الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية من الماضي القريب ....

زيد محمود علي
(Zaid Mahmud)

2013 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


سنوات الطفولة الجميلة ، كنا نذهب الى صالات السينما في بغداد ، مثل سينما غازي والوطني ، كانتا من الصالات المعروفة في الحياة البغدادية ، وعندما كنا نتجاوز المقاهي في بغداد ، كنا نستمع لصوت أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب . وهنالك أفلام عربية ظلت في الذاكرة ، مثل فلم ( مرحبا" ياحب ) تمثيل الفنانه نجاح سلام والفلم العراقي المتميز ( سعيد افندي ) لممثله ومخرجه القدير يوسف العاني ، والافلام المصرية مثل ثرثرة فوق النيل ، والرصاصة لازالت في جيبي ، وغيرها من الافلام الاجنبية الرائعة مثل مرتفعات وثرنك ولتسقط الرأسمالية ، وكنا معجبين بالممثليين العرب امثال فريد شوقي ورجدي اباضة وشكري سرحان ، والاجانب امثال ‘ فيكتور ماتيور و انطوني كوين وآخرين .. وكنت ازور والدي في مقر عمله في ستوديو اواديس في الحيدرخانه ، و( اواديس) رجل كبير السن كان دائما" ينتقد الاوضاع السياسية في العراق ، وكانت لهجته العربية ركيكه ، لكنه متمكن من الكلام بأسلوب شيق ، رغم استقرار الوضع في زمن رئيس الوزراء العراقي ( رحمه الله ) نوري سعيد ، ففي ذلك الزمن كانت مظاهرات الطلبه في اكثر الايام ، تقام في اكثر المناسبات السياسية مثل وعد بلفور وغيرها من الاحداث التي جرت في منطقة الشرق الاوسط . وقد شاهدت أكثر من مرة مظاهرات الطلبة في باب المعظم ، وكنت بعمر (8) سنوات آنذاك ، وعندما تتقدم المظاهرات بأتجاه وزارة الدفاع في باب المعظم ، فأن قوات الشرطة تقوم بالتدخل ، وتطلق عيارات مسيل للدموع ‘ وكان المتظاهرين يهتفون بسقوط الحكومة ، واحدى الشعارات هي ( نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانه ) وهكذا كنت بعد انتهاء المظاهرة وتشتتها ، اعود للبيت مع أطفال المحلة ، عندها في دخولي البيت تقوم والدتي بضربي لكوني قد خرجت الى المظاهرات ، كنت اقول لها اني لم اذهب الى المظاهرات بل ذهبت للعب في المراجيح القديمة في باب المعظم . وفي أحد الايام جائنا والدي ، وقد البسني ملابس ( علي بابا ) وقال لوالدتي أني على موعد مع الباشا ، ووالدي كان جراح عسكري مع الطبيب محمد علي الامام ، وفي صغري لم أفهم ماذا يقصده بالباشا ، وفي الساعة السابعة ليلا" وصلنا ، نادي الضباط في حافظ القاضي ، واجهة النادي على نهر دجلة وكان ذلك عام 1956 ، وانا كنت صغيرا" بعمر (8) سنوات ، دخلنا مع والدي الذي ماسك يدي ، وعند دخولنا لاحظت مجموعة ناس جالسين ينتظرون الباشا ، وبعدها دخل اشخاص مدنيين حاملين اسلحة خفيفة ، وهم حمايات الباشا واذا برئيس الوزراء نوري السعيد يتوسطهم رافعا" يده بالسلام على جميع الحضور ، ونهض جميع الحضور من على مقاعدهم ليترجلوا احتراما" له ، وقد وقف الحاضرين مع تصفيق حار له وهتافات تأييدا" لحكومته وللملك فيصل الثاني ، ووقف سيادته خلف منضدة ، واتلى بخطابه ، وبأنتهاء خطابه ، اخذ احد المرافقين يذيع الاسماء لأطفال الموظفين والعاملين في الدولة لتكريمهم ، يتقدم كل شخص بمرافقة ابنه لاستلام هدية رئيس الوزراء هو ظرف فيه مبلغ من المال ، وقد علمني والدي بتقبيل يد رئيس الوزراء ، وفعلا" عند مجيء دورنا تقدمنا انا ووالدي ، قمت بتقبيل يده وآخذ هو بتقبيلي من اطراف وجهي ، وبعدها وضع الظرف بيدي استلمته وآخذنا بالانصراف لياتي دور آخر ، ولحين انتهاء الحفل ، وبعد خروجنا ، لاحظت المرحوم نوري السعيد يقول لوالدي كيف حالك يا محمود ، شكره والدي بأحترام متهيء له ، وانتهى ذلك اليوم . وكان ذلك الزمن يسمى بعهد المباد ، لكنه كان ( عهد ذهبي ) في حياة العراقيين صحيح ان الوضع الاقتصادي لم يكن في وضع جيد ، لكن الوضع االامني والاجتماعي والقانوني كان في مستوى يحسد عليه . وبعد الانقلاب الذي قام به الزعيم عبدالكريم قاسم بدأ عهد الجمهورية هو عهد وزمن القتل والسحل والتجاوز على حقوق الآخرين وأصبح لاقيمة لحقوق الانسان في العراق ، وجرت احداث وانقلابات كثيرة في العراق منذ ثورة 14 تموز راح ضحيتها الالاف من ابناء الشعب العراقي ولم يحقق الاستقرار والآمان لحد يومنا الحاضر . بينما زمن العهد الملكي من أفضل الأزمنة والذي عاش في ذلك الزمن يتحسر عليه اليوم ، ويعتبر تلك الفترة بالعصر الذهبي ، ولا اريد ان اطعن بأحد ولاسيما انا أؤمن بالفكر الاشتراكي لكن اقولها بصدق كل من عاش العهدين يعرف حقيقة الفرق بينهما .
كنا في الطفولة التي قضيناها في مركز العاصمة بغداد، وكانت والدتي عصامية تقوم بتربيتنا ، وكنا في بيت مشتمل في العلواصية او ماتسمى الكرنتينه العائدة للأعظمية اداريا" ، وكنت اداوم في مدرسة البارودية الابتدائية في الميدان ، وكنت اذهب مشيا" على الاقدام ، صباحا" ومساءا" عند عودتي ، وفي اكثر الاحيان وعند خروجنا نشاهد خروج الملك فيصل بسيارته السوداء صباحا" من باب المعظم ، ووراءه تسير الخيول وموسيقى الجيش التي تعزف موسيقى ( شيش كباب ) وكنت اركض وراءها واتذكر الملك نفسه شخصيا" يقوم بتحيتنا بيده مبتسما" لنا ، وكنت اركض وراءهم لحين يأخذني التعب واعود للبيت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي يحذر من خطورة الوضع على جبهة القتال في منطقة خاركيف


.. لماذا يهدد صعود اليمين مستقبل أوروبا؟




.. بيوت منهوبة وافتقار للخدمات.. عائلات تعود لمنازلها في أم درم


.. زلزال قوي يضرب غواتيمالا




.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا