الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أنا مسلم عَلماني؟

فؤاد قنديل

2013 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


أنا مسلم بالوراثة ، والحمد للهعلى نعمة الإسلام وكفي بها نعمة ، وأنا علماني بإرادتي وكما أفهمها ، ولأن العلمانية مصطلح سيء السمعة في نظر البعض فأأنا مؤقتا سأستخدم بديلا عنه ألفاظا من قبيل الديمقراطية
والعقلانية حتي نوضح القضية التي تبدو ملتبسة.وهي بالفعل كذلك خاصة إذا تصدي لها بالرفض ضيقو الأفق. الشعب المصري منذ آلاف السنين وقبل الأنبياء والرسل يميل للتدين الذي ترسخ في أعماقه مع أشكال العبادة المصرية القديمة، خاصة إيمانه بالبعث حيث المثول للحساب أمام الآلهة بعد الموت، وكان للكهنة في ذلك الزمان الاعتبار الأول لأنهم كما أفهموه هو البوابة الملكية نحو الخلود في الدار الآخرة. ومن هنا أصبح شاغل الإنسان المصري هو الآخرة وليس الدنيا، وهو الأمر الذي انشغل به في العقود الأخيرة الدعاة وقيادات التيارات الإسلامية كافة وركزوا عليه ومارسو الإرهاب عن طريق الإلحاح علي تذكير الناس بعذاب القبر، ومع أن المصريين يميلون بالفطرة إلي التدين إلا أن الدين عندهم ظل معتدلا ومستنيرا في أغلب صوره وتجلياته. وأهم غايات العقلانية (العلمانية ) دفع الفكر البشري نحو الإنسان، لأن الإنسان هو الأولي بالرعاية، وكذلك كل ما هو دنيوي وتجنب الانشغال بالحياة الأخرى بما يعوق حراكنا اليومي مع ظروف المعيشة والعمل والعلم والتعمير والسفر والسياحة وتقديم الخدمات المتعددة والحلم بمستقبل مختلف، وكما كتب علينا الموت كحقيقة مؤكدة كتبت علينا الحياة كواقع فعلي يتعذر تجاهله علي أي نحو. ومن حق القارئ أن أفسر له سر قولي بأنني مسلم وعلماني أو عقلاني في الوقت ذاته .. سوف أعرض حالتي وهي حالة الكثيرين الذين يتوجسون من الإعلان عنها، وربما يجهلون تفسيراتها، وأحسب أن هذه الحالة ربما تكون عاملا مهما في مقاومة أية محاولات لفرض رؤي إسلامية متطرفة.
* أعتمد في شق طريقي في الحياة علي مصادر معرفية متعددة بل ولا يكاد يحصرها حصر بداية من القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم ثم الكتاب المقدس وتعاليم كونفوشيوس وبوذا وكل الأفكار التي وردت في كتب أعلام الفكر والأدب من حجة الإسلام إلي القديس أوغسطين وسقراط وأفلاطون والغزالي والحلاج والسهروردي وابن عطاء الله وابن رشد إلي ابن خلدون و كارل ماركس وشوبنهور ونيتشة وطاغور وجبران وسلامة موسي ثم سارتر وبرتراند راسل وفرويد وطه حسين ونجيب محفوظ وحسن حنفي وغيرهم.
* أومن بالعلم وضرورة استخدام العقل في كل الأمور، وأومن بحقوق الإنسان والحيوان والجماد وكل الكائنات التي خلقها الله وصنعها وأوجدها الإنسان، واحترم القانون وأدعو ليل نهار للحرية المسئولة .
* أرفض تماما إجبار أحد علي اعتناق أي معتقد أو مذهب لا يريده ولا يتحمس له، وبالتالي فلست مستعدا أبدا لنبذ الآخر أو تهميشه أو ازدرائه كراهية فيما ورثه أو اختاره، لأنني ضد العنصرية الدينية، ولأنني أومن بأن الدين لله والوطن للجميع .
* يقول الله تعالي في كتابه الكريم " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". ويقول " ليس عليك هداكم "، ويقول الرسول : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " أي أن الدين جاء أساسا من أجل هذه المهمة وما أقدسها من مهمة وبصرف النظر عن كل الشرائع وكل الكتب السماوية والأرضية، فيكفي أن تحل الأخلاق الفاضلة علي الأرض وتحكم سلوكنا قولا وفعلا.
* قال الإمام العلامة محمد عبده بعد أن عاد من زيارته لأوروبا : لقد وجدت هناك مسلمين ولم أجد إسلاما، وفي الشرق يوجد إسلام ولا مسلمين " أي أن التفرقة في النظر الصحيح تنهض علي أساس السلوك، ونحن في العالم العربي وفي مصر بالذات نتشدق كثيرا بالدين أما السلوك فنحسبه شيئا آخر ..هذه نقرة وتلك نقرة! يقول الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى " إذن الحساب علي الظاهر من السلوك والكلام وليس علي النوايا لأنها ملك لمولاها، وقال خاتم النبيين " الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل".
* لا أظن أن الله وكل عنه أحدا ليتحدث باسمه وأن يطارد الناس لحسابه، ولكنه قال : «ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، وجادلهم بالتي هي أحسن " ، كما أنني لا أومن بأن هناك علي الأرض حقائق مطلقة غير الموت، فكل المطروح نسبي يقبل الحوار والتعديل والتطوير .وأومن بقول الشافعي: كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلامك خطأ يحتمل الصواب.
* أنا ميال لإيجابية الحكمة الشعبية، ومن ذلك المثل الشعبي القائل : اللي يعوزه بيتك يحرم علي الجامع " أي أنني أسلم تماما بكل ما دعاني إليه ديني، لكن إذا احتاج أولادي للقمة العيش وأنا بالكاد أوفر جزءا منها فلن أتبرع لشراء سجادة للمسجد، وإذا احتجت علاجا ضروريا وعاجلا لصحتي فليس من المقبول أن أساهم في شراء ميكروفون للزاوية.
* يقول المثل الشعبي : بيت المهمل خرب قبل بيت الظالم، وأنا أعدله تعديلا بسيطا فأقول : بيت المهمل المتدين خرب قبل بيت الظالم الملحد، ذلك لأن الله لن يدافع عن العقل الغائب، والقرآن في كل فقرة من فقراته يدعو إلي إعمال العقل. كما أن القانون لا يحمي الغافلين، والثواب والعقاب من جنس العمل.
* لي جار لا يكاد يترك المسجد وولده فاشل في الدراسة ويصاحب المدمنين .. اهتم الرجل بالله الذي ليس بحاجة إلينا وأهمل ولده، لأنه تصور بالخطأ أن الله لابد ناصره ومعينه حتي لو نام وأهمل، وهي القضية ذاتها التي تكشف أسباب فقر وتخلف كثير من الدول الإسلامية، حيث يؤمن المسلمون في شتي بقاع الأرض إلا من رحم ربي أن الجنة في الجيب، وأن محمدا شفيعهم وإنهم المفضلون كما يعتقد اليهود أيضا لكن ثقة المسلمين زائدة لذلك لا يعملون، فما قيمة العمل والفكر والكفاح والدقة والإتقان وتحصيل العلم والثقافة والتنافس في الأخذ بأسباب القوة، فأي قوة في الدنيا لا تساوي قدرة الخالق .. وهي رؤية عاجزة وغريبة تدفعهم للتواكل و تجنب كل مناهج العلم والتكنولوجية والاستعانة بكل أساليب ووسائل التفوق وعدم الاعتداد بالنقد، المهم التقرب إلي الله بالصلوات وتربية اللحي ، ومن المسلمين الآلاف يرتكبون المعاصي ويحرصون علي طلب المغفرة بالحج والعمرة كل عام . فعلي من يكذبون؟!!
* أومن بأن الله خلق الإنسان من طين .. أي خلقه للدنيا لسنوات ولذلك يقول سبحانه: «ولا تنس نصيبك من الدنيا» والدنيا تحتاج إلي بناء وتعمير وكدح وخبرات، ووُلد الإنسان ليموت بعد حين، أي أنه لم يخلق للخلود وأبدعه الله من مادة وروح، فالدين لعلاج وغذاء الروح، فما مصير المادة؟. ألا تحتاج إلي كل ما يلزمها، قال تعالي : «ولقد خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا».. أظن أن هذه الكلمات القليلة تتضمن كل ما يحدث علي الأرض من حراك وتعامل وبناء وتبادل ونفع وتطوير .
* اعتدت أن أتعامل فقط مع الذي يتقن عمله حتي لو كان ملحدا، وقد أتلقي علاجي علي يد بوذي أو هندوسي إذا كان بارعا، وأصلح سيارتي عند المسيحي مادام ماهرا، ويمكن أن أركب طائرة اليهودي إذا كانت أفضل من طائرة المسلم . وإذا كنت صاحب عمل سوف أختار ليساعدني الأمهر والأكفأ وذا الخلق الحسن سواء كان شابا أو شيخا.امرأة أو رجلا.. كونفوشيا أو دُرزيا.
* أومن بأن الحياة تتطور ولا تبقي دائما علي حال، ولابد بالتالي أن تتغير كثير من المعايير والقوانين حسب ظروف العصر ومتغيرات الحياة، وكان طبيعيا أن يقول الرسول الملهم " أنتم أعلم بشئون دنياكم".
* أحافظ قدر الطاقة علي قيم الحق والخير والجمال والتسامح والمساواة ولدي الاستعداد غير المحدود للدفاع عن مبدأ المواطنة الذي لا يميز بين الناس علي أساس الجنس أو العرق أو العقيدة أو اللون أو المكانة الاجتماعية، كما أنني أحرص جدا علي ترسيخ مبادئ العدل والمحبة والكرامة، وتجذبني الفنون والآداب، وأتوجس من النقاب، وأؤيد سياسات الثواب والعقاب، وأحرص علي الصلوات في مواعيدها حبا في الله ورسوله وإيمانا بكتبه وجميع رسله واليوم الآخر، وأتوجه إلي الله بالدعاء كي يهديني لما يحب ويرضي، وأن يعينني علي ذكره وشكره وحسن عبادته. لا أظن أن ما ذكرته ضد الدين؟.. ولذلك لا أجد غضاضة في أن أعتقد بأنني مسلم عَلماني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بين مثقفنا ومثقف الغرب
محمد البدري ( 2013 / 2 / 3 - 14:05 )
لماذا الحمد علي ما لا جهد لك فيه؟ واقصد الموروث الاسلامي. غريب ان يتحول اليساري العربي امام اكاذيب العرب الدينية الي مروج لما هو غير علمي وغير انساني وعندما تتاح له فرصة استعراض ما قرأة عن الماركسية والعلمانية تعلو نبرته ويرعد ويزمجر بالحقوق وكانه مكتشف الجدل الهيجلي أو اشعة إكس وكانه امسك بقطة شرودنجر موبخا صاحب النظرية علي تخاريفه. ويحارب في نفس الوقت رأس المال الموروث أو المكتسب. فالعلمانية هي التي انجبت القطة والغازها كما انجبت الجدل الذي يتحاشاه المثقف العربي الفخور باسلامه فيحج ويصوم وكانه راعي غنم بائس وجاهل منذ 1400 عام. مثل هذه المقالات لا تثمر من جوع بل تثبت ثقافة راعي الغنم وتحكم علي شرودنجر بالكفر ودخوله النار لانه قتل قطة فلا هو اطعمها ولا هو تركها تأكل من خشاش العلم والمعرفة. فاذا كنت تركب الطائرة كاليهودي وتعالج علي يد البوذي فرعاة الغنم الاغنياء حاليا يفعلون كل هذا بشرط صب الخرافة وضمان تثبيتها في عقل من ورث او من لم يرث جاهليتهم. كم قال نفس الشئ شيخ المخرفين الشعراوي فلم نجد في نهاية المطاف الا ما تراه الان من هوان واهانة.


2 - لماذا أنا مسلم ولست علمانيا
عبد الله اغونان ( 2013 / 2 / 3 - 16:18 )
أنا مسلم هكذا أعرف نفسي
انطلاقا من وجودي وتاريخي وعقلي
حضارنتا قامت على الدين اذ لم يكن للعرب كيان سياسي الا بالاسلام كانوا أتباع وعملاء الفرس والروم من مناذرة وغسساسنة وكل الباقي قبائل متناحرة
الاسلام ليس كالمسيحية أو الكنفشيوسية ...دين وعظي بل هو منهج حياة عبادة ومعاملة
فالزكاة والأوقاف وقوانين الحرب والأسرة والأخلاق كلها تمزج الدين بالدنيا
من علامات استحالة فصل الدين عن السياسة والشأن العام في مجتمعاتنا الاسلامية
اصرار جل شعوبها على هذا الجمع واكتساحهم صناديق الاقتراع في كل الأقطار الاسلامية
بطريقة ديمقراطية
نحن مختلفون نؤمن أن الدين سياسة وأن السياسة دين فالنحتكم الى هذه الشعوب نفسها صوتا صوتا ونرى من توكله تسيير أمورها
لاتنسوا أن في العالم رغم كل الادعاءات والتشدق بالعلمالنية توظيف الدين من طرف من يدعون العلمانية أنفسهم
ايران قامت بثورتها اعتمادا على الدين
اسرائيل أقامت دولتها على أرض الميعاد وتطالبنا الأن الاعتراف بها بصفتها دولة يهودية
الفاتيكان دولة دينية لها ميزانية وأتباع ومؤطرين بل لها سفراء
لاأستطيع أن أكون متعدد الوجوه كيف أومن بالتوحيد والتثليت؟ بالماركسية والاسلام


3 - مسلم علماني ؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
عارف لا شيء ( 2013 / 2 / 4 - 01:43 )
تحية .. لا أدري لماذا كلفت نفسك بكتابة هذا المقال الركيك . ما من منطق فيما قلت وكما يبدوا انك تستعمل أو تفكر من قلبك وليس من عقلك . ليس لديك موقف ولا جرأة .. تقول أؤمن بالعلم وبضرورة إستخدام العقل في كل الأمور ويا ليتك استخدمت عقلك .. .اني أسلم تماماً بكل ما دعاني إليه ديني . وأؤمن بحقوق الإنسان والحيوان ، كم أنت رقيق . وترفض تماماً إجبار أحد على إعتناق أي معتقد لا يريده .. غريب أمرك . هل استخدمت العقل في قراءة القرآن ومعرفة الإسلام ؟ من المؤكد لا أم انك تردد ما يقوله أتباع الإسلام .. القرأن في كل فقرة من فقراته يدعو إلى أعمال العقل ؟؟!!!! نصيحة إذا أردت أن تكتب فكن شجاعاً وصاحب موقف . يا أسود يا أبيض .مقالك غير موفق .وكما يقولون في سورية .لا مازية ولا فكاهة ..

اخر الافلام

.. -الهجرة وقبول الآخر-.. -آ ميديا- سليمان البسام و حلا عمران ف


.. توترات جديدة وهجمات متبادلة بين حزب الله وإسرائيل وسط قلق دو




.. الحوثيون يستهدفون 3 سفن في البحر الأحمر والبحر العربي


.. انشقاق نواب عن الحلبوسي يحرمه صفة الأغلبية العددية السنية دا




.. أصوات من غزة | مستشفيات غزة تعاني نقصا حادا في وحدات الدم