" الى آخر نفس من اجل انتزاع المكاسب او رسم معالم صورة المستقبل للناخبين الذين اودعوهم ثقتهم. وللاسف فان الكثير من القوائم الانتخابية التي فازت، كانت هويتها او "هكذا توصم" بانها قوائم تمثل اقليات اثنية او طائفية، حيث يصر البعض على وصفها بالقائمة الشيعية والقائمة الكردية والتركمانية وهكذا، وليست على اسس التنظيمات العصرية (من احزاب وتنظيمات المجتمع المدني) التي تذوب فيها الهوية الاثنية والطائفية.
3- محاولة الاكراد الاحتفاظ بمكتسباتهم ان لم يزيدوا عليها وينطلقون من موقف قوة كونهم يمتلكون ثان اكبر كتلة برلمانية ويحتاجها للتحالف معه كل من يريد تحقيق اغلبية تامة في البرلمان.
4- ان قائمة الائتلاف العراقي الموحد او (الشيعية) كما ينعتها البعض تمثل مصدر "شك وريبة" من ناحية ما تطمح اليه، ربما من تاسيس حكم ثيوقراطي او عراق بصبغة دينية وهو ما لا يتوافق مع القوى الليبرالية والعلمانية والطائفية ولا بعض دول الجوار.
وعليه يجد البعض مبررا لهذا التأخير وفق هذه الاسباب المنطقية، في حين يجد البعض الاخر فيه تهاونا او استهانة باصوات الناخبين العراقيين الذي اندفعوا مستعدين للتضحية في سبيل العبور الى بر الامان من خلال الاستجابة لنداء الانتخابات، وان لا مكان ولا وقت للمساومات والتنازع على المناصب.
ونقول هنا ان على المواطن العراقي ان يتحلى بمزيد من الصبر. فقد صبر اجدادنا (وما اشبه الليلة بالبارحة) على اتمام الدستور الذي امتدت جلسات المجلس التاسيسي لصياغته من عام 1921 الى 1925، حيث تم وصودق عليه. وتكاد اشكاليات التاخير تشابه بشكل او آخر ما يحصل الآن.
فالاستحقاقات والتحديات الرئيسية كانت وتتكرر الان مع بعض الاختلاف، من نواح (الاستقلال، شكل العلاقة التي تربطنا بالمحتل، شكل نظام الحكم، ودور الاقليات في عراق المستقبل) وللمفارقة ايضا نجد انه كان ذلك تحت هاجس الخوف من تهديد وتدخل دول الجوار .
وتتشابه الصورة من جانب اخر في تغيب احد الاقليات الرئيسية في البلاد ومقاطعتها، مع لفت النظر الى ان انتخابات عام 1921 كانت تتم بصيغة استفتاء او (مضبطات) يوقع عليها الوجهاء ورجال الدين وشيوخ العشائر باعتبارهم ممثلين عن الشعب، اما اليوم فان الباب مفتوحا لكل مواطن كي يدلي بصوته.
وباختصار نرى هنا ان الظرف والتجربة تتطلب من الساسة العراقيين تقديم شيئا من التنازلات والوصول الى صيغ توافقية كي لا تتكرر التجارب الخاطئة السابقة، وان على القوى المناهضة ان تحكم عقلها وضميرها ومصلحة من تمثلهم او تدعي تمثيلهم وان تنظر الى مصلحة العراق عامة. وان ما تخشاه من استفراد اقلية او كتلة انتخابية ما في رسم صورة ومعالم عراق المستقبل، هو ناتج لسوء ادارتها للازمة الحالية وان تغيبها وتغييبها لأصوات من تؤثر عليهم بطريق او آخر هو السبب فيما تخشاه الان. وان عليها ان تتدارك ما يمكن تداركه سيما وان هناك ايد ممدودة من الاطراف الاخرى واستعدادا لاشراكها وصولا الى توافق يرضي الاطراف بدرجات معقولة وهو الخيار الافضل وواقع الامر الان.
وان على الناخب العراقي ان يتحلى بمزيد من الصبر وان يساهم بفاعلية في تحقيق مطالبه وطموحاته من خلال النهوض بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه وهي كثيرة وعلى راسها تحقيق امنه بسبل عديدة من اهمها التعاون مع الاجهزة الامنية الحكومية لمحاربة الارهاب وتخريب البلد.

* اكاديمي ومهتم بالشأن العراقي مقيم في هولندا [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور