الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كشْ شيخ!

سيماء المزوغي

2013 / 2 / 4
كتابات ساخرة



الإهداء: إلى شعب يحكمه ملك بيدق!
الخليفة أو الملك، وجهان لعملة واحدة، بيادق في يد لاعب واحد. كنت أعتقد أن الأسر لا يكون إلاّ داخل الجدران لأكتشف أن الأسر لا جدران له، هناك من يأسره حزنه وكآبته وهناك من يأسره حبّه وعشقه وهناك من يأسره فقره واحتياجه وهناك من يأسره مرضه وعجزه، ولكن هناك أيضا من تأسره نظرة شيخه للبلاد ولكيفية تسيير دواليب البلاد، بل ولمعارضة البلاد ولنساء البلاد...
أن تقع أسيرا للفقر أو للمرض أو للحب أو حتى للحزن فهذا أمر مألوف، لكن غير المألوف بالمرة هو أن تحبس نفسك في عيني شيخك وفي أذنيه، أو حتى بين رجليه فلا ترى إلاّ ما يراه ولا تسمع إلاّ ما يسمع ولا تنطق إلاّ بما يفكر به هو، وربما ما تصرف من نقود أو متاع إلاّ ما يتكرّم عليك...
عندما تمتلك بيدك مفاتيح خزائن الأرض ولا تستطيع أن تطعم جائعا فأنت دون شك الملك، ولكن في لعبة شطرنج ليس أكثر، ملك أسير لأيادي اللاعبين: تحركك يمنة ويسرة إلى الوراء والأمام... فتتمايل أيها الأسير على وقع أياديهم المرتعشة، أيادي لاعبين هواة لم يتقنوا فن اللعب بعد.
عندما تعود خائبا لا تستطيع إلا أن تلتجئ إلى الدموع كي نصدقك أو إلى مسك مسبحة وقطعة ثوم على الجبين، ولا تتجرأ أبدا أن تقول "لا" لنفس يعقوب، لا تتجرأ أبدا أن تلملم دمع تونس وتطبطب على كتفيها، لا تتجرأ على نزع معطفك لتدثّر به تونس في هذا الصقيع، لا تتجرأ أن تنزع اللقمة من فمك كي لا تنام تونس خاوية البطن... لا تُؤثر على نفسك ولا تعوزك الخصاصة...
ملك الشطرنج لا يريد غير الأضواء والكراسي والفوز مهما كلّف الثمن. كان يتكلم كثيرا ولا يفعل إلا قليلا، كان دائم الظهور في كل الشاشات وفي كل المناسبات، يتغنى بوطنيته وبحنكته، يتكلم عن بطولاته، يهتف بحياة الشعب وبالحرية وبالكرامة، يرتّل ما تيسر من هجاء القمع والظلم، ويدعو للشعب الثائر بطول العمر...
نعم أيها الملك الخليفة نحن نمدح أجدادنا الأحرار، ولكننا أيضاً لا ننسى تعليم أطفالنا كيف يكونون أحرارا...
أن تكون حرّا لا بالعنتريّات الكلامية ولا بالشنفريّات اللغوية ولا بالخطب البهلوانية... ولكن بالفعل، وبين الفعل والقول تكمن الرجولة الشرف والصدق وحب الوطن...
الخطابات التعبوية والملحميّات الشعرية لا تعكس سوى عجز صاحبها ونرجسيته،
ولو كان التشدّق بالكلام يجدي نفعا لكان الشعراء الصعاليك ملوكا للعالم.
البطولة أيها الملك الخليفة لا تصنعها أشباه الثورات ولا تصنعها الانتخابات، إنما تصنعها الانجازات والتضحية في سبيل الوطن...
في آخر اللعبة يُقتل الكل ليبقى الملك حيا منتصرا، ولكن من خشب لا روح فيه،
ولو خسرت يد محركك سيدي الخشبي فستقلب الطاولة بكل ما فيها وسيُضحّى بقوانين اللعبة وكل ما حملت رقعة الشطرنج وتغدو رفقة مليكتك مرميا مع البيادق، عندها لن تكون ملكا ولا حتى بيدقا لأنك لا تصلح وقتها للعب مرة أخرى... "كشْ شيخ"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد خير الجراح ضيف صباح العربية


.. أفلام مهرجان سينما-فلسطين في باريس، تتناول قضايا الذاكرة وال




.. الفنان محمد الجراح: هدفي من أغنية الأكلات الحلبية هو توثيق ه


.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو




.. بأغنية -بلوك-.. دخول مفرح للفنان محمد الجراح في فقرة صباح ال