الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- دوافع وأهداف العدوان الإسرائيلي على مركز البحوث في جمرايا -

محمود جديد

2013 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


                   " دوافع وأهداف العدوان الإسرائيلي على مركز البحوث في جمرايا "
                                                                          محمود جديد 
    "    بداية نعبر عن شجبنا وإدانتنا للعدوان الإسرائيلي الغاشم الذي تعرض له مركز البحوث في جمرايا ، كما  نعبّر عن نقدنا ولومنا  الشديد لاولئك السوريين الذين أبدوا شماتتهم بما حدث ، وشجبنا لمن هلّل له .." 
      -  يُعتبَر الكيان الإسرائيلي من أصحاب السوابق الغادرة على البلدان العربية المجاورة لفلسطين المحتلّة انسجاماً مع طبيعته العدوانية المتأصّلة في عقيدته الصهيونية ... واليوم سأحاول إلقاء الضوء على آخرها الذي نفّذه على مركز البحوث في جمرايا شمال غرب دمشق ...
أوّلاً : دحض الرواية الإسرائيلية - الأمريكية :
--------------------------------------------
  أشارت المصادر الإسرائيلية والأمريكية إلى أنّ الغارة استهدفت رتلاً من أسلحة الدفاع الجوي المرسلة إلى  "حزب الله "في لبنان ، وهذا القول لا ينسجم و منطق التحليل السياسي والعسكري للحظة الراهنة التي يعيشها النظام السوري للأسباب التالية : 
1 - إنّ النظام لم يصل بعد لدرجة التفكّك والانهيار التي تتطلّب منه إرسال أسلحته المتطوّرة إلى المقاومة اللبنانية لدرء تدميرها ، أو تجنيب وقوعها بأيدي المجموعات المسلّحة ...
2  - إنّ النظام السوري مهدّد داخليّاً وخارجيّاً ، وبالتالي ليس من المعقول أنْ يتخلّى عن أسلحته لحليف له ليس واقعاً تحت التهديد المباشر والسريع ، والأحرى به أن يبقيها بين يديه ، وخاصّة في ظلّ الحصار الغربي المفروض عليه ، والتضييق الذي يلاقيه في مجال نقل الأسلحة من مصدرها إليه ...
3- إنّ تهريب الأسلحة على شكل رتل على طريق عام دولي ، وإلى حليف ليس في حال اشتباك مع العدوّ لا يستقيم مع أيّ منطق عسكري ويجرّده من طابعه السرّي ..وإذا تمّ سيكون محميّاً ذاتياً بوسائط الدفاع الجوّي المنقولة نفسها ، أو بحماية شبكة الدفاع الجوّي الرئيسيّة السوريّة ، وبمعرفة السلطات اللبنانية .. وهذه الطريقة ستفسح المجال للاشتباك مع الطيران الإسرائيلي المهاجم ... 
ثانياً : تنفيذ الغارة :
-------------------- 
 مهما كانت تبريرات النظام السوري لعدم الاشتباك فإنّها غير كافية ... صحيح أنّ السلسة الجبلية التي تمتدّ على طول الحدود مع لبنان ، وخاصة قمم جبل الشيخ العالية تعطي ميّزات تكتيكية وعمليّاتيه للطيران الإسرائيلي تجعله يخترق الأراضي اللبنانية والوصول إلى منطقة دير العشائر اللبنانية التي تبعد 25 كم عن مدينة دمشق دون كشف من قبل الرادارات السورية ، ولكنّ هذا الواقع الجغرافي والطبوغرافي ليس جديداً أو طارئاً فهو حقيقة ثابتة وبديهية قائمة منذ  قيام القطر اللبناني ، وكان من المفروض إيجاد السبل لمعالجتها وفرز أجهزة إنذار خاصة ووحدات دفاع جوي على قمم المرتفعات الهامّة المشرفة على محور دير العشائر - ميسلون - دمشق ، ومحور ينطة اللبنانية - ميسلون - دمشق للاشتباك المباشر مع الطيران المعادي .. كما أنّ وجود جمرايا في وادي نهر بردى واحتضانها بمرتفعات جبلية يفرض على الطيران المعادي الارتفاع إلى مدى أعلى في الجوّ لتأمين زاوية الرمي الصاروخي المناسبة ، وإجراء المناورة المطلوبة لتحقيق ذلك .. غير أنّ قصر المسافة الفاصلة بين الحدود اللبنانية وجمرايا ( 19 كم ) تساعد الطيران الإسرائيلي على تحقيق المفاجأة وقصف هدفها من ارتفاع متوسّط وهي فوق الأراضي اللبنانية ، لأنّ المدى المجدي لصواريخه يصل إلى / 30 كم / ، وخاصة في حال وجود نقص في الاستعداد القتالي لوحدات الدفاع الجوّي المتواجدة في منطقة ميسلون ..
ثالثاً : دوافع العدوان : ( داخلية - سياسية - أمنيّة وعسكرية ) 
----------------
ا - الدوافع الداخلية : إنّ تراجع شعبيّة نتنياهو في الشارع الإسرائيلي الذي  تبلور بخسارة تحالفه مع ليبرمان 11 عضواً في / الكنيست الجديد / خلال الانتخابات المبكّرة التي دعا إليها ، واختار توقيتها ... والصعوبات التي ستعترضه عند تشكيل حكومته الجديدة .. وفشله في دفع أمريكا لاستهداف إيران عسكريّاً ، وفي تغطية وتبرير سعار الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلّة ... كلّ هذا جعله يلجأ لاستنفار المشاعر الإسرائيلية وجذبها  نحوه من خلال تحقيق ( إنجازات ) أمنية خارجية ، والجمهور الإسرائيلي مولع بها ...
ب - الدوافع السياسية : 
-----------------------  كما هو معروف ، فإنّ (إسرائيل ) ترغب وتعمل على استمرار الانتحار الذاتي السوري ، وتدمير قدرات سورية العسكرية والاقتصاديّة دون أنْ يكلّفها ذلك جنديّاً واحداً ... غير أنّ رجحان كفّة مسار الحلّ السياسيّ للأزمة السورية ابتدأت في الرجحان من خلال تفاهم أمريكي - روسي محتمل ، وبالتالي فهي تحاول التشويش على هذا المسار وعرقلته عن طريق خلق معطيات جديدة تمتص فترة من الوقت ، وتقدّم للمعارضة مادّة واوراقاً جديدة  في مجال النقد والتجريح والاستهزاء وما يمكن أن يلهي الشارع السوري ، ومن جهة أخرى تريد لفت نظر الدول العظمى إلى أنّها لاعب أساسيّ في المنطقة ولا بدّ من أخذ مصالحها فيها عند إقرار أيّ حلّ سياسي .. وخاصّة فيما يتعلّق بملفّ الأسلحة الكيمائية ، والصواريخ ، وموضوع الجولان المحتلّ ...
 - دوافع أمنية : 
-----------------  تحاول ( إسرائيل ) تحقيق مكاسب أمنية خارج حدودها بشتى الطرق والأساليب القذرة المتاحة ، كما حدث في لبنان والعراق وسوريّة وتونس والخرطوم .. الخ  وممّا لا شكّ فيه أنّ عناصر مخابراتها وعملائها يتواجدون  وينشطون في الأرض السورية تحت مختلف المسميّات ، ويقومون بشكل مباشر أو غير مباشر بالتشجيع على مهاجمة أهداف حيويّة عسكريّة ومدنيّة ( مطارات .. وشبكات الصواريخ ..واغتيال كوادر وعلماء ، وتدمير منشآت علمية ... الخ ) .. ولذلك تأتي غارتها على جمرايا كحلقة في سلسلة أهدافها داخل سورية قبل إقرار أيّ حل سياسي محتمل ... 
د - دوافع عسكرية استراتيجية : 
-------------------------------- توجد مسألة هامّة جدّاً قد تحظى باهتمام الاستراتيجيين الإسرائيليين ، ولم يلحظها المراقبون والمعلّقون العرب وهي إنّ الجيش العربي السوري على الرغم من انحرافه عن مهمّته الأساسيّة وخوضه حرب داخلية ضدّ قطاعات من أبناء شعبه فرضها النظام الحاكم المستبدّ ، أو فرضها عليه الآخرون لأغراضهم الخاصّة ، وأصبح الوضع السوري مؤلماً ومريراً على نفوس أبناء سورية جميعاً ، إلّا أنّ العدو الإسرائيلي سعيد بما حدث ، ..، ولكنّه قد يلحظ أنّ للمأساة السورية جوانب أخرى يقرؤها بشكل آخر ، وهي أنّ هذا الجيش قد اكتسب خبرة قتالية خلال العامين المنصرمين من الممكن توظيفها في الاتجاه الصحيح لتحرير الأرض المحتلّة مستقبلاً في ظلّ نظام ديمقراطي بديل  ، أو استنزاف المحتلّ وتحسين شروط السلطة الحاكمة الجديدة عند حدوث أي تفاوض حول الجولان المحتلّ ... ومن جهة أخرى ، إنّ حملة السلاح من المدنيين السوريين أصبحوا يقدّرون  بمئات الآلاف ، وهذا ما يؤهّلهم للمشاركة في حرب تحرير شعبية مقبلة في ظلّ نظام جديد يختار هذا الطريق ...ولهذا ، سيبذل الكيان الإسرائيلي  كلّ جهوده لتأخير أيّ حلّ سياسي في سوريّة حتى يفسح المجال لمزيد من الوقت لضمان تدمير أكبر للقدرات العسكرية السورية ، ولا آستبعد أنْ تلجأ القيادة الإسرائيلية إلى غارات مماثلة على أهداف حساسة أخرى مستقبلاً مستغلّة الظروف الصعبة للجيش السوري وقبل استعادة قواه ، وقدوم  أيّ حلّ سياسي ...   
وأخيرا ، هناك أسئلة عديدة تطرح نفسها هنا : 
- هل تمّ بناء المنشأة السورية في جمرايا  مع الأخذ بعين الاعتبار احتمال تعرّضها لعدوان إسرائيلي ومحاولة تدميرها ، أي هل تمّ إنشاؤها  في أنفاق جبلية تحمي مكوّنها الأساسي الأكثر أهميّة ؟ 
- هل سيردّ النظام السوري على هذا العدوان الغاشم الذي ندينه أشدّ الإدانة ، أم سيصمت ويضيفه على لائحة الديون المتراكمة في ذمّته من هذا القبيل ؟ وفي حال اتخاذه قرار الردّ ، كيف سيكون أسلوبه وأدواته وشكله ؟ وهل سيكون عسكريّاً سوريّاً  مباشراً  أم بواسطة الحلفاء ، أو بواسطة عمل نضالي شعبي مقاوم في الجولان ؟ وهذا ماسنتابعه في المستقبل ... 
وعلى كلّ حال ، كلّنا أمل أنْ تسير الأزمة السورية نحو الحل السياسي الذي يضمن إجراء التغيير الوطني الديمقراطي الشامل ، ويصون وحدة سوريّة أرضاً وشعباً ، ويدافع عن شعبها وأرضها وكرامتها ضدّ أيّ عدوّ غادر غاشم ...  
 
 في : 2 / 2 / 2013
 
 
B








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وين حلافائكم
سوري فهمان ( 2013 / 2 / 2 - 10:33 )
هلق مفكر حالك محلل .إسرائيل تخاف من نظام الزرافه وجيش أبو شحاطه القاتل بعد ما أصبح مسخرة لكل العالم !!!! . إسرائيل ضربت موقع كان على وشك السقوط بيد الجيش الحر . وبعدين وين حلافائكم من حزب اللات و ولايت الفقيه؟؟
يمكن عم يستنو متل الفاطس الخالد أن يحددو مكان وزمان المعركه.

اخر الافلام

.. بايدن وترامب والملف الإيراني | #أميركا_اليوم


.. إيران تحدد موعد انتخاب خليفة رئيسي




.. نتنياهو: الأمر السخيف والكاذب الذي أصدره المدعي العام للجنائ


.. -دبور الجحيم-.. ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران




.. رحيل رئيسي يربك حسابات المتشددين في طهران | #نيوز_بلس