الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القمة البيضاء

أيمن الدقر

2005 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعرف العرب في تاريخهم قمة (بيضاء) إلى الدرجة التي رأينا عليها القمة الأخيرة، فشدة بياضها أظهر تلك البقع السوداء بوضوح نادر من نوعه، جعلنا نرى أن أغلب الزعماء العرب إنما كانوا يمثلون أنفسهم دون أن يمثلوا شعوبهم، وأن وجودهم كان بهدف المسايرة الدبلوماسية وليس بهدف اتخاذ قرار أو موقف ما، فالقطرية والعشائرية والأنانية كانت تطل علينا برؤوسها، من خلال عدم اهتمام أغلبيتهم بما طُرح، فمن جانب كان البعض يجلسون وعلائم الإحباط بادية على وجوههم، بينما ظهرت على آخرين علامات اليأس من أشقائهم، وبعضهم حملوا فكراً تضامنياً واحداً وهو الهرولة نحو إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وكأنهم في سباق محموم لم يرَ العرب له مثيلاً.
إذاً، فقد أكدت القمة ما سبق أن أكدته! وأقرّت ما سبق أن أقرته! وتبنت ماسبق أن تبنته! وبتوقعنا فهي ستبقى تؤكد، وتقر، وتتبنى إلى مالانهاية.. وبالطبع فإن ماحصل لم يكن مستغرباً، لكنه في هذه القمة بدا واضحاً جداً، والفرق بين القمة الماضية والقمة الحالية هو ازدياد حدة (اللامبالاة) ووضوح الهرولة والانتماء والولاء باتجاه خارج المنطقة العربية بشكل علني (ودونما خجل)..
ولعل في كلمة قائد ثورة الفاتح ترجمة لحال بعض الحكام العرب المحبطين (من كثرة ماقدموه مجاناً للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل دون فائدة) والتي تجلت بوصفه للإرهاب أنه إسلامي (فقط) معتبراً أن هذه الكلمة (الإرهاب) إنما هي (لفظ وشأن) طبيعي بالنسبة للمسلمين بتفسيره الآية: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) تفسيراً كيفياً (وبالطريقة التي تحب أمريكا أن تفسرها) وبذلك بدا وكأنه يعطي (الشرعية للولايات المتحدة لاختراق وضرب واحتلال الدول العربية والإسلامية) إذا أرادت ذلك تحت شعار (محاربة الإرهاب).
اللافت في كلمته أيضاً أنها (لم تؤدِّ إلى أي ردة فعل) لكن لوحظ أن المؤتمرين في القمة الأخيرة انقسموا إلى ثلاث فئات: (الأولى لم تكن تعنيها قضية خلط الأوراق بين الإرهاب والإسلام والعرب، والثانية كانت محبطة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل رغم كل ما قدمته وتقدمه لهما، أما الثالثة فهي الفئة التي يئست من الواقع العربي الذي سخّفه ومزّقه بعض زعماء العرب، فاحتفظت برأيها لنفسها بعد أن آمنت بعدم جدوى "حوار الطرشان" مؤثرة الابتعاد عن سجالات عقيمة لن تؤدي إلا إلى مزيد من الخلافات التي لا حل لها..).
إذاً، غاب عن القمة القرار الواحد (كالعادة) كما غاب أغلب الشارع العربي، ولكن حضر بعض الحكام العرب، لذا فقد كانت قمة حكام بامتياز لا قمة دول عربية.. وبالتالي فأن المستفيد المحتمل مما حدث هما الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذه الأخيرة عبّرت عن استفادتها عندما (رفضت المبادرة العربية) حتى قبل انتهاء تلاوة البيان الختامي...
كانت قمة بيضاء ناصعة بكل معنى الكلمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة ترفع شعار -الخلافة هي الحل- تثير مخاوف عرب ومسلمين في


.. جامعة كولومبيا: عبر النوافذ والأبواب الخلفية.. شرطة نيوريورك




.. تصريحات لإرضاء المتطرفين في الحكومة للبقاء في السلطة؟.. ماذا


.. هل أصبح نتنياهو عبئا على واشنطن؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب