الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامبراطورية الصغيرة

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 3 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لماذا يتعامل الاسرائيليون باستهانة مع المبادرات العربية بالرغم من أن آخرها, أي تلك التي اعلنت في الجزائر, عرضت عليهم التطبيع الشامل مقابل الانسحاب الى حدود 1967 وقبول دولة فلسطينية؟ ان ما أضافه العرب في هذه القمة يكشف عمق الأزمة التي تهز كياناتهم. فهم في الواقع يريدون الان مكافأة اسرائيل في حالة انصياعها لقرارات صادرة عن الأمم المتحدة منذ سنوات. لو ان أي دولة من دولهم رفضت ما يمليه مجلس الأمن الدولي , واستمر تمردها سنوات, لضرب عليها الحصار الى ان تذل وتركع, أو أرسلت اليها الجيوش والبوارج والطائرات لتكسير ارادتها. ولكن اسرائيل ضربت بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط, وهي مع ذلك لا تزال ممثلة في جمعيتها ولجانها المختلفة, ولها الكلمة الفصل بصوت "الفيتو" الأمريكي الذي داس مرارا وتكرارا على كل ما يؤمن به العرب من عدالة ومثل اخرى. وبعد ان توالت المبادرات التي تعرض على اسرائيل مختلف الصفقات علها تعود قليلا عن غيها وتطمع في ما يطمع فيه العقلاء من سلام, ها هي قمة الجزائر الملتئمة يوم 22 مارس- آّذار 2005, تقول للاسرائيليين : "ليس هناك مشكلة بيننا وبينكم سوى حرصكم على احتقار قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي تطالبكم بالانسحاب الى حدود 1967, منذ أكثر من نصف قرن. نفذوها وسنصبح خير أصدقاء, ونفتح بلداننا على طولها وعرضها للسياحة والتجارة معكم."
ولكن الاسرائيليين بدوا غير مهتمين بالمسألة. فهل السلام والتطبيع مع العرب لا يهمهم؟ كلا, ولكن مع مرور السنين وتوالي الأحداث , فهم قد جددوا رؤيتهم للطرق التي ينبغي توخيها في التعاطي مع العالم العربي.

من بين هذه الطرق ما اقترحه عليهم المفكر الأمريكي ريتشارد بيرل , وهو من المحافظين الجدد وممن شاركوا في هندسة الحرب ضد صدام.
بيرل هذا وضع منذ سنة 2003 خطة استراتيجية , نالت اهتماما كبيرا في الجانب الاسرائيلي. انها تقوم على محاور متعددة, بيد اننا نكتفي بعرض الجزء المتعلق بالمسألة التي نحن بصددها, وتكمن اهمية الخطة بالنسبة لاسرائيل خاصة في كونها تجمع بين المحورين الفلسطيني والسوري في الوقت الذي تجمع فيه بين المقتضيات الأمنية الاسرائيلية والأمريكية. لكننا سنتوقف فقط عند المحور الفلسطيني لأن هذه هي القضية الأولى في الشرق الأوسط.
يقول بيرل بهذا الصدد انه لا بد من خطوات جديدة تقوم بها إسرائيل لأيجاد حل نهائي للمشاكل مع العرب عامة، ومع الفلسطينيين خاصة، وهي كالآتي:
·أولاً: تلغي إسرائيل شعارات: "عملية السلام" و "السلام الشامل" و "الأرض مقابل السلام"، وتستبدلها بشعارات: "السلام مقابل السلام" و "سلام القوة" و "ميزان القوى".
·ثانياً تلغي إسرائيل استراتيجية "التفوق" على الدول العربية عسكرياً، وتستبدلها باستراتيجية "السيطرة" على الدول العربية عسكرياً هذا سيكون مثل الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي أعلنها الرئيس بوش ، وهي التحول من "التفوق" على كل دول العالم إلى "السيطرة" عليها.
·ثالثاً : إعلان خطة "الضربة الوقائية" ضد الفلسطينيين. وهذه ستكون مثل خطة "الضربة الوقائية" التي اعلنها بوش ايضا, وهذا ما سيبرر خطة "المطاردة الساخنة" لصيد المقاتلين الفلسطينيين في كل مكان وضربهم "دفاعا عن النفس".
يكفي تأمل هذه المصطلحات الاستراتيجية الجديدة التي يقترحها بيرل لندرك أن هذه الكلمات لم تسقط في آذان صماء. القوة والسيطرة والضربة الوقائية , هذه تحديدا مفاهيم دولة توصف بالقوة العظمى او الامبراطورية لها حسابات عالمية وليس مجرد تكتيك دفاعي محلي او اقليمي. وكأن ريتشارد بيرل يوحي من خلال هذه المقترحات بأن اسرائيل ينبغي ان تتصرف اليوم ك"قوة عظمى" اقليمية أو كإمبراطورية مصغرة, لأنها تحظى بالدعم الأمريكي المسبق, وليس هناك من سيعترض طريقها في العالم العربي. فمصر مكبلة باتفاقية سلام. والعراق انتهى أمره. وبقية الدول العربية لا اهمية لها, وسوريا لا تزال عاجزة حتى عن استعادة ارضها, فما بالك بتشكيل قلق لاسرائيل؟ كلا, يقول بيرل. هذه هي الفرصة التاريخية حتى تطغى اسرائيل على العرب وتجعلهم ينساقون كالأغنام.
فهل يعجب أحد بعد هذا أن يستهين الاسرائيليون بمبادرات السلام العربية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة رفح.. إسرائيل تتحدث عن خيارات بديلة لهزيمة حماس | #غرف


.. العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران.. عقبات -لوجستية- و-سياس




.. قصص ومعاناة يرويها أهالي منطقتي خزاعة وعبسان الكبيرة بسبب تو


.. شهداء غزة من الأطفال يفوقون نظراءهم الذين قضوا في حروب العال




.. نتنياهو: قمت بكل ما في وسعي لإضعاف قوة حماس العسكرية وقضينا