الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نهاية العام الثاني للثورة...ما العمل؟ أيضاً

خالد قنوت

2013 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


صعبٌ أن يكون المرء محايداً في تحليل ما يمس كيانه و مصيره بحالة وجودية, حيث تكون في معادلة: تكون أو لا تكون, فمستحيل على الجراح أن يجري عملية لابنه أو زوجته فعنصر الحياد الايجابي غير متوفر هنا. غير منطقي أن تكون حكماً نزيهاً في مباراة تحدد مستقبل من تحب.
في الأزمة السورية الحالية, صعب أن تتجرد من رغباتك و تكون حيادياً في تحليل التاريخ و الحاضر و تصل إلى استقراء مجرد للمستقبل.
النقد دائماً يسعف المتهورين إذا انزاحوا عن الطريق, طبعاً إذا قبلوا به, لذلك كان في العالم المتحضر, سلطة و معارضة تحميهما الدساتير و القوانين و الأعراف. فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة و هي العبارة الشهيرة التي قاسى من تبعاتها الشعب السوري منذ قيام الحزب القائد و القائد الملهم و الخالد و القيادة الحكيمة, و مازال السوريون يدفعون فاتورة صمتهم الأول أو خنوعهم الأول.
لا يختلف عاقل, حتى و لو كان موالياً للنظام, على أن أساس العلة في طبيعة هذا النظام و تركيبته و بنيته و أن الجميع كان يريد الإصلاح و لم يكن يريد الإسقاط, لكن العاقل و العارف بأن الدكتاتوريات المطلقة لا تتنازل و إنما تزال غالباً بالحديد و النار و الدم, و طبعاً للأسف الشديد.
قبل سنة و مع اقتراب الثورة من عامها الأول, كتبت مقالة عن ضرورة القيام بعملية جرد و حساب و استخلاص العبر و رسم الاستراتيجية التي تصل بسورية إلى بر الأمان حيث الحرية و الديمقراطية و المدنية و التعددية, و لكن هل دعت المعارضات الصغيرة و المتشرزمة نفسها ليوم واحد من التفكير و النقد و المراجعة أم إزدادت تشرزماً و غوصاً في مستنقعات الشهرة و الوصولية و الارتهان حيناً و التخبط و العجز و الندب أحياناً, مع احترامي للمخلصين من معارضينا, حيث أدعو و سأدعو دائماً إلى المحاسبة و القصاص من المتسلقين و اللصوص الجدد و المتآمرين على الدم السوري من المعارضة بنفس كفة ميزان العدل التي ستحاكم القتلة من النظام الخائن.

ما العمل؟ و دائماً ما العمل؟
لتكن البداية من الداخل السوري الذي يستمر بثورته غير آبه بما يحدث خارج حدود الوطن, كثيراً. لقد حقق إنجازات عظيمة و هامة على الجميع التركيز عليها و دعمها, لكن عليه مهمات كبيرة و عظيمة منها:
- إيجاد مصادر السلاح و قد استطاع تأمين معظمها من مخازن السلاح للجيش النظامي, بعد تجفيف مصادر تسليحه من الخارج ضمن الاتفاقات الدولية التي تعمل على وأد الثورة السورية التي ستحدث اختلالاً اساسياً في موازين القوى الدولية في المنطقة.
- السعي الدائم لتوحيد القوى العسكرية على الأرض لأن استمرار تفرقها سيطيل من عمر النظام و سيكلف الكثير.
- التعامل مع القوى الدينية المتشكلة التي لا تتقاطع مع أهداف الثورة و لكنها تقف في نفس الخندق حتى هذه اللحظة.
- إيجاد مصادر العيش للمقاتليين و المدنيين المتضررين من بطش و عنف آلة النظام العسكرية الاستعمارية.
- الحفاظ على الحاضنة الشعبية للمقاومة المسلحة و على النسيج الوطني السوري في ظل آلة إعلامية عربية و غربية و محلية تفقد الهوية الحقيقية للعمل العسكري الوطني و تركز بكل خبث على التشكيلات العسكرية المتطرفة المشكوك بانتمائها للثورة أصلاً.

في الخارج السوري, حيث يتخبط في تشكيلاته و أجنداته و أهدافه و لكن لنبني على ما وصلنا إليه حتى اليوم رغم تواضعه و تخاذله:
صار من الهام و الضروري على المعارضات السورية في الخارج أن تنقسم إلى قسمين:
1- قسم من المعارضات ينتقل للعمل داخل سورية و في المناطق المحررة و مع كافة قوى الحراك العسكري و المدني و مع القوى السياسية التي ظلت تعمل منذ قيام الثورة و لم تغادر. هذا القسم من المعارضين سيعملون مع الناس و مع المقاتلين و في كل الظروف و هؤلاء هم من سيحررون الوطن و سيدخلون قصور الحكم فيها لأنهم الأجدر مع يعمل معهم على الأرض ليشكلوا أول حكومة انتقالية سورية بعد التحرير.
2- القسم الآخر من المعارضين يعمل خارج سورية و يكون تحت قيادة المعارضين في الداخل مهمتهم دعم الثورة سياسياً و مالياً و إعلامياً و لا يحق لأحد منهم تولي أي منصب قيادي في الحكومة الانتقالية بعد التحرير.

الأهم و الأكثر حاجة, الدعوة لتشكيل وفد التفاوض مع النظام على قاعدة أن هذا النظام قوة احتلال و الهدف هو تحقيق رحيل كامل للنظام بكل أشكاله و تبعاته. يكون الوفد عبارة عن سوريين يمثلون الداخل و الخارج من العقلاء و الخبراء في السياسة و في علم التفاوض و يمتلكون الحنكة و القدرات العلمية و الأكاديمية و لهم من الاحترام و الشعبية الرصيد الأكبر بين السوريين و أن يكونوا مع الثورة و أهدافها الأسياسية في الحرية و الكرامة و الديمقراطية و لهم اتصالات و قنوات مباشرة و شفافة مع العاملين على الأرض.
يهدف هذا الوفد إلى عدة أهداف:
- الإصرار على أن القضية السورية هي أولاً و أخيراً للسوريين وهم من سيفرضون حلولهم الوطنية و ليست إملاءات الدول مهما كان وزنها و تدخلاتها.
- خلق و تشكيل ثنائية وطنية بين الداخل و الخارج للعمل السياسي و تأمين غطاء للعمل العسكري و تسويق الحدث السوري للداخل السوري و للعالم على أنه ثورة إنسانية حضارية حقيقية سيكون اللبنة الأساسية في مشروع تحرير الوطن و إعادة بنائه من جديد على أسس الحرية و الكرامة و العدل. الأسس التي نادى بها أول شهداء الثورة في قيام دولة مدنية ديمقراطية تعددية لكل السوريين.
- إدخال النظام في بوتقة التفاوض و التنازلات في ظل استمرار الثورة بكل أشكالها المدنية و العسكرية و محاولة تفتيت بنيته الصلبة التي تقاتل و تقتل بسبب انغماسها بالدم السوري فالقاتل لا تهمه عدد ضحاياه إذا كان عقابه في النهاية هو الإعدام.
- إيجاد فسحة للجرز من الهرب و عدم محاصرته في زاوية طالما أنه يمتلك المخالب و الأنياب بمعنى قدرته على الإيذاء حيث السوريون هم من يصيبهم هذا الأذى بشكل مباشر.
- إحراج النظام الذي يتذرع بعدم وجود شريك مفاوض و مفكرين باسم الثورة, أمام المجتمع الدولي. مع اعتقادي بأن النظام سيقبل التفاوض ظناً منه أنه محترف مماطلة و تلاعب بالكلمات و التفسيرات و له باع طويل في الاحتيال.
- تقديم جرعة أمل جديدة و مساندة للشعب السوري الثائر و الذي يتحمل القتل و الاعتقال و التهجير و لو بالحصول على ممرات آمنة للمساعدات أو إطلاق سراح معتقليه مقابل معتقليين للنظام أي دعم الحاضنة الشعبية للثورة السورية بأن هناك صراع سياسي مرافق للصراع العسكري و هذا من أهم عناصر نجاح الثورات.

إن الثورة السورية مستمرة و متألقة و لكن هناك كبوات و صحوات و في ظل استدامة المعاناة السورية و عدم حسمها حتى هذه اللحظة, رغم الإيمان الراسخ بحتمية انتصارها فإن كل قطرة دم سورية , تستأهل محاولة وقف سفكها كما هي محاولة وقف عذاب معتقل أو جريح أو مهجر كما هي محاولة إيصال رغيف لجائع أو وقود دفء لبردان.
على مبدأ أن الثورة مستمرة بالعمل العسكري و المدني داخل الوطن فمن المهم لجميع السوريين دعم و مساندة وفد للتفاوض السياسي بضمانات دولية (و إن صعب تحقيق إجماع على ذلك) و لكن يترافق ذلك مع عمل سياسي يقر بأن استمرار عمل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة و الثورة و المجلس الوطني و هيئة التنسيق و كل التشكيلات السياسية الأخرى هو صحي و مطلوب أيضاً.
التفاوض سيكون عملاً شاقاً و طويلاً و يحتاج لمتمرسين و صابرين فنتائج التفاوض قد تصل لتحقيق أهداف الثورة بكلف أقل مما ندفعه اليوم و لكنها قد تكون مقتل أو رصاصة في قلب الثورة إذا لم تكن بمستوى تضحيات الوطن و بمستوى خداع النظام, طبعاً إلا إذا كانت هناك تحولات مفصلية على الأرض أو في النظرة الدولية للمشهد السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيدة محجبة تحرق علما فرنسيا. ما حقيقة هذه الصورة؟


.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقضي بتجنيد الطلاب -الحريديم- | #




.. غالانت يقول إنه آن الأوان لتفي واشنطن بالتزامها بمد إسرائيل


.. رائد مستقيل من الاستخبارات الدفاعية الأمريكية: الحرب لم تكن




.. فقد بصره وجزءا من أعضائه الداخلية.. الجزيرة ترصد حالة أسير ف