الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخوة الإسلامية و الوطنية

حميد المصباحي

2013 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


من المتداول إسلاميا,أن الأخوة الدينية أسبق من الأخوة العائلية التي تنبني على القرابة العرقية,التي تمتد وفق منطق الأنساب إلى العشيرة و القبيلة,و هو ما يتعارض مع مبدأ كونية الإسلام,الذي اختار بديل الأخوة الدينية الإسلامية,و هو ما رسخه الإسلام الإسلامي و دافع عنه,لخلق حركات إسلامية ذات بعد كوني و عالمي,بحيث يتوجب وفق هذه المبادئ واجب النصرة,الديني,فتتقوى التحالفات المؤسسة على الإعتقاد,و الإنتقال من موقع جغرافي إلى آخر بدون الإعتراف بالحدود ولا الثقافات و لا الإختيارات الحضارية,و هو ما يشكل بؤرة للعديد من التخوفات التي تتحكم في كيفيات التعامل مع حركات الإسلام السياسي,عربيا و حتى إسلاميا,فلماذا هذه التخوفات و ما هي مبررات وجودها؟و هل هي مشروعة؟
1الإسلام و الوطنية
الدين الإسلامي ظهر في بيئة عربية قبلية,لم تعرف معنى الدولة,و لا كيفية انتظام المجتمعات وفق حدود مدنية,ذات تشريعات,غير التي سنت عرفيا في يثرب قبل هجرة الرسول إليها,و رغم ذلك لم تكن مدينة إلا من حيث نزوع أهلها للإستقرار,و بناء دور سكنية متجاورة وفق آليات لم تلغ القبلي لكنها استبعدته بحكم تحالفات قبلية اخترقت تجاريا من قبل الفكر اليهودي,الذي يفضل في الجزيرة العربية بناء مدن تقوي منطق المصالح على حساب العشيرة و القبيلة,رغم أن اليهود العرب أنفسهم يعترفون بضرورة وجودهم القبلي,دون الإحتكام إليه,و مع كل ذلك فالمدينة لم تكن إلا تعريفا تقريبيا لتجمعات حاولت الإختلاف عن القبيلة,بوجود سلطة لم تكن مشخصة ذاتيا لكن الإعتراف بها كان شرطا ضروريا للإنتماء للمدينة,و بذلك كانت يثرب مؤهلة للقبول بالنظام الإسلامي الجديد من خلال هجرة الرسول عليه الصلاة و السلام إليها,و رغم ذلك بقيت مكة حاضرة في وجدان المسلمين,و لم تسم وطنا أو موطنا,إلا إن دانت بالإسلام,و بذلك يمكن القول نسبيا أن الوطنية بالمعنى المتعارف عليه,لم تظهر إلا بظهور الدولة القومية الوطنية فعليا رغم وجود إرهاصات لها في كل الحضارات البشرية,التي امتدت بناء,على رفض حدودها,بحيث تكون الدولة بقدر قدرتها على مد حدودها بما تعلنه من حروب على غيرها,لتضمن المزيد من التمدد الجغرافي الذي تضمن به أمنها و مجدها و قدرتها على تجميع الأموال و توزيع النفوذ على خدامها و أتباعها المتحفزين للسطو على السلطة كلما استكانت لحدودها,أو قبلت بما ورثته عن الحكام السابقين.
بذلك فقد غابت فكرة الوطنية عن الفكر الإسلامي بناء على الملابسات التي عاشها الإسلام التاريخي,لكن مع بناء الدول العربية,انتبهت السلطة فيها إلى ضرورة البحث عن معنى الوطنية,التي صارت في نظرهم مرادفا للبلد,فبدأت التسميات تنبعث من العمق التاريخي للدول الإسلامية و العربية قبل الإسلام.
2الأخوة الوطنية
قد تثير الخلاصات الأخيرة أسئلة و ربما اعتراضات,مما يقتضي المزيد من التوضيحات,و بذلك أقترح السؤال التالي,هل يقبل المسلمون منطق الأخوة الوطنية,بحيث يصير المسيحي أخا للمسلم بناء على وحدة الوطن و التاريخ و حتى الحضارة؟؟؟؟؟؟
و الجواب واضح,فقد يتحالف المسلم الصربي مع السعودي ضد المسيحي أو الشيوعي الألباني, وهذه التجارب عاشها العالم العربي و حتى بعض الدول التي وجد بها الإسلام السياسي,و يمكن هنا استحضار مسألة كشمير المختلف حولها بين كل من الهند و باكستان,فالكشميري ينحاز ضد مواطنيه بناء على إسلامية الباكستان,هنا تكثر المخاوف من الإسلام السياسي,بحيث تذوب الأخوة الوطنية لصالح أخوة دينية إسلامية,سبق للغرب ان عاشها في الصيغة المسيحية و أدت إلى كوارث كبرى و ها هو يعيشها أو يهدد بعيشها بوجود أقليات إسلامية حتى في أروبا,أصلية أو مهاجرة إلى أروبا,يلاحقها الإسلام السياسي,و تحاول الدول الغربية خلق إسلام أروبي مختلف عن الحركات الدينية السياسية و الوهابية بالخصوص,بل إن بعض الدول الأروبية صارت تحبذ الإسلام الصوفي الزووي بلغة الشمال الإفريقي,حتى لا تتكرر المآسي التي عاشتها في تاريخها التراجيدي,فكيف يمكن بناء أخوة وطنية حتى داخل العلاقات الإسلامية دينا و حضارة؟؟
3مشروع وطنية إسلامية
ما المانع أن يحافظ الإسلام على كونيته بدون الدعوة إلى الولاءات الدينية الإسلامية,بحيث يعترف المسلمون بضرورة اعتبار الوطن محددا للأخوة حتى عندما تختلف الديانات,فلا يجوز الإستعانة بالمسلمين من خارج الحدود لقهر المختلفين معهم,و بعدم اشتراط إسلامية أو مسيحية الدولة التي لا ينبغي لها أن تستحضر الديني في إدارتها لشؤون المجتمعات البشرية,مع ضمان حرية التدين و حق اختيار الديانة لكل المواطنين بعيدا عن التعصبات المتنافية مع قيم التسامح و التجاور حتى بين الدول فما بالك داخل الدولة الواحدة؟
و هنا لا بد من التنبيه إلى أن الإختيار العلماني له إلحاحيته القصوى كبديل لعدم تشتت الكيانات و تشكيل كل طائفة على حدودها العقدية و ربما العرقية لدولة صغيرة لن تصمد أمام التحالفات الدولية و التقاطبات الكبرى,و لن تكون لها أية قيمة في التوازنات الدولية و الإقليمية التي يعرفها العالم حتاليا.
4خلاصات
الإسلام السياسي ليس خطرا يهدد الغير, من الغربيين و الأمريكيين كما يعتقد هو و الكثير من خصومه السياسيين,بل إنه تهديد حقيقي للحضارة التي يسعى لتشييدها,و منازعة الغرب بها بل مواجهة حتى إسرائيل بما يسمى بالوحدة الإسلامية بين كل الدول و منها بالخصوص العربية التي فشل مشروعها القومي و عليها تجريب المشروع الإسلامي,إنه كإسلام سياسي هو المهدد الحقيقي للحضارة العربية,فبه انبعثت الحركات الوطنية السابقة على الإسلام في صيغ عرقية,لا يمكن للإسلاميين الإنتصار عليها,و به تحاول إسرائيل نفسها تصويره كدعامة للقاعدة و التطرف الديني,الذي أفقد حتى الربيع العربي بعده التحرري السياسي و أدخله في نفق العنف و التدمير الذاتي للوجود العربي,مما دفع بإسرائيل نفسها إلى تشجيعه و عدم مواجهتخ ما دام سيؤخر العالم العربي و يعود به إلى القرون الوسطى.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تتوغل في حي الشجاعية وسط معارك عنيفة مع


.. إسرائيل تطلق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة وعشرات السجناء الآ




.. الديمقراطيون يدعمون بايدن رغم أدائه السيئ في المناظرة أمام ت


.. الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده بمعارك جنوب قطاع غزة




.. مستشفى فريد من نوعه لكبار السن بمصر| #برنامج_التشخيص