الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصمود لا العنف

مجدي مهني أمين

2013 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


نعم علينا أن نستبدل العنف بالإصرار على مطالب الثورة، وعلينا أن نتذكر أننا في ثورة يناير عندما ملأنا الميادين لم نكن نمارس أي عنف؛ بالعكس كنا بنغني، ولكن صمدنا بإصرار على رحيل النظام، ورحل.

علينا أن نمارس الصمود لا العنف حتى يفرز المشهد اصحاب الثورة، الثورة مش عنف، الثورة دعوة للتغيير، تغيير شكل العلاقة بين الحاكم والشعب، هذا ما حاولنا تحقيقه مع مبارك، فجاء في غفلة منا نظامٌ يريد أن يستبد بنا، ويبقِي العلاقة بين الشعب وبين الحاكم بدون تغيير؛ علاقة استعباد وقهر وعنف.. نظام يعتمد على العنف والجبر، يمارس كل ما كان يمارسه مبارك بالحرف، ممارسة حولت مبارك عبر سنين الاستبداد من بطل إلى مدان.. لأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

نظام يريد أن يستبد بالشعب، يحتمي في الشرطة وميلشيات الإخوان ودعم حماس، يغلق أبواب المحكمة الدستورية، يحاصر مدينة الإعلام، يسرق دستورا من شعب في وضح النهار، يقود شعب لاستفتاءات غير نزيهة، يقر نظاما انتخابيا لا يحقق تكافؤ الفرص، ولقد علمتنا التجربة أنه نظام قادر أن يزوّر ويحشد جماهيره أمام صناديق الانتخابات للدرجة اللي تخللي شعب قام بثورة؛ يوافق على مجرد تعديلات دستورية:

- يعني الشعب يُبْقي على دستور أسقطه نفس الشعب بروحه ودمه!!
- إزاي؟

ثم ندخل جميعا في نفق مظلم، ينتهي بفوز مرشح هذا النظام، وينتهي بالدستور اللي حرصوا انه يتعمل لما يوصلوا للحكم، دستور الدولة الشمولية والحكم المطلق.. يعني الثورة ماشية في سكة الحرية، وهم ماشيين بإصرار في سكة الاستبداد.

الاستبداد هو "العنف الهدف"، أما الميلشيات والقتل والتعذيب والخطف والتحرش بالبنات فهي الممارسات التي تحقق هذا "الاستبداد الهدف". الاستبداد هو الذي يُخْرِج الشعوب من التاريخ..الاستبداد هو العنف الأكبر.

نحن لا نريد الاستبداد، أي أننا لا نريد العنف، ولأننا لا نريد العنف فنحن لا نريد أدواته، ولو كانت مجرد حَجَر صغير. لقد رحل مبارك لأننا صمدنا في التحرير وباقي ميادين مصر 18 يوما، فالنظام لا يقوى على عدم تعاون الجماهير معه، النظام لا يقوى على المقاطعة، لا يقوي على العصيان المدني، لا يقوى على أي فعل قررت الجماهير، كل الجماهير، أن تمارسه معا في مواجهته.

كلنا متيمون بغاندي ونيلسون مانديللا.. لقد انتصرا باللاعنف، وانتصرا بالإصرار على الهدف، غاندي عمل رحلته العظيمة التي دعا فيها شعبه أن يكسروا احتكار الانجليز لصناعة الملح، وقام بنفسه بصناعته، وصنعه الناس بأنفسهم، وضرب الإنجليز المواطنون بعنف، ولكن المواطنين لم يردوا على العنف بعنف، بل ردوا على العنف بالإصرار على كسر احتكار الإنجليز للملح، أصروا على الاستمرار في صناعته، أصروا على الهدف، كان هذا هو كل شئ.

أهل مدن القنال، كسروا حظر التجول، بالتجول؛ في وقت الحظر،عملوا دوري كرة وغنوا على القناة بالسمسية أغاني زمان.. يقولها عبد الرحمن الأبنودي في قصيدته الرائعة "الميدان":

- إقتلني، قتلي ما هيعيد دولتك تاني..

بالعكس "قتلي" كما يقول عبد الرحمن بيصحي الوطن، كتب الشباب اليوم في "جمعة الخلاص 1 فبراير":

- إبعت هات قناصة، لسة في قلبي مكان لرصاصة.

نعم لسة في قلبي مكان لرصاصة، فمكانها في قلبي يبني وطنا، أما قتلهم يقتلهم ويقتلني، يقتل الثورة، يقتل الفكرة النبيلة، الفكرة الأم، الفكرة الوطن، فلا ندخل ملعبهم، ملعب العنف، لأنهم يريدون الاستبداد- العنف الأكبر.

نعم للثورة، ونعم للاعنف. لهم العنف، ولنا الإصرار على الهدف والفكرة، ولنبحث عن كافة أدواتنا كي تكون الثورة مستمرة. الصمود والإصرار على مطالب الثورة هو الطريق الأمثل للمواجهة.

كم كان مبهجا وذكيا، أن شباب البلاك بلوك لم يمارس العنف، منعوا العنف، منعوا الاعتداء على النساء، حموا فندق سميراميس من السرقة، كسروا عصاة العنف ولكنهم لم يمارسوه، ولعل هذا ما أقلق النظام من البلاك بلوك، لو كان البلاك بلوك مارس العنف لاستراح النظام، لأنه يعلم أن سلاح اللاعنف أقوى كثيرا من سلاح العنف.

من يمارس العنف يفنى مع عنفه، ومن يمارس اللاعنف ينتصر ويبقى أيقونة، وتعيش فكرته عبر الأجيال ملهمة ومنيرة ومحرّضة على الثورة من أجل الكرامة والعدالة والحرية.. لا للعنف، نعم للصمود من أجل الثورة، ونعم لكل فعل جماعي تتفق عليه الجماهير في مواجهة هذا النظام المستبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من