الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العوامل المحركة للتغيير في العالم العربي

نجيب الخنيزي

2013 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


شهدت المنطقة العربية على امتداد العامين الماضيين ، ومنذ اندلاع الثورة التونسية ، تطورات وتغييرات غير مسبوقة ، بحيث بات من الصعب الجزم بأن أي بلد عربي بعينه لم يتأثر أو سيتأثر بها بدرجات متفاوتة من حيث العمق والاتساع . بالطبع لا نغفل المسار المتعرج والمتباين للتغييرات الحاصلة في عموم المنطقة العربية ، و في كل بلد عربي على حدة ، رغم وجود استحقاقات وقضايا مشتركة تسم الوضع العربي بوجه عام . السؤال الذي يطرح نفسه هنا : ماهي الأرضية والعوامل الموضوعية المشتركة التي شكلت دوافع و محركات التغيير في العالم العربي ؟ ولم تصدرت الجماعات الإسلامية ( ولو بشكل مؤقت ) المشهد السياسي على امتداد المنطقة العربية، رغم كونها لم تكن القوة الرئيسية في التغيير ، وجاء التحاقها بالحراك الثوري متأخرا ، بل واستطاع الإسلام السياسي الوصول إلى دفة الحكم منفردا (مصر ) أو عبر قيادته لتحالف ( تكتيكي ) ضم بعض القوى العلمانية واليسارية ( تونس والمغرب ) ؟ بداية يمكن القول بأن البلدان العربية التي شهدت تغييرات عميقة طالت رموز النظام وبعض مكوناته لا تزال تمر بمرحلة انتقالية صعبة و غير واضحة المعالم في سيرورتها المعقدة و وصيرورتها النهائية ، بما في ذلك عدم استبعاد إمكانية نجاح الثورة المضادة ، سواء من خلال تدخل المؤسسة العسكرية بشكل مباشر أو من خلال تحالف جديد يضم جماعات الإسلام السياسي والمؤسسة العسكرية و بعض مكونات النظام القديم. نشير هنا الى الظروف والعوامل الموضوعية المحركة للإنتفاضات العربية ، والتي من بينها بل وفي مقدمتها ، الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة حيث تفشي الفقر و البطالة وبخاصة بين الشباب الذين يشكلون أكثر من 60% من إجمالي سكان العالم العربي إلى جانب تفاقم المديونية ونزوح الأموال العربية إلى الخارج وانصياع الحكومات العربية لنصائح صندوق النقد الدولي وشروط العولمة( الليبرالية الجديدة ) ، ما أدى إلى تقليص الاتفاق الحكومي العام ، ورفع الدعم عن السلع الأساسية ، وتجميد الأجور ، وتدهور فرص العمل والتعليم الذي مس وأثر في القطاعات والفئات الشعبية كافة ، كماعمق الفوارق الاجتماعية والطبقية ، وولد حالة من الإحباط واليأس والخوف من المستقبل الكئيب والمظلم ، في ظل غياب أبسط متطلبات العدالة الإجتماعية ، وضمور التنمية المتوازنة و المستدامة ، وتهميش المناطق الطرفية ، وتفشي الفساد والمحسوبية ، ونهب المال العام ، وتنامي الإحساس بالظلم والحرمان لدى قطاعات واسعة من الشعب ، إلى جانب تعمق التبعيةالاقتصادية والسياسية والعسكرية للدول الغربية. ثانيا العنف والقمع السياسي الذي مارسته النظم العربيةالاستبدادية ، حيث أصبح العنف أو التهديد باستخدامه سيفا مسلطا على الشعب ، الأمر الذي أعطى دورا استثنائيا للأجهزة الأمنية في قمع وإرهاب الناس والتدخل في حرياتهم العامة و الشخصية ونمط تفكيرهم وممارستهم ، محاولين خلق أتباعا و رعايا (لا مواطنين). ثالثا أدى غياب دولة القانون والمؤسسات الدستورية المستندة إلى المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات ، أو صوريتها ، وتغول سلطة الاستبداد التي ضنت بأن آلتها الأمنية كفيلة بشل وإنهاء أي معارضة سلمية أو عنيفة ، وهو ما سد باب التغير والإصلاح ، عبرالوسائل السياسية السلمية . ضمور الحياة السياسة وتمهميش منظمات ومؤسسات المجتمع المدني ، أحدث فراغا مخيفا في المجال السياسي / المدني ( نجح الإسلام السياسي في شغله ) كما شكل البيئة المواتية لتضخم وتصدرالهويات ( المذهبية والقبلية والإثنية ) الفرعية المتناحرة في ما بينها ، وغالبا بدعم وإسناد الأنظمة الحاكمة ، إلى جانب تصاعد التطرف والممارسات العنيفة التي تقوم بها بعض القوى والجماعات المتشددة من جهة، وتشديد القبضة الأمنية / البوليسية الحكومية التي لم تقتصر على مواجهة الإرهاب بل طالت المكونات الإجتماعية والسياسية والفكرية والدينية كافة من جهة أخرى . تلك العوامل وغيرها من العوامل جعلت من الثورة الخيار الحتمي و الوحيد من قبل الجماهير وفي مقدمتها القوى الشبابية التواقة لتغيير واقعها البائس. لدى قراءة المشهد العربي يستحضرني كتابان ، الأول كتاب كلاسيكي لتروتسكي ( أغتيل بأمر من ستالين ) أحد قادة الثورة البلشفية في روسيا وهو بعنوان " الثورة المغدورة " يتحدث فيه عن اجهاض ومصادرة الثورة الروسية بعد وفاة زعيم الثورة لينين ، مما رشح عنها ترسيخ رأسمالية بيروقراطية دولتية بدون طبقة رأسمالية ، والكتاب الثاني هو بعنوان " ثورة في الثورة " للمفكر السياسي الفرنسي المعاصر ريجي دوبريه والذي يقول فيه إن نجاح أية ثورة يكون بفعاليتها الثورية. وهذا يتوقف على نجاحها في التطبيق على أرض الواقع كما أكد بأن مسار أي ثورة بحاجه إلى ثورة من داخلها لتجديدها و لضمان تحقيق أهدافها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ