الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر فى خطر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2013 / 2 / 3
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


مصر الجميلة التى قامت بثورة عظيمة تحدث عنها العالم أجمع تعانى الآن وتواجه خطرا يهدد وجودها. لقد قدم المصريون فى 25 يناير 2011م درسا لشعوب العالم فى قوة الإرادة والأخلاق والنظافة. وقد علقت آمال المصريين بهذه الثورة التى وضعت—أو هكذا ظننا—نهاية لعصور الاستبداد والقمع والظلم والفساد غير أن السنتين التاليتين للثورة أوضحت أننا لم نخطو خطوة واحدة تجاه الديمقراطية والنهضة التى يتطلع إليها الشعب المصرى. صحيح انتخبنا مجلسا للشعب تعرض للحل بعد عدة شهور من انعقاد أولى جلساته وصحيح أصبح لدينا دستور حصلنا عليه بعد أن شاهدنا خروقات وتجاوزات وصحيح لدينا رئيس جمهورية انتخبناه واخترناه من أجل تحقيق أهداف الثورة: عيش وحرية وعدالة اجتماعية. فماذا كانت النتيجة؟
النتيجة ببساطة أن مصر مقبلة على حقبة من عدم الاستقرار فى شتى المجالات خاصة المحالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

مكمن الخطورة:
بينما القوى السياسية تتصارع حول السلطة فإن الوضع الاجتماعى والاقتصادى ينبىء بالخطر: فجماعة الإخوان تسعى للتمكين الكامل على السلطة ولم تجد فى حوزتها سوى نفس الآليات والوسائل التى اعتمد عليها مبارك والتى تتمثل فى الأمن ومناصب الدولة. لقد ثبت أن وسيلة الأمن للحفاظ على السلطة هى وسيلة فاشلة وهى ذات الوسيلة التى أدت إلى ثورة يناير وفى نفس الوقت فإن هذه الوسيلة تضع الأمن فى مواجهة مع الجماهير مما قد يؤدى إلى انهيار الآلة الأمنية. أما الاستحواذ على المناصب الحكومية فقد يؤدى فى النهاية إلى انهيار الدولة لأن الاختيار يعتمد على أهل الثقة بدلا من أهل الكفاءة.

لا نضيف جديدا إذا قلنا إن البطش الأمنى والاستحواذ والإقصاء وسائل أدت وتؤدى إلى انقسام المجتمع الذى بدأ مرحلة ما بعد الثورة منقسما ممزقا الى أجزاء لا تكاد ترى بالعين المجردة. فقد بدأت مرحلة ما بعد الثورة بإقرار الإعلان الدستورى فى 19 مارس حيث اختار جزء كبير من الشعب أن نبدأ بالانتخابات البرلمانية بينما رأى الجزء الآخر أن نبدأ بالدستور. ثم خاض الشعب أيضا تجربة صعبة تتعلق بالاختبار بين مرشح ينتمى إلى جماعة دينية معينة ومرشح ينتمى إلى مدرسة مبارك بل آخر رئيس وزراء اختاره مبارك. وجاءت النتائج معبرة عن انقسام الشعب حيث حصل ممثل النظام السابق على نسبة كبيرة من الأصوات لكنه لم يفز فى الانتخابات. وشهد استفتاء الدستور على انقسام المجتمع. صحيح أن 64% قالوا نعم لكن 36% قالوا لا وهذه النسبة الرافضة كبيرة ولا يجب أن يستهان بها. وكل هذه الأحداث والنتائج المترتبة عليها توضح الاضطراب السياسى الذى تعيشه مصر وهذا بدوره ينعكس على الأداء والوضع الاقتصادى للدولة.

لعل حالة التردى التى حدثت فى الأوضاع الاقتصادية يظهر جليا عند فحص المرتبة التى احتلتها مصر فى قائمة الدول الفاشلة التى أعدتها مجلة الفورين بولسى منذ عام 2009م ويمكن قول إن هذه المعلومات متاحة فى العدد الصادر فى 30 يناير 2013م. وقد اعتمدت المجلة على 12 معيار منها السخط الشعبى وحقوق الإنسان والانهيار الاقتصادى وحالة المرافق العامة والحالة الأمنية والتشرذم الفئوى والتدخل الخارجى والتنمية غير المتوازنة والانفجار السكانى واللاجئين وفقدان شرعية الدولة والنزوح السكانى. فى عام 2009م احتلت مصر رقم 43 حيث حصلت على 89 درجة وفى عام 2010م جاءت مصر فى المرتبة 49 بدرجة 6و87 وفى عام 2011 جاءت مصر فى المرتبة 45 بدرجة 8و86. أما فى عام 2012م فقد احتلت مصر رقم 31 بدرجة 4و90 وهى ذات الدرجة التى حصلت عليها سيراليون. اللافت للنظر أن الدرجات التى حصلت عليها مصر فى بعض البنود هى التى أدت إلى تدنى موقعها فى القائمة، فمثلا حصلت على 0و9 درجة فى حقوق الإنسان وحصلت على على 2و9 فى فقدان شرعية الدولة وحصلت على 8و8 فى كل من السخط الشعبى والتشرذم والانقسام المجتمعى. أما فى الجانب الاقتصادى فقد حققت 1و7 درجة.

من الواضح أن الوضع الاقتصادى للبلاد بات على المحك. وكما أسلفنا فإن مصر أصبح ترتيبها فى مؤشر الفورين بوليسى الخاص بالدول الفاشلة متقدما عن العام الماضى والدرجة التى حصلت عليها تجعلها فى وضع اقتصادى ضعيف خاصة بعد تأكل احتياط النقد الأجنبي الذى وصل إلى 36 مليار فى ديسمبر 2010م ثم بدأ فى التآكل بعد الثورة حتى انخفض إلى حوالى 16 مليار فى يناير 2012م وانخفض إلى اقل من ذلك فى 2013م. وهذا الوضع المأزوم انعكس على الدرجة التى حصلت عليها مصر فى تقرير فبراير 2012 لوكالة الفقر ومستوى المعيشة حيث انخفض الائتمان المصرى من B+ إلى تقدير B ثم إلى B – فى تقرير يناير 2013م وهذه التقديرات تعكس مدى فرص الدول على الوفاء بديونها لدى المقرضين ومن ثم فإن هذا التقدير يلعب دورا مهما فى قدرة الدول على سداد القروض التى يحصلون عليها من المؤسسات الدولية كصندوق النقد. ويمكن قول إن هذا الوضع الافتصاددى المتردى ينعكس على حالة عدم الاستقرار الاجتماعى الذى تعيشه مصر.

لا شك أن حالة عدم الاستقرار الاجتماعى قد بات واضحا ونشهده فى شوارعنا ومددنا وقرانا. لعل الجميع يعلم عدد مرات قطع الطرق أو قطع السكك الحديدية لتحقيق مطالب محددة. لا أتحدث هنا عن المظاهرات السلمية ولكن أشير إلى حالات الإضراب عن العمل وتعطيل مصالح المواطنين فى دواوين الحكومة. كما شاهدنا مشاجرات تحدث بين العائلات لأتفه الأسباب. ولعل الجميع شاهد الجنود يسحلون مواطنا فى قارعة الطريق/ يسحلونه بعد نزعوا ثيابه وصار عاريا كما ولدته أمه مما جعلنا جميعا مواطنين ومسئولين نشعر بأن ملابسنا فرت من أجسادنا أمام العالم أجمع. شعرنا عندئذ أن الثورة لم تقم بل أن عقارب الساعة عادت الى يوم 24 يناير 2011م. اعتذر المسئولون عن الواقعة ولكنهم سرعان ما ندموا على الاعتذار لينكروا حدوث الواقعة برمتها. نقولها بوضوح إن كل محاولات الإنكار لن تجدى لأن الكاميرات لا تكذب بل يرى الأعمى والبصير جنود الشرطة وهم يحاصرونه من كل جانب، تارة يحملونه إلى داخل السيارة وتارة يحملونه إلى خارجها حتى يرى الناس ما يفعلونه.

على الجميع أن يتحمل مسئوليته فى إصلاح ما يمكن إصلاحه ويجب أن يتكاتف الفرقاء وصولا للمواءمة السياسية وهذا من شأنه أن يحقق الاستقرار والأمان وهذا العنصران ضروريان لاستعادة السياحة والاستثمار ومن ثم الخروج من المأزق التاريخى الذى يهدد السلم الاجتماعى ويهدد بقاء الدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال


.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل




.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا