الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور السعيد الورقي يكتب عن سرديات الصور التشكيلية المتلاحقة

الشربيني المهندس

2013 / 2 / 4
الادب والفن


كتاب دوائر سحر الحكي للدكتور السعيد الورقي الأستاذ بكلية آداب الإسكندرية له دلالاته حيث أن ذائقة التلقي لها اهتمامها المستحق في دراساته المختلفة ، فهل يمكن أن نضيف إليه دراسته في مجموعة القيصر والرحيل للشربيني المهندس هذا ما سألته لنفسي في ختام ندوة بصالون العشماوي وسحر التناول والنقد والدكتور يشرح كيف تحرك السرد هنا - كما هو ملاحظ – في لقطات مكثفة فيها شاعرية التركيز والاختزال والتكثيف من خلال تلك الجمل السريعة القصيرة التي تدق بإيقاعها العنيف المتلاحق لتستثير وتحفز او علي الأقل لتنبه المستمع / المشاهد / المتلقي إلي هذه المشاهد العبثية التي تجمعها محركات داخلية يقظة في تجميع عناصر المشهد. وتعالوا ننصت لما يقوله دكتور الورقي :
القيصر والرحيل هي المجموعة القصصية السابعة للكاتب الفنان الشربيني المهندس وذلك إضافة إلي روايتين هما الدخول إلي الكابوس وفينك يا محني ديل العصفورة .. وهنا نستطيع القول أن الشربيني المهندس يؤكد دائما علي حقيقة هامة وأساسية في الفن ، وهي أن الفن جدة مستمرة لا تعرف الثوابت ، وإنما الجديد المستمر في تجدده وفي مغايرته للثابت ..
ولا شك أنه وجد ضالته في القصة القصيرة لتعكس أزمة الداخل والخارج وتحولاتهما ، فهو النص الذي يؤكد باستمرار أنه لا يعرف القيود بقدر ما يعرف ويحرص علي الجدة المتلاحقة ، متوسلا إلي ذلك بالتداخل مع سائر الفنون الأدبية وغير الأدبية ، حتى أصبحت القصة القصيرة الآن قصيدة شعرية ، ودرامية ، تقدم أسطورة الإنسان المعاصر في مآسيه الاجتماعية والإنسانية والكونية ، موظفة آليات تشكيلية وأدائية حركية وموسيقية ، بل وتكنولوجية من خلال تقنيات الميديا الحديثة في عرض فنون الصورة .
تضم المجموعة عددا من القصص القصيرة ، وآخر من الصور واللوحات السردية . وهذه اللوحات قد تأتي مشهدا سرديا واحدا ، وقد تأتي في مشهدين أو ثلاثة
العالم الذي يقدمه الشربيني المهندس ، هو هذا العالم الذي حرص منذ بداية رحلته الإبداعية مع قصص وابتسم سعد زغلول ودوائر النوايا الرمادية وما تلاها ، حرص علي تقديم عالم الإنسان المعاصر بمآسيه المتلاحقة اجتماعيا وسياسيا وإنسانيا وكونيا .
لقد حاصرت الهموم والمشاكل الإنسان ، وتعددت صورها ، وأصبح الإنسان الذي كان سيد كونه محاصرا بهموم لا تنتهي . ومشاكل لا تحل . والوقوف أمام المعوقات تحد يصعب اقتحامه هكذا أدرك الفنان في الشربيني المهندس الحاجة إلي التفكيك لإعادة البناء من جديد علي قواعد سليمة وصحيحة ، ذلك أن ما يقام علي بقايا الفساد لا يمكن أن يحقق الأمل المرجو .
عالم مجموعة (القيصر والرحيل ) كما ينبئ عنوانها قراءة فنية لثورة يناير 2011 وما بعدها ، والتحولات والتغيرات واستعراض للرؤي والأفكار .. فالعالم السردي هنا في حقيقته رؤيا تشكيلية ، وقراءة فنية لمشاهد الواقع الاجتماعي والفكري والنفسي والثقافي والإبداعي قدمها الكاتب المهندس بتنظيم هندسي يسعي إلي استكشاف آفاق جديدة في الممارسة الإبداعية لتقديم ملحمة الإنسان المعاصر المنغمس في مصيره .. تدحرجه الصور بين الاستسلام لمأساته والتمرد في ملهاة عبثية . وهو عالم مفرداته متناثرة في أعمال الفنانين المعاصرين ، وكل واحد يطرحه من منظوره الخاص وزاوية التناول المشكلة ، وهو الأمر اللافت في الفن المعاصر الذي تجاورت فيه الفنون وتداخلت في محاولة لتقديم شمولية الرؤية وإنسانيتها علي نحو يمثل تحديا متوحدا أمام عبثية منطق الواقع .. ويبدو أن إبداع الشربيني يبدو أكثر وضوحا مع الصور التشكيلية فمجموعته القصصية السابقة كانت بعنوان تدحرج الصور وبأسلوب متقارب .. يشكل الشربيني المهندس عالمه السردي - ويشترك في هذا لوحاته السردية أو صوره السردية ، أو قصصه القصير والطويل منها – من مجموعات من الألوان الوحشية المتداخلة في رؤية بصرية أقرب إلي هلاووس الفنانين التي تتداخل فيها كل معطيات الواقعين ، الخارجي والداخلي النفسي بمنطقتيه الواعية واللا واعية ، لكنها مع هذا مترابطة ينتظمها وينظمها إيقاع الرؤيا فيتحول معها السرد إلي مجموعة أحلام متداخلة يتخللها نوبات نصف الإفاقة التي تأتي ما بين اليقظة والحلم .
في قصة التغيير من المجموعة وهي كسائر قصص المجموعة مثل استغاثة وديمقراطي وغفوة وغيرها تنويعات علي أحداث الصورة وما بعدها – المجموعة صادرة قبيل الثورة – نشاهد هذا المشهد للرجال الذين نهضوا مع شروق الشمس للمشاركة في احتفالية الحي والانتصار بعد التمرد .. لاحظ تدافع الصور البصرية المقتحمة بألوانها الوحشية وكيف تمكنت من تقديم هذا المشهد العبثي القائم علي بنية المفارقة :
((أطلقت الشمس أشعتها وسط ظلال البيوت الواطئة .. مع رنين الصمت تأهب الرجال فقد طال مكوث النساء خلف الشبابيك وقد توقفـن عن خبز العيش منذ أيام .. صامتة هذه الأحياء القديمة, لكنها تعرف تماماً متى تستيقظ من سكونها المرعب, ( لاحظ الدلالة الرمزية في صمت الأحياء القديمة التي تعرف متي تستيقظ من سكونها المرعب ) لتفرغ في جعبة الحاضر كابوس بزفرات الماضي, وفيضان الأوردة يتحول نهراً غاضباً كلما حاول أحدهـم حجب الشمس عن هذا التراب وتلويث الهواء. تلك الشمس التي تعـود أن يراقب إشراقها صباحاً من وسط المزارع أو علي ضفاف الترعة شابا
انفتحت الأبواب علي اتساعها وتدافعت الأقـدام بانتظام في مظاهرة سلمية والرجال في طريقهم إلي شارع النشاط ، وارتفعت الأيدي وصافحت اللافتات وأطلت النساء من النوافذ .. ضحكت الشمس وهدرت الحناجر تهتف بسقوط الفساد .. كانت الشائعات قد سرت عن فشل أجهزة الحي في إيقاف السرقات بسبب وجـود شبكة دعـارة تقطـن المنزل الكائن في نهاية الشارع الكبير .)) تحرك السرد هنا - كما هو ملاحظ – في لقطات مكثفة فيها شاعرية التركيز والاختزال والتكثيف من خلال تلك الجمل السريعة القصيرة التي تدق بإيقاعها العنيف المتلاحق لتستثير وتحفز او علي الأقل لتنبه المستمع / المشاهد / المتلقي إلي هذه المشاهد العبثية التي تجمعها محركات داخلية يقظة في تجميع عناصر المشهد .
وتلعب المفارقة دورا أساسيا في تكوين هذه المشاهد السردية تأكيدا لعبثية الموقف / المشهد الذي يعكس بالتالي عبثية الواقع علي نحو ما يذكره المشهد التالي من نفس القصة السابقة (التغيير) وهو المشهد الختامي الذي يحمل بإحالاته الرمزية المفارقة في شقها العبثي :
في برنامج إطلالة المساء من البيت بيتك علي القناة الفضائية أعلن عن نقل رئيس الحي محافظا إلي المدينة المجاورة ، ومع هذه الترقية تأتي ابتسامة المذيعة تعلن ابقوا معنا .
فاصل إعلاني قبل إعلان أهداف كرة القدم هذا المساء ورغيف عيش إفرنجي يطارد الفراخ وقد تساقطت حبات السمسم أمامه وصياح الديك يملأ الشاشة
وعاد الهدوء إلي الملعب والشارع مع صفارة الحكم ونضبت الدموع مع قرار الرجل الجديد بزيادة قوات الأمن المركزي وبناء سور مرتفع وجدارية رمزية حول حديقة المنزل .
وهو ما انتهت إليه ثورة عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية .
وتقدم قصة تمرد الفرشاة هذه الرؤيا التشكيليه الجديدة لتحويل السرد المكتوب والمحكي إلي مشاهد لونية متداخلة في قصة الفنان الذي يعيش حالة الوهم الأكبر، عندما تتحول ضربات الفرشاة وتتابع الألوان في موسيقاها المتناغمة مع الموقف النفسي إلي حالة من حالات التقمص الوجداني ، عندما تتحول اهتمامات الفنان إلي تشكيلات لونية تعطي صورة الحياة تجسدها امرأة وتتحول اللوحة إلي واقع بفعل الاستثارة الانفعالية .. يعيش معها الفنان تجربة متكاملة . هنا يتداخل الواقع والمتخيل في بني ترميزية تسكن مرحلة ما بين الوعي واللاوعي فتأخذ من هذا لذاك ومن ذاك لهذا ، ساعيا لتقديم ما يرضيه ، ولكن يحول بينه وبين هذا الرضا قلق الفنان الساعي إلي استنكار القائم والتمرد عليه ، والبحث باستمرار عن جديد لم يأت بعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رقم قياسي في إيرادات فيلم #شقو ?? عمرو يوسف لعبها صح??


.. العالم الليلة | محامية ترمب تهاجم الممثلة الإباحية ستوري دان




.. نشرة الرابعة | السعودية.. مركز جديد للذكاء الاصطناعي لخدمة ا


.. كل الزوايا - د. محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والسياحة يتحدث




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -شقو- في العرض الخاص بالفيلم..